تقدمها: دينا جلال مازالت أصداء المناظرة الرئاسية الأمريكية تتوالى على مستوى العالم بأكمله؛ لتترك آثارها نحو المرشحين الرئاسيين الديمقراطي جو بايدن والجمهوري دونالد ترامب، لم تخل تفاصيل المواجهة الاولى من الانتقادات نحو أداء الرئيس الامريكي الحالي ومدى تأهله لإكمال مهامه وعلى الجانب الآخر لفتت الانتباه نحو اداء الرئيس السابق ترامب الذي يسعى لكسب فترة رئاسية ثانية وسط المزيد من التحديات والقضايا الداخلية والخارجية التي تحولت إلى ملفات شائكة يعاني منها الامريكيون مؤخرا. سيطر ملف الهجرة والجريمة على المواجهة الرئاسية؛ حيث تبادل المرشحان الاتهامات نحو هذا الملف لتعكس مدى فشل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في التوصل إلى اتفاق واضح لقضية الحدود في مجلس الشيوخ ولم يتوصل الحزبان إلى قوانين حازمة للسيطرة على الاعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى امريكا عبر حدودها الجنوبية طوال الوقت. عش الفئران تكرر طرح ترامب لملف الهجرة خلال المناظرة الرئاسية وربطه بشكل مباشر بالجريمة؛ ليتناقل الاعلام الامريكي كلماته باهتمام بالغ سواء بالدعم والتأييد أو الهجوم عليه بعد تكرار اتهاماته لإدارة بايدن بفتح الحدود عمدًا قائلا: "لقد قرر فتح حدودنا، وفتح بلادنا أمام الأشخاص الموجودين في السجون، والأشخاص الموجودين في المصحات العقلية، والإرهابيين"، وربط ترامب بين الجريمة والهجرة والارهاب بشكل مباشر وهى القضية التي يتبناها الجمهوريون طوال الوقت بناءً على جرائم ارتبطت بالمهاجرين. اكد ترامب في مناظرته؛ أن الولاياتالمتحدةالامريكية أصبحت "عش الفئران" قائلا: "لدينا أكبر عدد من الإرهابيين الذين يأتون إلى بلادنا الآن، جميعهم إرهابيين، في جميع أنحاء العالم"، ثم انتقد تعليقات بايدن تجاه القضية بضرورة أن يتحرك الكونجرس لمنح صلاحيات للسلطة التنفيذية وموارد أكبر للسيطرة على الحدود، قائلا: "لم أكن بحاجة إلى تشريع، لأنني لم يكن لدي تشريعا، فقط قلت أغلق الحدود". اتهامات بالكذب اتجه ترامب ايضا للمقارنة بين ظروف معيشة المهاجرين، والتي وصفها بالحياة في "فنادق فاخرة"، وقدامى المحاربين بلا مأوى في الشوارع، ويموتون لأنه لا يهتم احد بمحاربينا القدامى، على حد قوله، وعلق على احد المشاهد المأساوية قائلا: "لقد قتل الكثير من الناس على حدودنا من خلال السماح لكل هؤلاء الأشخاص بالدخول، وكان يوم حزين للغاية في أمريكا"، وفي نهاية حديث ترامب فقد بايدن صبره، فأطلق مقولته التي تداولها الاعلام بكثافة: "كل ما يقوله كذب، كل ما قاله كذب". أزمة وطنية تناولت شبكة "ايه بي سي" في أحد تقاريرها تأثير القضية على الانتخابات الرئاسية الحالية؛ لتشير إلى تصدرها طاولة النقاش طوال الوقت، وهى القضية التي تحولت إلى أزمة حقيقية أثقلت كاهل مدن مثل مدينتي نيويورك وشيكاغو، واشار تقرير الشبكة الى وجود اكثر من ربع مليون طالب لجوء في مدينة نيويورك منذ عام 2022، ووصل ما لا يقل عن 202 الف مهاجر إلى المدينة في العامين الماضيين، ويوجد أكثر من 65 ألف مهاجر تحت رعاية المدينة. ويقول المسئولون في المدينة، بمن فيهم رئيس البلدية إريك آدامز؛ إن الازمة تضاعفت مما دفعهم إلى المطالبة بمزيد من المساعدة العاجلة من الحكومة الفيدرالية لأن الأزمة الوطنية تتطلب حلا وطنيًا عاجلا قائلا: "نتمنى أن نسمع أن الرئيس بايدن سيتخذ إجراءات على الحدود الجنوبية، وأنفقت مدينتنا بالفعل أكثر من 4.6 مليارات دولار على هذه الأزمة وتواصل تشغيل أكثر من 200 مركز طوارئ وملاجئ". جرائم المهاجرين تتزامن قضية المهاجرين في امريكا مع ارتفاع معدلات الجريمة بشكل ملحوظ؛ حيث شهدت نيويورك وحدها قضايا جنائية بارزة اثارت استياء الجمهوريين والمواطنين الامريكيين حيث تتعلق بقدوم مهاجرين جدد عبر الحدود، واهمها اعتداء 7 اشخاص مهاجرين على ضباط شرطة نيويورك في تايمز سكوير خارج ملجأ المهاجرين، حيث تناقل الأمريكيون مقاطع فيديو