«الدارك ويب».. كلمة غريبة على المجتمع المصري، ظهرت عقب الجريمة البشعة، التي وقعت بمنطقة شبرا الخمية، وراح ضحيتها طفلًا يبلغ من العمر 14 عامًا، على يد «قهوجي»، بتخطيط من طفل آخر خارج البلاد، طلب من المتهم بث مقطع فيديو، أثناء تنفيذ الجريمة، لنشره عبر «الدارك ويب»، للحصول على مبالغ مالية كبيرة. الجريمة البشعة وما جاء في تفاصيل التحقيقات فيها، وجلسات محاكمة المتهمين، التي تمكنت الأجهزة الأمنية، من إلقاء القبض عليهم، تدق ناقوس الخطر، خاصة وأن شريحة كبيرة من الأطفال والمراهقين، لديهم شغف ورغبة في الدخول إلى أعماق عالم الإنترنت. اقرأ ايضا| انفراد| صورة المتهم الأول في قضية مقتل طفل شبرا الخيمة ◄ ما هو الدارك ويب وفي الآونة الأخيرة، تصدرت حوادث «الدارك ويب» عناوين الأخبار وباتت حديث الساعة، مما ألقى الضوء على هذا الركن الغامض من الإنترنت وأثار فضولًا كبيرًا حول كيفية عمله. وتستعرض «بوابة أخبار اليوم»، كل ما يتعلق بجوانب «الدارك ويب»، الذي يُعتبر جزءًا من الويب العميق، ويشكل مساحة غير مرئية للعديد من المستخدمين العاديين، مما يجعله محط اهتمام كبير في الأوساط الإعلامية والتقنية، بداية من تكنولوجيات الوصول إليه مثل شبكة TorوI2P، للاستخدامات المشروعة والغامضة التي قد تكون غير معروفة للكثيرين. ◄ الويب العميق «الدارك ويب» هو جزء من الإنترنت الذي لا يمكن الوصول إليه من خلال محركات البحث التقليدية، وهو يشكل جزءًا من «الويب العميق» الذي يظل مخفيًا عن الأعين العامة، وهذا الجزء من الإنترنت ليس مجرد حيز من المعلومات فقط، بل هو عالم معقد مليء بالأسرار والتحديات. وللدخول إلى أعماق الدارك ويب، يحتاج المستخدمون لأدوات متطورة تعزز الأمان وتحافظ على الخصوصية، ومن بين أبرز هذه الأدوات، تبرز شبكة Tor (The Onion Router)وI2P (مشروع الإنترنت غير المرئي) كعناصر أساسية، حيث تعمل شبكة Torعلى توجيه البيانات عبر سلسلة معقدة من الخوادم الموزعة المعروفة ب «العقد». ◄ شبكة لامركزية ويتم تشفير البيانات في كل خطوة، وهذا التشفير المتعدد الطبقات يمنع أي محاولة لتتبع حركة الإنترنت ويخفي عنوان IP الخاص بالمستخدمين، وتوفر شبكة Tor مستوى عالٍ من الخصوصية، مما يجعلها أداة أساسية للوصول إلى «الدارك ويب»، أما شبكة I2P، تستخدم شبكة لامركزية من العقد لتوجيه البيانات وتشفيرها، ما يعزز من سرية الاتصال. اقرأ ايضا| للأبوين.. ماذا تفعل إذا وجدت أبنك يستخدم الويب المظلم؟ وتوفر «شبكة I2P» أيضًا بنية تحتية تدعم التطبيقات التي تحتاج إلى أمان إضافي، مما يجعلها أداة فعالة في بيئة الدارك ويب، وتساهم هذه الأدوات في خلق بيئة غير شفافة وغامضة، حيث يصعب على معظم المستخدمين العاديين الوصول إلى المعلومات أو تحديد هويات الأفراد المتواجدين على الويب المظلم. ◄ أنظمة مراقبة صارمة وهذا الغموض ليس مجرد ميزة أمنية فقط، بل هو عنصر أساسي يجعل الويب المظلم مكانًا معقدًا ومليئًا بالتحديات، حيث يحمي الهوية والمعلومات الشخصية للمستخدمين من المراقبة والاختراق، وعلى الرغم من السمعة السيئة للدارك ويب في كثير من الأحيان، فإن له جوانب مشروعة