أعلن الأردن عزمه على إجراء الانتخابات النيابية لتشكيل مجلس النواب العشرين فى العاشر من سبتمبر المقبل و ذلك وسط أزمة اقتصادية تمر بها البلاد و توترات ومخاوف من تصاعد الأحداث فى غزة وانعكاسها على المنطقة، الاستحقاق يكتسب أهميته من أنه يغير التركيبة التى ظل عليها المجلس ل 19 دورة سابقة و هو كونه عشائريا ليصبح حزبيا وهو بذلك اختبار لقوة الأحزاب لاثبات أن الانحياز للبرامج السياسية العملية أهم من الانحياز للعشيرة. تجرى الانتخابات المقبلة وفق قانون انتخابات جديد به حزمة من الإجراءات الجديدة على رأسها إنشاء دائرة عامة على مستوى البلاد ب 41 مقعدا مخصصة للأحزاب من أصل 138 مقعدا على أن يرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا خلال الدورات الانتخابية اللاحقة حتى يصل إلى ما يعادل 65 % من إجمالى المقاعد وصولا إلى تشكيل حكومة برلمانية، ونص القانون على زيادة تمثيل المرأة بواقع تخصيص مقعد إمرأة لكل دائرة انتخابية، ومقعدين من أول ستة مترشحين فى القائمة الحزبية مع حرية اختيار مسار «الكوتا». وهى الفرص ذاتها التى منحت للشركس والمسيحيين، مع ضمان تمثيل الحد الأدنى لهم ضمن «كوتات»لعضوية المجلس المقبل. اقرأ أيضًا | الاحتلال يشن حربًا فيروسية على غزة.. أول حالة شلل أطفال منذ ربع قرن فالقانون الجديد قلص من حصة المكون العشائرى تحت قبة البرلمان لصالح الأحزاب، و هى نقلة تاريخية حيث أن العشائر فى الأردن تمثل ركيزة أساسية فى النظام السياسى والاجتماعى فى البلاد، كما لعبت دورا محوريا و مؤثرا فى مختلف المحطات التى مرت بها المملكة. وفى خطوة تمهيدية للانتخابات المقبلة، أصدر العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى نهاية يوليو الماضى أمرا بحل مجلس النواب. و وفقا للهيئة المستقلة للانتخاب فإن 36 حزبا من أصل 38 شارك فى 25 قائمة وبذلك يكون حزبان فقط لم يشاركوا بأى مرشحين وهو ما يدل على اهتمام الأحزاب بالمشاركة بقوة فى العملية الانتخابية. تواجه الانتخابات البرلمانية القادمة عددا من التحديات داخليا وخارجيا تؤثر عليها. داخليا، يوجد عزوف كبير لدى المواطنين عن الذهاب للانتخابات حيث بلغت نسبة المشاركة فى الثلاثة مواسم الأخيرة 32 % ، كما أن الحافز العشائرى يعد من أهم دوافع المشاركة والإقبال، فى وقت تتراجع فيه نسب الاقتراع فى العاصمة عمان ومراكز الثقل السكانى فى محافظتى إربد والزرقاء. ومن الأسباب التى تقف وراء ضعف نسب المشاركة هو عدم رضاء المواطنين عن إداء البرلمانات السابقة، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية التى يعيشها المواطن واقتناعه بعجز البرلمان عن حل الأزمة الاقتصادية المتراكمة منذ جائحة كورونا و التى شلت و أغلقت قطاعات خدمية حيوية وصناعية ما تسبب فى تسريح عاملين يعاونون اليوم من البطالة. خارجيا، استمرار الحرب على غزة وغياب آفاق وقف الحرب على المدى القريب تركت انسحابات على الشارع الأردنى المتصل بالقضية جغرافيا وديموغرافيا، وهو ما يزيد من مخاوف رسمية من فوز الحركة الإسلامية فى الأردن بنصيب الأسد من المقترعين المشحونين بعاطفة الانتصار للمقاومة الإسلامية فى غزة. من المتوقع أن تكون «الحرب على غزة» و«القضية الفلسطينية» حاضرة فى الشعارات الانتخابية، فالأردن يتأثر بتطورات الساحة الفلسطينية و يرتبط القرار السياسى عادة بما تشهده الأراضى المحتلة من تطورات، وسبق وأن تم تأجيل الانتخابات لمدة عامين بعد الانتفاضة الثانية التى أشعلتها زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى إرئيل شارون إلى باحات المسجد الأقصى. وفى الوقت نفسه، ظهرت مساحات صراع بين تيارين الأول ، تيار النخب التقليدية الذى يحمل موقفا سلبيا من القفزات التى جاءت فى قانونى الأحزاب والانتخابات، و ذلك لشعوره ب «تغيبه» عن مراكز القرار كواعظين وناصحين ،بعد فترة ازدحمت بإطلاق أوصاف بحقهم منها «الحرس القديم» و النخب المحافظة» والتيار الآخر يتمثل بأعضاء من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، الذين بشروا بإنطلاق مرحلة التحول الديمقراطى بالتزامن مع دخول المملكة مئويتها الثانية. لا يمكن توقع الملامح التى سيكون عليها المجلس البرلمانى الجديد، لكنه سيكون بكل الأحوال مختلفا حيث لم يعد مجلسا للعشائر ولكن مجلس سياسى تشريعى رقابى، ومن الواضح أن الأحزاب القوية و الكبيرة ستحصل على مقاعد أكثر، بينما ستضطر الأحزاب الصغيرة والمرشحون المستقلون إلى التنسيق والتحالف لضمان الحصول على تمثيل داخل البرلمان.