محافظ المنيا يتفقد مواقف السيارات ومحطات الوقود ويشدد على الالتزام بالتعريفة الجديدة    خبير سياحي: الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير سيساعد في زيادة عدد السياح    الأردن ينفي اجتياز عسكريين أردنيين الحدود الغربية للمملكة    قرعة أبطال إفريقيا للسيدات - صدام نادي ل مسار أمام صنداونز    قائمة ريال مدريد لمواجهة سيلتا فيجو.. عودة كورتوا وتعافي فينيسيوس    حصاد نشاط جهاز حماية المستهلك خلال النصف الأول من أكتوبر الجاري    افتتاح مهرجان تعامد الشمس بمسرح فوزى فوزى الصيفى بكورنيش النيل    على مدار 18 أسبوع.. فيلم "ولاد رزق 3" يحقق إيرادات قياسية    الأحد.. "النواب" يناقش قانون المجلس الوطني للتعليم ووزير الزراعة يلقي بيانًا    3 لاعبين من الزمالك ينتظرون خطف الأنظار في السوبر المصري    زعيما الصين والهند يحضران قمة البريكس وسط توتر متزايد على الحدود    رئيس مجلس الأمن الروسي: نظام كييف يحاول صنع "قنبلة قذرة"    وكيل «صحة الغربية » يجتمع بمديري المستشفيات العامة والمركزية والنوعية لمناقشة خطط العمل    خطيب الجامع الأزهر يحذر الشباب من الإدمان    حملة 100 يوم صحة: تقديم أكثر من 124 مليون خدمة مجانية خلال 78 يوما    من خلاف على الأجرة إلى سرقة هاتف.. تفاصيل حادثة غريبة في قصر النيل    سيدة وزوجها يقودان عصابة تزوير حكومية.. من شقة في بدر إلى النصب عبر مواقع التواصل"    ضبط 8 تشكيلات عصابية و239 قطعة سلاح وتنفيذ 86 ألف حكم خلال يوم    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الخليج بالدوري السعودي    «سيدات يد الأهلي» يلتقي مع بيترو أتلتيكو الأنجولي في نصف نهائي بطولة إفريقيا    مهرجان نقابة المهن التمثيلية.. «سقوط حر» تجمع إلهام شاهين ومحمد رياض حتى الفجر    «بحبك يا زعيم وعملت اللي عليك».. إلهام شاهين توجه رسالة لعادل إمام    سوسن بدر توجه الشكر لكلية الإعلام جامعة القاهرة في إحتفالية نصر أكتوبر    لائحة لجنة الانضباط للموسم الجديد تمنع اللاعبين والمدربين من السوشيال ميديا    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    رواج سياحي واقتصادي.. مولد إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ يجتذب مئات المصريين والعرب (صور)    كيف يساعدك تناول البرتقال يوميًا على فقدان دهون البطن؟    قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا    مدرب ليفربول يعترف بصعوبة مواجهة تشيلسي ويشيد بثنائي الدفاع ويكشف حالة أليسون    إسرائيل تهاجم الأمين العام للأمم المتحدة: لم يرحب باغتيال السنوار    علاوات وإجازات.. أبرز مزايا قانون العمل الجديد    دعاء الشهداء.. «اللهم ارحمهم وجميع المسلمين واجعل الجنة دارهم»    البث الإسرائيلى: نتنياهو أجرى مشاورات حول إنجاز صفقة تبادل بعد اغتيال السنوار    "الإسكان": إتاحة 426 قطعة أرض لذوى الهمم أو ذويهم بولاية ب20 مدينة جديدة    وزير الثقافة يشهد انطلاق فعاليات مؤتمر الشارقة الدولي للذكاء الاصطناعي واللغويات    غير صحيحة شرعًا.. الإفتاء تحذر من مقولة: "مال أبونا لا يذهب للغريب"    الاحتلال الإسرائيلي يشدد من إجراءاته القمعية بالبلدة القديمة ومداخل الخليل بالضفة الغربية    وفاة طالبة جديدة من مصابي حادث الجلالة متأثرة باصابتها    نقيب التمريض تتفقد مستشفى غمرة العسكري وتشيد بكفاءة الأطقم الطبية    موعد ومكان جنازة الشاعر أحمد على موسى    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    مصمم محطة قطار الصعيد ببشتيل: مصر تتميز بوجود مجموعة من وسائل النقل المتعددة    تخريج 3 دورات تدريبية للكوادر الأمنية الإفريقية ودول الكومنولث بأكاديمية الشرطة.. صور    جامعة المنيا تنظم قافله طبية بقرية بلهاسا ضمن المبادرة الرئاسية "بداية جديدة "    قافلة دعوية مشتركة بمساجد رفح والشيخ زويد    وزيرة البيئة تبحث مع نظيرها الأوزباكستاني آليات تعزيز التعاون بين البلدين    تطورات الأوضاع في غزة ولبنان والسودان تتصدر نشاط الرئيس السيسي الأسبوعي    ضبط مرتكبى واقعة اختطاف طفل ومساومة والده لإعادته مقابل مبلغ مالي بالإسماعيلية    في أعقاب تهديدات حزب الله.. هل حيفا على وشك أن تواجه مصير كريات شمونة؟    