ورد إلى دار الإفتاء، سؤالا يقول فيه صاحبه: هل يجوز تعليق التمائم؟. وأجابت دار الإفتاء، بأن التمائم جمع تميمة، ومادة (تمَّ) في اللغة دليل الكمال؛ تمَّ الشيء يَتِم: تكمَّلت أجزاؤه، وهي: عُوذة تُعلَّق على الإنسان، فكأنَّهم يريدون أنَّ التمائم هي تَمام الدَّواءِ والشِّفاءِ المطلوب. حكم قراءة القرآن بدون وضوء.. «الإفتاء» توضح وتابعت الدار: وفي الاصطلاح تطلق التميمة على معنيين: الأول: خَرَزات كانت العرب تُعلقها على أولادهم يَتَّقُون بها العين في زعْمهم فأبْطلها الإسلام. والثاني: ورقة يكتب عليها شيء من القرآن، وتعلق على الرأس مثلًا للتبرك. وأوضحت دار الإفتاء بأن ومن أصول عقيدة المسلمين: أنه لا أثر ذاتيًّا لمخلوق من المخلوقات، فمن اعتقد التأثير الذاتي في غير الله، فقد وقع في شرك؛ قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي: هذا جهل وضلال وهو من أكبر الكبائر، فإنه إن لم يكن شركًا فهو يؤدي إليه؛ إذ لا ينفع ويضر ويمنع ويدفع إلا الله تعالى. ولفتت دار الإفتاء إلي أنه إذا لم يعتقد أن التمائم مؤثرة بنفسها، فهناك حالتان: إما أن تكون من القرآن أو من غير القرآن، والتي من غير القرآن إما أن تكون من الأذكار والأوراد والكلام الطيب وهذا جائز، وإما أن تكون بخلاف ذلك من الطلاسم والكلام غير المفهوم في لغة العرب أو بلغة أخرى، وهذا غير جائز. وأشارت الدار إلى أن التمائم التي من القرآن أو ما يندرج تحته في الحكم من الأذكار والأوراد والكلام الطيب؛ ذهب جمهور الفقهاء- من الحنفية والمالكية والشافعية وفي رواية عن الإمام أحمد- إلى جواز تعليقها، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]. قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (10/ 316، ط. دار الكتب المصرية): [اختلف العلماء في كونه شفاء على قولين: أحدهما: أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب، ولكشف غطاء القلب من مرض الجهل لفهم المعجزات والأمور الدالة على الله تعالى. الثاني: شفاء من الأمراض الظاهرة بالرُّقى والتعوذ ونحوه]. اه. والتمائم من التعوذ المكتوب -كما مرَّ- فلا بأس بها، وتعليق المسلم له أو لبعضه بنية البركة لا بأس به؛ قال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.