عقوبات غربية، واستنفار أوروبى دبلوماسى، وتصاعد فى لغة الوعيد لروسيا بعد غزوها الأخير لأوكرانيا، فى المقابل يقف الكرملين ثابتًا ومؤكدًا أن ما سيفرض من عقوبات لن يكون مجديًا، فى ظل قانون يحظر على المسئولين الروس، الاحتفاظ بأموالهم فى الخارج. عواقب وخيمة وباهظة التكلفة ولا مثيل لها، هذا ما أعلنه الرئيس الأمريكى جو بايدن والقادةُ الغربيون فى توصيفهم للعقوبات الاقتصادية التى سيفرضونها على روسيا. بعد أيام من تداول خيارات العقوبات الاقتصادية التى يمكن للدول المناوئة للحرب على أوكرانيا استخدامها ضد موسكو، توصلت المجموعة الغربية فى الساعات الماضية إلى توافق حول آلية توظيف نظام «سويفت» المالى لمعاقبة روسيا. وتضمنت الآليات حرمان بنوكها الرئيسة من الاستفادة من النظام العالمى للتعاملات بين البنوك وهى خطوة تعد بمثابة «سلاح نووى مالي» بسبب الضرر الذى سيلحقه بالاقتصاد الروسي، حيث سيوجه ضربة للتجارة الروسية ويجعل من الصعب على شركاتها القيام بتعاملات تجارية، إذ يعد النظام الوسيلة الوحيدة للتعاملات بين أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية حول العالم. ونظام سويفت هو نظام مراسلة آمن تستخدمه البنوك لإجراء مدفوعات سريعة عبر الحدود وهو الآلية الرئيسية لتمويل التجارة الدولية، وسيمثل ذلك تصعيدًا إضافيًا للعقوبات المنسقة التى فرضتها القوى الغربية على روسيا والتى شملت عقوبات نادرة تستهدف بصفة شخصية الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجى لافروف ،كما سيفرضون قيودًا على البنك المركزى الروسى للحد من قدرته على دعم الروبل وتمويل الجهود الحربية، و شهد الموقف الألمانى تحولًا كبيرًا إذ وافق المستشار أولاف شولتس على تزويد أوكرانيا بالسلاح. وكانت الولاياتالمتحدة أعلنت منذ يومين عن 8 إجراءات لمعاقبة روسيا: 1- قطع الاتصال بالنظام المالى الأمريكى لأكبر مؤسسة مالية فى روسيا، سبيربنك ، بما فى ذلك 25 شركة تابعة لها، سيؤدى ذلك إلى تقييد وصول سبيربنك إلى المعاملات التى تتم بالدولار. 2- فرض عقوبات حظر كاملة على ثانى أكبر مؤسسة مالية فى روسيا، VTB Bank، بما فى ذلك 20 شركة تابعة لها، تمتلك VTB ما يقرب من خُمس إجمالى أصول القطاع المصرفى الروسي. 3- فرض عقوبات حظر كاملة على ثلاث مؤسسات مالية روسية رئيسية أخرى: بنك أوتكريتى وسوفكومبنك ونوفيكومبنك و34 شركة تابعة لها. تعمل هذه العقوبات على تجميد أصول أى من هذه المؤسسات التى تتعامل مع النظام المالى الأمريكى وتحظر على الأشخاص الأمريكيين أو المقيمين فى الولاياتالمتحدة التعامل مع أى منها. 4- فرض قيود جديدة على الديون وأصول الملكية على ثلاث عشرة من أهم الشركات والكيانات الروسية الكبرى،ونتيجة لذلك لن تستطيع هذه الكيانات، وبينها شركات مفصلية فى الاقتصاد الروسى والتى تقدر أصولها بنحو 4 تريليونات دولار، جمع الأموال من خلال السوق الأمريكية. 5- فرض عقوبات حظر إضافية كاملة على أفراد من النخبة الروسية وأفراد أسرهم. 6- فرض قيود كاسحة على الجيش الروسى لتوجيه ضربة لطموحات بوتين العسكرية والاستراتيجية، وهذا يشمل تدابير ضدّ المستخدمين النهائيين للمنتجات العسكرية. وستحظر صادرات جميع المواد الأمريكية تقريبًا أو تلك المنتجة فى دول أجنبية باستخدام برامج أو تقنيات أو معدات أمريكية معينة على المستخدمين العسكريين المستهدفين. وتنطبق هذه القيود الشاملة على وزارة الدفاع الروسية. 7- فرض قيود على مستوى عموم روسيا لخنق استيراد روسيا للسلع التكنولوجية الضرورية لاقتصاد متنوع وتحجيم قدرة بوتين على استعراض القوة. 8- تحقيق تعاون تاريخى متعدد الأطراف من شأنه أن يضاعف القوة فى تقييد أكثر من 50 مليار دولار من المدخلات الرئيسية لروسيا وقد أبلغ كل من الاتحاد الأوروبى وأستراليا واليابان وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة بالفعل عن خططه لاتخاذ إجراءات موازية. هذا التنسيق غير المسبوق يوسّع بشكل كبير نطاق القيود المفروضة على روسيا، وستستمرّ المشاركة الإضافية مع الحلفاء والشركاء فى تعظيم التأثيرعلى القدرات العسكرية لروسيا. فى المقابل هناك عدد من الأسباب التى تجعل النصر السريع من قبل الغرب يبدو غير مرجح. فقد سعى بوتين بنشاط لعزل روسيا عن الغرب منذ غزو شبه جزيرة القرم عام 2014. واعتمد على الاكتفاء الذاتى خاصة فى الموارد الغذائية، كما اتجه لسياسة محورية مقصودة تجاه الصين، حيث مهدت اتفاقية مع بكين الطريق لبناء خط أنابيب الغاز الذى يربط بين البلدين والذى افتتح عام 2019. وكذلك استخدمت روسيا الأموال المتلقاة من صادراتها من النفط والغاز لبناء دفاعات مالية كبيرة، حيث تحتفظ موسكو باحتياطيات من العملات الأجنبية تبلغ حوالى 500 مليار دولار، ووفقًا للمعايير الدولية، لديها مستويات منخفضة للغاية من الدين الوطنى. كما يمتلك بوتين بعض الأسلحة الخاصة به التى قد يميل إلى استخدامها للانتقام من العقوبات الغربية، حيث توفر روسيا 40٪ من نفط وفحم الاتحاد الأوروبى، و20٪ من غازه. إنها أكبر مصدر فى العالم للأسمدة والبلاديوم. وهو مُكون مهم لصناعة السيارات لأنه ضرورى لصنع المحولات الحفازة. إن وقف صادرات الغاز سيقلل 3٪ من الناتج المحلى الإجمالى الروسى، فى حين أن الدول الغربية ستحصل على مصدر طاقتها فى مكان آخر باسعار أعلى، يرى البعض أن العقوبات على روسيا قد تترك سلبيات كبيرة وخطيرة على الاقتصادات الأوروبية أيضًا، فالمنتجات الأوروبية تأخذ اهتمامًا كبيرًا فى السوق الروسية وتجنى الأرباح، وبعد الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبى وفرض العقوبات على روسيا تأثرت الشركات فى أوروبا. اقرأ ايضا | تحليق القاذفة الروسية «تو-160 إم» المطورة العام الجاري