«زلات لسان» بايدن المتكررة، جعلت شبكة معارضيه تتسع يومًا بعد يوم، لينضم إليها مؤخرًا قطاع ليس قليلًا من الديمقراطيين أنفسهم. ربما لم تحظ انتخابات رئاسة أمريكية بحالة التشويق والاثارة التى تحظى بها الانتخابات القادمة، ولأسباب بعيدة عن الدوافع السياسية والاقتصادية . «سن الرئيس» هو الوتر الذى يلعب عليه المتنافسون خاصة أن بايدن يعد أكبر رئيس أمريكى سنا فى التاريخ . خلال المناظرة الأولى بين بايدن وترامب، لم تهتم الدوائر السياسية فى أمريكا بمضمون المناظرة، من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، مثل حربى اوكرانيا و غزة، والاقتصاد الأمريكى، بقدر اهتمامها بزلات لسان بايدن، ونبرة صوته الضعيفة، وخطواته البطيئة ، مقارنة بحيوية ترامب وحضوره الذهنى وثقته وتماسكه وتركيزه . ورغم أن المؤيدين فسروا موقف بايدن بالضغوط والتوترات اليومية التى يواجهها كرئيس لأمريكا، مقابل استمتاع ترامب بلعب الجولف والتنقل بين منتجعاته، إلا أن هذا التفسير لم يشفع لبايدن ، بل ووصل الأمر إلى انقسامات بين الديمقراطيين أنفسهم حول قدرة بايدن على إدارة أمريكا لفترة ثانية ، وبدأ قطاع كبير منهم يطرح فكرة انسحاب بايدن والبحث عن مرشح بديل. والغريب، أن سن المرشحين متقارب (بايدن 81 عاما وترامب 78 عاما)، ومع ذلك يبذل ترامب كل جهده لينفى عنه تداعيات الشيخوخة ، ويلصقها بمنافسه، مستغلا ضعف أداء بايدن خلال المناظرة، وتكرار «زلات لسانه» العلنية ،التى أصابت العالم كله بالدهشة بما فيه مؤيديه أنفسهم. وآخر هذه الزلات الخطيرة، ما حدث خلال قمة الناتو، حينما أخطأ بايدن، وأطلق اسم الرئيس الروسى «بوتين» على الرئيس الأوكرانى «زيلينسكى»، وهو خطأ لا ينبغى أن يقع من رئيس دولة . «زلات لسان» بايدن المتكررة، جعلت شبكة معارضيه تتسع يومًا بعد يوم، لينضم إليها مؤخرا قطاع ليس قليلا من الديمقراطيين أنفسهم، والذين يسعون الآن للضغط على بايدن من أجل الانسحاب ، وبينهم شخصيات رفيعة المستوى، كانت بالأمس من أهم مؤيديه، مثل الرؤساء السابقين أوباما وكلينتون. ولكن السؤال الآن، هل سيؤثر تقدم بايدن فى السن على أدائه فى حال فوزه؟ يرى المؤيدون أن الخصوم وجدوا فى قضية» السن» ، ورقة رابحة للهجوم، ولكنهم فى الواقع يبالغون فى الأمر، لأن بايدن لا يحكم بمفرده، بل يعتمد على المستشارين، لكنهم فى نفس الوقت يعلقون أهمية كبيرة على ضرورة اختيار نائب متميز للرئيس ،ويطالبون بتغيير نائبته الحالية، وترشيح شخصية أخرى تتميز بالنشاط والكاريزما والقدرة على الإقناع. عموما، حتى الآن لايزال بايدن متمسكا بترشحه ، رافضا إعادة النظر فى قراره ، مؤكدا أنه الشخص الأكثر كفاءة لرئاسة أمريكا ، وأنه أدى أداءً رائعا ، ويجب أن يكمل ما بدأه، ولكن هل تكفى إرادة بايدن وحدها لتحقيق حلمه؟ أعتقد أن بايدن يواجه امتحانا عسيرا، وخصما عنيدا متهورا، وأنه فى حاجة إلى معجزة لاستعادة ثقة مؤيديه ، ومجاراة جرأة خصمه اللدود، واقناع المؤسسات الأميركية العتيقة، و أعتقد أن الأيام القادمة ستحمل كثيرا من المفاجآت حول هذه الانتخابات الأكثر إثارة.