بأياد مصرية.. ميناء الإسكندرية يتسلم «القاطرة مختار» لضمان سلامة الإبحار    انطلاق حملة «عودة للمدارس» ضمن مبادرة «بداية» بمستشفى شفاء الأورمان بالأقصر    حفلات «الويك إند» في مهرجان الموسيقى العربية.. مدحت صالح وتامر عاشور وأحمد سعد    خلاف سلمى حايك ونيكول كيدمان أمام الكاميرات.. ما الذي حدث في باريس؟    حكم تطبيقات المراهنات.. اعرف الرأي الشرعي    وزير الصحة يبحث مع نظيرته القطرية تقديم الرعاية الصحية للأشقاء العرب    «تجارية القليوبية»: علاقات مصر والسعودية تشهد تطورًا في عهد السيسي    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بالتحقق من صحة بيانات الهاتف المحمول للعملاء    الإحصاء: 44.8% زيادة في إنتاج الأرز عام 2022 - 2023    الجيش الإسرائيلي يواصل القصف على عدة بلدات لبنانية    زيلينسكي يضع موعدا محتملا لانتهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا    وزير الخارجية: العدوان الهمجي الإسرائيلي على قوات اليونيفيل خرق فاضح للقانون الدولي    تصفيات كأس العالم - البرازيل تواصل الاستفاقة برباعية ضد بيرو    16 ميدالية لمنتخب التايكوندو في 72 ساعة ببطولتى كأس الرئيس ومابولا بغينيا الاستوائية    رسميا| ريال بيتيس يضم لاعب الأهلي    موعد مباراة الزمالك وأدجيدجا البنيني في ربع نهائي بطولة إفريقيا    ضبط سيدة لإدارتها كيان تعليمي دون ترخيص في القاهرة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى عقار بالدقي    الأرصاد الجوية: طقس مائل للحرارة نهارًا معتدل ليلاً    منحة 50% للطلاب المصابين في حادث الجلالة حتى التخرج    تسليم أول دفعة لمنتجات المتعافين من الإدمان إلى بنك الكساء    الدقهلية: حملة مكبرة لرفع مخلفات الهدم والبناء على طريق طلخا نبروه    «العمل» تنظم ندوة لرعاية العمالة غير المنتظمة بالمشروعات القومية بالمنيا    وفاة شقيق الفنانة غادة إبراهيم    موعد ومكان عزاء خالة الفنان أحمد زاهر    وزير السياحة يزور متحف الصين الوطني للفنون والحرف ببكين.. ويلتقي بمدير المتحف    دورة تدريبية لتنسيق العمل بين «شكاوى المرأة» و«شبكة المحاميين»    عضو لجنة الفتوى بالأزهر يوضح صيغة دعاء نهى النبي عنها.. احذر ترديدها    جوستاف: أسبوع القاهرة للمياه منصة لتكاتف جهود أفريقيا لمواجهة التغيرات المناخية    وزير الصحة يوضح أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية «PHDC'24»    الولايات المتحدة لا تزال أكبر سوق تصدير للاقتصاد الألماني    شوبير يكشف موقف أشرف داري من السوبر المصري    مجلس طب قصر العيني يكشف تفاصيل خطة التطوير التاريخية للمستشفيات    ضبط 2 طن ردة بدون فواتير وغلق مخبز وتحرير 211 محضر مخالفة تموينية بأسيوط    أيمن يونس: حسام حسن علاقته تحسنت بلاعبي منتخب مصر    مواليد 5 أبراج لا يعرفون الاستسلام.. تعرف عليهم    هل حاولت الفنانة دنيا بطمة الفنانة دنيا بطمة الانتحار في السجن.. إليك القصة كاملة    ضبط 82 طن أسمدة ومواد بناء وأعلاف مجهولة المصدر في حملات رقابية بالشرقية    الداخلية تواصل جهودها لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    القوة الرشيدة    مصدر لCNN: خطة إسرائيل للرد على الهجوم الإيراني الذي شنته في الأول من أكتوبر جاهزة    القرن الإفريقى أمن قومى مصرى    12 منشأة صحية تحصل على اعتماد «جهار» بالقاهرة والإسماعيلية وبورسعيد والبحيرة وسوهاج    النفط يرتفع بعد انخفاضات حادة مع استمرار عدم اليقين بالشرق الأوسط    محافظ أسيوط يوجه بزيادة عدد الفصول لاستيعاب الكثافة الطلابية    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة    