محمد طه أوضح الناشط السياسي وائل غنيم عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعض المعلومات عن قرض صندوق النقد الدولي. يأتي هذا الحديث بالتزامن مع زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد لمصر الأربعاء 22 أغسطس والتي التقت خلالها الرئيس د. محمد مرسي ورئيس الوزراء هشام قنديل وآخرين بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. وقال غنيم عبر صفحته على "فيسبوك": أولا لا تقرأ هذا الكلام على أنه دفاع عن الاقتراض من صندوق النقد، ولا تقرؤه أنه هجوم على الفكرة، اقرأه في ضوء أنه محاولة لتوضيح بعض الحقائق والمعلومات والظروف التي قد تغير من تقييمك للموضوع سلبًا أو إيجابًا. وأضاف غنيم أن القرض قيمته 4.8 مليار دولار أمريكي بفائدة 1.1% وهي نسبة أقل بكثير عن قيمة الفوائد المستحقة على مصادر التمويل الأخرى التي تستخدمها الحكومة لسد العجز في الميزانية. وتابع: وهنا يجب الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي ستقترض فيها الحكومة المصرية فأجهزة الدولة المختلفة تقترض. وأوضح أن ذلك يتم بشكل شبه يومي من البنوك المحلية والدولية لتغطية تعاملاتها اليومية، وبالتالي فاستهجان فكرة "الاقتراض" ذاتها هو أمر غير منطقي لأن ما من يوم يمر إلا وهناك قرض تقوم جهة حكومية بالحصول عليه من مؤسسة محلية أو دولية. وأشار أن هناك اتجاه لدى صندوق النقد الدولي منذ عدة سنوات للتقليل من تدخلهم في سياسات الدول الاقتصادية بعد الأخطاء الكارثية التي تسببوا فيها وتسببت في إغراق بعض الدول في المزيد من الأعباء بسبب وضعهم اشتراطات معينة وسياسات يجب تنفيذها لمنح القرض للدول. وقال غنيم إن بحسب ما لديه من معلومات فالحكومة قدمت خطة لإدارة القرض والصندوق سيوافق عليها أو يرفضها دون تدخل منها في هذه الخطة، مشيرًا أنه يجب التنبيه أن استقلالية القرار السياسي لمصر هو أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس وبالتالي حدوث مفاوضات خارج إطار الشفافية مع الصندوق والوصول لأي اتفاقات بعيدا عن الكاميرات عن شروط اقتصادية سيؤدي إلى تزايد المخاوف من تبعية مصر اقتصاديا وبالتالي سياسيا. وأضاف أن العجز في الميزانية يفوق الخمسة وعشرين مليار دولار أمريكي (حوالي 150 مليار جنيه مصري) وبالتالي فإن القرض حتى لو تم استخدامه كله لسد العجز فلن يغطي سوى 20% من إجمالي قيمة هذا العجز. وأوضح أن الغرض الأساسي من القرض هو تحسين التقييم العالمي لوضع مصر الاقتصادي والتأكيد على أن مصر أصبحت أكثر أمانا لجذب الاستثمارات الخارجية سواء الكبيرة أو الصغيرة وبالتالي يفتح الباب أمام زيادة إيرادات الدولة. وقال غنيم: تخيل مستثمرا أجنبيا كان ينوي فتح مصنع صغير في مصر قبل الثورة، وبعد الثورة تردد كثيرا بسبب ما يقرأه من أخبار عن خروج الاستثمارات من مصر وعدم استقرار الوضع السياسي، هذا الشخص قد يتحمس في استكمال خطته لفتح المصنع بعد أن يعرف الاستثمار أصبح أكثر أمانا. وأضاف أنه بقبول مصر للاقتراض من الصندوق بعد موافقته، لا يعني هذا أن علينا اقتراض المبلغ بالكامل، ولو كان الهدف هو الحصول على "ختم" المؤسسة الدولية لتحسين صورة مصر الاستثمارية فذلك سيحدث بمجرد توقيع التعاقد. وبالتالي يمكن الحصول على حق الاقتراض دون اقتراض المبلغ كله، والاكتفاء بنسبة قليلة جدا تحقق الغرض المطلوب من إرسال الرسائل التطمينية وفي نفس الوقت تجعل الحكومة أكثر حرصا في صرف مواردها خاصة تلك التي تأتي على هيئة قروض. وتابع غنيم قائلًا: إن الحلول المطروحة من البعض والتي تتحدث عن إقراض المواطنين للدولة حتى تصبح فعالة تحتاج لسد نسبة ضخمة من العجز، وفي حالة أن الإقراض يكون بفائدة قليلة سيكون الأمر شديد الصعوبة، مضيفًا: كما أن مثل هذه الحملات لن تكون فعالة من ناحية الأرقام (توفير مليارات الدولارات) وقد تحتاج وقتا طويلا وحملات دعائية وإعلامية كبيرة. كما أن الاستثمارات الأجنبية قد لا تتأثر بمثل هذه الحملات ويستمر المستثمر الأجنبي في قلقه من عدم فاعلية الاستثمار وبالتالي فقيمة ما نحصل عليه بالجنيه تكون في تناقص لأن الدولار سعره يستمر في الارتفاع لعدم قدرتنا على توفيره. وقال إن الاعتماد على البنوك المحلية في تمويل العجز يؤدي لخفض تقييم مصر الائتماني مما يرفع من نسبة الفوائد على أي قروض تحصل عليها الحكومة، وإصدار الصكوك والسندات