ظاهرة تجنيس اللاعبين الموهوبين، فكرة استثمارية مشروعة، تزيد حظوظ الدولة فى تحقيق الإنجازات الرياضية. الألعاب الفردية، هى التى تحفظ لمصر ماء الوجه فى الأولمبياد العالمية، حدث ذلك فى أولمبياد باريس الأخيرة، بعد ذهبية أحمد الجندى، وفضية سارة سمير، وبرونزية محمد السيد. وحدث قبلها أيضاً فى أولمبياد طوكيو2021، وأولمبياد ريو دى جانيرو2016، وأولمبياد لندن2012 بعد أن حققت مصر ميداليات متنوعة فى الألعاب الفردية. بينما أخفقت الألعاب الجماعية فى تحقيق أى إنجاز، رغم كثافة الاهتمام والأموال والرعاية الموجهة لهذه الألعاب، وعلى رأسها بالطبع، كرة القدم. رغم هذه الحقيقة الواضحة، ما زلنا لا نستوعب الدرس، ومازلنا نعانى مشكلة الإهمال فى مجال الألعاب الفردية، والتعثر فى دعم أبطالها. الإهمال الذى يدفع كثيرا من الموهوبين رياضياً للتشبث بفرص الهجرة والتجنيس ليحققوا أرقاماً قياسية لدول أخرى، ويرفعوا علمها فى المحافل الدولية. وظاهرة تجنيس اللاعبين الموهوبين، هى فكرة استثمارية مشروعة، تزيد حظوظ الدولة فى تحقيق الإنجازات الرياضية، وتحقيق مكاسب ضخمة من ورائهم. والأمثلة على ذلك كثيرة، فقد كان اللاعبون المجنسون فى الألعاب الفردية أحد أسباب حصول إحدى الدول فى أولمبياد باريس الأخيرة على16ميدالية ذهبية، واحتلالها المركز الخامس، كما نجحت فى صنع منتخب كرة قدم قوي، بعدما وجهت أنظارها لاكتشاف الموهوبين من إفريقيا، ومنحهم الجنسية، ليساعدوها فى تطوير الكرة والوصول للمونديال. نفس النهج اتبعته دولة أخرى فى تجنيس اللاعبين الموهوبين من مختلف الدول، لتحتل المركز الأول فى أولمبياد باريس ب40 ميدالية ذهبية. وانتقلت ظاهرة التجنيس أيضاً لدول عربية، حيث منحت بعض الدول جنسيتهما للاعبين موهوبين ساعدوهم على حصد الميداليات الذهبية فى مختلف البطولات. الرياضة لم تعد مجرد هواية، بل صناعة ضخمة، تحرص الدول الكبرى على الاستثمار فيها، وتحقق من ورائها أرباحاً طائلة، والنوادى العالمية الكبرى لا تهدر ملايينها حينما تشترى اللاعبين بمبالغ ضخمة، وتمنحهم رواتب خيالية، بل هى صفقات اقتصادية مدروسة، وأرباحها مضمونة. وعلى سبيل المثال، فإن نادى ليفربول الإنجليزى أنفق خلال السنوات العشر الأخيرة، مئات الملايين الاسترلينية، لشراء أغلى لاعبى العالم، ومنهم نجمنا محمد صلاح، واستطاع بهؤلاء النجوم أن يصبح ليس فقط واحداً من أقوى نوادى أوروبا، بل أصبح صرحاً اقتصادياً ضخماً، يحقق أرباحاً هائلة، فارتفعت إيرادات النادى لتصل إلى 594 مليون جنيه إسترلينى عام2023، من حصيلة عائد الإعلانات وتذاكر المباريات وصفقات البث، بالإضافة إلى مبيعات منتجات النادى، وفتح متاجر مختلفة لهذه المنتجات بالعديد من الدول، وزيادة متابعى قنوات النادى عبر مواقع التواصل والمنصات المختلفة، كل هذا طبعاً إلى جانب المكاسب الكبيرة على مستوى السياحة التى تتحقق له ولبلده، بعد أن أصبح ملعب نادى ليفربول العريق «انفيلد»، ومتحف ليفربول الشهير، من المعالم الأساسية على خريطة السياحة فى إنجلترا. وكلما زادت البطولات التى يحصل عليها النادى بفضل لاعبيه، زادت شعبيته وجمهوره، وزادت معهم أرباحه. نحن فى مصر نحتاج إلى نظرة أكثر جدية للرياضة، وتوجيه اهتمام ودعم مالى أكبر للألعاب الفردية، ليس فقط لاكتشاف الموهوبين، ولكن، وهو الأهم، لتبنيهم ورعايتهم، وإعدادهم كأبطال أوليمبيين، يحملون شعلة بلدهم فى البطولات الدولية، بدلاً من دفعهم للهجرة والتجنيس. الألعاب الفردية هى التى أصبحت تمنحنا الأمل، وسط الإخفاقات المتتالية لمنتخب كرة القدم، ويمكن أيضاً أن نعلق عليها آمالاً وأحلاماً لتحقق كثيراً من المكاسب لمصر. الرياضة فى مصر لا تحتاج عقولاً رياضية فقط لإدارتها، بل تحتاج عقولاً اقتصادية تتعامل معها كمجال خصب للاستثمار، يمكن أن يحقق لمصر مكاسب اقتصادية وسياحية ضخمة.