ضمن مبادرة "بداية".. تعليم الفيوم ينفذ 43 ورشة عمل و18 ندوة    أبرزها تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.. نتائج زيارة ولي عهد السعودية لمصر    تصاعد أعمدة الدخان جراء الاستهدافات الإسرائيلية للضاحية الجنوبية لبيروت    مدرب صربيا بعد الهزيمة: منتخب إسبانيا كان أكثر إبداعا وسرعة    «كاذب لعين».. مفاجآت في علاقة نتنياهو بالرئيس الأمريكي    البرازيل تسحق بيرو برباعية وتقترب من التأهل إلى مونديال 2026    «نعمة الماء» من خلال ندوات برنامج المنبر الثابت بمساجد سيناء    شلل مروري أعلى دائري الهرم بسبب "عجلة مقطورة"    يشمل عدة مطارات.. نشأت الديهي يكشف تفاصيل برنامج الأطروحات المصري    محمد كيلاني يكشف سبب منعه من الغناء لمدة 10 سنين (فيديو)    الإفتاء: الأمن فى القرآن ذكر فى الجنة والحرم ومصر    فيروس "ماربورغ " يشكل تهديدًا خطيرًا للبشرية.. جمال شعبان يحذر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: الحالمون بوراثة غزة

على طريقة الهروب للأمام، يقفز العدو الأمريكى "الإسرائيلى" إلى نتائج عبثية متعجلة، ويفترض أن هزيمة "حماس" باتت تحصيل حاصل، مع أن كل المؤشرات توحى بالعكس، ومع أن معركة "حماس" الدفاعية، تجرى بنفس عبقرية تخطيط وأداء هجوم السابع من أكتوبر المزلزل، ويكاد الجيش "الإسرائيلى" يدفن تحت حطام مدينة "غزة" وما حولها.
وبرغم عدم التكافؤ المادى بأى حساب بين الطرفين، وميل الموازين الظاهرة، إلى ترجيح كفة العدو فى غزوه البرى المتعثر، فإن العمليات الجارية حتى اليوم لصالح المقاومة، والأسباب ظاهرة ، فثمة فارق هائل لصالح المقاومة فى عقيدة القتال، وفى براعة الاستخدام الذكى الجسور للأسلحة المتوافرة بين أيديها، ثم أنها تحارب فوق أرضها، تماما كما كان عليه الحال فى السابع من أكتوبر الماضى، بينما يتصل غباء التخطيط الأمريكى والتنفيذ "الإسرائيلى"، وتثبت خيبة قوات النخبة المعادية، ويفاجأون كل لحظة برجال المقاومة الذين يخرجون من الأنفاق كالأشباح فى ظلال الملائكة، ويقنصون بأسلحتهم السحرية أعدادا كبيرة من الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود، ويحطمون مركبات تتكلف عشرات ومئات الملايين من الدولارات، ودونما حاجة لأسلحة مماثلة فى التكلفة والنوع، بل تكفى المقاومين أسلحتهم ذاتية الصنع ، وبتكلفة زهيدة لا تتجاوز عشرات أو مئات الدولارات، ومن المسافة "صفر" القاتلة للعدو، ويوقعون خسائر بشرية ثقيلة قاسية فى صفوف الغزاة، الذين لا يملكون فرصة لفوز فى قتال الرجال وجها لوجه ، ويلجأون بالخسة لغارات وقذائف القصف الوحشى الهمجى على المدنيين والأعيان المدنية ، ويحرقون البشر والحجر ، وبقصد إفناء "غزة" ، التى تقدم هذا الصنف الفريد من المقاومين ، وتبذل من دمها عشرات الآلاف من الأرواح والجرحى ، أغلبهم من النساء والأطفال ، وقد بدا رعب جنرالات "إسرائيل" ومسئولوها من بطولة "غزة" الشهيدة صادما لنفوسهم ، ومرئيا بلا مواربات فى إعلام العدو وقنواته التليفزيونية ، فقد قال الجنرال "جيورا أيلاند" مثلا على قناة تليفزيونية ، أن "غزة" يستحيل إخضاعها أو التفاهم "الإسرائيلى" معها ، ووصف أهل غزة بالدولة النازية ! ، التى تسعى للقضاء على كيان "إسرائيل" وإبادة المستوطنين ، والجنرال "أيلاند" كما هو معروف صاحب الخطة المفصلة لتهجير أهل غزة إلى سيناء ، وبرغم كونه جنرالا قديما مجربا ، إلا أن رعب "غزة" المقاومة العنيدة لم يبرح خياله ، وإلى حد بدا معه فى ذات رعونة وزيرالثقافة "الإسرائيلى" الشاب المتطرف "عميحاى إلياهو" ، الذى طالب بمسح غزة عن الوجود بالقنابل الذرية ! .
