تحدثنا عن بعض وسائل الخداع في سُلوكيات البشر، مثل: الخداع والغش في عمليات البيع والشراء، أو في العمل، أو أيّ مسؤولية؛ وأنها من الأمور المرفوضة دينيًّا وإنسانيًّا. واليوم، نستكمل حديثنا بنوع آخر من الخداع: خداع الفكر. يرتبط خداع الفكر بالأمور التي تتعلق بالمعلومات التي تؤثر في اتجاه أفكار الإنسان، إذ يقوم به شخص بغرض دفع آخرين إلي اتجاه معين لتحقيق مصلحة أوفائدة له؛ إلا أن هٰذا النوع من الخداع قد يدمر صاحبه حين يُكتشف. ومن أنواع هٰذا الغش أن يقدم المرء معرفة خاطئة أومنتقَصة للآخرين من أجل هدف يريد تحقيقه. فعلي سبيل المثال، في مجال العمل، قد يقدِّم إنسان لزميله في العمل معلومات غير صحيحة أوغير مكتملة بهدف أن يقع في أخطاء في حين يظهر هو الأفضل في العمل، أو يقدم معلومات غير صحيحة عن أحد زملائه في العمل إلي المسئول، أومعلومات سمِعها فقط دون التدقيق أوالتحقق من صدقها، فيؤدي بذٰلك إلي اتخاذ مواقف شديدة نحوزميله، أوجزاء يوقَّع عليه! ومثل هٰذا النوع من الغش سيُفتضح أمره يومًا ما، وسينال كل إنسان جزاء ما يستحقه. ولتتذكر، يا عزيزي، أن الحياة تحمل لك ما تفعله نحو الآخرين ليعود إليك يومًا؛ لذٰلك قيل: «كل ما تُريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هٰكذا أنتم أيضًا بهم». ومن أنواع الغش الفكريّ أيضًا، تقديم معلومات غير دقيقة عندما يُطلب النصح والإرشاد. فقد يكون موضوع النقاش لا خبرة لمقدِّم المعلومة به، ولٰكنه يعتبر عدم الإجابة نوعًا من الجهل أوالضعف أمام الآخرين! فيبدأ بل يستطرد في تقديم المعلومات، وهو يُدرك تمام الإدراك أنها بعيدة عن الحقيقة!! أو أن هٰذا الشخص ينسِبها إلي أشخاص لا يمكن التأكد منهم؛ وقد يؤدي ذٰلك إلي اتخاذ المستمع قرارًا مصيريًّا يتسبب له في مشكلات تلازمه طوال حياته! ومن أمثال ذٰلك: معلومات يقدمها البعض بغير دراية عن الحياة في بلاد المهجر دون اختبار لمثل هٰذه الحياة، أو عن العمل أو التوظُّف في مكان ما دون إدراك لطبيعة تلك الوظيفة وشُروطها. إلا أن أصعب الأنواع هو تقديم نصيحة غاشة من أجل إسقاط شخص ما في خطأ، أودفعه إلي أخذ مواقف مضادة أومؤيدة لآخرين!! فمثل هٰذا الغش قد يؤدي بحياة البشر إلي الانهيار والدمار. أيضًا من يقدِّم معلومات غاشة وغير صحيحة في أثناء محاولة فض نزاع أو حل مشكلة بين طرفين أو أكثر لحساب طرف علي الآخر، وكذلك محاولة أحد الأطراف المتنازعة أن يقدِّم مبررات وأسبابًا تظهره الطرف الذي وقع عليه الظلم وأن الآخرين هم الظالمون! وفي كل ذٰلك تقدَّم معلومات غير سليمة في محاولة لتبرير النفس. ومن الغش أيضًا، تقديم الإنسان لشهادة زور ضد أيّ إنسان، فهو بشهادته غير الصحيحة قد يُودي بحياة إنسان، غير مدرِك أن كل ما يفعله قد وُضع أمام الله الذي سيجازيه عليه. وللحديث بقية ...