تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف، تتجه الأنظار إلى الجهود المبذولة من قبل الحكومات والمؤسسات الثقافية حول العالم في تطوير وصيانة المتاحف. هذا اليوم، الذي يُحتفل به في 18 مايو من كل عام، يمثل فرصة للاعتراف بالدور الهام الذي تلعبه المتاحف في حفظ التراث الثقافي وتعزيز التعليم والتفاهم بين الشعوب. وفي هذا الإطار، تُعتبر جمهورية مصر العربية من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث تمتلك تراثًا حضاريًا يمتد لآلاف السنين، خلال السنوات الأخيرة، شهدت مصر تحركات واسعة من قبل الحكومة لتعزيز دور المتاحف، عبر تنفيذ مشاريع ضخمة لتطوير المتاحف القائمة وإنشاء متاحف جديدة، تشمل هذه المشاريع تحسين البنية التحتية، وتبني أحدث التقنيات التفاعلية، وتقديم برامج تعليمية وثقافية متنوعة. اقرأ أيضا| رئيس قطاع المتاحف: توافد الزوار يعبر عن ارتباط الشعب المصري بتراثه وحضارته وتهدف هذه المبادرات إلى تقديم تجربة فريدة للزوار، تُبرز التاريخ المصري الغني بأساليب مبتكرة تتماشى مع التطورات التكنولوجية الحديثة، هذه الجهود تسهم في تعزيز الوعي الثقافي، وحفظ التراث للأجيال القادمة، وتقديم مصر كوجهة ثقافية رائدة على المستوى العالمي. الجهود والمشاريع الحكومية لتعزيز مكانة المتاحف المصرية كمنارات ثقافية وعلمية على مدار السنوات الماضية، بذلت الحكومة المصرية جهودًا كبيرة لتنفيذ سلسلة من الجهود والمشاريع الطموحة لتعزيز مكانة المتاحف كمنارات ثقافية وعلمية و بذلت أيضآ في ترميم مجموعة من المتاحف والمعابد للحفاظ على الآثار في مختلف أنحاء الجمهورية، و هذه الجهود تأتي في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تطوير البنية التحتية للمتاحف، وتحسين تقنيات العرض والتفاعل، وتقديم برامج تعليمية وثقافية مبتكرة. من أبرز هذه المشاريع تطوير المتحف المصري الكبير، الذي يُعد واحدًا من أكبر المتاحف في العالم، وترميم المتحف المصري بالتحرير، وعن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، بالإضافة إلى ترميم متحف المجوهرات الملكية في الإسكندرية، بالإضافة إلى إنشاء متاحف جديدة في مختلف المحافظات، وتسعى هذه المبادرات إلى إبراز التراث الحضاري المصري الغني، وجذب المزيد من الزوار المحليين والدوليين، وتعزيز دور المتاحف كمراكز للتعلم والتبادل الثقافي. إنشاء المتحف المصري الكبير يمثل المتحف المصري الكبير واحدًا من أضخم المشاريع الثقافية في مصر والعالم، ويجسد رؤية مصر الطموحة للحفاظ على تراثها الحضاري الغني والترويج له. يهدف المتحف، الذي يقع بالقرب من أهرامات الجيزة، إلى أن يكون منارة ثقافية وعلمية عالمية. فيُعد المتحف المصري الكبير إذ تبلغ مساحته حوالي 117 فدانًا، ويقع في موقع استراتيجي بالقرب من أهرامات الجيزة. تُقدر تكلفته الإجمالية بحوالي 18 مليار دولار، ومن المتوقع أن يستقبل المتحف حوالي 4 ملايين زائر سنويًا، بمتوسط 15 ألف زائر يوميًا. تفاصيل المشروع بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير عام 2002، وتم اختيار موقعه على بعد كيلومترات قليلة من أهرامات الجيزة، ليربط بين الماضي والحاضر. يمتد المتحف على مساحة 500,000 متر مربع، ويتضمن مبنى رئيسي يعرض فيه أكثر من 100,000 قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية القديمة. يتضمن المتحف مرافق متنوعة، منها ساحة الدخول الرئيسية، وميدان المسلة، وقاعة الملك توت عنخ آمون، بالإضافة إلى 12 قاعة عرض دائم، ومتحف الطفل، ومخازن الآثار، ومكتبات، وحدائق متخصصة. كما يحتوي على قاعة عرض ثلاثية الأبعاد و28 محلًا تجاريًا ومعامل متطورة للترميم. أهداف المشروع 1- حفظ التراث: يهدف المتحف إلى حماية وعرض التراث المصري بشكل حديث، معتمدًا على تقنيات عرض متطورة. 2- التعليم والتثقيف: يحتوي المتحف على مركز تعليمي متكامل يهدف إلى نشر المعرفة وزيادة الوعي الثقافي والتاريخي بين الزوار من جميع الأعمار. 