الدولية ذات العوائد الجيدة وتسويقها يحتاج إلى تقديم الحكومة لمشتريها عوائد مرتفعة نوعا ما حتى تكون جاذبة ومنافسة لتلك التي تصدرها الحكومات الأخرى الأكثر استقرارا وتقييمها الائتماني (Credit Rating) أفضل من مصر، مما يضع الحكومة بين مطرقة الاقتراض وسندان فوائده المرتفعة طالما أن تقييم مصر الائتماني آخذ في الانخفاض بسبب استمرار فشل الحكومة في مواجهة عجز الموازنة. وكشف غنيم أن جزءًا من الأزمة الحادثة في مصر هو بسبب انخفاض احتياطي النقد الأجنبي، وكلما قل هذه الاحتياطي النقدي أصبحت قيمة الجنيه الحقيقية أقل، والدولة تحتاج بشكل دائم للعملة الأجنبية لتغطية ميزان المدفوعات الخاص بها، ولا يمكن تصحيح هذا الوضع إلا عبر: تدفق الاستثمارات بالعملات الأجنبية للبلاد، أو الاقتراض بالدولار، أو تصدير المنتجات والسلع للخارج. مشيرًا إلى أن الاقتراض المحلي لتسديد هذا العجز قد يجعل الدولة تتحمل تكلفة باهظة (بسبب ارتفاع سعر الدولار مثلا مقابل الجنيه). واقترح غنيم أنه من الحلول الفعالة لتقليل عجز موازنة الدولة هو تغيير طرفي المعادلة (تقليل النفقات وزيادة الموارد) وذلك عبر استخدام سياسة اقتصادية ترشيدية لتخفيض النفقات. قائلًا إن هذا الأمر يحتاج لإرادة سياسية نافذة وحاسمة لتوحيد الجهود على هذا الهدف القومي. وقال: إن موازنة مصر يمكن تقسيمها لأربعة أجزاء أساسية: ربع خاص بالديون وفوائدها (وأغلبها ديون محلية) - ربع خاص بالدعم (وأغلبه يذهب لدعم الطاقة) - ربع خاص بالمرتبات التي يتم دفعها لموظفي قطاع الدولة - وربع أخير يصرف على الصحة والتعليم والمحليات غيرها من الخدمات التي تقدمها الدولة. وتساءل غنيم: هل هناك استعداد شعبي لترشيد النفقات أو دفع المزيد من الضرائب، وهل الإدارة السياسية قادرة على اتخاذ مثل هكذا خطوات خاصة وأن أكبر ما تعاني منه مصر هو غياب العدالة في توزيع الدعم فبعض الأغنياء قيمة ما يحصل عليه من دعم من الدولة يفوق ما يحصل عليه الفقراء وهو الأكثر حاجة للدعم من غيرهم؟ وأوضح أن هناك مليارات من الجنيهات المهدرة داخل أجهزة الدولة الحكومية إما بسبب الفشل في التعامل مع الموارد أو بسبب الإهمال والفساد الإداري، مطالبًا الحكومة بطرح خطة واضحة في محاربة منظومة الفساد تلك وإصلاحها وعدم الاكتفاء بضخ المزيد من الأموال لها سواء كانت عبر قروض أو عبر موارد أخرى للدولة. الثاني عشر: مجلس الشعب حينما ناقش قرض صندوق النقد الدولي رفضه لأن الحكومة الانتقالية ليس من حقها اتخاذ قرار يورط الحكومة التي ستأتي بعد انتخابات الرئاسة. وتحدث أعضاء المجلس عن أمرين هامين بخصوص مسألة القرض وهو: 1) هل اتبعت الحكومة كل السبل الممكنة للتمويل وفتح باب الاستثمار قبل محاولة الحصول على القرض من صندوق النقد الدولي؟ 2) ما هي الخطة التي ستقوم الحكومة بتنفيذها لضمان استخدام القرض بشكل يخدم مصر على المدى الطويل ولا يعرضها للمزيد من الضغوط الدولية؟ وأضاف غنيم قائلًا: الحكومة الحالية لم تقرر طلب قرض من صندوق النقد فحسب، بل طالبت برفع قيمته إلى 4.8 مليار دولار، وأغلب المصريين لا يعرفون أين ستذهب هذه الأموال؟ وهل تنوي الحكومة اقتراض المبلغ كاملا؟ وما هي المصارف التي ستضع الحكومة القرض فيها؟ وما هي آليات التسديد؟ وما هي خطة الحكومة طويلة الأجل لمواجهة عجز الموازنة؟ وما هو الفارق بين حطة الحكومة السابقة والحالية وعلى أي أساس رفض حزب الحرية والعدالة قرض صندوق النقد قبل الانتخابات الرئاسية ثم قبله بعدها. وطرح غنيم سؤالاً هاماً هنا: هل سنشهد تغيراً في السياسة الاقتصادية للدولة بعد الثورة؟ هل الحكومة الحالية ترى مثلا أن الأداء الاقتصادي في مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير هو الأداء الأمثل الذي ينبغي الاستمرار فيه مع بعض الإصلاحات الشكلية؟ وهل هناك انحيازا حقيقياً لتحقيق العدالة الاجتماعية وهي أحد الأسباب الرئيسية لقيام الثورة واشتراك الملايين من المصريين فيها؟ وتوفير بدائل طويلة المدى تؤدي لاستقلال مصر اقتصاديا وعدم سقوطها المستمر في وحل الديون ودوامة سداد فوائدها؟ أين هو برنامج الحكومة الاقتصادي وما هو اختلافه عن برنامج من سبقها من حكومات؟ ما هي الخطوط العامة للبرنامج وتفاصيله؟ ووجه غنيم رسالة إلى الحكومة قائلًا: الشفافية هي الحل فالمواطن المصري أصبح جزءا هاما في منظومة صناعة القرار في الدولة.