علياء أسامة أيوب هل يمكن لمجموعة البريكس تسهيل إيجاد بديل للدولار الأمريكى قابل للتطبيق بنجاح؟ قد تفسر الأزمة المالية العالمية المستمرة والسياسة الخارجية الأمريكية المواجهة سبب قيام دول البريكس بتكثيف جهودها لإطلاق عملة بديلة للدولار الأمريكى.. لسنوات طويلة هيمن الدولار على اقتصاد العالم فيما بدا كقاعدة بديهية لا تعرف أجيال متعاقبة سواها. يأتى ذلك فى الوقت الذى يفترض فيه أن رفع أسعار الفائدة فى الولاياتالمتحدة يرفع تلقائيا من قيمة الدولار أمام سلة العملات الأخرى، إلا أن هذا الارتفاع يحمل فى طياته ارتفاعا لنقاط ضعف العملة الخضراء.. وفى القارة العجوز، يحاول الرئيس الفرنسى أن يقنع جيرانه بتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكى خارج الحدود الإقليمية مؤكدًا نظريته حول «الحكم الذاتى الاستراتيجى» لأوروبا، التى من المفترض أن تقودها فرنسا، لتصبح «قوة عظمى ثالثة».. فى هذا الملف، نسلط الضوء أيضا على إساءة استخدام وضع الدولار الأمريكى كعملة احتياط، واستعداد أكبر الدول اقتصاديًا لإطلاق البديل، ونجيب عن عدة أسئلة بما فى ذلك ما هو مطلوب لجعل هذه الرؤية حقيقة واقعة وفرص نجاح هذه التجربة. لسنوات طويلة هيمن الدولار على اقتصاد العالم فيما بدا كقاعدة بديهية لا تعرف أجيالا متعاقبة سواها والحقيقة أن سيد العملات خاض رحلة طويلة وشاقة منذ أن كان مجرد فكرة لدى الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وصولا لاتفاقيات «بريتون وودز» التى دشنت نظاما اقتصاديا عالميا جديدا انتهاء ب«صدمة نيكسون» التى عززت وضع الورقة الخضراء كعملة عالمية. وكلمة دولار هى الصيغة الإنجليزية لكلمة «ثالر» الألمانية والتى أطلقت على العملات المعدنية الأولى المسكوكة عام 1519 بمناجم الفضة فى يواخيمستال فى بوهيميا الواقعة حاليا في التشيك. وأصبح استخدام هذه العملة شائعا فى جميع أنحاء أوروبا والعالم حتى وصلت للقارة الأمريكية عن طريق المهاجرين الأوائل الذين عرفوها باسم «دالار» وفقا للنطق الهولندى. ووصل المهاجرون الأوائل لأمريكا في 1620 واستخدموا المقايضة والأصداف كبديل للنقود قبل انتشار الدولارات الإسبانية. وبعد استقلال الولاياتالمتحدة عام 1776 أصدر المجلس القارى عملة باسم «كونتنينتالس». وفى 1785 قرر المجلس إصدار الدولار للمرة الأولى كعملة رسمية وتأخر سكه حتى 1792 وصدر فى 3 فئات (الذهب والفضة والنحاس). وخلال الحرب الأهلية طبعت وزارة الخزانة أوراق الدولار للمرة الأولى عام 1862 وكانت من اللونين الأسود والأخضر لمنع تزييفها ولم تكن مغطاة بالذهب (لها مقابل من الذهب) حتى عام 1879. وتعد اتفاقيات «بريتون وودز» عام 1944 هى النقطة الفارقة فى تحول الدولار إلى عملة عالمية. فقبل عام من انتهاء الحرب العالمية الثانية اجتمع ممثلو 44 دولة فى غابات بريتون بولاية نيو هامبشير الأمريكية لوضع أسس نظام اقتصادي عالمى قادر على مواجهة الآثار المدمرة للحرب وتنظيم التجارة العالمية. وقرر المؤتمر تأسيس صندوق النقد والبنك الدولي لتقديم المساعدات للدول المتعثرة. لكن القرار الأبرز كان اعتماد الدولار كعملة مرجعية ترتبط بها قيمة العملات الأخرى ليصبح بديلا للذهب في تحديد سعر الصرف وتم الاتفاق على سعر ثابت قدره 35 دولارا لأوقية الذهب. . واتخذ هذا القرار بسبب قوة الاقتصاد الأمريكى مقارنة بالاقتصادات الأخرى المتضررة جراء الحرب ولأن الدولار فى ذلك الوقت كان العملة الوحيدة المغطاة بالذهب. وبناء على ذلك سارعت الدول الأخرى للحصول على الدولار وتحويل عملاتها إليه واعتبر البعض أن قيمة الدولار مبالغ فيها. واستمر هذا الوضع حتى عام 1971 عندما قرر الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون تعليق العمل بتحويل الدولار إلى ذهب فيما عرف باسم «صدمة نيكسون». وأدى القرار لانهيار نظام بريتون وودز تماما فى 1973 والسماح بتعويم العملات بحرية وربطها بعملة أخرى أو بسلة عملات. ومع ذلك ظل الدولار فى موضع قوة مع الإقبال على شرائه كعملة احتياطية واستخدامه في تسعير السلع حول العالم. وإذا كانت التغيرات فى بنية النظام الدولى هى ما خلقت هذا الوضع الخاص فإن الاوضاع السياسية المتغيرة التى تدفع باتجاه نظام جديد باتت تهدد الآن عرش الدولار. إقرأ أيضاً|الأسهم العالمية تخسر 465 مليار دولار بسبب أزمة سيليكون فالي