كشفت تقارير إعلامية أمريكية عن زيارات متكررة قام بها أخصائي بارز في أمراض الأعصاب إلى البيت الأبيض، مما أثار تساؤلات جديدة حول الحالة الصحية والعقلية للرئيس الأمريكي جو بايدن. هذه التطورات تأتي في وقت حساس، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتزايد الجدل حول أهلية بايدن لمواصلة قيادة البلاد. وكشفت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية، استناداً إلى سجلات زوار البيت الأبيض، عن تفاصيل مثيرة للاهتمام، إذ تبين أن الدكتور كيفن كانارد، وهو خبير مرموق في مرض باركنسون من المركز الطبي والتر ريد، قد التقى بطبيب الرئيس بايدن الشخصي، الدكتور كيفن أوكونور، في عيادة مقر الإقامة بالبيت الأبيض في 17 يناير الماضي. والأكثر إثارة للقلق هو أن كانارد قد زار البيت الأبيض ثماني مرات منذ أغسطس 2023، وهو ما يعادل زيارة تقريباً كل شهر. في سبع من هذه الزيارات، التقى كانارد بميجان ناسورثي، وهي حلقة الوصل بين مركز والتر ريد الطبي والبيت الأبيض، وهذه الزيارات المتكررة أثارت تساؤلات عديدة حول سبب هذا التواصل المكثف بين أخصائي الأعصاب والفريق الطبي للرئيس. من الجدير بالذكر أن الدكتور كانارد ليس مجرد طبيب عادي، فهو يعمل ك"أخصائي الأعصاب الداعم للوحدة الطبية في البيت الأبيض" منذ عام 2012، وله إسهامات علمية بارزة في مجال دراسة مرض باركنسون. في العام الماضي، نشر كانارد ورقة بحثية في مجلة "Parkinsonism & Related Disorders" ركزت على المرحلة المبكرة من هذا الاضطراب العصبي التنكسي. اقرأ أيضًا: بايدن يواصل حملته الانتخابية رغم «ضغوط الانسحاب» رفض بايدن المستمر لاختبارات الإدراك في مقابلة حديثة مع شبكة "أي بي سي نيوز"، أثار الرئيس بايدن الجدل مرة أخرى برفضه القاطع لفكرة الخضوع لاختبار إدراكي مستقل ونشر نتائجه علناً. وقال بايدن في المقابلة: "لم يقل أحد أنني بحاجة إلى ذلك... قالوا إنني بخير". وأضاف بثقة ظاهرة: "أخضع لاختبار إدراكي كل يوم... كل ما أفعله - أنتم تعرفون، لست فقط أقوم بحملة انتخابية، بل أدير العالم". هذا الموقف من بايدن ليس جديداً، إذ أفادت صحيفة واشنطن بوست أن بايدن رفض باستمرار إجراء أي اختبار إدراكي منذ فترة طويلة. في أغسطس 2020، على سبيل المثال، رد بايدن على سؤال أحد الصحفيين حول إمكانية خضوعه لاختبار إدراكي بقوله بحدة: "لماذا بحق الجحيم سأخضع لاختبار؟". كما أشارت الصحيفة إلى أن بايدن لم يخضع لأي اختبار إدراكي خلال فحوصاته السنوية الثلاثة في البيت الأبيض، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات حول سبب هذا الرفض المستمر. الجدل المتصاعد حول الحالة العقلية للرئيس أثارت التقارير الأخيرة جدلاً واسعاً حول الحالة العقلية للرئيس بايدن، خاصة في أعقاب أدائه المتعثر في المناظرة الرئاسية الأخيرة مع دونالد ترامب. حاول البيت الأبيض الدفاع عن بايدن، مشيراً إلى أن أداءه في المناظرة تأثر بعدة عوامل منها الإصابة بنزلة برد والإعداد المفرط وإرهاق السفر. ومع ذلك، فإن هذه التبريرات لم تنجح في تهدئة المخاوف المتزايدة. بل إن بايدن نفسه زاد من حدة الجدل عندما اعترف قائلاً: "لقد أخطأت"، في إشارة إلى أدائه في المناظرة. هذا الاعتراف، رغم صراحته، فتح الباب لمزيد من التساؤلات حول قدرة بايدن على التعامل مع الضغوط الهائلة المرتبطة بمنصب الرئاسة. زاد الطين بلة ما كشفته تقارير إعلامية عن أن فريق حملة بايدن قدم قائمة بالأسئلة المعتمدة مسبقاً لمذيعي الراديو الذين أجروا مقابلة قصيرة مع الرئيس مؤخراً. هذا الإجراء، الذي وصفته متحدثة باسم حملة بايدن بأنه "ممارسة شائعة"، أثار انتقادات واسعة واتهامات بمحاولة التحكم في الرسالة الإعلامية وحماية بايدن من الأسئلة الصعبة أو غير المتوقعة. ردود فعل المعارضين وتصاعد الضغوط السياسية استغل المعارضون السياسيون هذه التطورات للتشكيك بشكل علني في قدرة بايدن على قيادة البلاد. فقد دعا روني جاكسون، وهو عضو جمهوري في الكونجرس وطبيب سابق في البيت الأبيض خدم في عهدي باراك أوباما ودونالد ترامب، إلى إخضاع بايدن لفحص إدراكي شامل. بل ذهب جاكسون إلى أبعد من ذلك، متهماً الدكتور أوكونور وعائلة بايدن بمحاولة "التستر" على مشاكل القدرات العقلية للرئيس. في تصريحات لصحيفة نيويورك بوست، قال جاكسون: "كيفن أوكونور مثل الابن لجيل بايدن - إنها تحبه"، مضيفاً أن "الأسرة كانت تعلم أنها يمكنها الوثوق بكيفن لقول وفعل أي شيء يحتاج إلى أن يقال أو يُفعل". هذه الاتهامات، رغم عدم وجود أدلة قاطعة عليها، زادت من حدة الجدل السياسي حول صحة الرئيس. التداعيات السياسية المحتملة وتأثيرها على السباق الرئاسي قد تكون لهذه التطورات تداعيات سياسية كبيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فقد بدأت حملة الرئيس السابق دونالد ترامب بالفعل في استغلال هذه القضية، حيث أطلقت إعلانات هجومية تستهدف نائبة الرئيس كامالا هاريس. هذه الخطوة تشير إلى أن المعسكر الجمهوري قد يكون مستعداً للتركيز على قضية صحة بايدن كنقطة رئيسية في حملته الانتخابية. من جانبه، يواجه البيت الأبيض ضغوطاً متزايدة للشفافية بشأن الحالة الصحية للرئيس. فقد دافعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان-بيير، عن قرار الدكتور أوكونور بعدم إجراء اختبار إدراكي لبايدن، لكن هذا الدفاع لم ينجح في إسكات الأصوات المطالبة بمزيد من الوضوح. في المقابل، حاول بايدن نفسه التصدي لهذه الشكوك بطريقته الخاصة. ففي مؤتمر صحفي عُقد في وقت سابق من هذا العام، قال بايدن: "أنا حسن النية، وأنا مسن، وأعرف ما أفعله. ذاكرتي جيدة." لكن هذه التصريحات لم تنجح في تهدئة المخاوف المتزايدة، خاصة مع استمرار الزلات اللفظية والأخطاء التي يرتكبها بايدن في ظهوراته العامة.