أدوات التكنولوجيا الحديثة تخلق أزمة ثقة.. وتهدد ساكن البيت الأبيض حالة من الجدل أثارتها مؤخراً صورة للمرشحة الرئاسية الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس تظهر استقبال حشد من المؤيدين لها ولنائبها فالز فى مطار ديترويت. الجدل بدأ باتهام منافسها الجمهورى دونالد لها بفبركة الصورة باستخدام الذكاء الاصطناعى. حيث كتب ترامب: «هل لاحظ أحدكم أن كامالا مارست الغش فى المطار؟ لم يكن هناك أحد فى استقبالها عند الطائرة، وقد استخدمت الذكاء الاصطناعى وأظهرت حشداً هائلاً من المؤيدين المزعومين، لكنهم لم يكونوا موجودين. فى الوقت نفسه أكدت الصفحة الرسمية لحملة هاريس على منصة إكس ان الصورة حقيقية لحشد من 15 ألف شخص فى تجمع هاريس-فالز فى ميشيجان»، وشاركت نسخة أصلية من الصورة من شبكة «بى بى سى». الجدل أدى لتدخل الخبراء للفصل بين القولين، حيث قام الخبير بجامعة دريكسل ماثيو ستام بتحليل الصورة وتوصل لعدم وجود دليل على أن الصورة تم إنشاؤها بوساطة الذكاء الاصطناعى. كذلك قال خبير من جامعة كاليفورنيا فى بيركلى: إن برنامجين مصممين لتقفى آثار الذكاء الاصطناعى لم يكشفا أى دليل على استخدام هذه التقنية فى الصورة. الواقعة، التى تأتى فى إطار الهجمات المتبادلة بين المرشحين، فتحت الباب أمام تساؤل مخيف حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعى على مسار أهم انتخابات فى العالم، خاصة أنها أول انتخابات تجرى بعد التطور الهائل الذى طرأ على أدوات الذكاء الاصطناعى مثل ChatGPT أو مولد الصور Dall-E اللذين يمكنهما توليد اى محتوى مرئى أو مسموع فى ثوانٍ. وما أثار الخوف تكرار الوقائع التى استخدم فيها الذكاء الاصطناعى للتأثير على الانتخابات فعلى سبيل المثال استخدم أنصار ترامب الذكاء الاصطناعى فى إنتاج صورة لترامب وهو يبتسم واضعاً ذراعيه حول مجموعة من النساء السود فى إحدى الحفلات، ونشروها على الفيسبوك عبر حساب يتابعه أكثر من مليون شخص، بهدف تشجيع الناخبين السود على التصويت لصالح ترامب. كما انتشر فيديو تم إنتاجه بوساطة الذكاء الاصطناعى يظهر والد ترامب وكأنه ينتقده وينصحه بعدم المشاركة فى الانتخابات. اقرأ أيضا| موجهاً رسالة للأمريكيين .. ترامب يعود إلى «إكس» كذلك فى يناير، وقبل يومين من ذهاب الناخبين لصناديق الاقتراع فى الانتخابات التمهيدية فى نيو هامبشاير، انتشر اتّصال آلى مصنّع بالذكاء الاصطناعى بصوت الرئيس بايدن يحث الناخبين على عدم التصويت الآن وحفظ أصواتهم لشهر نوفمبر. واتضح أن شخصاً قام بفبركة هذه المكالمة الروبوتية بناءً على طلب مستشار سياسى يعمل لدى النائب دين فيليبس من ولاية مينيسوتا، وهو منافس ديمقراطى ضعيف لبايدن.. وإذا كان هذا فعل الأشخاص العاديين فما بالك بما يمكن أن تفعله الجهات النافذة أو الأطراف الخارجية؟.. هذا ما تدرسه وزارة الأمن الداخلى الأمريكى التى حذرت فى نشرة وزعتها على المسئولين الحكوميين والمحليين من أن أدوات الذكاء الاصطناعى تمنح العملاء الأجانب والمتطرفين المحليين «فرصًا متزايدة لإرباك المشهد الانتخابى فى نوفمبر، حيث يمكن مثلاً نشر مقاطع مرئية أو مسموعة مزيفة تدّعى أن مركز اقتراع ما مغلق أو أن أوقات الاقتراع قد تغيرت لإرباك» الناخبين وموظفى الانتخابات. هذا بخلاف ما يمكن أن يسببه هذا الواقع الافتراضى الزائف من إرباك لوعى المواطن عامة، حيث إن الدقة الكبيرة للمحتوى المصنوع بالذكاء الاصطناعى والذى يستلزم خبراء وبرامج خاصة لكشفه.. سيجعل الأمر يختلط على المواطن بين ما هو حقيقى وما هو زائف لينتهى به الأمر لفقدان الثقة فى كل ما يراه بعينيه ويسمعه بأذنيه. وقد أفادت هيئة مراقبة أن الادعاءات الكاذبة أو المضللة بشأن الانتخابات الأمريكية التى نشرها ماسك على X جمعت ما يقرب من 1.2 مليار مشاهدة هذا العام، ما يسلط الضوء على التأثير المحتمل للملياردير على سباق البيت الأبيض.. كذلك بدأ روبوت الدردشة الذكى جروك التابع لمنصته السماح للمستخدمين بنشر صور تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعى حيث بدأ الناس فى استخدام الأداة لإغراق موقع التواصل الاجتماعى بصور مزيفة لشخصيات سياسية، يمكن أن تكون مضللة للناخبين.. ومن المرجح أن تضيف الأداة إلى المخاوف من أن يخلق الذكاء الاصطناعى انفجارًا من المعلومات الكاذبة أو المضللة عبر الإنترنت قبيل الانتخابات، ما دفع المشرعين ومنظمات المجتمع المدنى لدق ناقوس الخطر من أن إساءة استخدام مثل هذه الأدوات يمكن أن تسبب ارتباكًا وفوضى للناخبين وربما تحدد من سيكون ساكن البيت الأبيض الجديد.
