خطوط الاتصال مفتوحة − ولو بطرق غير مباشرة − بين أمريكا وإيران لتجنب صدام مباشر لا يريده الطرفان.. تتمسك طهران بحقها فى الرد «الموجع» على انتهاك إسرائيل للسيادة الإيرانية باغتيال قائد حماس السياسى إسماعيل هنية فى قلب طهران.. بينما تحاول أمريكا إقناع طهران بالاكتفاء برد لا يتسبب فى زيادة التصعيد ويهدد بتوسيع الحرب. لكن تجربة أبريل الماضى والرد الإيرانى الذى كان مجرد «تسجيل موقف» يجعل طهران أكثر إصراراً هذه المرة على «الرد الرادع» مع تجنب الصدام بأمريكا!! فى المقابل.. يخشى نتنياهو من تفاهمات أمريكية − إيرانية على تجاوز الأزمة وعدم توسيع الحرب. يلوّح نتنياهو بضربة استباقية تكون شرارة الحرب الإقليمية، لكن يدرك أن موافقة أمريكا ومشاركتها شرط لذلك، وأنه شرط صعب التحقق فى ظل السعى الأمريكى لتجنب الدخول المباشر فى حرب جديدة، وفى مناخ انتخابات حاسمة لا يسمح بمثل هذه المغامرات الخطرة! ومع ذلك يبقى الحديث عن «ضربة استباقية» حديث خوف لا حديث ثقة!! ويظل موجهاً لواشنطن بأكثر ما هو موجه لطهران. يريد نتنياهو أن يقول إنه قادر على خلط الأوراق فى أى لحظة، ويريد أن يرد على ما سمعه من بايدن فى «المكالمة الغاضبة» من أن أمريكا ستدافع عن إسرائيل هذه المرة لكن إذا عادت إسرائيل للتصعيد، فعليها أن تتحمل النتائج(!!) .. وهو ما يعنى أن حملة الاغتيالات لن تعيد لإسرائيل قوة الردع التى فقدتها، وأنها لن تتمتع بحماية أمريكا إلا إذا التزمت بسياستها.. وهو ما يريد نتنياهو أن يقول إنه لن يلتزم به، وأنه قادر على تفجير الموقف بضربة استباقية أو بالمزيد من تجاوز الخطوط الحمراء، وتصدير الأزمة إلى أمريكا لتجنى ثمار سياستها التى انحازت للباطل الصهيونى، ولجرائمه التى لا تتوقف!! .. وتبقى الحقيقة الأساسية: لو أن أمريكا التى تحشد أساطيلها ونفوذها السياسى وكل مصادر قوتها الآن للدفاع عن جرائم إسرائيل، بذلت جزءاً من هذا الجهد للضغط الحقيقى من أجل إنهاء حرب الإبادة والمجازر الإسرائيلية ضد شعب فلسطين، لما وصلت الأوضاع الآن إلى حافة الهاوية مع جنون إسرائيلى أصبح خطراً على العالم بأكمله!!