وأساسية، وهي كالتالي: أحد الاستخدامات البارزة ل «الدارك ويب» هو حماية الخصوصية، ويقدم هذا الجزء من الإنترنت منصة حيوية للأفراد الذين يسعون للحفاظ على سرية هويتهم ومعلوماتهم، وهو أمر حاسم للناشطين والصحفيين الذين يعملون تحت أنظمة مراقبة صارمة، وتوفر شبكة الويب المظلم مكانًا آمنًا للتواصل وتبادل المعلومات دون الخوف من المراقبة، وفقًا لصحيفة "الجارديان"البريطانية. ◄ الفضاء الرقمي الغامض في أعماق الويب المظلم، تنبثق مجموعة من الأسواق المجهولة التي تقدم للمستخدمين منصات لشراء وبيع مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، بينما تسهم بعض هذه الأسواق في تسهيل المعاملات غير القانونية، تركز أسواق أخرى على التبادلات التجارية المشروعة التي تتم في خفاء تام. ويبرز هذا التباين التنوع الكبير في استخدامات «الدارك ويب»، حيث يجتمع كل من الأنشطة القانونية والمشبوهة في مكان واحد، مما يضيف بعدًا جديدًا لمعرفة كيفية عمل هذا الفضاء الرقمي الغامض، لكنه أيضًا ليس خاليًا من الصعوبات والمخاطر، حيث يواجه المستخدمون فيه عدة تحديات رئيسية، هي كالتالي:- ◄ عوائق الرقابة أولا: غياب التنظيم،حيث يُعقد عدم الكشف عن هوية المستخدمين في الدارك ويب جهود تنظيم الأنشطة ورقابتها، وهذا الغموض يساهم في تفشي الأنشطة غير القانونية، لتظل عمليات النصب والخداع غير مرئية للجهات الرقابية، ثانيًا: المخاوف الأمنية، كالبرامج الضارة وهجمات التصيد الاحتيالي، ليتطلب وعيًا دائمًا من المستخدمين لحماية معلوماتهم وأجهزتهم. ثالثًا: التبعات القانونية، حيث إن الانخراط في أنشطة غير قانونية عبر الدارك ويب يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية وخيمة،وتسعى وكالات إنفاذ القانون بشكل مستمر لتحديد وملاحقة الأفراد المتورطين في الأنشطة غير المشروعة، مما يعرض المشاركين للمسؤولية القانونية، كما يلعبالويب المظلم دورًا ملحوظًا في مجال الأمن السيبراني. ◄ تعقيدات الويب المظلم وفي ذات السياق، يوفر الدارك ويب منصة لمجرمي الإنترنت لتبادل البيانات المسروقة، مثل استغلال الثغرات الأمنية، ومشاركة أدوات القرصنة، وفهم هذه الأنشطة ضروري لتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، ومن جهة أخرى، تتعقب المنظمات والحكومات هذه الأنشطة لجمع المعلومات الاستخبارية حول التهديدات الجديدة والأنشطة الإجرامية، لتساعد في تعزيز بروتوكولات الأمان الإلكترونية. اقرأ ايضا| كيف فرض محرك البحث جوجل هيمنته الرقمية على مدى 26 عامًا؟ وأخيرًا، فالدارك ويب هو مجال معقد ومليء بالتناقضات، يجمع بين الخصوصية والحماية من جهة، والمخاطر والتحديات من جهة أخرى، ومع تطور المشهد الرقمي، يصبح فهم تعقيدات الويب المظلم أمرًا حيويًا لكل من المستخدمين وصناع السياسات، للتعامل بفعالية مع الفرص والتهديدات التي يقدمها هذا الجزء الغامض من الإنترنت. ◄ عالم الجريمة الخفي من جانبه، قال المهندس أحمد طارق خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات، إن أعمق ما يوجد في الإنترنت هو الجزء الأخير من المثلث هو الدارك ويب، لافتًا إلى أن