لا يحتاج الأمر إلى كثير من الاجتهاد من أى إنسان رشيد فى هذا العالم، كى يدرك غيبة العدالة الدولية عن التحقق والنفاذ بالنسبة للقضية الفلسطينية طوال السنوات، والعقود الماضية منذ أربعينيات القرن الماضى وحتى الآن. فمنذ هذا التاريخ وحتى اليوم يقف العالم صامتا ودون حراك تجاه الجرائم الإرهابية البشعة، التى تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى دون مانع أو رادع، ودون حسيب أو رقيب من المجتمع الدولى، الذى أصبح للأسف خاضعا لمنهاج معوج يكيل بمكيالين بل بأكثر من مكيال تجاه كل القضايا والأزمات الدولية. وأحسب أننا لا نتجاوز الحقيقة فى قليل أو كثير، إذا ما ذكرنا أن من أكثر الحالات دلالة على اختلال المعايير بالنسبة للعدالة الدولية، والأخذ بمنطق الكيل بمكاييل مختلفة فى التعامل الدولى، هو ما نراه يحدث بالنسبة للقضية الفلسطينية والتعامل مع إسرائيل بالصمت، وغض الطرف عن كل الجرائم الإرهابية والعنصرية التى ترتكبها ضد الشعب الفلسطينى الأعزل. وفى ظل ذلك الموقف الدولى العاجز عن التحرك الإيجابى العادل لنصرة القضية الفلسطينية، ووقف الممارسات الإسرائيلية العدوانية والإجرامية تجاه الشعب الفلسطينى، تأتى أهمية القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية، التى عقدت بالقاهرة أول أمس، والتى تم خلالها البحث والتشاور والتنسيق المشترك، حول وسائل وسبل الدعم اللازم للقضية الفلسطينية فى ضوء المستجدات بالأراضى المحتلة والتطورات الإقليمية والدولية. وأهمية القمة تنبع من عاملين أساسيين أولهما كونها جاءت مؤكدة للعالم كله، على ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، والسعى الدولى الجاد لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم لهذه القضية، على أساس حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967، بالضفة وغزة وعاصمتها القدسالشرقية. وثانيهما أن القضية الفلسطينية هى جوهر الصراع فى الشرق الأوسط وقضية العرب الأولى وأن تحقيق السلام فى المنطقة كلها يتحقق بحل هذه القضية حلا عادلا وشاملا ودائما.