span style="font-family:" Arial","sans-serif"" لم يعد يندهش من شيء فالحياة ألقت أمام عينيه كل أنواع الغرائب، منذ أن أعلن العالم عن وجود وباءٍ جديد سريع الانتشار فتك بالكثير في وقت قليل، أصبحت الحياة تشبه الموت لا فرق بينهما، العالم يشهد حالة من التوتر لم يرَها من قبل، الجميع يتحدث عن هذا الفيروس الذي لم يجدوا له علاجًا، وكأنه وحشٌ رهيبٌ، رغم إنه صغير للغاية كما يقولون، المستشفيات امتلأت بالمرضى حتى افترشوا الشوارع ينتظرون الموت، أصبح الإنسان يخشى من أخيه؛ لأن ذاك الفيروس لم يمهل أحدًا، فإن أصاب أحدهم مات بعد ساعات بمكانه. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" مات كثير من البشر، وأصبحت المدن يسكنها الأشباح، الجثث في كل مكان حتى إنه اعتقد أن البشرية ستنتهي حتمًا، ولكن زال هذا الاعتقاد عندما وجد أنه لم يمت بعد. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" حاول أن يبتعد عن البشر بقدر الإمكان حتى يحتفظ بأنفاسه ويعيش، ولكن ما فائدة العيش في هذا الخراب، مات من مات، والباقي يبحث عن الطعام، فالجوع ينهش في بطونهم فيموت بعضهم من الجوع أيضًا. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" تذكر حينما جاء إلى هذه المدينة الباردة للعمل وترك حبيبته، والتي لم تكن حبيبته فقط، كانت كل شيء بالنسبة له، ولكن الحياة تجعلنا نذهب إلى بعيد ونفترق لأننا نعتقد أنها ستجمعنا يومًا مرة أخرى. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" فكر كثيرًا أن يعود إلى المدينة عندما يستقر الحال، ولكن الحال يزداد سوءًا، على ما يبدو لم يعد هناك طيران أو حتى سفن كي يعود إليها. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" يفكر كثيرًا ماذا حدث بها هل طالها الوباء، أم إنها على قيد الحياة، لا يعلم، ولكنه في كل يوم يشعر بأنفاسها وكأنها تطمئن عليه، جاءته مرة بالحلم طبعت قبلة على جبينه وأخرى على يده ورحلت، ترى هل سيجمعهما القدر ثانيًا؟ span style="font-family:" Arial","sans-serif"" لم يكن سعيدًا بأنه على قيد الحياة لأجل الحياة، ولكنه يريد رؤيتها هذا الأمل الوحيد لديه، ففي الحب الأمل المنشود دائمًا كأنه قبلة النجاة، ينظر من زجاج النافذة ويرى كم أنَّ المدينة مرعبة! يزوره الخوف، إنه ذاك الشعور الذي يجعل المرء يرتعش بداخله، كم هو أحمق! كيف تركها ليعيش وحيدًا؟! span style="font-family:" Arial","sans-serif"" هدأت الأوضاع وتوقفت عجلة الموت كأن الفيروس اختفى، ولا أحد يفهم لماذا جاء؟ ولماذا انتهى أمره؟ لقد قضى على نصف البشرية، أما النصف الآخر يحاول الآن استعادة ذاته، كأنه ذاك الدرس الذي أدركته البشرية أن الفناء والنهاية حولهم دائمًا. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" عاد إلى المدينة بعد رحلة سفر كانت شاقة، أخذ يفتش عنها، يذهب إلى البيت، ولكنه لم يجدها، لا بد أنها رحلت مع من رحلوا، ولكنه حين دخل إلى منزلها بعدما كسر الباب عنوة وجد مدونتها التي كانت تكتب فيها عندما تشتاقه.. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" عزيزي لا أعلم لماذا اليوم بكيت كثيرًا عندما سمعت أخبار الجائحة، ولأول مرة منذ تلك الأزمة أشعر بالخوف، ولكن للموت رهبة كبيرة حتى عندما نزعم أننا لا نخشاه. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" أردت أن أنتزع خوفي فتذكرت ضحكتك التي تشبه الشمس في العطاء، تمنحني الذكرى بهجةً تجعلني أمحو الألم.. