وسط سيناء يرفع درجة الاستعداد مع بدء العام الدراسي الجديد    جامعة المنصورة الأهلية تناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    محافظ أسوان يعلن ربط وتسليم خط المياه الناقل من جبل شيشة لأبو الريش    أسعار السكر بالسوق المحلي اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    حزب الاتحاد: "بداية" تتكامل مع المبادرات الرئاسية للارتقاء بمعيشة المواطن    فيديو.. فيضانات وانهيارات طينية تضرب شمال وسط اليابان    إطلاق 90 صاروخا من جنوب لبنان تجاه شمال إسرائيل    الدوري الإنجليزي، ليفربول يتقدم على بورنموث بثلاثية في الشوط الأول (صور)    ماذا يحدث في أسوان؟ (القصة الكاملة)    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 12248 قضية سرقة تيار كهربائى    مدير مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة يشارك في بطولة «فيلا رشدي بيه»    الثنائي المرعب.. هاني فرحات وأنغام كامل العدد في البحرين    رئيس الوزراء: نستهدف زيادة صادرات قطاع الأدوية إلى 3 مليارات دولار    سان جيرمان يفتقد حكيمي ودوناروما وأسينسيو في مواجهة ريمس بالدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    محافظ المنيا: ندعم أي مصنع يقدم منتجا تصديريا عالي الجودة يحمل اسم مصر    حلة محشي السبب.. خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية بالفيوم    منتدى شباب العالم.. نموذج لتمكين الشباب المصري    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    في اليوم العالمي للسلام.. جوتيريش: مسلسل البؤس الإنساني يجب أن يتوقف    مباشر مباراة ليفربول وبورنموث (0-0) في الدوري الإنجليزي لحظة بلحظة    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    يوفنتوس يجهز عرضًا لحسم صفقة هجومية قوية في يناير    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة اليمنية.. من أين بدأت وإلى ماذا وصلت؟
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 22 - 04 - 2015

أصدر مركز دراسات الرأي العام والبحوث الاجتماعية اليمني "مدار"، الأربعاء 22 إبريل، تقريرا عن الحرب في اليمن وقضية الجنوب.
وجاء نص الدراسة كالتالي..
إن العوامل التي آدت إلى اندلاع الحرب مؤخرا في اليمن كانت مقدماتها واضحة في ما آلة إليه الأوضاع من تدهور وتراكم فشل نظام صنعاء في معالجتها، وهو الأمر الذي مكّن حركة أنصار الله "الحوثي"، من الدخول إلى صنعاء في نوفمبر من العام الماضي بتواطؤ من قبل بعض القوى السياسية اليمنية، وبعد تحالفهم مع الرئيس المخلوع تم تغلغلها في مفاصل الدولة المركزية وأمتد نفوذهم وسيطرتهم إلى أكثر من 13 محافظة شمالية.
كانت مؤسسة الرئاسة وحكومتي الوفاق في البداية والكفاءات لاحقاً عاجزة عن أداء مهامهما الوطنية ، وأنحصر دور النخب السياسية في عملية المحاصصة والتسابق في الاستحواذ على السلطة والمال العام وتعميم الفساد .
ولم تنجح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في إيجاد حلول حقيقية للأزمة المركبة في اليمن ، إذ لم يتم التوصل بشأن تلك المخرجات إلى إجماع وطني حقيقي حول ترتيبات بناء الدولة وحسم مسالة السلطة والدستور، ولم تأت بمعالجة ناجعة لتلك القضايا الجوهرية في اليمن وأهمها قضية الجنوب، التي لم تحض بالاهتمام الكافي سواء في مؤتمر الحوار أو في الحوارات اللاحقة له، في ظل فشل إيجاد مرجعية سياسية تمثل الجنوب وقضيته، إذ لم تنظر النخب الحاكمة في صنعاء والراعية للعملية السياسية في اليمن إلى تلك القضية وموقف أبناء الجنوب في رغبتهم بالاستقلال وهي رغبة تتنامى في المجتمع.
ويفسر ذلك التحالف في الحرب الأخيرة ضد الجنوب الذي مر عليها قرابة الشهر حينما اتجهت مليشيات الحوثي، وقوات الرئيس السابق نحو عدن ومحافظات الجنوب دون أي اعتراض لها في المحافظات الشمالية، وهذا سيعمق من تزايد الصراع بين الشمال والجنوب مستقبلاً.
إعلان الحرب من قبل مليشيات الحوثي والرئيس السابق
كان قرار التعبئةَ العامة الذي أعلن عبر ما تسمى "اللجنة الثورية" هو قرار لبدء الحرب ويعد خطوة خطيرة على مستقبل البلد وقد يؤدي إلى حرب أهلية شاملة ومفتوحة للاستقطاب الإقليمي والدولي .
وهذا القرار الذي اتخذته النخبة الشمالية ، ممثلة في الحلف الانقلابي الدموي "الحوافيش"، لا يعني سوى المضي في طريق الحرب والحرب فقط، من أجل الاستحواذ على السلطة وتكريس الهيمنة الجهوية والطائفية على البلد، ويظهر بأنهم قد استعدوا لهذه الحرب على مستوى عال من التخطيط والتدريب والعدة والعتاد كما بينها مسرح العمليات القتالية.
استقالة هادي وخروجه إلى عدن.
عندما جاء الرئيس هادي إلى عدن في 21 فبراير2015، بعد أن تمكن من كسر الإقامة الجبرية المفروضة عليه في صنعاء منذ 21 يناير بعد تقديمه للاستقالة بسبب الضغوط التي مورست عليه من قبل حركة أنصار الله، كان خروجه من صنعاء وتوجه إلى عدن قد أربك الجميع.
وتعامل الجنوبيون معه بحذر شديد جدًا وضع قوى الحراك في حرج فبعضهم رحب به بصفته جنوبي، لكنهم يعتبرونه رئيس دولة الاحتلال وأبدوا تخوفهم من وجوده وإعلانه عدن عاصمة مؤقتة للدولة، فهم يرون أن ذلك قد يؤثر سلبا على مسار قضيه الجنوب، التي ضحى من أجلها الكثير، وقد ينقل الصراعات من صنعاء إلى عدن وهو ما قد تتمناه كثيرا من القوى النافذة في صنعاء .
بينما يرى البعض الأخر بان مجي عبدربه إلى عدن وإعلانه بان عدن عاصمة مؤقتة ربما يخدم الجنوب لاسيما في استعادة بناء مؤسسات الدولة التي تم تدميرها في السنوات الماضية، وكانوا يتوقعون منه على الأقل أن يبدأ في تنفيذ النقاط 31 التي تضمنت معالجة كثير من المظالم التي لحقت بالجنوبيين منذ العام 1994م، لاسيما وقد وردت ضمن مخرجات الحوار ومنها على سبيل المثال عودة العسكريين الجنوبيين المبعدين من أعمالهم منذ 1994م.
مرت الأيام ولم يلحظ أي عمل من هذا القبيل رغم مطالبة الكثير له بذلك وقدمت له بعض الرسائل والنصائح في هذا الاتجاه وأثارها بعضهم في تلك اللقاءات التي كان يجريها الرئيس بعدد من التجمعات السياسية والاجتماعية الجنوبية ، وأتضح بأن الهدف من تلك اللقاءات هو تقوية موقفه الذي يِظهر من خلالها بأنه يحض بتأييد كبيير في اليمن بعامة والجنوب بخاصة.
