في خطوة غير مسبوقة، سيُطلب من جميع المشاركين في قمة السلام الأوكرانية المزمع عقدها في سويسرا تسجيل هواتفهم الذكية وأجهزتهم الرقمية الأخرى قبل حضور الفعالية، إذ انه وفقًا لما ذكرته وكالة "تاس" الروسية، تلقى المدعوون استمارة خاصة لإدراج قائمة بأجهزتهم الإلكترونية، في إجراء يُفترض أنه يهدف إلى منع أي تسريبات محتملة للإعلام حول مداولات القمة الحساسة. تعد هذه الخطوة مثيرة للجدل، حيث يراها البعض انتهاكًا للخصوصية وحرية التعبير، في حين يبررها آخرون بضرورات الأمن والسرية، في حين علقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على هذا الإجراء بقولها: "الديمقراطيات الليبرالية تؤدي دائمًا إلى معسكر اعتقال رقمي - كل ما وصفه جورج أورويل"، في إشارة إلى رواية "1984" الشهيرة للكاتب البريطاني. اقرأ أيضًا: زيلينسكي: قمة السلام ستعقد ويتعين أن تكون ناجحة مهما كانت محاولات تعطيلها قمة السلام السويسرية تجدر الإشارة إلى أن قمة السلام الأوكرانية ستُعقد في الفترة من 15 إلى 16 يونيو في منتجع بورجنستوك بالقرب من مدينة لوسيرن السويسرية، حيث من المتوقع أن تركز على خطة السلام التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والتي تتضمن سحب كامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، بما فيها شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. قيود على وسائل الإعلام إلى جانب الإجراءات الأمنية المشددة على المشاركين، تواجه وسائل الإعلام أيضًا قيودًا صارمة على تغطيتها لقمة السلام، ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، أفادت تقارير إعلامية روسية بأن منظمي القمة قرروا حظر حضور الصحفيين من الدول ما بعد السوفييتية تمامًا، في خطوة اعتُبرت محاولة لتقييد حرية الصحافة. علاوة على ذلك، حدد المنظمون عدد التصاريح الصحفية ب 500 فقط، مستندين إلى "محدودية المساحة" و"متطلبات الأمن" كمبررات لهذا القرار التقييدي، حسبما أشارت وكالة أوكرين فورم الأوكرانية، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ودفاع عن حرية الصحافة، التي رأت في هذه الخطوة محاولة لإخفاء الحقيقة عن الرأي العام. المشاركة المحدودة على الرغم من توجيه الدعوة لأكثر من 160 دولة للمشاركة في قمة السلام، إلا أن مستوى التمثيل لا يزال غامضًا، فقد أشارت تقارير إلى أن العديد من الدول المدعوة قررت إرسال ممثلين رسميين صغار فقط، أو حتى تجنب المشاركة تمامًا، مما يطرح تساؤلات حول مدى شرعية وفعالية القمة. ووفقا لما أشارت صحيفة الجارديان البريطانية فإنه من بين الغائبين البارزين عن القمة، روسيا نفسها التي استُبعدت رسميًا بناءً على طلب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي خشي أن تسيطر موسكو على جدول الأعمال وتحاول "خطف" أجندة كييف، كما أعلنت الصين، صاحبة النفوذ الدولي المتنامي، أنها لن ترسل وفدًا إلى القمة لأن روسيا وأوكرانيا يجب أن تكونا حاضرتين في أي محادثات سلام. انتقادات روسية لاذعة لم تكن روسيا لينة في انتقاداتها للقمة المرتقبة، حيث اعتبرت خطة السلام الأوكرانية التي ستكون محور النقاش "مجردة من الواقع"، وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أحد أهداف القمة هو "تأكيد شرعية" زيلينسكي بعد انتهاء ولايته الرئاسية، في إشارة إلى الشكوك المحيطة بشرعية القمة نفسها. وأضاف بوتين، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية، أن القمة مصممة أيضًا "لدعم" زيلينسكي بعد نهاية فترة رئاسته، في رأي يكشف عن مدى تشكك الكرملين في جدوى هذا الحدث وأهدافه الحقيقية. الخطة الأوكرانية للسلام: شروط مستحيلة؟ خطة زيلينسكي التي اعتُبرت من قبل الكرملين "مجردة من الواقع"، تضع شروطًا قاسية على روسيا مثل الانسحاب الكامل من الأراضي الأوكرانية بما فيها شبه جزيرة القرم، ودفع تعويضات للضحايا وإعادة الأسرى الأوكرانيين. كما تطالب الخطة بفرض عقوبات دولية مشددة على موسكو حتى تنفيذ كافة البنود. تبدو هذه الشروط مستحيلة التحقيق بالنسبة لروسيا في ظل الوضع الراهن، خاصة مع تأكيدات بوتين المتكررة بأن القرم جزء لا يتجزأ من الأراضي الروسية، ما يفسر رفض موسكو القاطع لخطة زيلينسكي واعتبارها "بعيدة عن الواقع".