20 أغسطس 2024.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    ارتفاع الإنفاق الإيطالي على السفر في الخارج بواقع 2.7% خلال يونيو    بايدن: الولايات المتحدة فقط يمكنها قيادة العالم    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مجازر في غزة راح ضحيتها 34 شهيدا و114 مصابا    سينر يصنع التاريخ ويتوج بلقب سينسيناتي للتنس    شرط الهلال السعودي للموافقة على رحيل نجم الفريق إلى روما الإيطالي    ضبط شخصين حاولا تهريب عملات محلية خارج البلاد بالمخالفة للقانون    الجمعة القادمة .. حفل «كايروكي» في مهرجان العلمين    عاجل| كامل الوزير: ندرس تقديم حوافز تصديرية لقطاع السيارات    وزير الاقتصاد الإسرائيلي: سأصوت لصالح صفقة التبادل حتى لو الثمن إسقاط الحكومة    بوستيكوجلو: إهدار فرص التهديف سمح لليستر بالعودة    الجيش الإسرائيلي: نواصل استخدام جميع الوسائل من أجل إعادة جميع الرهائن    واشنطن بوست: روسيا تنجح في إجهاض الاجتياح الأوكراني    احسب استهلاكك.. زيادة أسعار الكهرباء بنسبة تصل إلى 40%    لأول مرة.. الأوقاف تنظم جولة للأئمة من ذوي الهمم وأسرهم إلى العلمين الجديدة    إعلان الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2024 /2025 بجامعة الإسكندرية (تفاصيل)    مواعيد الكشف الطبي على الطلاب الجدد بكليات ومعاهد جامعة جنوب الوادي    مسئولو "الإسكان" يتفقدون محطة تنقية مياه الشرب بمدينة الشيخ زايد وتوسعاتها    جامعة الإسكندرية تستعرض الخطة الزمنية للعام الدراسي 2024/2025    بايدن: نواصل العمل لاستعادة الأسرى وإنهاء الحرب بغزة    اللواء أحمد العوضى ل«اليوم السابع»: اشتعال الصراع بدول الجوار وتجدد عودة التنظيمات التكفيرية بالمنطقة أهم التحديات.. أمن مصر القومى خط أحمر لا يمكن المساس به.. المواطن هو البطل الحقيقى فى المحن والأزمات    الحركة الوطنية: الحوار الوطني يخلق مساحات مشتركة في الجمهورية الجديدة    وزير الدفاع: نحرص على تخريج ضباط قادرين على حماية الوطن وصون مقدساته    انخفاض طفيف لأسعار الدواجن اليوم الثلاثاء في الأسواق (موقع رسمي)    "كأس مصر".. جدول مباريات اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    "لا يمكن أن نخفي هذه الحقيقة".. جوميز يتغنى بقوة الأهلي    مطار القاهرة يسير اليوم 580 رحلة جوية لأكثر من 81 ألف راكب    الأرصاد: أجواء صيفية حارة ورطبة نهارا على أغلب الأنحاء    رئيس قرية النمسا بالفيوم يتابع السيطرة على حريق شب فى 20 نخلة بكرم نخيل.. صور    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص في بني سويف    في خدمتك| موعد بدء العام الدراسي 2025    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 14 مليون جنيه خلال 24 ساعة    ماذا حدث في جلسة محاكمة أحمد فتوح؟    