التموين: حملات رقابية لمتابعة التزام محطات الوقود بالأسعار الجديدة    مراكز الإيواء.. «أمان مؤقت» للنازحين اللبنانيين بعد العدوان الإسرائيلي    وكيل تموين الشرقية يترأس حملات على محطات الوقود    أسعار الحديد اليوم الجمعة 18-10-2024 في الأسواق    مصلحة الضرائب: حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز 100% من أصل الضريبة    وزير الصحة والسكان يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية في تعزيز الوضع الصحي    مجدي بدران: حملة 100 يوم صحة تؤكد نية الدولة تحرير الجسد من الأمراض    سعر الريال القطرى فى مصر اليوم الجمعة 18-10-2024    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير النيل
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 08 - 2021


آية فؤاد
النيل بالنسبة إلى المصريين هو مصدر السعادة، لأنه شريان الحياة، فقد ساعدهم تاريخياً على تنظيم مواعيد الري، وحفر الترع للزراعة، مما شكل مجموعة من الأساطير حوله تمحوَّر معظمها بين تمجيده تارة، والخوف منه تارة أخرى، لكن فى النهاية يبقى النيل جزءاً رئيسياً من حياة المصريين وحضارتهم العتيقة وحاضرهم الجميل.
آمن المصريون القدماء بالنيل، الضامن لحياتهم من مهالك القحط والضيق، واعتبروه الفيض السماوى الذى يهطل على أرضهم بالخير، وتغنوا بأناشيده على آلاتهم الموسيقية، ورسموا به صورة جميلة شكلت معنى الحياة وجوهر الوجود، لذلك انتشرت حوله العديد من الأساطير بداية من أسطورة إيزيس وأوزوريس، والتى من خلالها ربط المصريون بين دموع إيزيس التى حزنت على مقتل زوجها "أوزوريس" على يد أخيه "ست" وفيضان النيل والبعث مرة أخرى، وامتد تمجيد المصريين للنيل فاعتبروه إله الرخاء وجلب السعادة.
فى هذا الصدد، يوضح حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، ل"آخرساعة"، أن نهر النيل كان مقدساً للغاية فى مصر القديمة، وكان النهر محمياً بشكل عظيم وكافٍ وبكل السبل والوسائل من المصريين القدماء ومن الأرباب المسئولين عن حمايته، وحرص المصرى القديم على حماية النهر وصيانته والإفادة من مياهه من خلال إنشاء السدود وشق القنوات والترع والمصارف واستخدام كل الوسائل الممكنة، مثل السقاية والشادوف والطنبور وغيرها، للاستفادة من مياه النهر الخالد وترشيدها واستهلاكها على النحو الأمثل، وكان المصرى القديم يقسم فى كتاب الموتى: "أنا لم ألوث ماء النهر"، مما يدل على المكانة العظيمة والحماية الكبيرة التى كان يكنها فى وجدانه وضميره لشريان الحياة فى مصر.
يتابع: الوازع الدينى للمصرى القديم صوَّر له أن روحاً تكمن وراء هذا النهر العظيم، تدفع مياه الفيضان حاملة الخصب، وهى روح الإله "حعبي" أو "حابي"، كما جاء فى نص أنشودة النيل "تحية لك يا حعبي، أخرج من هذه الأرض واحضر لتهب مصر الحياة"، وكان الإله حابى هو إله النيل عند المصريين القدماء، واعتبروه جالب السعادة، وأطلق المصريون القدماء على نهر النيل فى اللغة المصرية القديمة صفة "إيترو عا" بمعنى "النهر العظيم"، لتمجيد النيل؛ لأنه كان إله الخصب والنماء الذى يمنع عنهم القحط والجدب، وكانوا يذهبون إلى المعابد ليقدموا القرابين إن تأخر الفيضان عن موعده السنوي.
وأوضح أن المصريين كانوا يلقبون "حابي" بإله الخصب والأب المربي، وتم تصويره فى صورة إنسان يحمل فوق رأسه نباتات مائية، ويظهر جسده معالم الجنس الذكرى والأنثوى فى الوقت ذاته، فتظهر ملامح الذكورة فى عضلات أرجله وذراعيه، وتظهر ملامح الأنوثة فى الصدر والبطن، وهى ترمز إلى الأرض التى كان يتم تخصيبها بمياه الفيضان، وكانت تماثيل حابى تظهره وهو يحمل مائدة عليها مختلف أنواع القرابين، وكان من تماثيل النيل ما هو مختلف اللون، فبعضها أحمر، وبعضها أزرق يحمل على رأسه البردى واللوتس، رمزى الدلتا والصعيد، وبعض هذه المناظر مصوَّرٌ على جدران معبد سيتى الأول بأبيدوس ومعبدى إدفو ودندرة.
