الصندوق الأسود لمعتقل سدى تيمان طفى إلى السطح، كاشفًا ما يجرى داخله من انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وما يترتب على إسرائيل من مخاطر فى حال رفع ذوى الأسرى دعاوى عليها فى المحاكم الدولية. المعتقل يستنسخ أهوال معتقل سجن جوانتانامو سيئ السمعة. مع تسرب المزيد من الفظائع داخله، أعلنت إسرائيل على مضض التحقيق مع عشرة من حراس المعسكر اعتدوا على معتقل فلسطينى جنسيا وعذبوه بشدة، ما يؤكد عشرات الشهادات والتقارير التى وثقت فظائع التعذيب داخله. المعتقل غير الرسمى، هو قاعدة عسكرية إسرائيلية، بصحراء النقب قرب مدينة بئر السبع، أعيد افتتاحه مع اندلاع الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر 2023، بغرض احتجاز الفلسطينيين الذين اعتقلوا من القطاع فى ظروف غير إنسانية. وقد تم نقل الأسرى إلى سجون أخرى، بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتفريغ المعتقل وعدم اعتباره معتقلًا دائمًا للفلسطينيين. خلال الأشهر الأخيرة، تراكمت الأدلة والإفادات بشأن ما يحدث فى المعتقل، والتى جمعتها منظمات حقوقية وشهادات لمعتقلين من غزة، حيث تكشفت صورة مروعة عن أساليب التعذيب والتنكيل بالأسرى من قبل الجنود إلى حد تنفيذ اعتداءات جنسية. فقد دأب الجنود على احتجاز جميع المعتقلين الغزيين فى مناطق مفتوحة محاطة بسياج حديدى أو داخل بركسات دون أى أسرة وبلا مقومات الحياة الأساسية، وذلك عبر تكبيل أطرافهم على مدار الساعة، ما تسبب فى بتر أطراف بعضهم، وكذلك تعصيب العينين لفترات طويلة. عندما بدأت هذه الأدلة فى الظهور، بذل مكتب المدعى العام العسكرى الإسرائيلى جهودا كبيرة لتأجيل التحقيقات، لكن مع تزايد الضغوط الدولية، وبعد التحقيقات التى أجرتها الصحافة الأجنبية والخطوات المتخذة ضد إسرائيل فى المحاكم الدولية فى لاهاى، تقرر فتح التحقيقات وهمية فى محاولة للالتفاف على أى إجراءات قضائية دولية. الانتهاكات الوحشية التى تجرى فى قاعدة «سدى تيمان» العسكرية ضد آلاف المختطفين من قطاع غزة تؤكد ضرورة أن تتوجه أنظار العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية نحو معتقلات الاحتلال والمغيبين فيها لمتابعة أوضاعهم ومصيرهم المجهول. وضرورة تشكيل لجنة تحقيق أممية عاجلة ومنحها تفويضا شاملا وملزما للتوقف عند الجرائم الفظيعة التى يتعرض لها الأسرى بشكل عام، ومعسكر «سدى تيمان» بشكل خاص، فالمسرحية الهزلية التى خرجت بها الشرطة العسكرية للاحتلال، وقيامها باعتقال عدد من الجنود، ما هى إلا مسرحية هدفها تضليل الرأى العام العالمى.