كثيرون يعرفون جيداً داء الفوبيا، لكن هل سمعت يوماً عن فوبيا « البالونات» أو فوبيا «الجبنة»، أو فوبيا «الطماطم» أو «السمك»، تلك المسميات ليست فكاهة أو «نكته» كما تظن عزيزى القارئ لكنها أنواع من الفوبيا يعانى منها عدد كبير من الأشخاص وهم لا يدركون واقعها أو كيفية مواجهتها بالدواء الصحيح فهى تظهر أمامهم كالعفاريت على مائدة الطعام، فى تلك السطور نتناول قصصاً حقيقية ونستعرض حكاياتها ونضع على لسان الخبراء روشتة علاج قد تمنح من يعانون من أنواع الفوبيا الغريبة طوق النجاة. تواصلنا مع نشوى نبيل التى تعانى من (Turophobia) وهى فوبيا من أنواع الجبن وعن تجربتها مع الفوبيا قالت: والدتى اكتشفت أننى أعانى فوبيا من كل أنواع الجبن فى فترة المدرسة، حيث كنت أصاب بغثيان وقئ من رائحة الجبن، ولم تدرك أنها فوبيا فى البداية وكان مجرد شك لأنها تعانى نفس المرض إلى أن أصبت بدوار بسبب محاولاتها المتكررة أن أتناولها، ومرة من المرات على سبيل التغيير أصبحت تعد لى سندويشات أخرى وحينها أدركت أننى أعانى من فوبيا الجبن وابتعدت تماماً عن تناول كل أنواع الجبن أكثر من 15 سنة. اقرأ أيضا| البحر يكسب البالون يستقبل زوار رأس البر.. ونسبة الإشغال فى الغردقة 95% أما «محمد هلال» الذى يعانى من فوبيا «صوت الطعام» فيقول: كنت لا أتحمل من يصدرون أصواتاً وهم يتناولون طعامهم ومسماها العلمى هى «الميزوفونيا» وقد اكتشفت ذلك من الصغر عندما كنت أشعر بالضيق والاشمئزاز عند سماع صوت أحد الأشخاص وهو يأكل بجانبى لدرجة أننى أبتعد عن المائدة بأكملها لكى لا تزداد حدة الأعراض التى تصل إلى حد التعصب وزيادة ضربات القلب، ويضيف فى ذلك الوقت لم اتجه لعلاج مشكلتى مع طبيب مختص واكتفيت فقط بالابتعاد عن مصدر القلق لى وعدم حضور العزومات أو التجمعات العائلية التى يحدث بها ما يزعجنى. أما عن الحالة الثالثة «مها يوسف» التى تعانى من خوف شديد من الأسماك فعند رؤيتها لأى نوع من الأسماك تصاب بحالة هيستيريا من الحكة الجلدية تصل إلى الارتكاريا فهى لا تستطيع رؤيته أو لمسه، وأيضا لم تتجه إلى طبيب مختص لعلاج مشكلتها ولكنها تتعامل مع حالتها بالطريقة البدائية وهى الابتعاد عن مصدر القلق لها فلا تقوم بالسباحة فى البحر أو تناول الأسماك بكافة أنواعها، قائلة إن حالتها مستقرة حتى الآن ولا يعيق هذا نمط حياتها، ولكن الضرر الوحيد هو حرمانها من فوائد الأسماك لها ولأسرتها، وقد اكتشفت والدتها حالتها فى الطفولة عندما أجبرتها على الإمساك بنوع من السمك أثناء مساعدتها لها فى تجهيز الطعام ومن هنا علمت أنها تعانى من فوبيا غريبة. تحدثنا مع عدد من الأطباء للوقوف على واقع مرض الفوبيا وكيفية التعامل معه وأكد الدكتور على النبوى استشارى طب ومخ الأعصاب والطب النفسى، أن «الفوبيا هو خوف الإنسان من أشياء لا يخاف منها باقى الأشخاص ولهذا ينظرون إليه أنه شيء غريب، وهذا ما يجعل الشخص المريض يشعر بالضيق تجاه نفسه، ويضيف مرض الفوبيا مهما كان بسيطاً ولكنه يبدو غريباً وصعباً على صاحبه». ويستكمل «النبوى» أن مرض الفوبيا يتلخص فى أنه «خوف غير منطقى» ويعيق حياة الشخص مثل الأشخاص الذين يعانون من فوبيا المصاعد ومنزلهم فى الطابق العاشر، والطبيب الذى لديه فوبيا من الدماء، والذين لديهم رهاب من المجتمع ويعملون مدرسين أو إمام مسجد ويقدم خطباً للعامة، فهنا الفوبيا تؤثر على الحياة اليومية، وبعد اكتشاف المرض يتم التوجه إلى الطبيب المعالج ليبدأ رحلة العلاج على جزءين الأول هو العلاج الدوائى الذى يقوم بعدم خروج إحساس الخوف من المخ لجسم المريض، والجزء الثانى هو التدريبات التدريجية للتعرض لما يخاف منه حتى يعتاد عليه على مدار أشهر وليس أيام، ومع الوقت ينتهى شعور الخوف من داخله حتى يتغلب على مرضه. كما أوضحت د. «هبة العيسوى» أستاذ الطب النفسى ورئيس عيادات اضطرابات الأكل بطب عين شمس، أن أنواع الفوبيا عديدة ومن أغرب الحالات التى تعرضت إليها: «فوبيا الكبارى» حيث يشعر الشخص بدرجة من الخوف فيمكن أن يسلك طريقاً آخر حتى لا يذهب أعلى الكوبرى، وفوبيا مترو الأنفاق: حيث يشعر الشخص بالذعر والقلق وعدم الراحة من الأماكن المغلقة ومن النزول تحت الأرض، بالإضافة إلى فوبيا الدخول إلى المستشفيات: حيث يصاب الشخص بدوار وغثيان لعدم قدرته على تحمل رائحة التطهير والتعقيم بالمستشفى وتختلف الأعراض من شخص لآخر فيمكن أن تظهر أعراض جسدية مثل سرعة ضربات القلب وضيق التنفس وزيادة إفرازات التعرق. وتقول د. هبة: إن الفوبيا لها استعداد وراثى وفى بعض الأحيان يمكن أن يكون المصاب عاش تجربة سابقة فى الطفولة مخزنة فى الدماغ. وتضيف أستاذ الطب النفسى أن 90٪ من أمراض الفوبيا قابلة للعلاج ويكون العلاج سلوكياً وهو تعديل فى الأفكار لتعديل السلوك وينقسم إلى نوعين: تكرار التعرض ويسمى «Flooding» وهو التعامل مع مصدر الرهاب بشكل متكرر أو التعرض التدريجى وهو أن يكون مهيأ نفسياً قبل التعامل مع المصدر على مدار فترات طويلة وبعض الحالات ممكن أن يكون العلاج دوائياً وإذا نجح فى تخطى هذه المخاوف يصعب الرجوع إليها إلا أن هناك بعض الحالات لا تستجيب للعلاج فتتحول إلى chronic وهى الفوبيا المزمنة وتكون مصاحبة لأمراض نفسية أخرى. وتنصح «العيسوى» إذا فطن الشخص بمشكلته ولا يريد اللجوء إلى طبيب نفسى يمكن أن يقرأ عن المرض ويقوم بعمل تدريبات للاسترخاء من خلال اليوتيوب باستعمال عضلات التنفس والبطن فهى تزيد الأكسجين بالدماغ مما يجعله يقلل من حدة الخوف.