حديثًا يمكنك النظر إلى خريطة الطقس التى توضح كيف تغيرت أنماط الرياح والأمطار على مدار العام، وقد قام فريق بحثى مصرى صينى مشترك، بشيء مماثل فى منخفض الفيوم بمصر، ولكن على مدى آلاف السنين، وذلك بالاستعانة بحبيبات الكوارتز الصغيرة فى التربة، والتى يمكن اعتبارها «كبسولة زمنية» تحتوى على أسرار مناخ الأرض القديم. إقرأ أيضاً:«معلومات تغير المناخ» يعلن موعد انكسار الموجة الحارة و»حبيبات الكوارتز»، جزيئات صغيرة من معدن الكوارتز، الأكثر متانة وشيوعًا على الأرض، وعندما تتحلل الصخور التى تحتوى عليه بسبب العوامل الجوية أو التآكل أو غيرها من العمليات الطبيعية، غالبًا ما يصبح حبيبات صغيرة بحجم الرمل، ويمكن العثور عليها فى العديد من أنواع البيئات، لتصبح بسبب متانتها وصمودها شاهدًا على تاريخ وظروف المناطق التى توجد فيها. وخلال الدراسة المنشورة فى إحدى الدوريات المتخصصة فى أبحاث الحقبة الجيولوجية الرابعة «Quaternary International»، تتبع الباحثون حركة منطقة التقارب بين المناطق الاستوائية «ITCZ» خلال عصر الهولوسين «العصر الجيولوجى الحالى، الذى بدأ منذ حوالى 11700 سنة» باستخدام تلك الحبيبات. والمنطقة «ITCZ» قريبة من خط الاستواء، حيث تلتقى الرياح التجارية القادمة من نصفى الكرة الشمالى والجنوبى، ويؤدى هذا الالتقاء إلى ارتفاع الهواء الدافئ الرطب، مما يؤدى إلى تكوين السحب وتساقط الأمطار بشكل متكرر. وتتحرك تلك المنطقة شمالًا وجنوبًا على مدار العام، متتبعة موقع الشمس، وتؤثر هذه الحركة على أنماط الطقس، مما يؤدى إلى مواسم الأمطار فى بعض المناطق والظروف الجافة بمناطق أخرى. وعندما يدرس العلماء حبيبات الكوارتز، فإنهم ينظرون إلى ميزات مثل الشكل والملمس السطحى للحبيبات، فعلى سبيل المثال، غالبًا ما تشير الحبيبات الحادة إلى أنها انتقلت عن طريق الأنهار أو الفيضانات، مما قد يشير إلى فترات هطول الأمطار الغزيرة، وتكون الناعمة والمستديرة قد تشكلت بفعل الرياح، مما يشير إلى ظروف أكثر جفافًا ورياحًا مثل تلك الموجودة بالصحارى. ومن خلال تحليل هذه الأنواع المختلفة، تمكن الباحثون من إعادة بناء جدول زمنى للتغيرات المناخية، ووجدوا أن المنطقة كانت أكثر رطوبة خلال الفترة الرطبة الأفريقية، منذ حوالى 9200 إلى 4200 سنة، ومع ذلك، كانت هناك فترات جفاف قصيرة، وفى النهاية، منذ حوالى 4200 عام، أصبح المناخ جافًا للغاية، وبقى على هذا النحو. ويقول الباحثون إنه «من المثير للاهتمام، أنه خلال أوقات الجفاف نجح القدماء المصريون فى تلك المنطقة بالتكيف من خلال إنشاء أنظمة لجلب المياه من نهر النيل لأغراض الزراعة».