يوم 25 أبريل من كل عام تحتفل مصر بعيد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى، حيث شهد ذلك اليوم رفع العلم المصرى على سيناء، بعد استعادتها كاملة من العدو وكان هذا هو المشهد الأخير فى سلسة طويلة من الصراع المصرى الإسرائيلى انتهى باستعادة الأراض المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية. واكتمل تحرير سيناء بعد عودة طابا عام 1988، بعد سلسلة قوية استطاعت الدبلوماسية المصرية إثبات نجاح كبير فيها، وتم رفع العلم المصرى عليها أيضاً. وبدأت معركة تحرير سيناء من بعد عام 1967 اعتمادًا على وسائل النضال، حيث خاضت القوات المسلحة معارك شرسة خلال حرب الاستنزاف، ومن ثم استكمال المعركة خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 وبدأت الدولة المصرية طريق العمل السياسى والدبلوماسى بداية من المفاوضات والمباحثات حتى تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وتلاها توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979. وأدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب العدو، وذلك وفق جدول زمنى للانسحاب المرحلى من سيناء حتى تحقق الانسحاب الكامل فى 25 أبريل عام 1982. وفى 25 أبريل 1982، تم رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء. عادت سيناء بأكملها لسيادة مصر وأصبحت رمزًا للسلام وشاهدًا على ما تحقق فى مختلف أرجاء الوطن من إنجازات فى شتى مجالات البنية الأساسية وقطاعات الإنتاج والخدمات. وتحظى شبه جزيرة سيناء بمكانة متميزة فى قلوب المصرىين.. فأرض الفيروز هى ركن من أركان استراتيجية مصر الطموحة، والملف التالى نعرض ملامح السنوات العجاف التى عاشها المصريون حتى عادت سيناء، كما نعرض لجهود بطل الحرب والسلام الزعيم محمد أنور السادات حتى عاد آخر شبر من مهبط الرسالات. كان الإرهاب أحد أهم التحديات التى واجهت مصر منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم فى عام 2014، ووفق تصريحات سابقه له، «فإن الإرهاب كان أخطر التحديات التى تقوض مصر نحو تحقيق الاستقرار والتنمية، وأن الدولة المصرية بذلت جهودًا مضنية من أجل الانتصار فى هذا الملف». والخطط والمشروعات التنموية لم تكن لتأخذ مكانها على الأرض دون توفير الأمن، بالمواجهة الحاسمة لمحاولات زرع التنظيمات المتطرفة التى أرادت السيطرة على سيناء لفصلها عن الوطن الأم، لكن قواتنا المسلحة الباسلة كانت لهم بالمرصاد، فنجحت خلال تلك السنوات، بالتعاون مع قوات الشرطة، فى التصدى لهذه المؤامرات وإحباط الكثير من هذه المخططات، وشهدت سيناء خلال السنوات الماضية، تنفيذ عدة عمليات عسكرية كان من أبرزها العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018 «، وقبلها عملية حق الشهيد بمراحلها الثلاثة، التى بدأت فى 7 سبتمبر 2015 بمناطق « رفح، والشيخ زويد، والعريش «، للقضاء على العناصر الإرهابية بتلك المناطق، كما تم تنفيذ عمليات تطهير منطقة جبل الحلال. وأعطى الرئيس عبد الفتاح السيسى، إشارة البدء للعملية الشاملة « سيناء 2018 « فى 9 فبراير 2018 فى شمال ووسط سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية. إقرأ أيضاً | التنمية في سيناء.. مشروعات عملاقة وإنجازات ضخمة على أرض الفيروز|فيديو وكلف بها أبطال القوات المسلحة الباسلة ورجال الشرطة المدنية لتطهير مصر من جميع العناصر الإلرهابية والإجرامية، فى تحد شامل لجميع المؤامرات التى تستهدف النيل من أمن واستقرار الوطن، والتى استحقت عن جدارة وصفها بأوسع وأقوى عملية عسكرية شاملة للقضاء على الجماعات التكفيرية منذ حرب السادس من أكتوبر المجيدة، حيث نجحت فى القضاء على معظم البؤر الإرهابية وتدمير البنى التحتية لتلك التنظيمات المتطرفة. وحققت العملية الشاملة نتائج مبهرة على مسرح العمليات، من خلال تأمين كافة المنافذ الحدودية للدولة، والأهداف الحيوية داخل المحافظات المصرية، بجانب استهداف قيادات التنظيم الإرهابى فى شمال ووسط سيناء، وتدمير كافة البؤر الإرهابية المكتشفة، والقبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية والمطلوبة جنائيا، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية، واكتشاف وضبط أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية الخاصة بالعناصر الإرهابية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة والأسلحة والقنابل والعبوات الناسفة. وعلى الصعيد الميدانى شملت العمليات العسكرية كافة الاتجاهات والمحاور المستهدفة وليس فى شبه جزيرة سيناء فقط، مما أسهم خلال الفترة الماضية فى تراجع كبير جدًا فى تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الأهداف المدنية بفضل قطع طرق الإمداد المالى أو اللوجيستى للعناصر الإرهابية فى سيناء، وغيرها من البؤر المستهدفة، وذلك بسبب نجاح عمليات الرصد الدقيق من أجهزة الاستخبارات وتضييق الخناق عليهم وانتشار القوات فى كافة الأماكن. ويقول اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الاسبق إن مصر اعتمدت على مجموعة من المحاور فى استراتيجيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وقدمت خلالها تضحيات عظيمة من خيرة أبناء الوطن، ركزت بشكل أساسى على الضربات الأمنية وملاحقة العناصر الإرهابية، وفى الوقت ذاته شرعت فى تنمية المناطق المتطرفة والصحراوية التى استغلتها تلك التنظيمات وفى مقدمتها شمال سيناء، لتنفيذ عملياتها. واوضح فرج أن مصر بدأت تنفيذ استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتصدى للعمليات التى استهدفت مؤسسات الدولة وقياداتها منذ عام 2014، كما نفذت خططا محكمة وضربات استباقية مكثفة على مواقع تلك التنظيمات، مشيرًا إلى أن العملية الشاملة سيناء 2018، نجحت فى القضاء على المرتكزات الجغرافية الإرهابية، وكذلك ضبط قيادات تلك الجماعات، وتقليص موارد تمويلهم وأكد أن نجاح مصر فى ملف مكافحة الإرهاب، انعكس بشكل كبير على تحقيق الاستقرار والتنمية فى الداخل، كما انعكس على قدرة مصر للعودة إلى لعب دورها الدولى والإقليمى كقوة راسخة فى محيطها، فضلا عن أن النجاح فى هذا الملف لا يمكن فصله أبداً عن رغبة بعض الدول فى العودة للتقارب مع مصر. واضاف اللواء سمير فرج أن التنمية كانت أهم عوامل نجاح التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب، حيث إن الجماعات الإرهابية استغلت على مدار السنوات الماضية التهميش الذى عانت منه مناطق مثل سيناء، وكونت مرتكزات لها فيها واخضعتها لتكون مسرحا لعملياتها، لكن انتباه القيادة المصرية لأهمية تنمية سيناء وانطلاق مشروعات قومية عملاقة بإعادة تأهيل البنية الأساسية وتدشين المصانع ومراكز الخدمات فى مناطق عدة بشمال سيناء نجح بشكل كبير إلى جانب الضربات الأمنية فى دحر منظومة الإرهاب. وبنهاية عام 2019 خرجت مصر من تعداد الدول العشر الأكثر تأثراً بالإرهاب على المؤشر العالمي، وهو ما اعتبره مراقبون إنجازا فى هذا الملف، وتستمر الجهود المصرية بشكل كبير فى ملاحقة العناصر الإرهابية، وتنفيذ الضربات الاستباقية فى مختلف المحافظات، كما تفرض قيودا صارمة على حركة التمويلات من الخارج لمنع وصول أى أموال لأيدى العناصر المتطرفة قال اللواء نصر سالم أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن الحرب التى شنتها الدولة المصرية ضد الإرهاب كانت صعبة لان التنظيمات الإرهابية التى نجحت الدولة المصرية فى القضاء عليها كانت أكثر عنفا ومختفية وسط المواطنين ويتم تمويلهم بأموال كثيرة وأجهزة حديثة من تنظيمات وجهات خارجية موضحا أننا واجهنا الإرهاب على مدار أكثر من 5 سنوات بدون أى مساعدة ونجحنا فى القضاء عليه وتجفيف منابعه . كما نجحت مصر فى القضاء على البيئة التى كانت تساعده على الانتشار والتوسع لان التنظيمات الإرهابية كانت تستهدف الشباب الصغار بتغييب فكرهم وإغرائهم بالأموال وتهدد المواطنين بالانتقام فى حال الإبلاغ عنهم كما كان يتم مع أهالى سيناء وبفضل الجهود المصرية نجحنا فى القضاء على هذه الأسباب بتجديد الخطاب الدينى والاستثمار والتنمية فى سيناء وإقامة المصانع والمدارس والجامعات وتطوير البنية التحتية . وأوضح اللواء نصر سالم أن مواجهات السلاح كانت فى أضيق الحدود ويتم القبض على العناصر الإرهابية وتقديمهم للجهات القضائية لمعاقبتهم على جرائمهم مشددا على ضرورة أن نشيد بدور أهالى سيناء فى مساعدة الأجهزة الأمنية فى القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه. يذكر أن تقرير الأممالمتحدة والمقدم إلى مجلس الأمن الدولى خلال النصف الثانى من عام 2021 بشأن التهديد الذى يشكله تنظيم «داعش» الإرهابى على السلم والأمن الدوليين، أكد نجاح الدولة المصرية فى مكافحة التنظيم وأن جهود مصر فى مجال مكافحة الإرهاب تحظى بالعديد من الإشادات الدولية. وأوضح التقرير أن مصر شهدت انخفاضا فى نشاط تنظيم أنصار بيت المقدس، المنتمى لتنظيم «داعش» الإرهابي، مشيرا إلى أنه منذ عام 2019 لم ينسب فى مصر أى هجوم إرهابى إلى «داعش» أو تنظيم «القاعدة»، كما أنهما لم يعلنا مسئوليتهما عن أى هجوم. وأضاف أن الفضل فى تلك النجاحات يعود إلى عمليات مكافحة الإرهاب التى أطلقتها الدولة المصرية، مما أدى إلى انشقاق قادة التنظيم الإرهابى بشكل أضعف الروح المعنوية وعزز الانطباع بأن الجماعة آخذة فى الانحسار كما أثنى التقرير على جهود الدولة المصرية فى تحقيق التنمية الشاملة فى سيناء، والتى لعبت دورا مهما فى انحسار التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أن مصر زادت من حجم الاستثمارات العامة فى مجالات البنى التحتية والنقل والإسكان فى سيناء. جاء ذلك خلال التقرير الرابع عشر للأمين العام للأمم المتحدة الذى تم تقديمه لمجلس الأمن الدولى بشأن التهديد الذى يشكله تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) للسلام والأمن الدوليين ونطاق الجهود التى تبذلها الأممالمتحدة دعماً للدول الأعضاء فى مكافحة هذا التهديد.