تكشف تفاصيل جريمة جديدة مكتملة الأركان بمركز اعتقال إسرائيلى للأسرى الفلسطينيين على أرض قاعدة عسكرية فى صحراء النقب، وكشفت صور مسربة عن تفاصيل مروعة وانتهاكات جسيمة. حيث أزاح تقرير لشبكة «سى إن إن» الستار عن تفاصيل مؤلمة من خلال شخص إسرائيلى يعمل فى المنشأة. ومن خلال الصور شوهدت صفوف من الأسرى يرتدون بدلات رياضية رمادية يجلسون على مراتب رقيقة من الورق، ومحاطة بسياج شائك، ويبدو الجميع معصوبى الأعين، وبعضهم عراة، ورؤوسهم معلقة بثقل تحت وهج الأضواء الكاشفة. ونقلت الشبكة الأمريكية عن الإسرائيلي قوله إن رائحة كريهة ملأت الهواء، وكانت الغرفة تضج بأصوات الرجال، إذ مُنعوا من التحدث مع بعضهم بعضًا، مضيفًا: «قيل لنا إنه لا يُسمح لهم بالتحرك. يجب أن يجلسوا فى وضع مستقيم. ولا يُسمح لهم بإلقاء نظرة خاطفة تحت عصب أعينهم». تمتد الجرائم الإسرائيلية إلى أمر السجين الذى يرتكب مخالفة مثل التحدث إلى شخص آخر برفع ذراعيه فوق رأسه لمدة تصل إلى ساعة، وفى بعض الأحيان يجرى ربط يدى السجين بسياج لضمان عدم خروجه من الوضع المجهد. صراخ لا يتوقف من الحراس بكلمة عربية واحدة «اصمتوا»، وإلا سيتم «اختيار الأشخاص الذين يثيرون المشاكل ومعاقبتهم». ثلاثة آخرون من المبلغين الإسرائيليين الذين عملوا فى القاعدة التى يطلق عليها «سدى تيمان» الصحراوية، أكدوا احتجاز فلسطينيين فيه منذ الحرب الإسرائيلية على غزة. وضمن محاولة رسم صورة لمنشأة يقوم فيها الأطباء أحيانًا ببتر أطراف السجناء بسبب الإصابات الناجمة عن تكبيل أيديهم المستمر، أشار المبلغون إلى إجراءات طبية يلجأ إليها أطباء غير مؤهلين مما أكسب الموقع سمعة «جنة للمتدربين»، حيث يمتلئ الهواء برائحة الجروح المهملة التى تركت لتتعفن. ووفقاً للروايات، فإن المنشأة التى تقع على بعد حوالى 18 ميلاً من حدود غزة مقسمة إلى قسمين: حاويات حيث يتم وضع حوالى 70 معتقلاً فلسطينياً من غزة تحت قيود جسدية شديدة، ومستشفى ميدانى حيث يتم ربط المعتقلين الجرحى فى أسرتهم، ويرتدون حفاضات، والجلوس لساعات فى وضع مستقيم فى أقسى درجات التعذيب النفسي. مشاهد جميعها تعيد للأذهان معتقل أبو غريب الأمريكى فى العراق، ومن بينها أن «الضرب لم يكن لجمع المعلومات الاستخبارية لكن بدافع الانتقام على طوفان الأقصى»، بحسب الروايات نفسها. وعلى رغم تقارير إعلامية عربية وعبرية سابقة عن الانتهاكات الإسرائيلية فى «سدى تيمان»، إلا أن هذه الشهادة الأولى من نوعها لطبيعة التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان وسوء المعاملة ضد الأسرى الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي. وسبق وأن اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحويل جزئى لثلاث منشآت عسكرية مختلفة إلى معسكرات اعتقال للمعتقلين الفلسطينيين من غزة منذ «طوفان الأقصى». وهذه المنشآت هى سدى تيمان فى صحراء النقب، بالإضافة إلى قاعدتى عناتوت وعوفر العسكريتين فى الضفة الغربيةالمحتلة. وفى روايات أسرى فلسطينيين أطلق سراحهم مؤخرًا قالوا لشبكة سى إن إن: «لم نتمكن من تحديد مكان احتجازنا لأننا كنا معصوبى الأعين طوال معظم فترة احتجازنا ومعزولين عن العالم الخارجي. كنا نتطلع إلى الليل حتى نتمكن من النوم». الدكتور محمد الران هو فلسطينى يحمل الجنسية البوسنية، يرأس وحدة الجراحة فى المستشفى الإندونيسى بشمال غزة، وهو من أوائل المستشفيات التى تم إغلاقها ومداهمتها أثناء هجوم الاحتلال عليها، إذ تم تجريده من ملابسه كاملة، وتعصيب عينيه وتقييد معصميه، ثم تم إلقاؤه فى الجزء الخلفى من شاحنة، حيث قال إن المعتقلين شبه العراة كانوا مكدسين فوق بعضهم البعض أثناء نقلهم إلى معسكر اعتقال فى النقب.