في مايو الماضي، عرفت لبنان الانتخابات البرلمانية من جديدٍ، بعد أن تم تأجيلها لأكثر من مرة وصلت لخمسة أعوام، لكن غاية الانتخابات الأساسية هى تأليف حكومة جديدة لم تتحقق رغم مرور نحو خمسة أشهر على عقد الانتخابات. وآخر انتخابات برلمانية شهدتها لبنان كانت في مايو 2009، وقبل انتهاء ولاية المجلس في نهاية مايو 2013، مدد البرلمان مدة عمله بدعوى الظروف الأمنية في ذلك التوقيت، وظل الأمر هكذا يمضي بصورة متتابعة حتى حلول هذا العام.
وتتبع لبنان نظام المحاصصة السياسية، سواء على مستوى البرلمان أو على مستوى تقاسم السلطات، ويتألف البرلمان اللبناني من 128 عضوًا، مقسمين بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، بواقع 64 مقعدًا لكلٍ منهما، ويستأثر مسيحو المارونية بأكبر عدد من المقاعد يبلغ 34 مقعدًا، في حين يحوز مسلمون السنة والشيعة 27 مقعدًا لكل طائفةٍ منهما، في حين يتقاسم الطوائف الدينية الأخرى باقي مقاعد البرلمان.
ونظام المحاصصة السياسي يعتمد على تقاسم السلطات وتوزيع مقاعد البرلمان على أساس طائفي أو ديني أو عرقي، وفي لبنان يشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني، وحاليًا هو ميشال عون، زعيم حزب التيار الوطني الحر، ورئيس الوزراء من المسلمين السنة، وحاليًا هو سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، أما رئيس مجلس النواب، مسلمٌ شيعيٌ، وقد تم إعادة انتخاب نبيه بري، زعيم حركة أمل الشيعية رئيسًا للبرلمان.
وأقر رئيس مجلس النواب نفسه اليوم بتأزم مفاوضات تشكيل الحكومة اللبنانية، وقال إن المفاوضات عادة إلى نقطة الصفر، بعد أن كان قد صرح الأسبوع الماضي أن هناك بصيصًا من الأمل حول تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه اليوم أبدى تشاؤمًا تجاه تأليف الحكومة الجديدة.
وحتى الآن، تقوم حكومة رئيسة الوزراء سعد الحريري، المنتهية ولايتها، بتسيير الأعمال على مدار الأشهر الخمسة الماضية، ومن المنتظر أن يعيد «الحريري» تشكيل الحكومة الجديدة، لكن لم يتم البت في أمر تأليفها بعد، وذلك في وقتٍ يحذر فيه ساسة لبنانيون من انزلاق البلاد نحو أزمة اقتصادية طاحنة.
خلاف مسيحي يعقد الأزمة
وتكمن نقطة الخلاف الرئيسية في مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية من الأطياف السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية، وفي كيفية تلبية المطالب المتعارضة للتيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون، وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، وهو مسيحيٌ مارونيٌ أيضًا، في وقتٍ تتنامى الخلافات بين الجانبين.
وثارت خلافات بين الحزبين المسيحيين أمس الجمعة، حول كيفية تقاسم السلطة في حكومة وحدة وطنية جديدة مما ألقى بظلال من الشك على توقعات رئيس الوزراء سعد الحريري يوم الخميس بشأن التوصل لاتفاقٍ سيتم قريبًا.
وكان الحريري قد أبدى تفاؤلًا كبيرًا بشأن تأليف الحكومة الجديدة قريبًا، لكن على ما يبدو أن تطلعات رئيس الوزراء المكلف ليست في المتناول حتى الآن.