يذكر أن الرئيس هادي كان قد حصر نفسه بطاقم تابع لحزب الإصلاح "الإخوان" وعلى وجه الخصوص الطاقم الإعلامي الذي أحضره من صنعاء، كما اعتمد على المقربين له مثل أخوه اللواء ناصر منصور وكيل الأمن السياسي، ود. عبدالعزيز حبتور محافظ عدن ورئيس الجامعة وقلة من المقربين له شخصيا، كان همهم الأول والأخير استغلال هذه الفرصة لكسب مزيدا من المال كما أتضح لاحقاً.
وأصيب المواطنون في عدن والجنوب بالإحباط وأدركوا أن الخطر يداهمهم من قبل صنعاء متمثل بالحوثي والقوى المتحالفة معه وفي مقدمتهم قوات الرئيس المخلوع، وفي الداخل الجنوبي حذرين من ذلك الخطر القادم من بعض الانتهازيين وتجار الحروب الذين ارتبطوا بعلاقات مع الرئيس السابق لسنوات طويلة والذي لا يهمهم إلا مصالحهم الخاصة وكانوا جزا من الذين مارسوا شتى المظالم على أبناء الجنوب .
الاستعداد لمواجهة الحرب.
كان قائد المنطقة الرابعة العميد الطاهري المقرب من هادي بالإضافة إلى أخوه اللواء ناصر منصور ومحافظ عدن هما من يمتلكون القرار في صرف الأسلحة والمعدات التي كانت تذهب في معظمها لمصالحهم ومصالح المقربين منهم.
وحتى اللجان الشعبية التي جاء بها الرئيس هادي من أبين كان معظمهم من العناصر المولية للحراك الجنوبي تقف مع مشروع قضيه الجنوب ولهذه تم التعامل معها بحذر وباستخفاف من قبل بعض المسؤولين عليهم في عدن، وقد تذمروا من تلك المعاملات التي قوبلوا بها.
بعد مرور شهر من وجود الرئيس في عدن خرج مطل على الناس في 21 مارس الماضي بخطاب، أشار فيه إلى عدد من القضايا الهامة بّين فيه مواقفه الذي كان يتشكك منه قطاع واسع في اليمن وأعلن عن مواصلة مهمته لإدارة دولة اليمن الموحد من العاصمة الموقتة عدن ، وهاجم فيه بشدة الحوثي وعلاقته بإيران. وبعد يوم واحد من خطاب الرئيس ظهر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في خطاب رد فيه على خطاب الرئيس وهاجمة بشدة.
واعتبر أن مهمة الرئيس قد انتهت واعتبره دمية بيد الخارج، كما أعلن التعبئة العامة ودعا الشعب لملاحقة ما اسماهم بالدواعش والإرهابيين المتحالفين مع هادي .
يبدو أن الحوثي كان حذرا من الدخول إلى الجنوب وعدن وحتى جاءت حادثة تفجير مسجدي بدر والحشوش في صنعاء بتاريخ في20 مارس الماضي، وخلف هذا التفجير عشرات الضحايا، بالإضافة إلى ما أقدمت عليه بعض العناصر في مهاجمة وقتل البعض من حراسة مكتب المحافظ في لحج، وطرد قائد القوات الخاصة من عدن.
استغل الحوثي هذه الأحداث واعتبرها مبرراً للحرب على الجنوب وأعلن بأن حربهم هي على الدواعش والإرهابيين المتحالفين مع هادي وأن تخطيط هذه العمليات ينطلق من عدن وبعض المحافظات الجنوبية بحسب زعم الحوثي .
خلال تواجد هادي بعدن كان الحوثي يرتب أموره على أرض الواقع بالتخطيط لهذه الحرب، يذكر بأنه قد تم صرف 8 ألف بطاقة شخصية في صنعاء لشباب تابعين للحوثي سجلت فيها بيانات الإقامة والميلاد بوصفهم جنوبيين، وتم إدخالهم إلى عدن وبعض المدن الجنوبية، استعدادا للحرب بالتنسيق مع القوات العسكرية الموجودة بالمحافظات الجنوبية التابعة للرئيس المخلوع.
وعزموا على مطاردة هادي في إقامته بعدن وإسقاط شرعيته التي اعتبروها منتهية بحكم الاستقالة ، في المقابل كان هادي معتمدا على الدعم الخارجي، لم يهتم بالحالة الراهنة ولم يأخذ بالنصائح الموجه له، رغم تردد الكثير على الرئيس هادي والمقربين له يطالبون بانضمامهم للجان الشعبية وتم تسجيل كشوفات بأعداد كبيرة لم يلفت لهم .
هروب اللواء الصبيحي إلى الجنوب
ثم جاء اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الذي كان هو الأخر تحت الإقامة الجبرية بصنعاء رغم ممارسة مهامه بالإكراه هناك ، الا انه استطاع الخروج من صنعاء ووصوله إلى محافظة لحج "مسكن عائلته" حيث تحفظ عن مقابله الرئيس هادي في بداية الأمر، حضر إليه عدد من الأشخاص لإقناعه بالحضور إلى الرئيس هادي والعمل معه وكان الصبيحي لديه بعض التحفظات على عمل الرئيس منها انتقاده لهادي في اعتماده على المليشيات في ظل إهماله للقوات النظامية وطريقة تعامله الملل والبطء في اتخاذ القرار، لكنه حضر لمقابلة الرئيس وعند مقابلته اسندت له المهمة العسكرية دون امداده بالإمكانيات اللازمة لهذا العمل ، كان الصبيحي يحظى بثقل كبير بين أوساط الكثير ومنهم قطاع الشباب في عدن ولحج وبقية المحافظات الذين يرون به القائد المخلص لهم من تلك العصابات.
في 23 مارس قام الصبيحي بتعيين قيادات جديدة في قاعدة العند، وبعد تحرك هذه القيادات ومعهم اعداد كبيرة من المقاومة، حيث وصلوا إلى العند وكل شيء فارغ، وكانت القوة التي أعلنت ولائها للرئيس هادي المتواجدة في القاعدة الجوية بالعند قد تمردت وانقلبت على الشرعية وقامت في مهاجمة المعسكر وعادة إليه في 25 مارس، على اثر ذلك تحرك اللواء الصبيحي باتجاه عدن لمحاولة تجميع قوى المقاومة واللجان الشعبية للتوجه إلى العند لمقاومتهم، وفي الطريق نصب للواء الصبيحي والعميد فيصل رجب كمين في الطريق تم القبض عليهم، ويتردد بين المواطنين أنهم بيعوا بواسطة خدعة من قبل بعض الشخصيات القيادية التي كانت قد أعلنت ولائها للرئيس هادي .
في اليوم الثالث كان الوضع مرتبك كثيرا في عدن حيث كثفت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي من الأخبار المفبركة "الحرب النفسية" التي أعد له بشكل مدروس مسبقاً، أحبطت تلك الأخبار من معنويات اللجان الشعبية والناس في عدن ولحج والتي كانت تتداول عن سقوط العند واعتقال وزير الدفاع وفيصل رجب، في هذا اليوم اختفى الرئيس هادي عن الإعلام وتضاربت الأخبار عن مكان وجوده بين من قال انه قد غادر عدن، بينما أفادت بعض الأخبار بأنه انتقل إلى مكان آمن بحسب ما أذاعه تلفزيون عدن، خصوصا بعد القصف المكثف على دار الرئاسة في معاشق بالطيران من قبل قوات الحوثي وصالح .
