عاود الحزن من جديد يطرق أبواب بيوت السويس، بعد نبأ استشهاد أمجد أديب، أحد ضحايا طائرة مصر للطيران، التي سقطت في مياة البحر المتوسط، بعد إقلاعها من مطار شارل ديجول في فرنسا، وكأن للسويس نصيبا في كل حزن يمر على مصر. " أعزرونى مش هقدر أتكلم .. وأدعوا لأمجد " هكذا كان حديث شيرين أمجد، زوجة الفقيد، تتحدث وعينيها تنزف ألما، وأمُل تحتفظ به وتدعو الله فتحدث معجزة، ويخرج زوجها حيا من جوف البحر، الذي إبتلع ركاب الطائرة التى كان زوجها أحد ركابها . أمجد أديب عياد، أو كما يعرفه السوايسة ب"أمجد ارجنتو" 45 سنه، الأسم الذى أطلقه على محلين للملابس يملكها، ويستثمر فيهما أمواله وطاقته ولا يبخل بالسفر الى الدول الأوروبية لشراء أفضل وأحدث خطوط الموضه ليقدمها لزبائنه الذين يرونه ماهرا في انتقاء ما يبهرهم ويرضى أذواقهم . السكون يخيم على العقار الذى يقيم فيه أمجد وزوجته وأطفاله الثلاثة، لم يكن أيا منهم بالشقة، فقد غادرت شيرين زوجته، وتركت أطفالها لأسرتها وهرولت وشقيقها إلى مطار القاهرة، ليتابعا عن قرب ما يستجد فى حادث الطائرة، وحين عادت صباح اليوم الجمعة، لم تطق دخول الشقة فذهبت لأسرتها وهى غير مدركة لما يحدث . أخر مكالمه بين شيرين وأمجد في اليوم السابق للحادث، أخبرها بميعاد إقلاع الطائرة، ليعود بعد أسبوع سفر، بعدما أنجز فيه أعماله، وحان موعد الرحيل من فرنسا التي كانت في عينيه اضيق من حوارى السويس حينما يشتاق الى زوجته واطفاله الذين لا يزيد عمر ميرنا أكبرهم عن 12 عاما، وأنهت امتحاناتها بالصف الثانى الاعدادى منذ أيام ووعدها والدها برحلة ترفيهية، وكانت الصغيرة تنتظره ليوفى بوعده . تحدثنا إلى شيرين فى الهاتف، تقبلت العزاء فى زوجها الذى تحسبه شهيدا عند ربه، والله حسيبه، كانت ترفض الحديث، ثم لخصت الوجع فى جملة لم ترتب كلماتها، وكأن افراد الاسرة الزوجة والأطفال الثلاثة والأب الحنون قد إلتقطوا صورة يستند كل من في الكادر عليه، وفجأه غَيبهُ الموت، واختفى من قلب الصوره، فتبعثر المشهد بالكامل وساد الضباب المخضب بلون الحزن، ورائحة الفراق الذي تتمنى زوجته ان يكتب لهم اللقاء بعده .