يتابع: كانت تقام سنوياً أنواع عديدة من الاحتفالات والطقوس الدينية للإله حابى عند موقعين، الأول كهف حابى فى مضيق قرب أسوان، والآخر فى بيت حابى على مقربة من القاهرة، حيث كانوا يقذفون فى النيل الكعك وحيوانات الضحية والفاكهة والتمائم لتثير قوة الفيضان وتحافظ عليه، وكذلك تماثيل الإناث لتثير إخصاب النيل العظيم فيفيض فى أمواج عاتية معطياً الحياة للأرض.
أما أسطورة عروس النيل، فتحدث عنها المؤرخ اليونانى بلوتارك، وتناقلها عنه غيره، حيث قال: "اعتماداً على وحى أجيبتوس ملك مصر قدَّم ابنته قرباناً للنيل ليخفف غضب الآلهة، وأنه بعد فقد ابنته ألقى بنفسه فى النيل". وهذا القول هو أصل الاعتقاد بتقديم فتاة عذراء قرباناً للنيل كل سنة.
فيما يعلِّق هشام عبدالعزيز، الكاتب والباحث فى التراث الشعبي، أن نهر النيل كان مرتكزاً أساسياً فى منظومة العادات والتقاليد فى المجتمع المصرى من الميلاد إلى الممات، بل إن علاقة المصريين تبدأ بالنيل منذ فترات شهور الحمل الأولى حيث يكون وحم بعض المصريات عبارة عن أكل بعض من طين النهر، ثم تضع المصرية ولدها فلا تجد أمامها غير النهر لترمى خلاصها فيه، ليتمتع الطفل ب"العمر الطويل"، وكان يشترط أن تحمل الخلاص إحدى قريبات الأم، ولتكن أمها أو أختها، أو إحدى صديقاتها المقربات، وتذهب به إلى نهر النيل وترمى الخلاص فى النهر وهى تبتسم حتى يكون المولود سعيداً فى حياته بشوشاً بين أقرانه، والأمر نفسه تقريبًا يحدث مع شعر المولود أو أى شعر آخر غير شعر الحلاقة ترميه الأم أو صاحب الشعر فى نهر النيل راجين بذلك شعراً أطول وأغزر وأجمل، متخوفين من رميه فى الطرقات حتى لا يمر فوقه الناس فيصاب صاحبه بالقرع أو يأخذه خصمٌ فيعمل عليه عملاً من أعمال السحر.
يتابع: لم يكن رمى الخلاص والشعر فى مجرى النيل متعلقاً بالإنسان وحده، بل بمواشيهم أيضاً حين تضع مولودها يرمون "المشيمة" فى مجرى النهر راجين إدرار لبن الأم، على أن بعض قرى مصر ومنها قرى منطقة البحث تدفن خلاص الأم أو مشيمة البهيمة فى التراب ولا يفرقون بين النيل وتراب الأرض إلا باعتقادهم أن المولود إذا دُفِن خلاصه فى التراب طابت جروحه بوضع التراب عليها، أما إذا ألقى بخلاصه فى الماء فسوف تطيب جروحه بوضع الماء عليها.
ومثلما حضر النيل فى مشهد الميلاد، حضر وبقوة أيضاً فى مشهد الموت، فحينما يحتضر الفلاح المصرى ينسى الدنيا وينسى أهله، ولكنهم جميعاً يذكرون النهر الخالد، يتذكرون النيل فيستهدونه للمرة الأخيرة لمريضهم بجرعة أخيرة من الماء، كما أن عائلة المتوفى فى غمرة الحزن على متوفاهم لم ينسوا، وخاصة النساء منذ هيردوت وحتى وقت قريب أن يغطين وجوهن ب"النيلة" ذلك النبات النيلى المرتبط بالموت والفأل السيء، مشيراً إلى أن هذا الملمح فى نهر النيل يكاد يكون حالة متفردة، حيث إن مصادر المياه دائماً تكون محلاً للاعتقاد بوجود الجن كما أنها مصدر خوف، لكن نهر النيل هنا مصدر للاطمئنان والتطهر من الذنوب.
من جانبه، يؤكد عمرو عبدالعزيز، أستاذ مساعد تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، أن المفكرين اهتموا فى جميع العصور منذ بدء التاريخ بنهر النيل ووصفه، وتتبع منابعه، وحوضه، ومصبه، وكثرت المحاولات لتفسير أحواله وظواهره المختلفة، وهذه الأمور جميعها هى ما يطلق عليها "جغرافيا النيل"، وسنجد أن رحلة اكتشاف منابع النيل فى الكتابات التاريخية استوعبت القصص والأساطير الشعبية الإسلامية مع الرواسب الأسطورية الفرعونية والقبطية، بجانب بعض قصص الإسرائيليات لتصب كلها فى مجرى واحد غايته فى المخيلة الشعبية اكتشاف منابع نهر النيل التى ظلت لغزاً محيراً لآلاف السنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.