من كاميرات مراقبة يظهر مجموعة من المهاجرين يعتدون على اثنين من ضباط قسم شرطة نيويورك، مع قيام أحدهم بإسقاط الضابطين على الأرض وركلهما ولكمهما وذلك ردًا على محاولة الضباط تفريق حشود غير منظمة خارج ملجأ المهاجرين بالقرب من تايمز سكوير. وقال المدعي العام لمقاطعة مانهاتن: العنف ضد ضباط الشرطة غير مقبول على الإطلاق، ومن الأهمية أن نحدد بشكل قاطع هوية كل متهم ودور كل مشارك في الحادث، ويواجه كل متهم حتى الآن اتهامات جنائية تصل عقوبتها إلى سبع سنوات"، ويعد الاعتداء على ضابط شرطة جريمة فيدرالية، ويمكن أن تجعل الشخص مؤهلا للترحيل بسهولة. تزامن حادث الاعتداء على رجال الشرطة مع وقوع سلسلة من عمليات السطو على الهواتف والمحال التجارية التي دفعت المتحدث باسم الشرطة إلى اصدار بيان في مؤتمر صحفي عن مواجهة البلاد موجة عنيفة من جرائم المهاجرين اجتاحت المدينة بشكل مكثف وصادم. جريمة قتل لم يمر أسبوعان على اصدار البيان حتى وقعت قضية جنائية أخرى، حازت على اهتمام الرأى العام الامريكي نحو قضية الهجرة وتبعاتها عبر جريمة قتل لاكين رايلي، طالبة تمريض أمريكية عمرها 22 عاما، عثر عليها مقتولة في فبراير الماضي اثناء ممارستها رياضة الركض بالقرب من حرم جامعة جورجيا، وبعد اجراء تحقيقات مكثفة في الحادث، أعلنت الشرطة الأمريكية؛ أن الطالبة الأمريكية قٌتلت على يد مهاجر فنزويلي غير شرعي اسمه خوسيه إيبارا، يبلغ من العمر 26 عاما. أثار مقتل لاكين جدلا كبيرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية حول سياسات الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بشأن أزمة الهجرة، ولم يهدأ الامر حيث وجهت هيئة المحلفين في جورجيا في مايو الماضي للمتهم الفنزويلي عدة تهم تتعلق بالقتل، والاعتداء ومُحاولة الاغتصاب بالاضافة الى إعاقة الاتصال برقم الطوارئ 911 والتلاعب بالأدلة، واشارت لائحة الاتهام الصادرة عن هيئة المحلفين؛ ان الطالبة راكين ماتت متأثرة بصدمة حادة واختناق بعد ضربها بحجر على رأسها. بعد الحادث ظهر بايدن في خطاب حالة الاتحاد حاملا اسم الطالبة الضحية في محاولة لتهدئة موجة الانتقادات الحادة نحو تساهل ادارته في فتح الحدود حيث طالب العديد من القادة السياسيين على المستوى الوطني وعلى مستوى الولاية بدعم دعواتهم لتشديد حراسة الحدود، وربط 85% من الجمهوريين تدفق المهاجرين بالجريمة، وعلق ترامب على الحادث متعهدًا بإجراء عمليات ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير الشرعيين في حال انتخابه متهما ادارة بايدن بالتسبب في الحادث بشكل مباشر. دفاع الديمقراطيين توالت ردود افعال الديمقراطيين نحو اتهامات ترامب لإدارة بايدن وقاموا بنفى ما اطلقوا عليه مزاعم ترامب وحزبه الجمهوري؛ حيث لجأوا إلى دراسة سابقة اشارت الى أن المهاجرين يرتكبون الجرائم بمعدل أقل من المواطنين الأصليين، وهى دراسة بحثية صدرت عبر معهد كاتو اشارت الى ان المهاجرين يرتكبون جرائم قتل أقل في المتوسط من المواطنين الاصليين، ولجأت الدراسة إلى بيانات إدارة السلامة العامة في تكساس ووجدت أن معدل الإدانة للمهاجرين ممن لا يملكون الوثائق الرسمية في الولاية كان أقل من معدل المواطنين امريكيي الاصل منذ عام 2013 إلى عام 2022. وعلى النقيض يشير تقرير حديث لمركز بيو للأبحاث الى الوضع المتأزم على الحدود بين الولاياتالمتحدة والمكسيك، ويربط معظم الناس في الولاياتالمتحدة الآن بين الجريمة والزيادات الأخيرة في معدلات الهجرة؛ حيث يرى 57% من الأمريكيين إن العدد الكبير من المهاجرين الساعين إلى دخول البلاد يؤدي إلى المزيد من الجرائم، ويرضى 3 فقط من كل 10 أمريكيين على تعامل ادارة بايدن مع الهجرة، وفقا لاستطلاع رأى تم إجراؤه في يونيو وهو الامر الذي يتعارض مع الدراسات التي يتداولها الديمقراطيون التي اشارت إلى عدم وجود صلة بين الهجرة والجريمة. اقرأ أيضا : الإعدام لمُدعى يوم القيامة الأمريكى بولاية إيداهو