شخصيته تتسم بالغرابة.. فقد حرم قتل الذباب، ويلقي للنمل بنصيبه من طبق الحساء الموضوع أمامه على المائدة.. وحصل على جائزة نوبل في السلام. إنه ألبرت شفايتزر.. الكاهن.. الطبيب.. الموسيقار.. الذي اهتز العالم لخبر وفاته، وتحولت صورته إلى علامة استفهام كبيرة في أذهان العالم. وبحسب ما نشرت مجلة آخر ساعة عام 1967، بأنه قد أكد بتصرفاته المتضاربة علامة استفهام، حيث درس اللاهوت، واتقن العزف على الأرغن ثم بدأ في دراسة الطب بعد أن أصبح عميدا، وكانت تصرفاته مزيجا متضاربا.. فعطفه الزائد على الحيوانات كانت تقابله قسوة في معاملة الأهالي، وفي الوقت الذي جذع فيه لإجراء تجارب ذرية أعلن موقفه من الجزائر وأكد أنها جزء من فرنسا! وقصة هذا الرجل الذي ترك ألمانيا للعيش في قرية صغيرة بالكونغو لمعالجة المرضى وحيواناتهم في مستشفى واحد، قصة فريدة من نوعها. لقد بدأ حياته في دراسة اللاهوت والفلسفة، وبدأ حياته كمحاضر بكلية اللاهوت "بستراسبورج" ثم أصبح أستاذا في علم تاريخ الكنيسة، ثم عميدا لكلية اللاهوت! وفي الوقت الذي وصل فيه إلى أعمق الدراسات الدينية، كان يؤلف كتابين.. واحدا بالألمانية والآخر بالفرنسية عن الموسيقار "باخ" ولم يمنعه كل ذلك عن تقديم دراسات متعمقة عن الأرض، هذا بجانب مؤلفات عن المسيح وحياته. وعندما وصل إلى سن الثلاثين من عمره في عام 1905، اعتزل كل ذلك ليبدأ صفحة جديدة من حياته.. إذ قرر أن يتعلم الطب، وعندما سافر إلى الكونغو بإحدى القرى الصغيرة هناك ليزاول مهنة الطب كطبيب وليس كواعظ، عاش 40 عاما فوق خط الاستواء بين الفراخ، والبقر، والثعابين، والبعوض، وخلال هذه الفترة كانت رائحة الموت تفوح حوله بصفة مستمرة، فقد كان يلجأ إليه المرضى بعد يأسهم من العلاج بالوسائل الطبية الأولية التي يتبعها سكان الغابات، وبعد أن يفشل المشعوذون في العلاج يذهب المريض ليموت بين يدي الطبيب الكاهن شفايتزر. وفي مستشفاه الصغير، كان يشرف على توليد النساء، ومعالجة المرضى من الجذام.. ويتسلى خلال فترات الفراغ ببناء سور حول المستشفى ليحجب مرضاه عن العيون، ولم يستعمل في حياته أي ساعة، فالوقت بالنسبة له لايعني شيئا مادام داخل مملكته الصغيرة ينتقل بين المرضى وحيواناتهم، ويصلح طلمبة المياة ثم يجلس يكتب خطابات إلى اينشتاين أو نهرو. واستطاع أن يجذب اهتمام العالم كله بل واحترامه أيضا، وعند قيام الحرب العالمية الأولى، ألقي القبض عليه وتم ترحيله إلى اوروبا، وظل معتقلا حتى اعلان الهدنة، حيث قام بجولة سريعة في أوروبا عاد بعدها إلى الكونغو محملا بالتبرعات التي جمعها خلال رحلته. عندما حصل على جائزة نوبل، قرر على الفور أن يخصص قيمة الجائزة لتجديد المستشفى الذي يعمل به.