في هذا اليوم اختفت اللجان الشعبية فجأة من شوارع عدن، بعد انتقال الرئيس هادي من مقر الرئاسة إلى مكان أخر، وقد اتضح فيما بعد بأنه خروج عبر الحدود البرية إلى سلطنة عمان، ومن ثم إلى السعودية لحضور مؤتمر القمة العربي في 28 مارس بالقاهرة، نهبت العناصر التي كانت تحرس الرئاسة ومنزل الرئيس في خور مكسر وحراسة ملعب 22 مايو هذه المواقع من قبل الحراسات والآخرين.
تجمع الكثير أمام بوابة جبل حديد بهدف اخذ الأسلحة بعد أن امتنع المسؤولون عن توزيعها للمقاومة، علما بأن هناك لجنة شكلت لتوزع الأسلحة إلا أنها اكتفت بصرف الأسلحة للمقربين وسحب أجزاء منها لشخصيات قيادية ذهبت بها لخزنها في أماكن خاصة، وهو الأمر الذي دفع المتجمهرين أمام البوابة إلى اقتحام المخازن ونهب ما تمكنوا من نهبه بعد فرار الحراسات، كان يوما مؤلما بذلك المنظر المخيف للناس وهي تتكدس في الموقع والخزائن.
استمر النهب إلى اليوم الثاني، حيث تم تفجير المخازن وراح ضحيتها أكثر من 160 شخص، وذكرت بعض المواقع بأن اللجان الثورية التابعة للحوثي قد أعلنت بأنها هي من قامت بتفجير الموقع لمنع الناس من اخذ الأسلحة، وهي من سيطرت على الموقع بعد التفجير مباشراً.
ظهور المقاومة الشعبية الجنوبية
أمام هذا الوضع المخيف أقبلت مجموعة من الكتيبة التابعة للواء 31 والمرابطة في معسكر بدر الملاصق للمطار والذين كانوا قد أعلنوا ولائهم للرئيس هادي ، حيث تقدموا للسيطرة على مطار عدن المدني، ودخلوا في اشتباك مع المقاومة من العناصر الشابة في خور مكسر، تم اسر البعض من عناصر المقاومة حوالي 26 شخصا بينهم رجل الدين عبدالحكيم الحسني والعميد المتقاعد القيادي بالحراك الجنوبي عبد اللاه عبدالله عبدربه .
اختفت السلطات الرسمية في محافظة عدن تحديدا كما اختفت قيادة المنطقة الربعة العسكرية وكذا اللجان الشعبية بصورة مفاجئة، الأمر الذي عاشت المدنية في حالة من الفوضى والهلع .
وقد وجد الناس أنفسهم في حرب فرضت عليهم بالقوة لم يكن هؤلاء هم الأطراف المقابلة الذي أعلنت وقوفها مع شرعية الرئيس هادي .
يذكر أن جزء من شباب المقاومة في عدن قد تمكنوا من الحصول على السلاح بعد نهب مخزن الأسلحة في جبل حديد مما ساعد على ظهور المقاومة الشعبية الشبابية بشكل طوعي للدفاع عن أنفسهم وعن كرامتهم .
لم يذكر أن أحد من القيادات العسكرية التابعة لهادي أو اللجان الشعبية يُسند هؤلاء الشباب بالسلاح أو أي دعم لوجستي، كانت التضحيات التي يقدمها شباب المقاومة من الشباب الذين يدافعون عن الجنوب الوطن والدين وليس عن شرعية نظام صنعاء .
تعامل هؤلاء بحذر مع الموقف نظرا لمخاطر الحرب والاستفادة من القصف الذي قامت به عاصفة الحزم لإضعاف مليشيات الحوثي والقوى المتحالفة معها من قوات الجيش والأمن اليمني، مدركين أن هذا الدعم جاء تلبية لدعوة الرئيس الشرعي والحفاظ على الشرعية والنظام في اليمن، فهو أمرا يتناقض تماما مع مطلب أبناء الجنوب.
ووضع بين خيارين هما "إما أن يتركوا الجنوب لمليشيات الحوثي والقوات اليمنية المتحالفة معها التي معظمها هي من اجتاحت الجنوب خلال 21 عاما، أن تجتاحه مرةً ثانية، خصوصا بعد أن تبين لهم اختفاء القوات التابعة لشرعية هادي عن مقاومتها لمليشيات الحوثي ومن ثم إخضاع الجنوب لمرحلة جديدة من الاحتلال، وربما تكون أسوأ من المرحلة السابقة.
وتضمن الخيار الثاني هو تصدر مقاومة شعبية جنوبية حرة تدافع عن الوطن "الأرض والدين" من تلك العصابات على أمل أن تفضي هذه الحرب إلى واقع جديد يمثل لهم مدخلا نحو تحقيق مطلبهم باستقلال الجنوب وهو المطلب الذي لم يتفهم له المجتمع الإقليمي والدولي فقد تكون لغة السلاح هي الحل في نظرهم وخلق واقع آخر قد يتعامل معه العالم، والذي ظل قطاع واسع من شباب الجنوب ينادون به من وقت طويل بعد أن سئموا من التظاهرات السلمية بحسب تعبير الشباب.
الدور الإيراني باليمن.
تفيد المعلومات بأن إيران ومنذ زمن بعيد وهي تعمل مع قوى سياسية كثيرة في اليمن وعلى وجه الخصوص في المركز "صنعاء" وليس مع الحوثيين فقط، كانت كثير من تلك العلاقات والتنسيق يختفي تحت مسمى الحوثيين للتقليل في نفوذ إيران في اليمن.
يذكر أن هناك قطاعات سياسية وشبابية زارت إيران وتحصلت على الدعم والتدريب العسكري والسياسي والإعلامي منها على سبيل المثال ما حصل عليه قطاع سياسي في حركة 11 فبراير ممثل بأحد الشيوخ من تعز الذي جند ما يقارب 3000 من الشباب في نفس العام وهم يقاتلون في صفوف الحوثيين اليوم في الجنوب.
ويمتلك قناة فضائية تبث في بيروت "قناة الساحات"، بالإضافة إلى قلة من الشباب في الجنوب الذين زاروا إيران تم تنسيق زيارتهم عبر قيادات عليا في المؤتمر الشعبي العام بصنعاء وعبر أنصار الله.
أتضح من أن الترويج الكبير لأعلام صنعاء بأن الحراك مدعوم من إيران كان هدفه الرئيسي التشويش على الرأي العام وإخفاء تلك العلاقات للمؤتمر الشعبي العام وقيادات شبابية وإصلاحية مع إيران، ويفيد أحد الشباب الجنوبيين الذين زاروا إيران بأنه كان يشترط عليهم العمل تحت قيادة الحوثيين، رفض الجنوبيون هذه الشروط وانتهت علاقتهم بإيران من أول لقاء لهم.
