يحتفل أقباط «مِصر» غدًا بعيد دُخول السيد المسيح إلي «أورُشليم»، الذي يُطلق عليه عدد من الأسماء مثل: «أحد السعف»، «عيد الشعانين»، «عيد الأغصان»؛ ويرتبط هٰذا العيد باستقبال الشعب للسيد المسيح بسعف النخل وهوداخل مدينة «أورُشليم» راكبًا علي جحش، مع هُتافات عظيمة، حتي إن المدينة اهتزت! فيقول الكتاب: «ولما دخل أورُشليم ارتجت المدينة كلها قائلة: «من هٰذا؟».»؛ وهٰكذا كان دُخول السيد المسيح له أثر عظيم في البشر، فنري أنفسًا قد قدمت المحبة له، وفي المقابل نري آخرين من لا يعرِفون إلا الكراهية والحقد، فنلتقي في «أحد السعف» مجموعات من البشر تنوعت أهدافها فاختلفت طريقة استقبالها لدي دُخوله. أمّا عن المحبة، فهي بلا منازع تُعد من أهم مبادئ الحياة علي الإطلاق، فهي القوة التي تساعد علي النُّمووالبناء وتحقيق الإنجازات، ووُجودها في حياة الإنسان دليل معرفته الحقيقية بالله، وعلامة إنسانيته العظيمة التي حباه الله بها، وهي تمثل خُطوات مسيره في الدرب الصحيح نحوالنجاح الحقيقيّ. ومن الشخصيات التي أحبت السيد المسيح: التلاميذ يُعتبر التلاميذ أقرب الشخصيات التي عرَفت السيد المسيح، وقد تبِعوه تاركين كل شيء في طاعة كاملة. ومن خلال تلمذتهم لشخصه المبارك، زُرعت المحبة في قلوبهم حين رأَوه يقدم الخير إلي الجميع أينما سار؛ لذٰلك، عند دُخول السيد المسيح «أورُشليم» حركتهم المحبة وحثتهم علي تقديم ثيابهم التي قد تكون هي ما كل ما يملِكونه! فوضعوها علي الجحش ليجلس عليها، وآخرون وضعوا ثيابهم علي الطريق تكريمًا لشخصه كما ذكر الكتاب: «فأتَيا بالجحش إلي يسوع، وألقَيا عليه ثيابهما فجلس عليه. وكثيرون فرشوا ثيابهم في الطريق.». الشعب أيضًا من الذين أحبوا السيد المسيح كان الشعب البسيط، الذي شعر بمحبة السيد المسيح اللانهائية لجميع أفراده عندما: شفي أمراضهم، وأقام موتاهم، وفتح أعين عُميانهم، وصنع خيرًا عظيمًا بينهم.؛ فقد شارك بعضُهم في وضع ثيابهم ترحيبًا به في «أورُشليم»، وأظهر آخرون سعادتهم ومحبتهم بتحيته بسعف النخيل وأغصان الزيتون والهُتاف. إلا أننا نجد نماذج أخري آثرت محبة المال والذات، ومنهم: «يهوذا الإسخريوطيّ» هوأحد تلاميذ السيد المسيح الاثنَيْ عشَر، وربما هومن الذين قدموا ثيابهم له، إلا أن محبته كانت غاشة، إذ كانت هناك محبة أخري قابعة في أعماقه هي محبة المال التي أدت به إلي أن يبيع سيده ومعلمه بثلاثين من الفِضة!! فالمحك الذي يُظهِر حقيقة أعماق البشر ومحبتهم يكمن في العمل الذي يأتيه الإنسان حين يختار بين منفعته الشخصية وبين إخلاصه للآخرين. وهٰكذا هدم «يهوذا» حياته يوم أن فقد مفهوم المحبة الحقيقيّ، وسار في درب الخداع لمعلمه. «الفَريسيُّون» كانت عدم محبة الفَريسيِّين واضحة منذ البداية، فكانت لقاءاتهم مع السيد المسيح هي عبارة عن حوارات وجدل دائم لمقاومته ولمناهضة تعاليمه، فمحبتهم لذواتهم ولمراكزهم ولسلطانهم هي محركهم الرئيسيّ في حياتهم إلي مقاومة كل من يعتقدون أنه يهدد سلطانهم؛ وفي دائرة هٰذه المحبة رفضوا السيد المسيح وتعاليمه. وفي «أحد السعف» انزعج «الفَريسيُّون» جدًّا من الموكب الشعبيّ والهُتافات في أثناء دُخول السيد المسيح «أورُشليم»، فقال بعضهم له: «يا معلِّم، انتهِر تلاميذك!»، فأجابهم: «أقول لكم: إنه إن سكت هٰؤلاء فالحجارة تصرخ!». كما قالوا بعضهم لبعض: «اُنظروا! إنكم لا تنفعون شيئًا! هوذا العالم قد ذهب وراءه!»؛ ولذا فقد بدأت التدبيرات والمؤامرات للتخلص من السيد المسيح. لتكُن رسالتنا في «أحد السعف»: رسالة المحبة للجميع؛ فبالمحبة نستطيع معًا عمل المعجزات، وزيادة البناء، ونشر العمران؛ إنها رسالة حياة