صديق.. بعث لى رسالة على بريدى الإلكترونى يذكر فيها قصة حدثت معه.. أو ربما تكون مجرد فكرة خطرت فى باله.. وطلب منى استخدامها فى مقال.. يعنى بوضوح سرقة خيال الرجل بموافقة منه.. ولم أستطع ذلك.. لكنى لن أذكر اسم الصديق لأنى أعرف رغبته فى عدم التعريف بنفسه.. يتحدث الصديق.. الذى قد يكون أى واحد منا.. يتحدث بما معناه.. بأنه نشأ وترعرع فى سنوات عمره المبكرة على نواهى وأوامر الآباء والأمهات التى تحذرهم من قبول أى شىء من الغرباء.. ولا بأس بالمرور على قصة أمنا الغولة و»أبو رجل مسلوخة» وما شابهها من أقاصيص التخويف حتى لا يتعامل الأطفال مع غرباء من الممكن أن تكون نواياهم غير طيبة.. المهم.. يقول الصديق إنه تعرض الى إغراء من رجل غريب عرض عليه قطعة شيكولاتة.. وهذه هدية أكبر وأجلّ من ثمينة ومذهلة وعظيمة.. وكافة أفعال التفضيل.. وراودت الصديق نفسه على قبول قطعة الشيكولاتة.. وكاد يأخذها من الغريب متجاوزا المحرمات والنواهى والأوامر.. يأخذها.. لا يأخذها.. يأخذها لا يأخذها.. يأخذ نصفها.. هكذا يحتال على الأوامر والنواهى ولا يخرقها تماما.. وهذا ما حصل.. تناول قطعة الشيكولاتة.. قسمها الى نصفين.. أخذ النصف وأعاد النصف الآخر للرجل الغريب.. ويا دار ما دخلك شر.. يقول الصديق إنه ما يزال حتى الان يفكر فى نصف قطعة الشيكولاتة الآخر التى أعادها للرجل وأنه مستعد لأن يدفع مبالغ طائلة مقابل الحصول على ذلك النصف!.. الحكمة التى يضعها الصديق فى نهاية القصة تقول بأن على الإنسان أن يتخذ الموقف كاملا.. بأن يكون مع أو ضد.. وأن الآراء المتوسطة والمحايدة فى المواقف الكبرى هى مواقف واهية وضعيفة وركيكة.. وبأن أسوأ الأماكن وأشدها حرارة وعذابا فى جهنم محجوزة لأولئك الذين لم يتخذوا موقفا فى المواقف المفصلية.. وهكذا.. تنتهى قصة الصديق.. التى لم أفعل بها سوى أن نقلتها لكم بلُغتى فقط لا غير!!