وتبين أن محاولة إيران في دعمها للحراك مثل تسهيل فتح قناة عدن لايف التي تبث من لبنان، وكان هدفه إضعاف استراتيجية الحراك وخلق له مشكلات من خلال تلك العلاقة فالداخل الجنوبي ينتمي للمذهب السني، يرفض تلك العلاقات مع إيران.
ويرى أن مصلحة الجنوب هي مع الخليج هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هذا الإضعاف كان هدفه أن لا توجد هناك قوى معارضة أخرى قوية باليمن غير حركة الحوثي، وكانت تلك التسريبات تهدف إلى التشكيك بالحراك لدى دول الجوار بحيث أن لا يحصل تقارب بين الحراك ودول الخليج، وهذا ما حصل بالفعل .
لماذا الجيش والحرس الجمهوري انحاز للحوثي؟.
تركيب الجيش في اليمن قام على أساس مناطقي طائفي وعندما أعلن قيام الوحدة 1990م تم ضمن جيش الجنوب مع الجيش الشمالي، وهذا بالضرورة سيؤدي إلى تغير الواقع الذي استمر عليه بناء المؤسسة العسكرية في الشمال لسنوات طويلة، حيث استشعر نظام صنعاء ذلك، ومثل أهم دوافع الحرب على الجنوب في 1994، بهدف التخلص من الجيش الجنوبي، وقد تجلى ذلك بوضوح في تلك الإجراءات التي تم بموجبها إبعاد ما يقارب 82 ألف جندي وضابط جنوبي من قوات الأمن والجيش وإحالتهم للتقاعد الإجباري أو التوقيف.
وكانت تلك هي المشكلة الأبرز في القضية الجنوبية، ولم تنجح تلك الجهود التي أرادت أن تعالج هذه المشكلة ولم تنفذ عدد من القرارات والتوجيهات التي تقر عودة المبعدين من وظائفهم للخدمة، ولم يبذل الرئيس هادي أي دور إيجابي في ذلك؟
وحتى الألوية "السبعة" التي كانت تابعه لهادي عندما كان نائبا للرئيس صالح وتم ضمها إلى قوات الجيش اليمني بعد حرب 94 ضمن تقاسمه السلطة مع الرئيس المخلوع ، فقد زج بتلك الألوية في الحروب الستة مع الحوثيين من 2004م – 2009م، وكان يقودها الجنرال علي محسن.
واتضح أن تلك الحروب هي من عملت على تقوية الحركة الحوثية ومكنتهم من الحصول على الأسلحة وقيام التدريبات وكسبتهم المعنوية والثقة العالية وقد تداولت بعض الأخبار علاقة ابن الرئيس المخلوع مع الحوثي الذي كان يزوده بكثير من الإمكانيات .
بدأ الرئيس المخلوع صالح وابنه التخلص من الجيش التقليدي وبناء جيوش خاصة به الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي تشمل أكثر من 30 لواء متدربة تدريب عال وفيها كل الأسلحة، وبناء الأمن المركزي الذي يرأسه أبن أخ الرئيس المخلوع يحيى محمد عبدالله صالح، كبديل للأمن العام، واستحداث الأمن القومي بدلا للأمن السياسي أسندت قيادته لعمار يحيى ابن أخ الرئيس أيضا، وكل تلك القوى ضلت تحت سيطرة صالح وهي التي تحالفت اليوم معه الحوثي.
الرئيس المخلوع ودوره بالحرب.
يلعب الرئيس المخلوع دورا كبيرا ويُعد طرفا رئيسياً ومخططا لهذه الحرب إلى جانب الحوثي، ومن خلال قراءة سريعة وجمع للمعلومات وسير الخطط الحربية اتضح جليا ان الحرب كانت مخطط سلفاً ومعدّ لها على مستوى عال سواء من حيث التدريب والعدة والعتاد والمهام والانتشار العملياتي التي لعبت قوات صالح فيها الدور الأكبر، ويظهر ذلك بشكل جلي من طبيعة تلك العمليات العسكرية التي تقوم بها هذه القوى التي مازال الرئيس المخلوع ونجله يسيطرون على مقاليد القيادة والسيطرة فيها بل وتأتمر تلك القوات على ضخامتها بأوامرهم.
وهذا التحالف بين الحوثي والرئيس المخلوع قد بدأ منذ تنكره للسعودية وتحالفه مع إيران عبر الحوثي وعمل على إذكاء النزعة الطائفة في الوسط الزيدي، وأبرم الصفقات السرية مع عبد الملك الحوثي.
العدوان على عدن خاصة والجنوب عامة.
تطلعنا وقائع الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي وقوات صالح على عدن خاصة والجنوب عامة تحمل حقدا دفينا من قبلهم تجاه الجنوب، حيث يتم توجيه نيران أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى المدن والتجمعات السكانية والبنية الخدمية والمرافق الطبية والكهرباء والمياه وغيرها، وقد عمدوا إلى توزيع قواتهم وانتشارها في كل مدن وأحياء عدن وبقيه المحافظات الجنوبية، وتحولت فرق مكافحه الإرهاب التي أعدت بميزانيات ضخمة من قوت هذا الشعب إلى فرق موت وإرهاب ضد المواطنين العًزّل وبتعبئة خاطئة ضد كل سكان الجنوب واعتبروهم عدو لا يجب رحمته أو الرأفة به طفلاً أو شيخ أو امرأة وبهذه الوحشية يتم إحراق المساكن وتدميرها على ساكنيها والقيام بأعمال قنص المدنيين في المدن الجنوبية.
وحتى كتابة هذا التقرير لازالوا يمارسون أبشع الجرائم ضد الشعب بالجنوب وفرض الحصار علية والتشديد على معاناته في المأكل والمشرب والتطبيب وتلويث البيئة من حوله وازدياد الأوبئة وترويع السكان وبث الرعب والهلع في نفوس الآمنين من مواطني الجنوب من خلال القصف على المساكن والمؤسسات الخدمية بصورة عشوائية وشكل الحياة الطبيعية للسكان، كما خلفت هذه الأعمال البربرية الوحشية المئات من الضحايا والآلاف من الجرحى والمشردين والنازحين من منازلهم بينهم عدد كبير من النساء والأطفال .
انهم لا يحترمون القانون الدولي الإنساني ولا يراعون حرمة حقوق الإنسان ولا يلتفتون لجريح يستغيث او طفل تائه فقد عائله أو جائع يتضور جوعا أو مستغيث عطشاً.
لقد أصبح سكان عدن بالذات وكل المدن و القرى الجنوبية أهداف عسكرية من جهة، ومن جهة أخرى يرغمون السكان على فتح أبوابهم متجاوزين حرمات البيوت ليلجأ واليها واستخدام المواطنين دروعا بشرية في المواجهات العسكرية أو قصف الطيران الحربي، كما يلجئون إلى اختطاف أعداد كبيرة من المواطنين والذهاب بهم إلى جهات غير معروفه وقد سجلت عشرات الحالات فضلا عن اختطاف البعض وإعدامهم ومن ثم رميهم على قارعة الطريق، و نهب للممتلكات العامة والخاصة.
التوصيات.
في الأمس اجتمعت تلك القوى معا لمحاربه الجنوب تحت حجة محاربة الانفصاليين والمرتديين، وهم اليوم يحاربون الجنوب بحجة محاربة الدواعش والإرهاب، فهم يمارسون التضليل على المجتمع الداخلي مستغلين العصبية القبلية والجهل والمذهبية والتدليس على العالم ليخفوا حقيقة هذه الجريمة النكراء بحق شعب مسالم.
