نفت مصادر مطلعة بوزارة التموين، ما تردد بشأن إضافة 100 جنيه إلى البطاقة التموينية، اعتبارًا من أغسطس المقبل، وشددت على أن كل ما تردد في هذا الشأن ليس له أساس من الصحة. وأوضحت المصادر خلال تصريحات خاصة، أن نظام دعم المقررات والخبز كما هو لم يطرأ عليه أي تغيير، وأن الحوار المجتمعي المتعلق بنظام الدعم وأيهما الأفضل للمواطن العيني أم النقدي مازال محل نقاش، وأن نظام الدعم الحالي هو النقدي المشروط، حيث أن المواطن يصرف سلع بقيمة 50 جنيهاً شهريًا، و5 أرغفة بسعر 20 قرشاً للرغيف يوميًا. ومازال السؤال الأكثر جدلاً ومحل اهتمام المستفيدين على البطاقات التموينية، هو الدعم العيني أم النقدي وأيهما أفضل؟. وتباينت أراء المتخصصين في هذا الشأن، فهناك من يرى أن الدعم النقدي نظام معمول به في الكثير من الدول، وأنه يضمن وصول الدعم فعليًا إلى المستحقين، بينما يرى آخرون أن صرف المليارات كدعم نقدي سيؤدي إلى زيادة السيولة المالية في الأسواق، ومن ثم ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم. ونرصد خلال السطور التالية، آراء بعض الخبراء بشأن مزايا وعيوب كلا من نظامي الدعم النقدي والعيني. اقرأ أيضا فاروق يستعرض خطة عمل وزارة التموين أمام البرلمان الاحتكار يلتهم الدعم النقدي أكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، أنه من الاستحالة التحول للدعم النقدي قبل أن تتحكم الحكومة في الأسعار، مشيراً إلى أن الدعم المباشر يمثل مشكلة لعدم وجود رقابة حكومية على الأسواق ولزيادة جشع التجار والمتوقع عند التحول الى الدعم النقدي المباشر للمواطن، حيث أنه سيقابله ارتفاع جنوني في الأسعار يلتهم ما حصل عليه المواطن من دعم، ومن ثم نظام الدعم الحالي هو الأنسب وإن طاله بعض العيوب. ولفت عبده إلى أن الدعم النقدي يعد أفضل نظم الدعم في العالم، ومعظم الدول الكبرى تقدم لشعوبها دعم ، على سبيل المثال أمريكا تدعم قطاع التعليم، وانجلترا تدعم القطاع الطبي، لكن على سبيل المثال نجد أن الأسعار مستقرة لمدد تصل إلى 10 سنوات، حيث أن الأسواق هناك تعتمد على المنافسة الشاملة، ومن ثم نجد أن الدعم النقدي يصلح في الدول التي تستطيع حكومتها السيطرة على الأسعار. وأشار إلى أن الدعم النقدي لايصلح تطبيقه هنا، حيث أن المواطن لن يشعر بالدعم لأن السوق لدينا احتكاري، حيث نجد أن عدد من التجار يحتكر سلعة معينة سواء منتج محلي أو مستورد، وعند التحول للدعم النقدي سيقوم هولاء التجار بزيادة الأسعار لالتهام أموال الدعم، لذا الدعم العيني يضمن للمواطن الحصول بعض السلع الغذائية الأساسية التي تساعده في الحياة، ويعد المناسب للمجتمع حالياً، لافتًا إلى أن السياسات الثابتة والمستقرة يجب ألا تتغير، والتغيير يكون في الإجراءات، وذلك لجذب الاستثمارات. في حين فند الدكتور نادر نور الدين، الخبير الاقتصادي مزايا وعيوب كلا من الدعم النقدي والعيني في ثمانية نقاط على النحو التالي قال نور الدين درسنا الدعم النقدي باستفاضه في وزارة التموين وكانت النتيجة ما يلي:- 1- لمن نصرف الدعم للزوج رجل البيت ولا للزوجة المسئولة عن إطعام الأسرة؟! 2- إذا صرفناه للزوج ماذا نفعل في الزوج في المناطق الشعبية والريفية والعشوائية، إذا صرف مبلغ الدعم النقدي وصرفه في المقاهي أو على مزاجه وكيفه؟! 3- إذا صرفناه للزوجة فماذا لو تركت الأسرة أو تطلقت أو تزوجت واستمرت في إنفاق الدعم النقدي على نفسها وليس على أولادها من زواجها السابق؟! 4- في الدعم النقدي هل يحق للزوج أو الزوجة استخدامه مثلا في دفع مصاريف الدراسة وفي شراء ملابس المدرسة أو الجامعة لأولادهم، وفي هذه الحال مامصير تغذية الأبناء؟!. 5- هل نعطى لرب الأسرة أو ربة الأسرة بطاقة بالمبلغ ويشترى بها أغذية من أي سوبر ماركت أو بقاله،،، ولكن ماذا لو اشترى بها أدوات تجميل أو حلويات أو أي سلعة غير غذائية، مثل مكواة مثلا أو أطباق أو أواني؟! وهل سنصدر أوامر للسوبر ماركت بصرف سلعاً غذائية فقط على كارت الدعم؟! هنا نكون قد ألغينا الدعم النقدي وعدنا إلى الدعم العيني!! 