16 سبتمبر.. إقامة المؤتمر الأول لطلاب الجامعات المصرية بجامعة قناة السويس    الثلاثاء 10 سبتمبر 2024.. استقرار سعر الدولار عند 48.43 جنيه للبيع في بداية التعاملات    أسعار الدواجن والبيض اليوم الثلاثاء 10-9-2024 في المنيا    «الإسكان»: إنهاء 2508 مشروعات ب10 محافظات ضمن المرحلة الأولى من «حياة كريمة»    سعر الذهب اليوم الثلاثاء في مصر ينخفض ببداية التعاملات    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء10-9-2024 في أسواق محافظة المنيا    أوكرانيا: إسقاط 38 طائرة مسيرة في هجوم روسي خلال الليل    الرئيس الإيراني يزور العراق غدا الأربعاء    الأردنيون يبدأون الإدلاء بأصواتهم لانتخاب أعضاء مجلس النواب    مفاجآت في تشكيل منتخب مصر المتوقع أمام بوتسوانا بالتصفيات المؤهلة لأمم إفريقيا    "200 مليون جنيه في الخزينة".. خالد الغندور يكشف سر صفقات الزمالك    التحقيق مع سعد الصغير لحيازته مواد مخدرة.. والمطرب: أتعاطى فقط    الذكاء الاصطناعي التوليدي: هل يمكن للروبوتات طلب المساعدة مثل البشر؟    القصة الكاملة للقبض على سعد الصغير في المطار.. كان عائدا من إحياء حفل في أمريكا.. وبحوزته مواد مخدرة وسجائر إلكترونية    مدفعية الاحتلال تستهدف أحياء ومنازل المواطنين في المنطقة الشرقية لرفح الفلسطينية    أتوبيس الفن الجميل ينظم زيارة إلى متحف الصيد بالمنيل    بالصور - إحالة أطباء وصيادلة وفنيين في مستشفى منفلوط بأسيوط للتحقيق    فوائد تناول كوب من الماء الدافئ بالملح يوميًا    جامعة الأزهر تواصل قبول طلبات طلاب الدور الثاني بالثانوية الأزهرية لليوم الثاني على التوالى    وسائل إعلام أمريكية: تحديات أمام "هاريس" في مناظرة "ترامب" مساء اليوم الثلاثاء    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 10-9-2024 في محافظة المنيا    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الشرقي بقنا    «الإحصاء» يعلن انخفاض معدلات التضخم السنوي إلى 25.6% في أغسطس 2024    وزير الخارجية يصدر قراراً بتعيين السفير تميم خلاف متحدثا رسميا باسم وزارة الخارجية.    6 بوسترات جديدة لمسلسل «برغم القانون» لإيمان العاصي قبل عرضه على ON    بعد مشاركتها مع محمد إمام في مسلسله الجديد.. مي عز الدين تتصدر تريند "جوجل"    محمد سلماوي: مبادرة وزير الثقافة للاجتماع مع الكتاب خطوة إيجابية    عاجل.. تطورات إصابة أشرف داري مع المغرب وموقفه من المشاركة في السوبر الإفريقي    لينك تسجيل الرغبات 2024 المرحلة الثالثة بحد أدنى 50%.. الموقع الرسمي والكليات المتاحة للتقديم    الصحة: توفير 32 جهاز أشعة لعدد من المستشفيات خلال شهر يوليو الماضي    ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك في عاصمة بنجلاديش    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 10-9-2024 في مصر.. اعرف عيار 21 بكام    اليوم .. أولى جلسات محاكمة ممرضة المقطم ووالدها بتهمة قتل شاب    المملكة المتحدة تستضيف بلينكن في مسعى لتعزيز العلاقة الخاصة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024: فرصة لتجديد العلاقات    اللهمَّ اشغل قلوبنا بحبك.. من دعاء الصالحين في نصف الليل الأخير    سيراميكا كليوباترا يضم محمود الزيني    «أونروا»: جيش الاحتلال الإسرائيلي اعترض تحت تهديد السلاح قافلة متجهة لشمال غزة    خبير يكشف توقعاته بعد الاعتراضات المصرية وخطابات مجلس الأمن حول سد النهضة    وفاة نجم «Star Wars» جيمس إيرل جونز    إبراهيم نور الدين: الكاميرا بتحبني ولم أبحث عن الشو ولن أسعى لرئاسة لجنة الحكام    سعاد صالح: نشر العلاقة الزوجية و الأحضان بين الأزواج على مواقع التواصل حرام شرعاً    دنيا سمير غانم تحتفل بعيد ميلاد زوجها رامي رضوان (فيديو)    «من حقك تعرف» .. هل يجوز وضع شرط بعدم التعدد فى وثيقة الزواج؟    