قال لي صاحبي وهو يحاورني: ألم أقل لك وعارضتني أن فكرة توثيق الطلاق هي فكرة جادة وتندرج تحت فقه الواقع؟.. قلت له: وما الجديد؟ أجاب: ألم تسمع يمينا مغلظا بالطلاق علي الهواء مباشرة وليس حصريا سمعه العالم كله ولم يلبث صاحبه أن تراجع عنه في لحظات وعلي مسمع ومرأي أيضا من العالم كله؟ قلت له: اعذرني فإن المكلمات التي تنفتح علينا يوميا قبل العاشرة مساء وبعدها جعلتني أطلق هواء الفضائيات ليلا وألوذ إلي سريري ألتمس قدرا وافرا من النوم وأنشد قليلا من الأحلام الهادئة بعيدا عن الشتامين واللعانين والمتهمين غيرهم زورا وبهتانا، لكن يمين الطلاق علي الهواء والتراجع عنه علي الهواء أيضا بلغتني أنباؤه صباحا..غير أنني لم أتعجب مثل غيري فكم صال وجال وبلغ صاحبه من الشهرة ما طال واستغل معارفه القانونية فالتقط ألفاظا عفوية متشنجة لخصومه ليحولها إلي سب وقذف فأوردهم سوء المآل،وقذف وسب ولعن واتهم خصومه فما نال أحدهم منه أي نوال. قال صاحبي: وما مصير يمينه إذن وهو لم يوثقه رسميا كما أفتي من اجتهد في ذلك الأمر؟قلت له: لن تنعدم حيلة أو وسيلة فتلك ألغازه الأثيرة ومطيته الوثيرة لكنني علي أي حال أتساءل معك عن المخرج الشرعي من مطب لا يجدي فيه القانون أو الأوراق المحبوكة..وأردفت لصاحبي:ما رأيك أنت في واقعة الشريط اللاصق فوق فم من لم يتعود سكوتا أو تريثا وانتظارا وانتهك الممنوعات من الكلام وأورد نفسه موارد الغضب الشعبي والرسمي وضرب كل أمانيه ضربات قاصمة ؟وما رأيك فيمن تلعثم في قراءة آيات ينطق بها الطفل الصغير بطلاقة ولو كان غير حافظ لها؟والكارثة الكبري أن يكون كبير فصيل ينظر له كثير من المصريين بالإجلال والاحترام.وما رأيك فيمن ضرب لغة القرآن ضربا موجعا علي لسان كبار النواب قراءة وارتجالا وأجبرتنا تلك الضربات المؤسفة علي أن نترحم علي من كانوا يصولون ويجولون تحت تلك القبة بفصاحة وبيان ورجمناهم بثورتين عارمتين؟ وما رأيك فيمن خرج عن إجماع ائتلافه حين حرموه من وعد بمنصب مرموق في المجلس الموقر؟ وما رأيك في حرمان الناس من أمسيات مضحكة من باب شر البلية لأنفسهم بالضحك وتركوا للناس الدموع بمنع إذاعة ليالي سيد قراره علي الناس؟ واضطر صاحبي لمقاطعة تساؤلاتي قائلا:سألتك سؤالا واحدا سهل الإجابة وأمطرتني بوابل من الأسئلة العويصة، أنا آسف لسؤالي وأسحبه مرة ثانية أما أنت واستجواباتك فلا جواب لها إلا بالإفراج عن كنوز الضحك والدموع في ليالي سيد قراره..وهذا فراق بيني وبينك.