يبدو أن زمن المفاوضات بين تركيا وتنظيم داعش قد انتهى، فبعد الهجوم الانتحاري الذي قام به أحد عناصر التنظيم أمس الثلاثاء وضعت تركيا في مواجهة مباشرة لمحاربة خطر إرهاب هذا التنظيم. لقد سبق لتركيا وأن قامت بدور المفاوض من أجل ضمان سلامة رهانئها ال46 موظفا ودبلوماسيا من القنصلية التركية في مدينة الموصل بالعراق بعد احتجازهم من قبل عناصر التنظيم الإرهابي في 2014. ولم تخرج تركيا من تلك المهمة مرفوعة الرأس بل كان الأمر ما هو إلا للضغط عليها من أجل الإفراج عن 180 جهادي والعديد من الأجانب الآخرين المحتجزين في سجونها، وبذلك انتهى التحالف بين تركيا، التي كانت تقوم بعلاج المصابين من الجهاديين وتم إثبات ذلك من خلال شهادات لممرضات بمستشفياتهم وبين داعش الذي غير سياسته مع تركيا. وكما أشارت صحيفة لوموند الفرنسية فإن تلك الضربة الإرهابية الأخيرة جاءت لتنهي أي سياسات أو مفاوضات بين الإمبراطورية "العثمانية" سابقا والتنظيم الإرهابي، حيث قام أحد عناصره بالقيام بعملية انتحارية بمدينة اسطنبول قتل على إثرها 10 أشخاص معظمهم من السياح الألمان وأصيب 15 آخرين، وقد نفذ العملية شاب سوري الجنسية. وقعت العملية في منطقة هامة وحيوية للغاية ومعروفة بمقاصدها السياحية حيث تم التفجير قرب المسجد الأزرق في منطقة السلطان أحمد السياحية وسط اسطنبول، الأمر الذي فسره البعض محاولة لضرب السياحة في تركيا. من جهته خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليشير بأن بلاده أصبحت هدفا مهما للجماعات الإرهابية في المنطقة. ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الهجوم ليس الأول على أرض تركيا ولكنه الأول الذي استهدف أجانب، الأمر الذي يحمل بين طياته العديد من الأمور ويوجه رسالتين هامتين، أولا أنه ضربة للحكومة التركية من أجل تنبيهها لإيقاف سياستها في دعم الجماعات الجهادية في سوريا، الأمر الذي بات واضحا وجليا للجميع، أما الرسالة الثانية فهي موجهة للغرب من أجل إخافتهم وتهديدهم بأنهم أصبحوا مستهدفين في أي نقطة على وجه الأرض. من جهة أخرى، أدى هذا الهجوم إلى توجيه إدانات وانتقادات واسعة للرئيس التركي متهمينه بالتراخي ودعم الجماعات التي نفذت تفجيرات ببلاده. وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا لا تخلو من وجود خلايا نائمة، حيث تم ضبط شبكة تضم 450 جهادي جندهم تنظيم داعش في مدينة أنقرة. كما وقعت مؤخرا عدة عمليات اغتيال للمعارضين اللاجئين السوريين في تركيا، كان أبرزها في أواخر ديسمبر عام 2015، حيث تم اغتيال رئيس تحرير مجلة سورية، والذي قتل بالرصاص في وضح النهار. كما أضافت الصحيفة إلى أنه على الرغم من الجهود التي بذلت مؤخرا من السلطات التركية لتحسين مراقبة الحدود مع دولتي العراقوسوريا، إلا أنها بقيت مفتوحا وهو الأمر الذي سهل مرور المقاتلين الأجانب إلى البلاد وعلى رأسهم عناصر تنظيم النصرة.