كانت بتوصل شاحن التابلت.. مصرع طفلة صعقتها الكهرباء في سوهاج    كيف ساهمت خطوات محافظ الأقصر فى دعم مشروعات الصرف الصحى.. إنفوجراف    وزير الثقافة يستعرض تفاصيل الدورة الثانية لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    "المكان خطير".. انطباع محمد فضل نجم الأهلي عن مدينة العلمين الجديدة    إبراهيم عبد الجواد عن زيارة وزير الأوقاف لمهرجان العلمين: موفقة وجميلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 20-8-2024 في المنيا    بالصور| محافظ أسيوط يتفقد مستشفى ديروط المركزي ليلاً.. تفاصيل الزيارة    الرعاية الصحية: تقديم أكثر من مليون خدمة طبية وعلاجية للمنتفعين بالتأمين الصحي الشامل    مستشفى المطرية التعليمي يحصل على المستوى الماسي في علاج السكتة الدماغية    7 وصايا من «الإفتاء» لتهذيب النفس وتحصينها من الفتن.. منها قراءة القرآن باستمرار    الصحة: 91 ألفا و795 زائرا للمنصة الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان    أحمد صيام: ريهام حجاج بتشتغل على نفسها وبتعافر وياسمين صبري مشروع نجمة كبيرة    وفاة «حما» الفنان إيهاب فهمي    حظك اليوم برج العقرب الثلاثاء 20-8-2024 وتوقعات الفلك: حياة هادئة    عبد الملك: بن شرقي إضافة كبيرة للزمالك وزيزو نصف قوة الفريق    وزير التموين يعلن موقفه من التحول للدعم النقدي    الإفتاء تكشف هل ثبت في السنة بكاء النبي صلى الله عليه وسلم وشوقه لرؤية أمَّته    جدري القرود.. ماذا تعرف عن المرض الجديد الذي يهدد البشرية؟    نصر أبو الحسن: هدفنا كان البقاء في الدوري والإعداد للموسم المقبل والجميع خاضع للائحة    خراب للسودان واستنزاف مصر، خبير يكشف الأضرار المائية والاقتصادية للتخزين الخامس بسد النهضة    إعلام إسرائيلى: الساعات المقبلة حاسمة للغاية حيال فرص التوصل لاتفاق بشأن غزة    عاجل - بلينكن: أكدت لنتنياهو التزامنا الراسخ بأمن إسرائيل وناقشت معه أن أي تصعيد ليس في مصلحة أي طرف    أحمد عبدالقادر: سأواجه مشكلة في التدريب خارج الملاعب المكيفة.. ولكن سأتقلم    عضو «العالمي للفتوى»: الأرملة عليها الإمتناع عن الزينة في بيت الزوجية    عالم أزهري: الوشم من كبائر الذنوب ولا يجوز دخول الحرم به    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية ثقافية مصرية تنتصر للإبداع
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 07 - 2024

ثمة سؤال محورى يطرح نفسه فى الواقع الثقافى المصرى الآن، ومفاده: هل نحن فى حاجة إلى استراتيجية ثقافية جديدة؟ أم نكتفى بالتنظيرات وما أكثرها التى كُتِبت من قبل؟
ليس الغرض من هذا السؤال تقديم مناقشة نظرية، أو أطروحة فكرية حول الحياة الثقافية؛ وإنما تقديم رؤية شاملة وعملية، تستهدف النهوض بالإبداع، والمبدعين؛ تعيد لمصر ريادتها الثقافية، التى كانت وستظل نبراسا للأمة بأكملها، فمصر تضرب بجذورها فى التاريخ الثقافى والحضارى العربى والإنساني، مما شكّل لها هوية ثقافية مستقاة من تراثها، ومن حاضرها.
وهذا لا يعنى ترسيخ مفهوم القطرية، الذى يعنى أن ننحبس داخل حدودنا، وإنما نمتاح من شخصية مصر الثقافية، بما فيها من عبقرية المكان والتاريخ فيها، وننظر فى امتداداتها فى الأمة حولها، خاصة أن الواقع الثقافى الآن فى مصر فى حالة تراجع، لكل من يتأمل المشهد فى مختلف جوانبه: الأدبية والفنية والفكرية والاجتماعية، مع تصاعد السطحية والابتذال، فى حين آثر أصحاب الإبداع الحقيقى الصمت، لعل الغبار ينجلي، وتتكشف الرؤية، ويتم الانتصار والاحتشاد لكل إبداع جاد.
إن مفهوم «الاستراتيجية الثقافية» يعني: وضع رؤية شاملة، تنبثق منها تصورات، تضع نصب أعينها كيفية النهوض بالواقع الثقافى الحالي، ومن ثم تخرج منها الخطط والبرامج والسبل.