تبادل إطلاق نار بين حرس الحدود الاسرائيلي ومهربين في صحراء النقب    حزب العدل يشيد بتعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية    مجزرة خان يونس.. الطيران الإسرائيلي استخدم صواريخ ارتجاجية ثقيلة في الغارات    داري خرج من الإحماء مصابًا.. رائعة دياز تقود المغرب لهزيمة ليسوتو (فيديو)    إصابة سيدة في حريق هائل بمخزن كاوتش بمركز اطسا بالفيوم    البطل الأولمبي محمد السيد: صلاح ورونالدو الأفضل وهاخد شوبير في ماتش خماسي    «طبيب مزيف» يجري جراحة مستعينا بمقاطع «يوتيوب».. والنهاية مأساوية    أوقاف الفيوم تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف من المسجد الكبير بالصعيدي    بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.. ننشر حركة قيادات النيابة العامة    "مصر ضد بتسوانا".. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    سعاد صالح: لا يجوز للزوج أن يأخذ مليمًا واحدًا من زوجته إلا بإذن    سعاد صالح توضح حكم ارتداء الشباب للبناطيل المقطعة -(فيديو)    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بأسواق المنشية للأسبوع الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن أمضى 15 عامًا خلف الأسوار .. حوار بالصدفة مع سفاح تائب

الصدفة وحدها جمعتني بسفاح ارتكب جريمة قتل، راح ضحيتها 4 من أفراد أسرته؛ كيف حدث هذا؟!، ومتى؟!؛ هذا ما سوف نحكيه في السطور التالية..لكن قبلها احكي كيف كان اللقاء؟، كنت في مهمة عمل ولاحظت أن هناك شخصًا ما ينظر لي بشكل لافت للنظر وكأنه يريد التحدث معي لكنه بدا مترددًا، ولكن يبدو أنه استجمع شجاعته وتحدث معي؛لأكتشف أنني في مواجهة سفاح لكنه بلا شك تائب، لا أخفي عليكم سرًا ففي البداية عندما اعترف لي بالجريمة لم أصدقه ولكن عندما بحثت عنها تأكدت أنها كانت قضية رأي عام وحديث الشارع وقتها.. هذا الشخص أخبرني أنه خرج من السجن منذ فترة بعدما أمضى 15 عاما من عمره خلف الأسوار، عقوبة لجريمته.. دخل السجن طفلا عمره 16 عامًا وخرج شابًا.
المؤكد أن كل السفاحين الذين ارتكبوا جرائم قتل جماعي بشعة صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ولم يغادروا محبسهم إلا للقبر.. لكن هذا السفاح الذي نتحدث عنه أفلت من حبل المشنقة رغم بشاعة الجرائم التي ارتكبها؛ بسبب صغر سنه وقت ارتكاب تلك الجرائم؛ حيث لم يكن قد تجاوز وقتها السادسة عشر من عمره، وعوقب بالسجن 15 سنة؛ لذلك تخوض "أخبار الحوادث" تجربة بالإبحار في عقل هذا الرجل؛ لنعرف فيما كان يفكر وقت ارتكاب هذه الجرائم البشعة وكيف أمضى سنوات السجن مع ذكريات الدم بعد أن أزهق أرواح 4 أشخاص دفعة واحدة يعدون الأقرب له في الحياة، وهم: والديه وشقيقيه، ولكن قبل أن نتحدث مع المتهم، ونعرف منه تفاصيل الجريمة التي ارتكبها، دعونا نتذكر تفاصيلها وهي التي كانت حديث الرأي العام وقتها، ومازال يتذكرها الناس حتى الآن.