وأمام كل تلك البشاعة نتقدم بتوصيتنا هذه إلى دول التحالف والمجتمع الدولي في النظر إلى ما تأول إلية هذه الحرب ومعرفه من هي المقاومة ولماذا تحارب ولماذا تحتاج إلى دعمكم وموقفكم الإنساني في وجه الظلم والعدوان؟؟.
وعليه ننبه من استغلال سياسي خاطئ لهذه الحرب واستثمار دماء الشهداء من قبل قوى سياسية تتربص لذلك، ولغير الهدف الذي يضحون من أجله فهناك قوة جنوبية معنية بالتعامل مع الواقع في الميدان ويجب مراعاتها بل والاعتماد عليها في أي معادلة سياسية قادمة، غير ذلك أنكم ستفتحون الأبواب لحروب وكوارث إنسانية لا تنتهي، ستأتي بنتائج سلبية على أمن واستقرار المنطقة.
وتجنبا لتبعات هذه الحروب فأننا نلفت انتباهكم إلى ما ستخلفه هذه الدماء وهدا الحقد الدفين الذي عبروا عنه في ارتكاب أبشع الجرائم وصمت جميع القوى السياسية والاجتماعية في الشمال عن ما يجري في الجنوب، الأمر الذي سيزيد من احتقان الوضع وتفاقم الصراع بين الشمال والجنوب إذا لم تحل قضية الجنوب حلا يرضي أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم كبقية بلدان المعمورة.
أصدر مركز دراسات الرأي العام والبحوث الاجتماعية اليمني "مدار"، الأربعاء 22 إبريل، تقريرا عن الحرب في اليمن وقضية الجنوب.
وجاء نص الدراسة كالتالي..
إن العوامل التي آدت إلى اندلاع الحرب مؤخرا في اليمن كانت مقدماتها واضحة في ما آلة إليه الأوضاع من تدهور وتراكم فشل نظام صنعاء في معالجتها، وهو الأمر الذي مكّن حركة أنصار الله "الحوثي"، من الدخول إلى صنعاء في نوفمبر من العام الماضي بتواطؤ من قبل بعض القوى السياسية اليمنية، وبعد تحالفهم مع الرئيس المخلوع تم تغلغلها في مفاصل الدولة المركزية وأمتد نفوذهم وسيطرتهم إلى أكثر من 13 محافظة شمالية.
كانت مؤسسة الرئاسة وحكومتي الوفاق في البداية والكفاءات لاحقاً عاجزة عن أداء مهامهما الوطنية ، وأنحصر دور النخب السياسية في عملية المحاصصة والتسابق في الاستحواذ على السلطة والمال العام وتعميم الفساد .
ولم تنجح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في إيجاد حلول حقيقية للأزمة المركبة في اليمن ، إذ لم يتم التوصل بشأن تلك المخرجات إلى إجماع وطني حقيقي حول ترتيبات بناء الدولة وحسم مسالة السلطة والدستور، ولم تأت بمعالجة ناجعة لتلك القضايا الجوهرية في اليمن وأهمها قضية الجنوب، التي لم تحض بالاهتمام الكافي سواء في مؤتمر الحوار أو في الحوارات اللاحقة له، في ظل فشل إيجاد مرجعية سياسية تمثل الجنوب وقضيته، إذ لم تنظر النخب الحاكمة في صنعاء والراعية للعملية السياسية في اليمن إلى تلك القضية وموقف أبناء الجنوب في رغبتهم بالاستقلال وهي رغبة تتنامى في المجتمع.
ويفسر ذلك التحالف في الحرب الأخيرة ضد الجنوب الذي مر عليها قرابة الشهر حينما اتجهت مليشيات الحوثي، وقوات الرئيس السابق نحو عدن ومحافظات الجنوب دون أي اعتراض لها في المحافظات الشمالية، وهذا سيعمق من تزايد الصراع بين الشمال والجنوب مستقبلاً.
إعلان الحرب من قبل مليشيات الحوثي والرئيس السابق
كان قرار التعبئةَ العامة الذي أعلن عبر ما تسمى "اللجنة الثورية" هو قرار لبدء الحرب ويعد خطوة خطيرة على مستقبل البلد وقد يؤدي إلى حرب أهلية شاملة ومفتوحة للاستقطاب الإقليمي والدولي .
وهذا القرار الذي اتخذته النخبة الشمالية ، ممثلة في الحلف الانقلابي الدموي "الحوافيش"، لا يعني سوى المضي في طريق الحرب والحرب فقط، من أجل الاستحواذ على السلطة وتكريس الهيمنة الجهوية والطائفية على البلد، ويظهر بأنهم قد استعدوا لهذه الحرب على مستوى عال من التخطيط والتدريب والعدة والعتاد كما بينها مسرح العمليات القتالية.
استقالة هادي وخروجه إلى عدن.
عندما جاء الرئيس هادي إلى عدن في 21 فبراير2015، بعد أن تمكن من كسر الإقامة الجبرية المفروضة عليه في صنعاء منذ 21 يناير بعد تقديمه للاستقالة بسبب الضغوط التي مورست عليه من قبل حركة أنصار الله، كان خروجه من صنعاء وتوجه إلى عدن قد أربك الجميع.
وتعامل الجنوبيون معه بحذر شديد جدًا وضع قوى الحراك في حرج فبعضهم رحب به بصفته جنوبي، لكنهم يعتبرونه رئيس دولة الاحتلال وأبدوا تخوفهم من وجوده وإعلانه عدن عاصمة مؤقتة للدولة، فهم يرون أن ذلك قد يؤثر سلبا على مسار قضيه الجنوب، التي ضحى من أجلها الكثير، وقد ينقل الصراعات من صنعاء إلى عدن وهو ما قد تتمناه كثيرا من القوى النافذة في صنعاء .
بينما يرى البعض الأخر بان مجي عبدربه إلى عدن وإعلانه بان عدن عاصمة مؤقتة ربما يخدم الجنوب لاسيما في استعادة بناء مؤسسات الدولة التي تم تدميرها في السنوات الماضية، وكانوا يتوقعون منه على الأقل أن يبدأ في تنفيذ النقاط 31 التي تضمنت معالجة كثير من المظالم التي لحقت بالجنوبيين منذ العام 1994م، لاسيما وقد وردت ضمن مخرجات الحوار ومنها على سبيل المثال عودة العسكريين الجنوبيين المبعدين من أعمالهم منذ 1994م.
مرت الأيام ولم يلحظ أي عمل من هذا القبيل رغم مطالبة الكثير له بذلك وقدمت له بعض الرسائل والنصائح في هذا الاتجاه وأثارها بعضهم في تلك اللقاءات التي كان يجريها الرئيس بعدد من التجمعات السياسية والاجتماعية الجنوبية ، وأتضح بأن الهدف من تلك اللقاءات هو تقوية موقفه الذي يِظهر من خلالها بأنه يحض بتأييد كبيير في اليمن بعامة والجنوب بخاصة.
