تم حسم الأمر في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الكبيرين في أمريكا لدخول البيت الأبيض مع بداية العام القادم. ستكون المواجهة - إذا لم تحدث مفاجآت - بين الملياردير العنصري المهرج ترامب عن الحزب الجمهوري، وبين السيدة الحديدية هيلاري كلينتون التي تملك الخبرة السياسية لتكون أول امرأة تحكم أمريكا. وإن كانت تواجه العديد من المشاكل والعقبات سواء بسبب شخصيتها المتسلطة، أو بسبب أخطائها عند توليها منصب وزارة الخارجية. في كل الأحوال مازال المشوار طويلا نحو الرئاسة القادمة لأمريكا، ومازالت المفاجآت واردة. ولكن في كل الأحوال يبقي النجم الحقيقي لهذه الانتخابات هو السناتور بيرني ساندرز الذي نافس كلينتون علي الترشح عن الحزب الديمقراطي. والذي مازال يصر علي الاستمرار في المنافسة حتي الرمق الأخير، وهو يعرف جيدا أنه خسر أمام كلينتون. لكنه يريد أن يقول إنه لا ينافس علي مقعد الرئاسة، ولكنه يقاتل من أجل تغيير حقيقي في المجتمع الأمريكي وفي النظام الذي يحكمه. دخل السناتور المنافسة داخل حزبه «الديمقراطي» وهو يطرح برنامجا لم يكن أحد قبل ذلك يجرؤ علي طرحه. استطاع وهو الذي يقترب من الخامسة والسبعين من عمره أن يكون صوت الشباب وبشير المستقبل بالنسبة للملايين الذين يعانون الظلم في قلعة الرأسمالية. عري ساندرز النظام الذي يزيد ثراء الأغنياء وفقر الفقراء. طالب بنظام جديد شبيه بالنظم الاشتراكية في شمال أوربا. لم يتوقف «ساندرز» عند السياسة الداخلية، بل اقتحم (وهو يهودي الديانة) أحد المحرمات في السياسة الأمريكية، حين هاجم انحياز بلاده لإسرائيل وطالب بسياسة عادلة تجاه القضية الفلسطينية. لم تكن المفاجأة أن يفوز «ساندرز» علي «هيلاري كيلنتون» في عشرين ولاية ولكنها كانت في نجاحه الكبير في تكوين تيار من الشباب والمحترفين بحاجة أمريكا إلي مجتمع أكثر عدلاً، وإلي حكام لا يمثلون «المؤسسة» التي تحكم بأموالها كل شيء في أمريكا، هؤلاء الذين مولوا حملة «ساندرز» بعد أن وضع سقفاً للتبرعات لا يزيد علي عشرين مليون دولاراً، وهؤلاء هم المشكلة الحقيقية التي تواجه كلينتون والحزب الديموقراطي الذي يسعي لتوحيد صفوفه وراء مرشحته رغم بعد المسافة بين أنصار «كلينتون» وأنصار «ساندرز». الرئيس الأمريكي أوباما وصل علي الخط في محاولة توحيد صفوف الديموقراطيين، وأظن أن البرنامج الانتخابي لانتخابات الرئاسة والذي ستلتزم به كلينتون في حالة فوزها، سوف يتضمن الكثير مما طرحه ساندرز وهذا هو ما يسعي إليه الاشتراكي العجوز من استمراره في المعركة حتي النهاية. ساندرز هو نجم هذه الانتخابات لن يكون رئيس أمريكا، لكنه بالفعل بدأ رحلة جديدة في تاريخ أمريكا. كشف حاجتها للتغيير وأكد بما حققه أن التغيير قادم!!