منذ 20 عامًا، تلقى رئيس المباحث إشارة بالعثور على جثث 4 أشخاص من اسرة واحدة داخل منزلهم بدائرة المركز، وبعدما أخطر مدير الأمن بالواقعة؛ اسرع مع ضباطه الى محل الواقعة والوقوف على ملابساتها، وكان المشهد كالتالي: زوجة مقتولة على سجادة الصلاة وعلى مسافة منها زوجها غارقا في دمائه، وعلى الأريكة الموجودة بالصالة جثة الابن الأكبر، وعلى باب المطبخ جثة الابن الأصغر، أسرة بالكامل مقتولة لم ينج منها سوى فرد واحد وهو الابن الذي (..)، خلال معاينة مسرح الجريمة كانت الأمور معقدة بعض الشيء، خاصة وأن كاميرات المراقبة لم تكن منتشرة بشكل كبير وقتها، فالأبواب والشبابيك جميعها سليمة وهذا يعني أن القاتل دخل البيت بطريقة شرعية، ولا توجد مسروقات؛ وبالتالي القتل ليس بدافع السرقة، تشكل فريق بحث بدأبفحص علاقات الضحايا بالجيران والأهالي، الذين أكدوا أن علاقاتهم جيدة ولا توجد أي خلافات مع أحد، تحدث رجال المباحث مع الناجي الوحيد، ومعرفة كيف نجا من المذبحة الأسرية؟!
سهرة مع الأصدقاء
قال (..) الابن الناجي الوحيد؛ إنه في ذلك اليوم خرج لمقابلة أصدقائه وقضاء الليل معهم، وأثناء خروجه من البيت لاحظ وجود سيارة ميكروباص بها 4 أشخاص سألوا عن والده فأشار لهم على البيت ثم انصرف، ولم يأت إلا في الصباح، ظل يطرق على الباب، لكن بلا فائدة، فأحضر سلما خشبيا وصعد عليه للدخول للشقة من خلال أحد الشبابيك، وعندما دخل اكتشف جريمة القتل فظل يصرخ حتى اتى الجيران وأبلغوا الشرطة.
5 أيام ورجال المباحث يعملون ليلا ونهارا، ولم يتركوا ثغرة واحدة إلا وبحثوا فيها، فقرروا العودة لمسرح الجريمة مرة أخرى لمعاينته ربما يجدون دليلا هنا أو هناك، فأول شيء كان الشباك الذي قال (..) إنه دخل منه مغلقا وهذا يعني أنه يكذب، دليل آخر عثر عليه رجال المباحث وهو؛ تقرير طبي للدكتور، الذى يعمل بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية هذا التقرير يخص الابن الناجي، ويتضمن توصية؛ بإيداعه مستشفى الأمراض النفسية والعصبية لخطورة حالته.
بدأ رجال المباحث يحققون مجددًا مع (..)، وبتضييق الخناق عليه، انهار واعترف بكل شيء، فالجريمة لم تكن وليدة اللحظة بل خطط لها قبلها بوقت كاف، أحضر السكين ووضعه أسفل المرتبة، حتى نفذ مخططه في تلك الليلة، وتحديدا في منتصف شهر يوليو.
استيقظ (..) من النوم، فوجد والدته تستعد للصلاة، وهي تقف على السجادة، لم يتردد لحظة وأخذ السكين واقترب منها ثم طعنها في الظهر، صرخت الأم بصوت مرتفع، خرج الأب الذي كان نائمًا مسرعًا إلى الصالة، وبمجرد أن انحنى إلى الأسفل ناحية زوجته، باغته الابن بطعنة هو الآخر في الظهر، لكنه تحامل على نفسه، وتحرك الأب متجها إلى حجرة ولديه الآخرين؛ ليطلب منهما الهروب بسرعة قبل أن يقتلهما شقيقهما، لكن قبل خطوات من الوصول إلى حجرتهما طعنه بأكثر من طعنة ليسقط غارقًا في دمائه.
في هذا التوقيت كان أحد الطفلين استيقظ بسبب صوت والده ووالدته، فأيقظ شقيقه الأكبر للذهاب إلى حجرة والده ومعرفة ما يحدث، بعدها دخل الابن القاتل إلى حجرتهما وهو يحجب السكين خلف ظهره، وعندما سأله شقيقه عن سبب هذا الصراخ، أخبره أنه لا يعرف، ولابد أن يخرج هو ويعرف بنفسه، وبمجرد أن حاول شقيقه الخروج قام بطعنه في صدره، لكنها لم تكن طعنة قوية، فسقط الشاب، وتحرك ببطء إلى الصالة ودماؤه تسبق خطواته، ويطلب منه أن يترك السكين، لكن طعنه بأكثر من طعنة حتى فارق الحياة.
توجه الابن القاتل بعدها إلى شقيقه الثاني الطفل الذي رأى مشهد طعن أخيه الأكبر أمام عينيه، والذي اختبأ أسفل أحد المقاعد، وهو يرتعد خوفا، لكن القاتل لم يرحمه ولم تشفع توسلاته لديه وبكل قسوة وجحود قتله.