الدارك ويب، أو عالم الجريمة الخفي، هو الأخطر على شبكة الإنترنت، وهو باقي هذا المثلث، أي نسبته تشكل 4% من الإنترنت الكامل. وحذر خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات، من الدارك ويب، أو عالم الإنترنت المظلم الذي تكثر عليه الجرائم، مشيرًا إلى معنى مصطلح ال"Deep web". ◄ جميع البيانات المُسربة وشدد خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات على ضرورة انتباه الآباء للمصطلحات الغامضة وتوعية الأبناء بها، معقبًا: لا بد من حماية ومراقبة هواتفهم ومتابعة الشات مع أصدقائهم، مفيش حاجه اسمها خصوصية بينك وبين ابنك في هذا الزمن، إوعى حد يعارضني لأن الأبناء ممكن تضيع. وتابع: إذا وصلنا إلى منتصف المثلث يوجد الديب ويب، ويشكل 90% من الإنترنت الموجود، والديب ويب هو البداية للعالم الخفي للإنترنت، وبه جميع البيانات المُسربة والسجلات، ويتم عرضها أولًا عليه، ويتضمن بيانات حساسة لبعض كبار الشخصيات. ◄ تجارة الأعضاء وقال إنه لتوضيح ما هو الدارك ويب، يمكننا تخيل أن عالم الإنترنت مثلث على رأسه يوجد الإنترنت السطحي المتداول بين الأشخاص على المواقع المحلية والعالمية التي نتصفحها بسهولة، ويمثل نسبة 4% إلى 6%. وأشار إلى أن الدارك ويب يتضمن حوالي 3 آلاف موقع في غاية الخطورة، وتتم فيه العمليات المحظورة وغير الشرعية التي تصل لحد تجارة الأعضاء وتأجير البشر لأغراض غير سليمة والمحتوى غير اللائق وتجارة الأسلحة والقتل. ◄ اختبارات نفسية وفي ذات السياق، أكد الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، أن القائمين على «الدارك ويب» يخضعون ضحاياهم إلى اختبارات نفسية ليتمكنوا من وضعهم تحت السيطرة التامة لمخططاتهم، وفقًا لقدرة الضحية واستجابتها، والشخصيات العصبية أو المتوترة هم أكثر الناس عرضة لهذه الهجمات، خاصة أنهم يبحثون فى المجهول مع حالة التوتر والانطواء التى يعانون منها، ويتمكن المجرم من السيطرة عليهم. وأضاف أن الانهيار الثقافى الذى يحدث على مستوى العالم له دور كبير فيما يحدث، والكل أصبح الآن يبحث عن المال دون مراعاة الأداة التى يبحث بها حتى لو كان لها تأثير أخلاقى أو سلوكى سيئ، موضحًا أن أغلب القائمين على جرائم الدارك ويب دارسون لعلم النفس، بل ومتفوقون فيه أيضاً ليتمكنوا من تطبيق الاختبارات النفسية على الضحايا والتمكن من السيطرة عليهم. ◄ طريقة استغلال الضحية وأوضح أن هذه الظاهرة فى طريقها للزيادة على مستوى العالم، وأن الوعى هو الطريق الوحيد للمواجهة والسيطرة على انتشار الدارك ويب، فإذا منعنا طريقة أو آلية معينة فيمكن لتلك العصابات الدخول من طرق أخرى، ولكن مع زيادة الوعى واقتراب الآباء من أبنائهم والاستماع لهم وتكوين صداقات معهم يمكننا التغلب على ظاهرة الدارك ويب وجرائمها. وكشف عن أن مستخدمي «الدارك ويب»، لديس لديهم مشاعر وأحاسيس، وليس لديهم اهتمام بردود الفعل الإجرامية التى يقومون بها، ويستخدمون آلياتهم فى التعامل مع الناس بتقديم الخدمة فى شكل فاكهة على سبيل المثال تحفز المستخدم للحصول عليها بالصورة التى يريدها، بخطوات تمكّن المجرم من استغلال الضحية.