جهود دبلوماسية كبيرة خاضتها مصر على مدار الشهور الماضية من أجل الحصول علي العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي بأصوات كثيرة تعكس مكانه مصر وأهميتها. في كل زيارات الرئيس السيسي الخارجية تم تناول هذا الموضوع، كما حمله وزير الخارجية سامح شكري في جميع جولاته بالخارج وأيضا استضافت مصر في مدينة العلمين لقاءً ضم المندوبين الدائمين بالأممالمتحدة للترويج لعضويه مصر غير الدائمة لعامي ٢٠١٦-٢٠١٧. بعض الكارهين للدور المصري قللوا من أهمية الجهد المصري المبذول من أجل نيل هذه العضوية وكان الرد بأن هذه الجهود كانت في محلها لتأكيد المكانة التي تستحقها مصر على المستوى الدولي والإقليمي من خلال تعدي نسبة ثلثي الأصوات بالجمعية العامة للأمم المتحدة واللازمة للحصول على هذا المقعد. خبراء الدبلوماسية والذين عملوا في مختلف القطاعات بوزارة الخارجية أكدوا أن ما حدث يعد إنجازا لمصر وهي تستحقه، واتفقوا على أن مصر لديها الكثير لتقدمه خلال مدة هذه العضوية بالرغم من أنها غير دائمة، فهناك خمس دول فقط بالمجلس دائمي العضوية ولهم حق الفيتو وهم بريطانياوفرنسا وروسيا والصين وأمريكا . البداية تجيء علي لسان السفير د-محمد عز الدين مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون والمنظمات الدولية، والذي يؤكد أن أهم الحقائق التي لا نزاع فيها أن مجلس الأمن الدولي هو أهم وأخطر جهاز دولي على الإطلاق فلديه من الاختصاصات والسلطات مالا يتوفر لدى أي جهاز دولي آخر داخل الأممالمتحدة أو خارجها ومن ثم، فإن عضوية مجلس الأمن تضفي تميزا خاصة على الدول التي تنتخب به حتى ولو كانت هذه الدولة غير دائمة العضوية، أي بغير حق الفيتو الخاص بالأعضاء الخمس دائمي العضوية، وذلك لأن حق الفيتو بالقطع يحول أو يمنع صدور قرار عن المجلس ولكنه لا يضمن بالضرورة ولا يكفي لصدور قرار منه، وذلك لأن الأغلبية المطلوبة لصدور القرار تتجاوز عدد الدول الخمس الدائمين ، ويضيف: وعلى ذلك يكون للدول غير دائمي العضوية أهمية خاصة. مصر دولة ذات ثقل خاص ويوضح السفير عز الدين بان مصر في جميع الأحوال دولة ذات ثقل خاص وفي دوائر ثلاث متقاطعة هي العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز، ومن ثم فان مصر تدخل إلى هذا المجلس بهذا الثقل وبهذا الرصيد وبهذه المبادئ، بما فيها العمل على الإصلاح الحقيقي والفعال للأمم المتحدة، بحيث تعمل في صالح جميع دول العالم بتكافؤ وبغير تفرقه ولا تمييز. ومن جانبه يعتبر السفير أحمد أبو الخير مساعد وزير الخارجية الأسبق أن ال١٧٩صوتا التي حصلت عليها مصر يعد دعما وتأييدا للشرعية الحاكمة بمصر، وما حدث من تطور ديمقراطي وأيضا ترجمة لمكانة مصر والتي لم تهتز بالرغم مما مرت به من أحداث ولم ينال منها الإرهاب الذي تجابهه إلى الآن. وتابع: لقد أعلنت مصر بهذه الأصوات أنها ستظل محتفظة بمركزها الدولي، مشيراً إلى أن عدد هذه الأصوات تجاوزت مرات سابقة نالت فيها مصر هذه العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي. العضوية السادسة لا الخامسة ويلتقط السفير جمال البيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق طرف الحديث ويقول إن هذا النجاح يستحق إرسال برقية تهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري. وتابع: ومع هذا الانجاز أطالب بعدم المبالغة فمصر كانت مرشحه عن مقعد تستحقه، وما حدث كان تصديقا على اختيار إفريقيا وأن مصر تحتل المقعد عن الشمال الإفريقي والسنغال تحتل مقعد أخر عن الجنوب الإفريقي، ونفى هنا ما أثاره البعض من أن ترشيح السنغال كان ضد مصر. وقال إن مصر تجاوزت ثلثي الأصوات المطلوبة ب٥٠ صوتاً، وكشف عن أن هذه العضوية هي السادسة في التاريخ المصري وليست الخامسة، كما هو يشاع فقد كانت المرة الأولى بعد إنشاء مجلس الأمن الدولي مباشرة واستمرت لمدة عام كممثل لدول العالم الثالث. وكانت الدول الدائمة العضوية آنذاك ٤ دول، حيث لم تكن فرنسا منها لأنها لم تكن من دول الحلفاء المنتصرة. وأضاف أن مصر من الدول التي لديها فرصة كبيرة للحصول على المقعد الدائم بالمجلس حال إصلاح الأممالمتحدة، مشيراً في هذا الصدد إلى أن هذا الموضوع طرح عدة مرات من أجل الإقلال من استخدام حق الفيتو للدول دائمة العضوية والذي يعيق في أحيان كثيرة صدور قرارات مهمة وكلنا يتذكر الفيتو الأمريكي حال محاولة إصدار أي إدانه من مجلس الأمن الدولي لما تقوم به إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة. وأضاف: كان مطروحا زيادة عدد الدول الدائمة إلى ٧ أو ٨ دول، وأن يكون هناك منهم مقعدين لإفريقيا وكانت جنوب إفريقيا ومصر، والتي نافستها نيجيريا بحجه أن تعداد سكانها يفوق مصر، من أقوى المرشحين. وعن الخطوة التالية بعد حصول مصر على ال١٧٩صوتا أشار البيومي إلى أن مجلس الأمن الدولي سيقر هذا الاختيار، مؤكداً انه بالقطع لن يستخدم أحد الفيتو ضدنا فجميع الأعضاء أصدقاء لمصر، والمرة الوحيدة التي استخدم هدد فيها باستخدام الفيتو ضد نيل العضوية بعد الحصول عليها من الجمعية العامة كان لليبيا في فتره أزمة لوكيربي، ولذلك حلت مصر هذه الأزمة بدبلوماسيتها المعهودة ونالت هي هذا المقعد حتى لا تضيع الفرصى عن العرب وشمال إفريقيا. الاختيار بقناعه وتوافق ومن جانبه قال السفير محمد منيسي مساعد وزير الخارجية الأسبق أن هذا الاختيار يعكس الحرية والقناعة فالدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة حينما تختار مصر فهي تختارها بحرية وبلا ضغوط، فنحن لسنا كأمريكا التي تضغط بأساليبها لتأييد سياساتها. وتابع: الاختيار بقناعة وتوافق على أن مصر هي الأنسب لشغل هذا المكان وقال إن حجم الأصوات يعد انعكاس كبير لسياسة مصر المتوازنة والتي تعمل لصالح العالم أجمع، كما يعد أيضا انعكاساً للسياسة الخارجية المصرية التي تحركت بشكل جيد لإيصال صورة صحيحة عما يحدث بمصر.