كل ما يحدث على الأرض من حوادث إجرامية إرهابية ليس عشوائياً على الإطلاق؛ فتشابه الحوادث الإرهابية في التوقيت أو التكتيك أو الأسلحة أو الأهداف حتى وإن كانت تقع في بلدان مختلفة، دليل واضح أن هناك عقل مدبر واحد يدير الإرهاب في الشرق الأوسط. فحادثة الهجوم على العديد من المواقع العسكرية والأمنية بمدينة «بن قردان» التونسية، فجر الاثنين 7 مارس، تتشابه في كثير من تفاصيلها مع حادثة استهداف أكمنة في الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء في الأول من يوليو الماضي. وجغرافياً تتشابه المدينتين من حيث قربهما من الحدود مع مناطق ملتهبة بالصراعات ومليئة بالجماعات الإرهابية المتطرفة؛ حيث تبعد بن قردان على بعد 30 كيلومتراًعن الحدود الليبية ضمن ولاية مدنين التونسية. يحدّها من الشّمال ساحل بحر الأبيض المتوسط. أما الشيخ زويد فهي أحد المراكز الإدارية الستة في محافظة شمال سيناء، وتقع على الطريق الدولي الساحلي بين رفح والعريش وتبعد 12 كيلومتراً فقط عن قطاع غزة، المنطقة التي تشهد حالات متكررة من أنفاق تهريب الأسلحة والبضائع. في فجر الأول من يوليو.. الشيخ زويد في فجر اليوم الأول من يوليو 2015، استيقظ أهالي الشيخ زويد ورفح والعريش على أصوات انفجارات، أعقبها أصوات تبادل إطلاق نار، نتيجة مهاجمة عناصر إرهابية، لعدد من الحواجز الأمنية في المدينة، فيما تناقلت أخبار تفيد بسقوط عدد من الشهداء بين صفوف الجيش. وقال العميد محمد سمير، المتحدث العسكري، في صفحته على فيسبوك إن القوات المسلحة استطاعت تصفية 22 عنصرًا إرهابيًا في الهجوم، واستشهد وأصيب 10 من أفراد الجيش، وجاء في نص البيان: "في صباح اليوم الموافق 1 / 7 /2015، قام عدد من العناصر الإرهابية (تشير المعلومات الأولية أنها تقدر بحوالي 70 عنصرًا إرهابيًا) بمهاجمة 5 أكمنة بقطاع تأمين شمال سيناء بالتزامن". ورفعت مديرية الصحة والسكان بشمال سيناء، صباح اليوم، حالة الطوارئ إلى القصوى عقب هجوم شنته عناصر تكفيرية على عدد من الأكمنة بجنوب الشيخ زويد. في ثان بيان للمتحدث العسكري، قال العميد محمد سمير، إنه في إطار قيام عناصر قوات قطاع تأمين شمال سيناء بملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة في حادث الهجوم الإرهابي على أكمنة القوات المسلحة بشمال سيناء صباح اليوم، تم استهداف منطقة تجمع للعناصر الإرهابية وتدميرها بالكامل ما أسفر عن مقتل 17 إرهابيًا. وأضاف المتحدث: "هذا وتجدر الإشارة إلى أن الاشتباكات لا تزال مستمرة حتى الآن وإلى ارتفاع أعداد القتلى من العناصر الإرهابية وأعداد الشهداء من أبطال القوات المسلحة". في بن قردان .. السيناريو مكرر ذكر بيان مشترك لوزارتي الداخلية والدفاع في تونس، الاثنين 7 مارس، أن الوحدات الأمنية والعسكرية تمكنت من القضاء على ما يقرب من 35 إرهابيًا والقبض على 7 آخرين، بحسب حصيلة أولية. وأكد البيان استشهاد 7 مدنيين بينهم طفلة عمرها 12 عاماً، و 10 من أفراد الحرس الوطني, بالإضافة إلى إصابة فرد آخر من الحرس الوطني. وبحسب التليفزيون التونسي فإن العملية الإرهابية انطلقت في الخامسة والنصف من صباح الاثنين، من جامع يبعد عن وسط المدينة حوالي 5 كليومترات بعد أن رفع الإرهابيين الآذان كإشارة لبدء العملية، بدأت العملية بمحاولة اقتحام لثكنة عسكرية ومنطقة أخرى للحرس، يبعدان عن بعضهما حوالي 5 كليومتر، في الوقت نفسه تم تنفيذ 3 عمليات اغتيال الأولى لرئيس مركزية الإرهاب ببن قردان، وأخرى لحسين المنصوري الوكيل الأول بالديوانة، والثالثة معاون أمن أمام منزله. أما في وسط مدينة بن قردان فقد تم الهجوم على المستشفى العام وسرقة سيارة إسعاف لاستخدامها في استكمال العملية الإرهابية، واستمرت المواجهات لساعات طويلة. وتم ضبط أنواع مختلفة من الأسلحة بين كلاشنكوف وصواريخ جراد وألغام أرضية ورشاشات، ومخزنين للأسلحة يحتويان على كمية كبيرة من الأسلحة. واتخذت قوات الأمن التونسية العديد من الاحتياطات الأمنية على رأسها غلق جميع المنافذ لمدينة بن قردان وجميع المعابر الحدودية «رأس الجدير والذهبية و وازن»، بالإضافة إلى حظر التجوال من السابقة مساءً حتى الخامسة صباحاً. ما الهدف؟ الهدف واحد هنا؛ ألا وهو محاولة لإقامة إمارة إسلامية داعشية على الحدود في منطقة متاخمة لمناطق الصراعات بين الجماعات المتطرفة، ففي تونس؛ فقد صرح الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، بأن هجوم مدينة بن قردان كان يستهدف إقامة ولاية جديدة "لتنظيم الدولة الإسلامية" في تونس، مشيرًا إلى أن السلطات التونسية كانت تتوقع مثل هذا الهجوم لكن ليس بالحجم الذي ظهر عليه. وفي الشيخ زويد ورفح، تواترت الأخبار المغلوطة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإليكترونية التابعة للجماعة الإرهابية، تفيد بفقدان الجيش المصري السيطرة على مدينة الشيخ زويد، وأن المدينة تحت سيطرة ما يسمى بتنظيم «بيت المقدس»، وهي المعلومات التي ثبت كذبها التام وأن الجيش المصري استطاع أن يفشل العمليات الإرهابية المتزامنة بل وقتل كل من شاركوا فيها.