رغم إعلان الرئيس الروسى بوتين أن بلاده لن تعود لاتفاق تصدير الحبوب إلا بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوربية المفروضة على بلاده إلا أنه قطع وعدا للدول الأفريقية خلال كلمته أمام المشاركين فى قمة روسيا وأفريقيا بتوفير احتياجاتهم من القمح والحبوب وبأسعار مناسبة، مؤكدا أن بلاده قادرة على تعويض الصادرات الأوكرانية من الحبوب والتى تمثل بالنسبة للقمح نسبة 18 فى المائة من تجارته العالمية. وقد قدم الرئيس بوتين هذا الوعد للأفارقة بعد الاستجابة الكبيرة والواسعة من قبلهم للمشاركة فى قمة روسيا وأفريقيا والتى تعقد دورتها الثانية، وذلك رغم الضغوط التى مارستها أمريكا لدفع الدول الأفريقية لمقاطعة هذه القمة فى إطار حصار روسيا عالميا.. وفى ذات الوقت فإنه حينما قرر الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب وعدم تجديدها كانت أحد انتقاداته لها أن الذين استفادوا منها كانوا الأوربيين وجاء ذلك على حساب الدول الفقيرة، خاصة فى أفريقيا.. وذلك عندما تعهد الرئيس الروسى بتوفير القمح والحبوب للدول الأفريقية بأسعار مناسبة، فهو بذلك يؤكد للأفارقة أنهم لن يتضرروا من إلغاء وتجميد اتفاقية تصدير الحبوب.. فهو يحتاجهم داعمين أو على الأقل غير مناهضين لروسيا وهى تخوض الآن حربا أوسع نطاقا من مساحة أوكرانيا وأكثر اتساعا أيضا من كل القارة الأوربية وتدور رحاها على امتداد العالم كله وتستهدف إنهاء عصر القطب الواحد واستبداله بعصر الأقطاب المتعددة. وإذا كانت روسيا سوف تحجب حبوبها عن أوربا التى يقول بوتين إنها المستفيد الأساسى لاتفاقية تصدير الحبوب مع أوكرانيا التى جمدها، فإنها سيكون فى مقدورها فعلا توفير احتياجات الدول الأفريقية من الحبوب فى ظل إعاقة روسيا تصدير أوكرانيا للحبوب مستقبلا.. وروسيا بذلك تُمارس مزيدا من الضغوط على أوربا لتكف عن دعم أوكرانيا عسكريا وفى ذات الوقت تكسب مزيدا من الأصدقاء فى القارة السمراء التى تسعى لزيادة نفوذها فيها.. أى أن بوتين حينما وعد الأفارقة بتدبير احتياجات بلادهم من القمح والحبوب فهو مستفيد وبلاده من تنفيذ هذا الوعد.. فهو فى ذات الوقت الذى يضغط فيه على أوربا بالغذاء بعد أن ضغط عليها بالغاز فإنه يكسب مزيدا من الأصدقاء فى القارة السمراء يحتاجهم فى معركته مع الأمريكان.