ولعله مما يفضح غباوة جنرالات التخطيط الأمريكى وخدمهم "الإسرائيليين" ، أنهم يستلهمون التكتيكات من تجربة تدمير "الفالوجة" العراقية، ويزيدون عليها تكتيكات الحرب فى "الموصل" ضد "داعش" ، ويتجاهلون الفوارق البينة بين ما كان ويكون ، فلم تكن لتنظيم "داعش" أدنى شعبية بين سكان "الموصل"، وهو جماعة إجرامية متخصصة فى قطع رقاب العرب والمسلمين ، وتعمل فى معية أجهزة مخابرات عالمية وإقليمية ، بينما "حماس" على العكس تماما ، حتى وإن كانت ارتكبت أخطاء سابقة فى التقدير والسلوك تجاه المصريين والفلسطينيين ، ثم كفت بصرها عن ما يجرى خارج حدودها، وآل أمرها إلى ما يبدو اليوم كحركة مقاومة فلسطينية خالصة ، زادت شعبيتها بإطراد فى أوساط الفلسطينيين جميعا ، ليس بسبب انتسابها الفكرى والسياسى ، ولا بسبب أصولها "الإخوانية" ، فحركة "منصور عباس" الإخوانية داخل الأراضى المحتلة عام 1948 ، تحظى بأعظم احتقار فى صفوف الفلسطينيين والعرب بعامة ، وتعمل فى خدمة "الموساد" والمؤسسة الصهيونية ، وتتباكى على "الإسرائيليين" الذين قتلوا أو أسروا فى هجوم السابع من أكتوبر ، وتصف المقاومة الفلسطينية وأسراها بالإرهاب والإرهابيين (!) ، بينما "حماس" اليوم تتصدر حركات المقاومة ، تماما كما كانت "فتح" ذات يوم فى الموقع نفسه ، وتثبت جدارتها بحمل رسالة المقاومة أشواطا ، وصحيح أن المعنى "الإسلامى" عموما ، يمد المقاومة بزاد استشهادى هائل ، ويجعل المقاومة لاسترداد الوطن جهادا فى سبيل الله ، كما هو الحال فى "حماس" و"الجهاد الإسلامى" ، وفى حركات مشابهة كثيرة فى حروب التحرير الوطنى بمنطقتنا ، كما كان الحال مثلا فى حرب تحرير الجزائر ، وربما تكون مشكلة التفكير الإسلامى "السياسى" عموما ، أنه يبدى إيجابية كبرى فى حروب التحرير الوطنى ، التى ما إن تنتهى ، ويبدأ الانتقال من الحرب إلى السياسة ، حتى يتحول البندول إلى الاتجاه العكسى ، وتفشل الحركات "الإسلامية" فى التواؤم مع مطالب التغيير الاجتماعى والاقتصادى والسياسى ، ربما لأن الفكرة المركزية عندها فى كل الأحوال ، هى الدفاع عن وحراسة "البيضة" و"الثغر" و"الموروث" ، وهذه قصة أخرى ، ربما تحق مناقشتها فى سياق آخر ، والأهم اليوم على صعيد فلسطين بالذات ، وفى حربها الطويلة من أجل التحرير الوطنى ، أن تكون معايير التمييز مختلفة ، ليس بحساب الاتجاهات الفكرية والسياسية والتاريخية ، بل بحساب روح ومعارك التحرير الوطنى الفلسطينى ، وبحساب زمانها الممتد لعقود تأتى ، وفيها ، فلا مجال للفرز والتمييز ، إلا على أساس قاعدة التفرقة بين المقاوم والمساوم ، وفيها تستوى الأحكام على الفرقاء باختلاف المنابع الفكرية ، وفيها تصبح "حماس" و"الجهاد الإسلامى" و"الجبهة الشعبية" اليسارية شيئا واحدا على اختلاف الأوزان ، فكلهم سواسية فى المعسكر المقاوم ، وكلهم يقاتلون فى الميدان ، وكلهم يرفضون ترتيبات العدو الأمريكى "الإسرائيلى" لوراثة "غزة" ، وجلب عملاء "فلسطينيين" لحكم "غزة" بعد خلع "حماس" المفترض ، وقد لا نتوقف كثيرا عند التصريحات الرسمية التطمينية ، من نوع رفض مسئولين فى سلطة "رام