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" بالأمس حدثتك عن الخوف الذي أشعر به، ثم عبرت بذاكرتي ضحكتك فتحول ضعفي لقوة، سيدي لا بد أن القدر له طريقه الذي يسلكه دون أن يعطله أحد، نعتقد أن الأمور تمشي كما نخطط لها، ولكن الله بيده زمام أمورنا، لذلك سأترك الرعب وأكتب كثيرًا عن الحياة عن جمال الطبيعة. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" أحب الفلسفة لا أعرف لماذا؟! ولكنني أجد ملاذي في الغموض، تخيل معي لو أن الخوف له شكل معين، ماذا سيكون؟ أعتقد على هيئة وحش، أما الأمل سيكون على شكل سيدة جميلة للغاية بعطر مميز، لا أعرف هكذا تخيلت. span style="font-family:" Arial","sans-serif""**span style="font-family:" Arial","sans-serif""**** span style="font-family:" Arial","sans-serif"" لا بد أن الأمر يتفاقم في مدينتنا يا رفيق، أستمع لأصوات سيارات الإسعاف تنقل المصابين وأقول لذاتي ماذا لو كنت أنا؟! span style="font-family:" Arial","sans-serif"" ثم ألعن الأفكار المتوحشة التي تلتهم عقلي بشراسة. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" تتذكر الحمامة البيضاء التي كنت أحبها؟! قلت لك ذات يوم "أحسد الطير على الطيران"، سأرسم لي أجنحة لربما تصبح حقيقة وأمضي نحو السماء؛ لأن المدينة تحترق بالغضب، الموت يقطن هنا في كل زاوية. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" ماذا لو أطير بالفعل وأذهب نحوك. span style="font-family:" Arial","sans-serif""********* span style="font-family:" Arial","sans-serif"" ملامحي تبهت يا رفيق كلما تذكرت كم مر من الوقت ولم نلتقِ.. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" كان يفصلنا عرض البحر، بالسابق كنت أبعث مع الموج حكاياتي اليومية لعلها تصل إليك. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" الآن لا أستطيع حتى الذهاب إلى الشاطئ، لا يمكنني أن أرسل لك خواطري فقد كبلنا الوباء وقتل أحلامنا الصغيرة. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" يقولون في كل يوم مات فلان فينشطر قلبي نصفين، أنا لا أخشى الموت ولكنني ما زال لدي ما أرسله إليك هنا، أخبار كثيرة وددت لو تعرفها، ولكنني لا أعلم كيف حالك، فكرت كثيرًا ماذا لو أصابك مكروه وأنا لست بجانبك، ثم تركت أفكاري الحمقاء، فأنا أعلم أن روحك بخير هكذا حدثني قلبي. span style="font-family:" Arial","sans-serif""******** span style="font-family:" Arial","sans-serif"" أقنعت نفسي الليلة أن الغمة ستزول، وأنني سأذهب لحديقة جميلة أجمع منها الزهور بألوانها المختلفة. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" سوف أهديك الأحمر منها، ولكنني لا أعلم موعد وصولك بالتأكيد، ولا أعلم متى ستنتهي الجائحة، حتى إنني لا أعرف أين هي تلك الحديقة التي رسمتها بخيالي؟! span style="font-family:" Arial","sans-serif"" الوردة البيضاء لأمي لأنها تشبه قلبها النقي، وسأحتفظ بالوردة ذات اللون الزهري. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" لكنني بعد كل هذا يا رفيق لا أريد أن أكون سفاحة الورود وأقطف حياتها، لا بد أن أتركها تعيش لأنني أكره الذبول. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" أغلق المفكرة، شعر بأنه يختنق، أين هي؟ لماذا الحياة تفرقنا؟! لعن السفر، قال لذاته: span style="font-family:" Arial","sans-serif""لم أعد أريد شيئًا من أي نوع.. لقد فقدت الشغف أثناء رحلتي بالحياة.. أريد أن أعود إلى العدم. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" ظل حزينًا لوقت لا يعلم مدته، حتى شعر بيدٍ تربت على كتفه برقة، فرآها كما هي جميلة وأنيقة. span style="font-family:" Arial","sans-serif"" الآن يستطيع أن يتنفس دونما خوف.