فى ضوء ذلك، نقترح أن تستند الاستراتيجية الثقافية المقترحة إلى ثلاثة محاور:
أولها: أهمية التعرف على المقومات الثقافية الموضوعية التى تتوافر للوطن، والنظر فى كيفية توظيفها من أجل تفعيل استراتيجية ثقافية متكاملة الجوانب ومتعددة الأبعاد.
والمقصود بالمقومات الموضوعية هى الروافد الثقافية لمصر التى لا آخر لها، وتبدأ من التاريخ والآثار، والعطاء العلمى والإبداعى على أرضها طيلة تاريخها الحضاري، منذ الحضارة الفرعونية، والقبطية، والإسلامية، وانتهاء بالمنجز العلمى والثقافى فى العصر الحديث، مع أهمية النظرة الشاملة المتفحصة للمشهد الإبداعى الأدبى والفنى والفولكلورى فى كل شبر على الأرض المصرية، ويكفى أن نشاهد ألوان الفنون الشعبية من سيناء وبورسعيد والإسكندرية والسلوم، إلى أسوان والنوبة والغردقة وسيوة، لندرك الروافد العظيمة للثقافة المصرية، التى امتزجت بالتاريخ، والدين، وقضايا الإنسان، وخصوصية المكان.
إن مصر زاخرة بآلاف المبدعين والمفكرين والأدباء والفنانين، وهؤلاء هم عصب أية نهضة ثقافية، ولنتخيل أن مجتمعا ليس به مبدعون، كيف ينتج ثقافة؟
فلابد من تقليب التربة الإبداعية فى مصر، وتسليط الضوء على ذوى المنجز الإبداعى المتميز، فهناك مبدعون تخطوا العقد السادس ولا أحد يعرف عطاءهم الإبداعي، ولا تزال أجهزة الثقافة والإعلام تكرس وجوها وشخصيات من أجيال سابقة، ولا تلتفت إلى الأجيال اللاحقة، بل يمكن القول إن هناك فجوة زمنية من المبدعين، تناهز نصف القرن، لم يتم التعريف بهم، ووضعهم فى مكانتهم السامية.
والطريقة فى نظرنا سهلة ميسرة، ألا وهى إعادة تشكيل المجالس العليا الثقافية، بأن يكون أعضاؤها مثقفين متميزين مشهود لهم بالعطاء والكفاءة والإبداع، وما أكثرهم، وفى هذا الصدد، نطالب بإنجاز قاعدة بيانات للمبدعين المصريين يتم وضعها على شبكة الإنترنت، وتكون متاحة لصاحب القرار، ومن أجل التعريف بأجيال المبدعين المصريين.
ثانى المحاور يتضمن معرفة أوجه الاختلالات والإخفاقات السائدة فى الواقع الثقافى المصرى على مستوى المرجعية الفكرية، والواقع الإدارى والثقافي؛ والتى من شأنها عرقلة الجهود والمساعى الهادفة لنهضة ثقافية حقيقية. ولابد أن نكون صرحاء فى هذا الأمر، فلا يمكن أن يكون هناك علاج دون تشخيص العلة، وعلل الثقافة المصرية معروفة، والكل يتحدث عنها، وأبرزها: غياب رؤية فكرية شاملة، تعرّف الإبداع، وماهيته، والأسس الفكرية التى يجب أن ينطلق منها.
أما على صعيد الواقع الثقافي، فإننا نلمس تحول أجهزة الثقافة المصرية إلى أجهزة روتينية، تمتلئ مكاتبها بالموظفين غير المثقفين، وتفتقد الدعم المادي، واقتصرت الأنشطة الثقافية المهمة فى القاهرة ثم الإسكندرية، ثم بعض المدن المصرية الكبرى، مع تغييب كامل للريف المصري، وبعبارة أخرى: ترسيخ مركزية العاصمة الثقافية، فى مقابل تهميش الأقاليم، وينتج عنها ما يُسمّى أدباء العاصمة، فى مقابل أدباء الأقاليم، والتى باتت واقعا، شئنا أم أبينا. صحيح أن الاسم تغيّر منذ سنوات، وصار الكل يتحدث عن أدباء مصر، ولكن لا يزال مثقفو العاصمة، وكل من يقترب من أضواء القاهرة يحظون بفرص أكبر من نظرائهم فى الأقاليم.