الله" الذهاب لحكم "غزة" على ظهر دبابة إسرائيلية ، بينما تحاول واشنطن توريط السلطة فى الخطأ القاتل ، ولومن وراء ستار البحث عن حل سياسى شامل ، يعرف الكل أن كيان الاحتلال يرفضه ، ولو كان فى صيغة الحد الأدنى "حل الدولتين" ، وقد بدت حكومة الاحتلال صريحة فى مطالبها الوقحة ، فهى تعرف أن إعادة احتلال غزة ، حتى لو كان ممكنا ، يكلف الكيان دما وخسائر بشرية فادحة ، ولذلك طلب "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء العدو المهزوم صيغة محددة ، هى فى صلبها تكرار للواقع العملى المفروض فى "القدس" والضفة الغربية ، أى استنساخ خطايا "التنسيق الأمنى" ، وإقرار حق جيش الاحتلال فى الدخول والخروج وقت حاجته ، وحق القمع والقتل والاعتقال متى شاء ، وعلى طريقة ما يجرى يوميا فى مدن وقرى ومخيمات الضفة ، حتى فى "رام الله" ، وقد قتلوا المئات وأسروا الآلاف فى شهر مضى على اندلاع "طوفان الأقصى" ، وهم أى الأمريكيون و"الإسرائيليون" يبحثون عن وكلاء مناسبين ، إما بتوريط سلطة "رام الله" ، أو باستنساخ صور بدائية متقادمة من "روابط القرى" أو روابط العائلات ، فشلت وتهاوت من عقود فى الضفة الغربية المحتلة ، أو بالاستعانة بالوكلاء والتابعين من حكومات التطبيع العربى ، وجلب شخصيات فلسطينية معينة ، جرى ترشيحها لدور "كرازاى" الأفغانى فى "غزة" ، مع وعود مالية سخية بالطبع ، يدفعها بعض العرب أو الغرب الجماعى ، كما جرى الوعد به أخيرا فى اجتماع "دول السبع" الكبرى فى اليابان ، وقرارهم بتوفير 500 مليون دولار لإعادة تعمير "غزة" (!) ، إضافة لمساعى جلب قوات عربية وغربية إلى "غزة" ، ومن وراء ادعاءات "أممية" ، يصعب تمريرها فى مجلس الأمن بسبب "الفيتو" المتوقع من الصين وروسيا ، وسوف تكون تلك القوات هدفا سائغا لعمليات المقاومين الفلسطينيين فى "غزة" بالذات ، حتى بافتراض "إبادة حماس" وجناحها العسكرى ، كما يأمل العدو الأمريكى "الإسرائيلى" متبجحا ، فزوال حكم "حماس" ، حتى لو كان ممكنا ، لا يعنى أبدا نهاية حركة "حماس" نفسها ، فبوسعها التحول إلى العمل السرى ، خصوصا مع بيئة تأييد عارم بين الفلسطينيين فى "غزة" ، وهو ما يستوجب تحذير الكافة من اليوم ، وبالذات تحذير الأطراف العربية التى قد تتورط بالقصد أو بدونه فى الخديعة المكشوفة ، فقد آلت قضية فلسطين إلى يد الفلسطينيين وحدهم من عقود ، ومن حق الفلسطينيين الشرعى تماما ، أن يعاقبوا كل من يتورط فى خدمة كيان الاحتلال ، وكل من يسعى لتقديم دروع حماية للعدو ، وربما لا يكون من حل مناسب ، إلا أن يترك الأمر كله للمنظمات الفلسطينية ، وتوحيد جهدها فى عملية وطنية شاملة لإعادة بناء "منظمة التحرير" ، لتضم إليها حركتى "حماس" و"الجهاد الإسلامى" ، وتكون هى المقاوم والمفاوض معا ، وقد جرى الاتفاق مرات على المبدأ دون تنفيذ قبل سنوات طويلة سبقت "حرب طوفان الأقصى" ، التى لن تهزم فيها حركات المقاومة أبدا ، مهما كان الخذلان العربى والإسلامى المهين ، والعداء الغربى الطافح ضد قضية الشعب الفلسطينى المقدسة .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.