6- الدعم النقدي لصالح الحكومات فقط بينما الدعم العيني لصالح الفقراء، فمثلا الدولة وضعت خمسين جنيهًا للفرد سلعًا تموينية كانت تشترى وقتها زيت وسكر وأرز وفول وعدس وشاي، واليوم مع ارتفاع الأسعار لاتشترى نصف زجاجة زيت!! 7- الدعم العيني لصالح الفقراء لأنه تصرف به سلعًا تموينية للأسرة فقط حتى لو التموين أضافت عليه سلعًا كمالية مثل مساحيق غسيل أتوماتيك وحلويات وغيرها للتمهيد للدعم العيني بنظام خذ هذا المبلغ شهريًا أو سنوياً، وبالتالي لن يزيد الدعم سنوياً أو يتم تسريبه من البقالين التمويين ومايصاحبه من فساد!!!. 8- صرف مليارات الجنيهات للأسر كدعم نقدي سيؤدي إلى زيادة السيولة المالية في الأسواق، وبالتالي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، وبالتالي لن يمكن الأسر من شراء الغذاء الرخيص. الدعم وتشوهات الأسواق تقول الدكتورة أمينة سعيد الصياد، مدرس علم الاجتماع الاقتصادي، كلية الدراسات الإنسانية – بنات، جامعة الأزهر. هناك جدل طويل الأمد حول قضية مدى فعالية الدعم العيني "مثل الحصص الغذائية على البطاقات التموينية" مقابل التحويلات النقدية في النظرية والممارسة الاقتصادية العملية ممثلة في تجارب الدول بمختلف مستويات التنمية، وفي حين تهدف كلتا الآليتين إلى التخفيف من حدة الفقر ومعالجة الفوارق الإجتماعية والاقتصادية، فإنهما تعملان في إطار أسس مختلفة ولهما تأثيرات مختلفة على المستفيدين وعلى الاقتصاد الأوسع. يعتمد الدعم العيني على ضمان تخصيص الموارد للاحتياجات الأساسية، وتخفيف مخاطر سوء التخصيص، وتعزيز التماسك الاجتماعي، و تحفيز الاقتصادات المحلية بشكل كبير، حيث توفر الدولة بشكل مباشر السلع والخدمات للأفراد الذين يعتبرون في حاجة إليها. أما التحويلات النقدية فتقوم على مبدأ الإستقلالية، وتمكين المستفيدين من تخصيص الموارد وفقاً لتفضيلاتهم واحتياجاتهم، وتعزز التحويلات النقدية "المشروطة" من قدرة الفرد سواء كان شخص طبيعي أو معنوي مثل الأسرة المعيشية، وهناك أدبيات إقتصادية مفادها أن التحويلات النقدية أكثر كفاءة في استهداف الأسر الأكثر فقرا. ومن أشهر التجارب في الممارسة الاقتصادية العملية، هناك تجارب دول أمريكا اللاتينية التي تؤكد تأثير أن الدعم العيني للغذاء كانت نتائجه متواضعة على تحسين الحالة التغذوية بين الأطفال، بينما حققت برامج التحويلات النقدية تحسينات كبيرة في استهلاك الأسرة والتعليم والنتائج الصحية. ويتوقف الاختيار بين الدعم العيني والتحويلات النقدية على تقييم فعالية الآلييتين، والتي تتوقف بدورها على السياق الإجتماعي والإقتصادي، بما في ذلك القدرة المؤسسية أو الجدوى الإدارية، والإعتبارات السياسية، والتفضيلات الإجتماعية والثقافية. وفي السياقات التي لا توجد فيها البنية التحتية للتحويلات النقدية أو تسود فيها تشوهات السوق، قد يوفر الدعم العيني خيارًا أكثر قابلية للتطبيق. وعلى العكس من ذلك، قد تكون التحويلات النقدية مفضلة في البيئات التي تتميز بتكامل السوق، والشمول المالي، والتمكين الفردي. وبالنسبة للوضع في مصر، نرى أن يستمر *المزج بين الآلينين* بإعتباره *النهج المرحلي الأمثل*، الذي يجمع بين نقاط القوة في كلتا الآليتين، فبالرغم من تحقيق إنجازات كبيرة في تطور البنية التحتية للتحويلات النقدية بما في ذلك توسع الشمول المالي ليغطي شريحة متزايدة من المواطنين بفضل مبادرات البنك المركزي المصري، ودعم القيادة السياسية لأهمية تمكين الأفراد المستفيدين نظراً لآثاره الإيجابية على إستراتيجيات التنمية الشاملة، إلا أن إشكالية تكامل الأسواق، حيث تستمر التشوهات الكبيرة، لا سيما في قطاعات السلع والخدمات الأساسية، يظل عقبة تحول دون الانتقال الكامل إلى التحويلات النقدية، وينبغي بذل الجهود لمعالجة أوجه القصور في السوق تدريجيا وتعزيز المنافسة، وتطوير الأنظمة الإدارية الضعيفة أو العرضة للفساد من أجل تحسين توسيع برامج التحويلات النقدية تدريجياً وتسهيل الإنتقال الكامل إليها.