3- الجذب السياحي: من المتوقع أن يجذب المتحف ملايين الزوار سنويًا، مما يعزز السياحة الثقافية في مصر. مراحل الإنشاء: -التصميم والبناء: بدأت أعمال البناء في عام 2006، بتصميم معماري يجمع بين الحداثة والأصالة، ويراعي متطلبات عرض القطع الأثرية بأسلوب يحافظ على سلامتها. -تطوير البنية التحتية: تم تجهيز المتحف بأحدث وسائل الحفظ والصيانة، إضافة إلى قاعات عرض واسعة، ومرافق خدمية متكاملة. -النقل والترميم : تضمنت المراحل النهائية نقل القطع الأثرية وترميمها، مع التركيز على تقديم تجربة تفاعلية للزوار. -المعرض الدائم : يضم المتحف مجموعة متنوعة من القطع الأثرية، أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون، التي ستعرض كاملة لأول مرة، بالإضافة إلى تماثيل ضخمة ومعروضات من مختلف الفترات التاريخية. -التكنولوجيا والتفاعل : يعتمد المتحف على تقنيات عرض تفاعلية متقدمة، بما في ذلك العروض البصرية والصوتية، وتجارب الواقع الافتراضي، مما يوفر للزوار تجربة غامرة تعيدهم إلى عصور مصر القديمة. بإنشاء المتحف المصري الكبير، تسعى مصر إلى تقديم نموذج عالمي للمؤسسات الثقافية، يساهم في حفظ التراث، وتعزيز التعليم والتبادل الثقافي، ودعم الاقتصاد من خلال جذب السياحة، هذا المشروع الكبير يعكس التزام مصر بتراثها الغني ورغبتها في تقديمه للعالم بأسلوب معاصر وجذاب. افتتاح متحف شرم الشيخ القومي: وجهة جديدة تجمع بين التاريخ والترفيه في جنوبسيناء يعد افتتاح متحف شرم الشيخ القومي في أكتوبر 2020، على مساحة تبلغ 191 ألف متر مربع. ويعتبر هذا المتحف الأول من نوعه في محافظة جنوبسيناء، ويهدف إلى تسليط الضوء على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة. يحتوي المتحف على نحو 5.2 ألف قطعة أثرية متنوعة، تشمل فترات مختلفة من تاريخ مصر، بالإضافة إلى التراث الثقافي لسكان سيناء وقبائلها. مكونات المتحف: - قاعات العرض: يضم المتحف قاعات عرض داخلية وخارجية، تُعرض فيها القطع الأثرية بأسلوب جذاب وحديث، مما يتيح للزوار فرصة استكشاف التاريخ المصري العريق. - التراث الثقافي: يُخصص جزء من المتحف لعرض التراث الثقافي لأهل سيناء وقبائلها، مما يساعد في الحفاظ على هذا التراث الغني ونقله للأجيال القادمة. - المنطقة الترفيهية : - المطاعم والبازارات: يشتمل المتحف على منطقة ترفيهية تضم عددًا من المطاعم التي تقدم أطباقًا متنوعة، بالإضافة إلى بازارات ومحال لبيع الحرف التراثية، مما يوفر للزوار تجربة شاملة تجمع بين التعلم والاستمتاع. - المسرح المكشوف : يحتوي المتحف على مسرح مكشوف وساحات لإقامة الاحتفالات والفعاليات، مما يجعله مكانًا مثاليًا لاستضافة الأحداث الثقافية والفنية. الأهداف والتأثير - الجذب السياحي: يسعى المتحف إلى أن يكون مقصدًا سياحيًا رئيسيًا في شرم الشيخ، يجذب السياح من داخل مصر وخارجها، ويعزز السياحة الثقافية في المنطقة. - التعليم والتوعية : يهدف المتحف إلى تقديم تجربة تعليمية مميزة، من خلال عرض القطع الأثرية بأسلوب تفاعلي وتعليمي، مما يزيد من وعي الزوار بتاريخ مصر وتراثها. - التنمية الاقتصادية : من المتوقع أن يسهم المتحف في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال جذب الزوار، وزيادة النشاط التجاري في المنطقة المحيطة به. باختصار، يمثل متحف شرم الشيخ القومي إضافة قيمة للمشهد الثقافي والسياحي في مصر، حيث يقدم تجربة مميزة تجمع بين التاريخ والترفيه، ويعزز من مكانة شرم الشيخ كوجهة سياحية متكاملة. المتحف القومي للحضارات بالفسطاط: مركز عالمي جديد للتراث المصري تم وضع حجر الأساس للمتحف القومي للحضارات في قلب مدينة الفسطاط عام 2002، ليكون واحدًا من أهم مشاريع الحفاظ على التراث الثقافي المصري، على الرغم من تعثر أعمال الإنشاء لفترة طويلة، تم افتتاح قاعة للعرض المؤقت تسلط الضوء على الحرف المصرية عبر العصور المختلفة في عام 2017. بعد استكمال تجهيزات القاعات الأخرى، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي قاعة العرض المركزي في عام 2021، وتم استقبال 22 مومياء ملكية نُقلت في موكب مهيب من المتحف المصري بالتحرير. في عام 2022، تم افتتاح قاعة النسيج المصري، مما يضيف بعدًا جديدًا للمتحف الذي يهدف إلى تقديم تجربة شاملة تعكس ثراء التاريخ المصري وتنوعه.