هذا هو سيناريو الجريمة مثله القاتل بالصوت والصورة أمام النيابة.
شهادة الطبيب النفسي
وقتها تم حبس المتهم، وأحالته النيابة لمحكمة الأحداث لصغر سنه، واستدعي الطبيب النفسي لسماع أقواله وسؤاله عن الملاحظة الطبية التي كتبها، فقال: (..) لا يخاف من أي شخص فهو مريض، ومنذ الوهلة الأولى التي رأيته فيها شخصته بأنه شخص سيكوباتي، وهذه الشخصية تكون ضد المجتمع ويعمل على إيذاء كل من حوله كما أنه يتمتع بذاكرة قوية ومعدل قوي من الذكاء ولكن يعاني من تبلد في الشعور ما يجعله لا يشعر بالندم".
وأضاف الطبيب النفسي: "رغم أن هذا المرض له علاج إلا أنه كان يرفض تناوله، فقررت تحويله إلى مستشفى الصحة النفسية بالعباسية فمزق خطاب تحويله ولم يدخل المستشفى".
وشرح الدكتور النفسي؛ أن العقل الباطن في هذا المرض يكون من الدوافع لفعل الكثير من التصرفات الشاذة، و(..) في هذه الجريمة كانت دوافعه أن يرث عائلته.
"إهمال أهله في علاجه جنى عليهم جميعا".. هكذا قال الطبيب النفسي.. مؤكدًا أن أسرته لم تهتم بعلاجه، فحالته أصبحت متأخرة، لكن هذا لا ينفي مسئوليته عن جرائمه كونه لم يكن مريضًا عقليًا.
لم تتجاوز محاكمة (..) سوى جلستين فقط ويوم النطق بالحكم، حضر المتهم من محبسه وسط حراسة أمنية مشددة، واكتظت قاعة المحكمة بأقارب الأسرة، وطالبت النيابة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم لارتكابه جريمة القتل عمدا مع سبق الإصرار والترصد.
وأكدت النيابة وقتها، بناء على أقوال طبيبه النفسي؛ أن المتهم مسئول عن تصرفاته وكان يدرك تماما كل ما قام به والدليل هو التخطيط للجريمة بإتقان قبل ارتكابها والتجهيز لها.
وناقشت هيئة المحكمة المتهم أمام الجميع وسألته: هل قمت بقتل والدك ووالدتك وشقيقيك؟، فأجاب بهدوء: نعم.
سألته المحكمة مرة أخرى؛ ولماذا أقدمت على الجريمة؟، ليرد: بسبب سوء معاملتهم لي وتوبيخي أمام الجميع والحكم عليا دائما بالفشل ومعايرتي.
وقبل أن ينطق رئيس المحكمة ويصدر حكمه، انتاب القلق الجميع، الكل ينتظر النهاية، حتى قضت المحكمة بسجن المتهم 15 سنة، وهي أقصى عقوبة لأنه حدث، ومنذ أن سمع قاتل اسرته الحكم ضحك لأنه أفلت من الإعدام؛ لدرجة أنه أطلق عليه وقتها "السفاح الضاحك".
حياة جديدة
15 سنة كاملة قضاها المتهم داخل محبسه، حتى خرج لسماء الحرية من جديد، هذا ما سرده لي المتهم وهو يريد أن يقول ما بداخله، حتى لا يرتكب أحد جريمته، فقال في البداية: "أنا قتلت والدي ووالدتي وأشقائي الاثنين، جريمتي كانت معروفة ومازال الناس تتذكرها حتى الآن".
صمت قليلا وكأنه يتذكر ما حدث، في تلك اللحظة كانت عشرات الأسئلة تطل من رأسي، كيف استطاع أن يقتل أقرب الناس إليه؟، ماذا فعلت به هذه السنين التي قضاها خلف الأسوار؟، وماذا فعل عندما خرج من محبسه؟!
في البداية، قال: "أنا بدأت صفحة جديدة من حياتي، تزوجت وأنجبت طفلين، وكونت أسرة فأنا تحملت ما لا يتحمله أحد، منذ القبض علي ولم يزرني أحد من أسرتي، حتى خالتي التي كانت أقرب الناس لي، أقرب لي حتى من والدتي، لم تزرني ولم تسأل علي، وعندما خرجت من السجن كان الواقع أصعب بكثير".