يذكر أن الرئيس هادي كان قد حصر نفسه بطاقم تابع لحزب الإصلاح "الإخوان" وعلى وجه الخصوص الطاقم الإعلامي الذي أحضره من صنعاء، كما اعتمد على المقربين له مثل أخوه اللواء ناصر منصور وكيل الأمن السياسي، ود. عبدالعزيز حبتور محافظ عدن ورئيس الجامعة وقلة من المقربين له شخصيا، كان همهم الأول والأخير استغلال هذه الفرصة لكسب مزيدا من المال كما أتضح لاحقاً.
وأصيب المواطنون في عدن والجنوب بالإحباط وأدركوا أن الخطر يداهمهم من قبل صنعاء متمثل بالحوثي والقوى المتحالفة معه وفي مقدمتهم قوات الرئيس المخلوع، وفي الداخل الجنوبي حذرين من ذلك الخطر القادم من بعض الانتهازيين وتجار الحروب الذين ارتبطوا بعلاقات مع الرئيس السابق لسنوات طويلة والذي لا يهمهم إلا مصالحهم الخاصة وكانوا جزا من الذين مارسوا شتى المظالم على أبناء الجنوب .
الاستعداد لمواجهة الحرب.
كان قائد المنطقة الرابعة العميد الطاهري المقرب من هادي بالإضافة إلى أخوه اللواء ناصر منصور ومحافظ عدن هما من يمتلكون القرار في صرف الأسلحة والمعدات التي كانت تذهب في معظمها لمصالحهم ومصالح المقربين منهم.
وحتى اللجان الشعبية التي جاء بها الرئيس هادي من أبين كان معظمهم من العناصر المولية للحراك الجنوبي تقف مع مشروع قضيه الجنوب ولهذه تم التعامل معها بحذر وباستخفاف من قبل بعض المسؤولين عليهم في عدن، وقد تذمروا من تلك المعاملات التي قوبلوا بها.
بعد مرور شهر من وجود الرئيس في عدن خرج مطل على الناس في 21 مارس الماضي بخطاب، أشار فيه إلى عدد من القضايا الهامة بّين فيه مواقفه الذي كان يتشكك منه قطاع واسع في اليمن وأعلن عن مواصلة مهمته لإدارة دولة اليمن الموحد من العاصمة الموقتة عدن ، وهاجم فيه بشدة الحوثي وعلاقته بإيران. وبعد يوم واحد من خطاب الرئيس ظهر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في خطاب رد فيه على خطاب الرئيس وهاجمة بشدة.
واعتبر أن مهمة الرئيس قد انتهت واعتبره دمية بيد الخارج، كما أعلن التعبئة العامة ودعا الشعب لملاحقة ما اسماهم بالدواعش والإرهابيين المتحالفين مع هادي .
يبدو أن الحوثي كان حذرا من الدخول إلى الجنوب وعدن وحتى جاءت حادثة تفجير مسجدي بدر والحشوش في صنعاء بتاريخ في20 مارس الماضي، وخلف هذا التفجير عشرات الضحايا، بالإضافة إلى ما أقدمت عليه بعض العناصر في مهاجمة وقتل البعض من حراسة مكتب المحافظ في لحج، وطرد قائد القوات الخاصة من عدن.
استغل الحوثي هذه الأحداث واعتبرها مبرراً للحرب على الجنوب وأعلن بأن حربهم هي على الدواعش والإرهابيين المتحالفين مع هادي وأن تخطيط هذه العمليات ينطلق من عدن وبعض المحافظات الجنوبية بحسب زعم الحوثي .
خلال تواجد هادي بعدن كان الحوثي يرتب أموره على أرض الواقع بالتخطيط لهذه الحرب، يذكر بأنه قد تم صرف 8 ألف بطاقة شخصية في صنعاء لشباب تابعين للحوثي سجلت فيها بيانات الإقامة والميلاد بوصفهم جنوبيين، وتم إدخالهم إلى عدن وبعض المدن الجنوبية، استعدادا للحرب بالتنسيق مع القوات العسكرية الموجودة بالمحافظات الجنوبية التابعة للرئيس المخلوع.
وعزموا على مطاردة هادي في إقامته بعدن وإسقاط شرعيته التي اعتبروها منتهية بحكم الاستقالة ، في المقابل كان هادي معتمدا على الدعم الخارجي، لم يهتم بالحالة الراهنة ولم يأخذ بالنصائح الموجه له، رغم تردد الكثير على الرئيس هادي والمقربين له يطالبون بانضمامهم للجان الشعبية وتم تسجيل كشوفات بأعداد كبيرة لم يلفت لهم .
هروب اللواء الصبيحي إلى الجنوب
ثم جاء اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الذي كان هو الأخر تحت الإقامة الجبرية بصنعاء رغم ممارسة مهامه بالإكراه هناك ، الا انه استطاع الخروج من صنعاء ووصوله إلى محافظة لحج "مسكن عائلته" حيث تحفظ عن مقابله الرئيس هادي في بداية الأمر، حضر إليه عدد من الأشخاص لإقناعه بالحضور إلى الرئيس هادي والعمل معه وكان الصبيحي لديه بعض التحفظات على عمل الرئيس منها انتقاده لهادي في اعتماده على المليشيات في ظل إهماله للقوات النظامية وطريقة تعامله الملل والبطء في اتخاذ القرار، لكنه حضر لمقابلة الرئيس وعند مقابلته اسندت له المهمة العسكرية دون امداده بالإمكانيات اللازمة لهذا العمل ، كان الصبيحي يحظى بثقل كبير بين أوساط الكثير ومنهم قطاع الشباب في عدن ولحج وبقية المحافظات الذين يرون به القائد المخلص لهم من تلك العصابات.
في 23 مارس قام الصبيحي بتعيين قيادات جديدة في قاعدة العند، وبعد تحرك هذه القيادات ومعهم اعداد كبيرة من المقاومة، حيث وصلوا إلى العند وكل شيء فارغ، وكانت القوة التي أعلنت ولائها للرئيس هادي المتواجدة في القاعدة الجوية بالعند قد تمردت وانقلبت على الشرعية وقامت في مهاجمة المعسكر وعادة إليه في 25 مارس، على اثر ذلك تحرك اللواء الصبيحي باتجاه عدن لمحاولة تجميع قوى المقاومة واللجان الشعبية للتوجه إلى العند لمقاومتهم، وفي الطريق نصب للواء الصبيحي والعميد فيصل رجب كمين في الطريق تم القبض عليهم، ويتردد بين المواطنين أنهم بيعوا بواسطة خدعة من قبل بعض الشخصيات القيادية التي كانت قد أعلنت ولائها للرئيس هادي .
في اليوم الثالث كان الوضع مرتبك كثيرا في عدن حيث كثفت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي من الأخبار المفبركة "الحرب النفسية" التي أعد له بشكل مدروس مسبقاً، أحبطت تلك الأخبار من معنويات اللجان الشعبية والناس في عدن ولحج والتي كانت تتداول عن سقوط العند واعتقال وزير الدفاع وفيصل رجب، في هذا اليوم اختفى الرئيس هادي عن الإعلام وتضاربت الأخبار عن مكان وجوده بين من قال انه قد غادر عدن، بينما أفادت بعض الأخبار بأنه انتقل إلى مكان آمن بحسب ما أذاعه تلفزيون عدن، خصوصا بعد القصف المكثف على دار الرئاسة في معاشق بالطيران من قبل قوات الحوثي وصالح .
