تشهد فرنسا اليوم لحظة فاصلة في تاريخها السياسي مع انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المبكرة، ووسط أجواء متوترة وتوقعات متباينة، يترقب الفرنسيون والعالم نتائج هذا الاقتراع الذي قد يغير وجه السياسة الفرنسية. دعوات للهدوء وسط تصاعد العنف في خطوة تعكس حدة التوتر السائد، دعا رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال جميع الأحزاب السياسية إلى التزام الهدوء في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية. وجاءت هذه الدعوة، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، على خلفية تزايد أعمال العنف التي استهدفت المرشحين والناشطين السياسيين. وفي هذا السياق، كشف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن أرقام صادمة، حيث قال لقناة BFM TV: "هذه الحملة قصيرة، ومع ذلك لدينا بالفعل 51 مرشحًا وبديلًا وناشطًا تعرضوا لاعتداءات جسدية". وأضاف أن بعض هذه الاعتداءات كانت بالغة الخطورة لدرجة استدعت نقل الضحايا إلى المستشفيات. اقرأ أيضًا: «لا يمثل الفرنسيين الفقراء».. لوبان تهاجم مبابي بعد دعوته لعدم التصويت لحزبها إجراءات أمنية مشددة استجابة لهذه التطورات المقلقة، أعلنت السلطات الفرنسية عن نشر حوالي 30 ألف شرطي في جميع أنحاء فرنسا بعد إعلان النتائج يوم الأحد، بما في ذلك 5000 في باريس والمناطق المحيطة بها. وقد عبر دارمانان عن مخاوفه من حدوث "تجاوزات"، مشيرًا إلى أنه طلب من رئيس شرطة باريس حظر الاحتجاجات المتوقعة خارج البرلمان مساء الأحد. تحد جديد للديمقراطية الفرنسية تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى احتمال حصول حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان على ما بين 170 و210 مقعدًا في البرلمان. وعلى الرغم من أن هذا العدد قد لا يكفي لتحقيق الأغلبية المطلقة (289 مقعدًا)، إلا أنه يمثل تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي الفرنسي. وفي محاولة لمواجهة هذا الصعود، لجأ الوسطيون بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون وتحالف يساري واسع إلى التصويت التكتيكي، إذ اتفقوا هذا الأسبوع على سحب أكثر من 200 مرشح من الجولة النهائية لتجنب تشتيت الأصوات ضد التجمع الوطني. سيناريوهات ما بعد الانتخابات في حال لم يحصل التجمع الوطني وحلفاؤه على أغلبية مطلقة ولكنهم أصبحوا أكبر حزب، قد تواجه فرنسا حالة من الجمود في البرلمان وصعوبة في تشكيل الحكومة. وفي هذا السياق، حذرت زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان من عواقب هذا السيناريو قائلة: "لن يكون ذلك فوضى بل مستنقعًا، وتوقفًا تامًا". وأضافت محذرة: "إذا لم يكن لدى التجمع الوطني أغلبية واضحة، فلن يتم التصويت على أي قانون... لمدة عام، وستكون البلاد في حالة جمود في أسوأ وقت بالنسبة لفرنسا". من جانبه، لم يستبعد رئيس الوزراء غابرييل أتال، المقرب من ماكرون، إمكانية بقاء حكومته ذات الأقلية في السلطة "طالما كان ذلك ضروريًا" بعد يوم الاقتراع. وقد فُهم هذا التصريح على أنه إشارة إلى احتمال استمرار الحكومة الحالية لفترة وجيزة في حالة حدوث أزمة سياسية بعد الانتخابات.