والحل فى رأينا، يبدأ من تغيير خريطة الثقافة، بوضع برامج ثقافية واسعة لكل عاصمة مصرية على حدة، تشمل المسرح والموسيقى والسينما وأندية الأدب، مع زيادة الدعم المادى المقدم لكل قصر ثقافة، ولكل بيت ثقافة فى مركز أو قرية، وهذا يتطلب زيادة ميزانية وزارة الثقافة بشكل عام، مع أهمية إفساح المجال للقطاع الخاص، ممثلا فى الشركات الكبرى ورجال الأعمال، للمشاركة فى دعم الثقافة، دون شروط مسبقة، بمعنى أن يتم تبنى بعض الأنشطة الثقافية والمسابقات ودعم إنتاج الأفلام والمسرحيات وغيرها، وهناك كثير من الشخصيات ترغب فى مثل هذه الأعمال، تطوعا منها فى المساهمة المجتمعية.
فلا بأس من إصدار تشريعات تضع مزايا للشركات والهيئات التى تدعم الثقافة فى المحافظات والمدن، بإعفائها من بعض الضرائب، والرسوم، على قناعة منا، أن العمل الثقافى لا يقتصر فقط على الأجهزة الحكومية الرسمية، بل لابد من تضافر كل الجهات المجتمعية فى دعمه، والنهوض به، وهذا كان قائما طيلة التاريخ الحضارى لمصر، وللأمة.
ونشدد فى هذا الأمر على دور منظمات المجتمع المدني، والصالونات الثقافية، والشخصيات العامة؛ فى العمل الثقافي، فحركتُهم فى المجتمع أيسر، ويستطيعون حشد كثير من الجماهير، والتوجه إلى مختلف الشرائح فى المجتمع، خاصة فى المدن والقرى النائية، مما يتوجب علينا توعية الوجهاء والأعيان بأهمية دعم أى نشاط ثقافى وفنى وأدبي، فهو لا يقل أثرا عن الأعمال الخيرية، فتحصين العقل، وتثقيف النفس، وتهذيب الذوق.
المحور الثالث هو استكشاف التحديات فى الواقع الثقافي، من أجل النجاح فى بناء وتفعيل هذه الاستراتيجية. وتلك مشكلة يسقط فيها كثير من قادة الثقافة، حيث يأتون محملين بأحلام رائعة، كثير منها مثالي، وعندما يتسلمون مناصبهم، يكتشفون واقعا وظيفيا روتينيا، مع تغييب الدعم المادي، والإعلامي.
لذا، نشدد على أهمية تدريب القيادات الثقافية على كيفية الإدارة الصحيحة، والتعامل مع الموظف الكسول، والمرتشي، والمتغيب، والجاهل. وأقترح فى هذا الصدد، أن يتم تفعيل ما يسمى قيادة الظل، وهى طريقة إدارية، تلجأ إليها الشركات الكبرى فى العالم، حيث يتم اختيار القيادات بعناية، ويظل الاختيار فى دائرة السرية، ومن ثم يقبع القائد الجديد فى مكتب خاص، يتابع بكل دقة سير العمل فى القسم الذى يتولاه، ليعرف كل تفاصيله القانونية والمالية والمهام المطلوبة منه، بل ويتعرف على الموظفين وسيرهم الذاتية، وأداءهم، وما يتميزون به، أو ما يؤخذ عليهم، وذلك لشهرين أو ثلاثة، ومن ثم يتم تسليمه العمل، فيأتى والصورة واضحة فى رأسه، والخطة متبلورة، والأهداف راسخة، ومن ثم يبدأ التغيير، ثم العمل، بكل دقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.