في هذا اليوم اختفت اللجان الشعبية فجأة من شوارع عدن، بعد انتقال الرئيس هادي من مقر الرئاسة إلى مكان أخر، وقد اتضح فيما بعد بأنه خروج عبر الحدود البرية إلى سلطنة عمان، ومن ثم إلى السعودية لحضور مؤتمر القمة العربي في 28 مارس بالقاهرة، نهبت العناصر التي كانت تحرس الرئاسة ومنزل الرئيس في خور مكسر وحراسة ملعب 22 مايو هذه المواقع من قبل الحراسات والآخرين.
تجمع الكثير أمام بوابة جبل حديد بهدف اخذ الأسلحة بعد أن امتنع المسؤولون عن توزيعها للمقاومة، علما بأن هناك لجنة شكلت لتوزع الأسلحة إلا أنها اكتفت بصرف الأسلحة للمقربين وسحب أجزاء منها لشخصيات قيادية ذهبت بها لخزنها في أماكن خاصة، وهو الأمر الذي دفع المتجمهرين أمام البوابة إلى اقتحام المخازن ونهب ما تمكنوا من نهبه بعد فرار الحراسات، كان يوما مؤلما بذلك المنظر المخيف للناس وهي تتكدس في الموقع والخزائن.
استمر النهب إلى اليوم الثاني، حيث تم تفجير المخازن وراح ضحيتها أكثر من 160 شخص، وذكرت بعض المواقع بأن اللجان الثورية التابعة للحوثي قد أعلنت بأنها هي من قامت بتفجير الموقع لمنع الناس من اخذ الأسلحة، وهي من سيطرت على الموقع بعد التفجير مباشراً.
ظهور المقاومة الشعبية الجنوبية
أمام هذا الوضع المخيف أقبلت مجموعة من الكتيبة التابعة للواء 31 والمرابطة في معسكر بدر الملاصق للمطار والذين كانوا قد أعلنوا ولائهم للرئيس هادي ، حيث تقدموا للسيطرة على مطار عدن المدني، ودخلوا في اشتباك مع المقاومة من العناصر الشابة في خور مكسر، تم اسر البعض من عناصر المقاومة حوالي 26 شخصا بينهم رجل الدين عبدالحكيم الحسني والعميد المتقاعد القيادي بالحراك الجنوبي عبد اللاه عبدالله عبدربه .
اختفت السلطات الرسمية في محافظة عدن تحديدا كما اختفت قيادة المنطقة الربعة العسكرية وكذا اللجان الشعبية بصورة مفاجئة، الأمر الذي عاشت المدنية في حالة من الفوضى والهلع .
وقد وجد الناس أنفسهم في حرب فرضت عليهم بالقوة لم يكن هؤلاء هم الأطراف المقابلة الذي أعلنت وقوفها مع شرعية الرئيس هادي .
يذكر أن جزء من شباب المقاومة في عدن قد تمكنوا من الحصول على السلاح بعد نهب مخزن الأسلحة في جبل حديد مما ساعد على ظهور المقاومة الشعبية الشبابية بشكل طوعي للدفاع عن أنفسهم وعن كرامتهم .
لم يذكر أن أحد من القيادات العسكرية التابعة لهادي أو اللجان الشعبية يُسند هؤلاء الشباب بالسلاح أو أي دعم لوجستي، كانت التضحيات التي يقدمها شباب المقاومة من الشباب الذين يدافعون عن الجنوب الوطن والدين وليس عن شرعية نظام صنعاء .
تعامل هؤلاء بحذر مع الموقف نظرا لمخاطر الحرب والاستفادة من القصف الذي قامت به عاصفة الحزم لإضعاف مليشيات الحوثي والقوى المتحالفة معها من قوات الجيش والأمن اليمني، مدركين أن هذا الدعم جاء تلبية لدعوة الرئيس الشرعي والحفاظ على الشرعية والنظام في اليمن، فهو أمرا يتناقض تماما مع مطلب أبناء الجنوب.
ووضع بين خيارين هما "إما أن يتركوا الجنوب لمليشيات الحوثي والقوات اليمنية المتحالفة معها التي معظمها هي من اجتاحت الجنوب خلال 21 عاما، أن تجتاحه مرةً ثانية، خصوصا بعد أن تبين لهم اختفاء القوات التابعة لشرعية هادي عن مقاومتها لمليشيات الحوثي ومن ثم إخضاع الجنوب لمرحلة جديدة من الاحتلال، وربما تكون أسوأ من المرحلة السابقة.
وتضمن الخيار الثاني هو تصدر مقاومة شعبية جنوبية حرة تدافع عن الوطن "الأرض والدين" من تلك العصابات على أمل أن تفضي هذه الحرب إلى واقع جديد يمثل لهم مدخلا نحو تحقيق مطلبهم باستقلال الجنوب وهو المطلب الذي لم يتفهم له المجتمع الإقليمي والدولي فقد تكون لغة السلاح هي الحل في نظرهم وخلق واقع آخر قد يتعامل معه العالم، والذي ظل قطاع واسع من شباب الجنوب ينادون به من وقت طويل بعد أن سئموا من التظاهرات السلمية بحسب تعبير الشباب.
الدور الإيراني باليمن.
تفيد المعلومات بأن إيران ومنذ زمن بعيد وهي تعمل مع قوى سياسية كثيرة في اليمن وعلى وجه الخصوص في المركز "صنعاء" وليس مع الحوثيين فقط، كانت كثير من تلك العلاقات والتنسيق يختفي تحت مسمى الحوثيين للتقليل في نفوذ إيران في اليمن.
يذكر أن هناك قطاعات سياسية وشبابية زارت إيران وتحصلت على الدعم والتدريب العسكري والسياسي والإعلامي منها على سبيل المثال ما حصل عليه قطاع سياسي في حركة 11 فبراير ممثل بأحد الشيوخ من تعز الذي جند ما يقارب 3000 من الشباب في نفس العام وهم يقاتلون في صفوف الحوثيين اليوم في الجنوب.
ويمتلك قناة فضائية تبث في بيروت "قناة الساحات"، بالإضافة إلى قلة من الشباب في الجنوب الذين زاروا إيران تم تنسيق زيارتهم عبر قيادات عليا في المؤتمر الشعبي العام بصنعاء وعبر أنصار الله.
أتضح من أن الترويج الكبير لأعلام صنعاء بأن الحراك مدعوم من إيران كان هدفه الرئيسي التشويش على الرأي العام وإخفاء تلك العلاقات للمؤتمر الشعبي العام وقيادات شبابية وإصلاحية مع إيران، ويفيد أحد الشباب الجنوبيين الذين زاروا إيران بأنه كان يشترط عليهم العمل تحت قيادة الحوثيين، رفض الجنوبيون هذه الشروط وانتهت علاقتهم بإيران من أول لقاء لهم.
وتبين أن محاولة إيران في دعمها للحراك مثل تسهيل فتح قناة عدن لايف التي تبث من لبنان، وكان هدفه إضعاف استراتيجية الحراك وخلق له مشكلات من خلال تلك العلاقة فالداخل الجنوبي ينتمي للمذهب السني، يرفض تلك العلاقات مع إيران.