فسألته: كيف قضيت 15 سنة من عمرك بين جدران السجن، كيف كان يتعامل معك المساجين؟، فأجاب بجملة واحدة: "ربنا أداني الصبر واتحملت سنوات السجن حتى خرجت للنور"، ورغم أنه هو من طلب الحديث معنا، لكنه كان قليل الكلام، يخفي داخله أشياءً كثيرة، وحزنًا دفينًا فأهله وجيرانه شهدوا عليه، هو في النهاية أراد فقط أن يحكي قصته حتى يرتاح قليلا.
فسألته، ماذا حدث بعد قضاء مدة العقوبة، فقال: "أول ما خرجت أهلي طردوني، صرت في الشارع أصبحت منبوذا، لكن هناك ناس وقفت بجانبي تعاطفا لا أكثر، قررت أن ابدأ صفحة جديدة، أن ابحث عن وظيفة، فاشتريت توك توك بالتقسيط، لكن اتسرق مني، حاولت أبحث عن عروسة تشاركني الباقي من عمري، الكل كان يرفض بسبب الجريمة، فكان ليا جار هو يعرفني كويس وقف جنبي وساعدني حتى تقدمت لفتاة، وأخبرتها بحكايتي، وأخبرت أسرتها، وكأن الله زرع بداخلهم الرحمة ووافقوا علي وتزوجنا، وقولت أخيرا الحياة هتضحك لي من تاني، حتى رزقني الله بأول طفل، ثم ثاني طفل، وعندما بدأ ابني يكبر خفت أن يعرف حكايتي، فتركت المنطقة وذهبت للعيش في مكان آخر، لا أحد يعرفني فيه".
صمت قليلا ثم استكمل حديثه قائلا؛ "أنا ضاع من عمري 15 سنة، وأقرب الناس ليا ضاعوا، احنا كنا في مستوى أي حد كان يتمناه، لكن الدنيا لا تدوم لأحد، والدتي أسست فيلا على أعلى مستوى، لكن أنا اتحرمت من كل شيء فلوس وعفش وبيت وأسرة، عشان كده حبيت اعمل عيلة جديدة وحياة جديدة".
وهو يتحدث معي كنت أبحث عن جريمته، فأنا في البداية لم أصدقه، وأنا اقرأ تفاصيل الجريمة، أسئلة كثيرة كنت أبحث عن إجابة لها، مثل سبب ذهابه لطبيب نفسي منذ أن كان صغيرا، وعن القصة التي تقول إن والدته عندما اكتشفت سلوكه العدواني وعشقه لمشاهدة الدم وذبح القطط وإغراقها في المياه، فضلا عن الاعتداءات المستمرة على أشقائه بالضرب، فقال لي: "منذ أن كان عمري 5 سنوات وقعت من الدور الرابع على رأسي فحدث لي ارتجاج في المخ، وبدأت اعمل حاجات عنيفة شقاوة أطفال يعني، وهناك في مستشفى العباسية قالوا لابد أن أخضع لجلسات كهربا على المخ، فكانت والدتي تأخذني اعمل الجلسات، والناس قالت طالما بيروح العباسية يبقى مريض نفسي".
فسألته، الآن ماذا ترى في أحلامك؟، فقال:"أنا بحلم بأهلي، وأسرتي بتجيلي في الحلم وبتقولي احنا بنحبك، أنا كل اللي عايزه دلوقتي أعيش حياة طبيعية وهادية وأحاول أنسى الماضي بكل تفاصيله".
هذا الشاب سردنا قصته، وبناء على رغبته ولم ننشر صورته وتفاصيل القضية التى نمتلك كافة اوارقها والتى نشرت وقت الجريمة منذ سنوات طويلة، فهذا الشخص أخذ من العقاب ما يستحقه على جريمته البشعة، فهو اراد نشر قصته من باب العظة، خرج وهو يحاول أن يكون إنسانا جديدا يبدأ حياة نظيفة، يسعى لكسب قوت يومه حتى يستطيع أن ينفق على أسرته وبيته الجديد، نشرنا حكايته ليس من باب البروباجندا ولكن من باب العظة، لنوجه رسالة لكل بيت وكل أسرة إذا كانت لديها شخص مصاب بمرض نفسي، لابد من علاجه فورا ودون الخجل، فالجملة التي قالها طبيبه المعالج: "إهمال أسرته لعلاجه جنى عليهم جميعًا" جملة أصابت كبد الحقيقة، المرض ليس عيبًا لكن تكمن الخطورة في أن نتركه يستفحل دون علاجه.
اقرأ أيضا : النائب العام يأمر بالتحقيق في واقعة نشر مقاطع فيديو «سفاح التجمع»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.