القاهرة تكرر تحذيراتها من اتساع رقعة الصراع وحرب شاملة منذ اندلاع شرارة الأحداث بقطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى عقب عملية «طوفان الأقصى» التى زلزلت كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتدعو الدولة المصرية بمختلف جهاتها الرسمية إلى وقف التصعيد، وتحث كافة الأطراف على ضبط النفس والتهدئة.. ومع استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة لأكثر من 300 يوم، حذرت مصر مراراً وتكراراً من اتساع رقعة الصراع بالمنطقة، ومخاطر الانزلاق إلى فوضى إقليمية، لا يُحمد عقباها. كانت القاهرة أول من تنبأ بما يحدث على الساحة الإقليمية حالياً، وقرأت المشهد السياسى مبكراً منذ بداية التصعيد فى المنطقة وتعدد جبهات الاضطرابات فى مختلف جنبات الشرق الأوسط؛ لهذا قادت حملة من التحذيرات السباقة لتجنب سيناريو الحرب الإقليمية الشاملة، وطالبت كافة الفاعلين على المستويين الإقليمى والدولى للاضطلاع بمسؤولياتهم من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلى على غزة باعتبارها السبب الرئيسى فى ارتفاع حدة التوتر والتصعيد الإقليمى الحالي. تحذيرات الدولة المصرية المتكررة، تنبع من مساعيها الدائمة على مر العصور لتحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، باعتبار أن القاهرة هى رمانة الميزان وصمام الأمان لاستقرار المنطقة، وهى قلب العرب النابض وعمود الخيمة للأمة العربية. فبقراءة متأنية للتحذيرات المصرية المتكررة من اتساع نطاق الصراع فى المنطقة، نجد أن لها أبعادا متعددة ومتشعبة، يتمثل أولها فى أن تحقيق الهدوء والاستقرار بالمنطقة هو هدف رئيسى فى سياسة مصر الخارجية تجاه الإقليم، لهذا تسعى القاهرة بكل قوتها لحماية وصون الأمن القومى العربي.. أما البعد الثانى فيتمثل فى حماية الأمن القومى المصري، لأن ما يحدث على الساحة الشرق أوسطية يؤثر بشكل أو بآخر على أمن مصر القومي. والبعد الثالث يختص بمساعى القاهرة الحثيثة لمنع انزلاق القوى الإقليمية إلى حرب شاملة قد تقضى على الأخضر واليابس بالمنطقة.. والرابع هو الحفاظ على جهود المفاوضات لوقف إطلاق النار فى غزة وإنهاء العدوان الإسرائيلى الغاشم على القطاع، باعتباره السبب الرئيسى فيما يحدث الآن بالمنطقة، وعدم نسف مساعى التهدئة فى غزة وفق الوساطة الثلاثية (المصرية - القطرية - الأمريكية).. أما البعد الخامس فيختص بعدم العودة إلى المربع صفر فى مسار الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى المستمر منذ أكثر من 76 عاماً، واستكمال المقاربة المصرية لحل هذا الصراع بالوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يتمثل فى تنفيذ مشروع حل الدولتين باعتباره السبيل الأوحد لتحقيق السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط برمته.. أما البعد السادس، هو مطالبة المجتمع الدولى للقيام بدوره وتنفيذ مسؤولياته بجدية، والخاصة بتحقيق السلم والأمن الدوليين والحفاظ على أرواح المدنيين، والضغط على إسرائيل-القوة القائمة بالاحتلال-لوقف التصعيد والجنوح للسلام. وعلى مدار الأيام الماضية، شهدت المنطقة سيلاً من التصعيد الإسرائيلى الخطير جعل الإقليم فوق فوهة بركان معرض للانفجار فى أى لحظة، قد يقود الإقليم والعالم إلى حرب شاملة تعيد الكرة الأرضية إلى العصر الحجري.. ومع كل تصعيد إسرائيلى جديد، تكرر الدولة المصرية تحذيراتها لكافة الأطراف ولكل العالم، بضرورة التهدئة وضبط النفس، حفاظاً على الإقليم من السقوط فى الهاوية. فبعد اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس أمس فى مقر إقامته بإيران، أكدت مصر فى بيان لوزارة الخارجية أن التصعيد الإسرائيلى ينذر بمخاطر إشعال المواجهة فى المنطقة بشكل يؤدى إلى عواقب أمنية وخيمة، محذرة من مغبة سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى وتأجيج الصراع فى المنطقة.. وطالبت مصر مجلس الأمن والقوى المؤثرة دولياً، الاضطلاع بمسئوليتهم فى وقف هذا التصعيد الخطير بالشرق الأوسط، والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية فى المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية.. واعتبرت مصر أن تزامن هذا التصعيد الإقليمي، مع عدم تحقيق تقدم فى مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة، يزيد من تعقيد الموقف ويؤشر الى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة، ويقوض الجهود المضنية التى تبذلها مصر وشركاؤها من أجل وقف الحرب فى القطاع ووضع حد للمعاناة الإنسانية للشعب الفسطيني. وبعد الأحداث الأخيرة فى قرية مجدل الشمس بالجولان السورى المحتل، حذرت مصر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة فى لبنان، بما قد يؤدى إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.. وأكدت مصر على أهمية دعم لبنان وشعبه ومؤسساته وتجنيبه ويلات الحرب، كما ناشدت القوى المؤثرة فى المجتمع الدولى التدخل الفورى لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من التبعات الكارثية لاتساع رقعة الصراع، والتى قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين.. وجددت القاهرة أيضاً التحذير من مخاطر استمرار إسرائيل فى حربها على غزة، مطالبة بضرورة التوصل لوقف فورى وشامل لإطلاق النار ينهى المعاناة الإنسانية فى القطاع فى أسرع وقت، وتمكين المجتمع الدولى من احتواء تداعيات الأزمة السلبية على الشعب الفلسطينى الشقيق وعلى الأمن والاستقرار فى المنطقة. وبعد العملية العسكرية الإسرائيلية على الأراضى اليمنية مؤخراً، شددت القاهرة على أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل صون أمن واستقرار المنطقة، محذرة من مخاطر توسيع رقعة الصراع بالمنطقة على إثر تطورات أزمة قطاع غزة، وبما سيدفع الإقليم بأسره إلى دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار. وتكثف الدولة المصرية اتصالاتها الآن، مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، لاحتواء التصعيد الجاري، والحيلولة دون انجراف المنطقة إلى حرب واسعة النطاق تهدد استقرار دولها وأمن شعوبها.