ويرى أن مصلحة الجنوب هي مع الخليج هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هذا الإضعاف كان هدفه أن لا توجد هناك قوى معارضة أخرى قوية باليمن غير حركة الحوثي، وكانت تلك التسريبات تهدف إلى التشكيك بالحراك لدى دول الجوار بحيث أن لا يحصل تقارب بين الحراك ودول الخليج، وهذا ما حصل بالفعل .
لماذا الجيش والحرس الجمهوري انحاز للحوثي؟.
تركيب الجيش في اليمن قام على أساس مناطقي طائفي وعندما أعلن قيام الوحدة 1990م تم ضمن جيش الجنوب مع الجيش الشمالي، وهذا بالضرورة سيؤدي إلى تغير الواقع الذي استمر عليه بناء المؤسسة العسكرية في الشمال لسنوات طويلة، حيث استشعر نظام صنعاء ذلك، ومثل أهم دوافع الحرب على الجنوب في 1994، بهدف التخلص من الجيش الجنوبي، وقد تجلى ذلك بوضوح في تلك الإجراءات التي تم بموجبها إبعاد ما يقارب 82 ألف جندي وضابط جنوبي من قوات الأمن والجيش وإحالتهم للتقاعد الإجباري أو التوقيف.
وكانت تلك هي المشكلة الأبرز في القضية الجنوبية، ولم تنجح تلك الجهود التي أرادت أن تعالج هذه المشكلة ولم تنفذ عدد من القرارات والتوجيهات التي تقر عودة المبعدين من وظائفهم للخدمة، ولم يبذل الرئيس هادي أي دور إيجابي في ذلك؟
وحتى الألوية "السبعة" التي كانت تابعه لهادي عندما كان نائبا للرئيس صالح وتم ضمها إلى قوات الجيش اليمني بعد حرب 94 ضمن تقاسمه السلطة مع الرئيس المخلوع ، فقد زج بتلك الألوية في الحروب الستة مع الحوثيين من 2004م – 2009م، وكان يقودها الجنرال علي محسن.
واتضح أن تلك الحروب هي من عملت على تقوية الحركة الحوثية ومكنتهم من الحصول على الأسلحة وقيام التدريبات وكسبتهم المعنوية والثقة العالية وقد تداولت بعض الأخبار علاقة ابن الرئيس المخلوع مع الحوثي الذي كان يزوده بكثير من الإمكانيات .
بدأ الرئيس المخلوع صالح وابنه التخلص من الجيش التقليدي وبناء جيوش خاصة به الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي تشمل أكثر من 30 لواء متدربة تدريب عال وفيها كل الأسلحة، وبناء الأمن المركزي الذي يرأسه أبن أخ الرئيس المخلوع يحيى محمد عبدالله صالح، كبديل للأمن العام، واستحداث الأمن القومي بدلا للأمن السياسي أسندت قيادته لعمار يحيى ابن أخ الرئيس أيضا، وكل تلك القوى ضلت تحت سيطرة صالح وهي التي تحالفت اليوم معه الحوثي.
الرئيس المخلوع ودوره بالحرب.
يلعب الرئيس المخلوع دورا كبيرا ويُعد طرفا رئيسياً ومخططا لهذه الحرب إلى جانب الحوثي، ومن خلال قراءة سريعة وجمع للمعلومات وسير الخطط الحربية اتضح جليا ان الحرب كانت مخطط سلفاً ومعدّ لها على مستوى عال سواء من حيث التدريب والعدة والعتاد والمهام والانتشار العملياتي التي لعبت قوات صالح فيها الدور الأكبر، ويظهر ذلك بشكل جلي من طبيعة تلك العمليات العسكرية التي تقوم بها هذه القوى التي مازال الرئيس المخلوع ونجله يسيطرون على مقاليد القيادة والسيطرة فيها بل وتأتمر تلك القوات على ضخامتها بأوامرهم.
وهذا التحالف بين الحوثي والرئيس المخلوع قد بدأ منذ تنكره للسعودية وتحالفه مع إيران عبر الحوثي وعمل على إذكاء النزعة الطائفة في الوسط الزيدي، وأبرم الصفقات السرية مع عبد الملك الحوثي.
العدوان على عدن خاصة والجنوب عامة.
تطلعنا وقائع الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي وقوات صالح على عدن خاصة والجنوب عامة تحمل حقدا دفينا من قبلهم تجاه الجنوب، حيث يتم توجيه نيران أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى المدن والتجمعات السكانية والبنية الخدمية والمرافق الطبية والكهرباء والمياه وغيرها، وقد عمدوا إلى توزيع قواتهم وانتشارها في كل مدن وأحياء عدن وبقيه المحافظات الجنوبية، وتحولت فرق مكافحه الإرهاب التي أعدت بميزانيات ضخمة من قوت هذا الشعب إلى فرق موت وإرهاب ضد المواطنين العًزّل وبتعبئة خاطئة ضد كل سكان الجنوب واعتبروهم عدو لا يجب رحمته أو الرأفة به طفلاً أو شيخ أو امرأة وبهذه الوحشية يتم إحراق المساكن وتدميرها على ساكنيها والقيام بأعمال قنص المدنيين في المدن الجنوبية.
وحتى كتابة هذا التقرير لازالوا يمارسون أبشع الجرائم ضد الشعب بالجنوب وفرض الحصار علية والتشديد على معاناته في المأكل والمشرب والتطبيب وتلويث البيئة من حوله وازدياد الأوبئة وترويع السكان وبث الرعب والهلع في نفوس الآمنين من مواطني الجنوب من خلال القصف على المساكن والمؤسسات الخدمية بصورة عشوائية وشكل الحياة الطبيعية للسكان، كما خلفت هذه الأعمال البربرية الوحشية المئات من الضحايا والآلاف من الجرحى والمشردين والنازحين من منازلهم بينهم عدد كبير من النساء والأطفال .
انهم لا يحترمون القانون الدولي الإنساني ولا يراعون حرمة حقوق الإنسان ولا يلتفتون لجريح يستغيث او طفل تائه فقد عائله أو جائع يتضور جوعا أو مستغيث عطشاً.
لقد أصبح سكان عدن بالذات وكل المدن و القرى الجنوبية أهداف عسكرية من جهة، ومن جهة أخرى يرغمون السكان على فتح أبوابهم متجاوزين حرمات البيوت ليلجأ واليها واستخدام المواطنين دروعا بشرية في المواجهات العسكرية أو قصف الطيران الحربي، كما يلجئون إلى اختطاف أعداد كبيرة من المواطنين والذهاب بهم إلى جهات غير معروفه وقد سجلت عشرات الحالات فضلا عن اختطاف البعض وإعدامهم ومن ثم رميهم على قارعة الطريق، و نهب للممتلكات العامة والخاصة.
التوصيات.
في الأمس اجتمعت تلك القوى معا لمحاربه الجنوب تحت حجة محاربة الانفصاليين والمرتديين، وهم اليوم يحاربون الجنوب بحجة محاربة الدواعش والإرهاب، فهم يمارسون التضليل على المجتمع الداخلي مستغلين العصبية القبلية والجهل والمذهبية والتدليس على العالم ليخفوا حقيقة هذه الجريمة النكراء بحق شعب مسالم.
وأمام كل تلك البشاعة نتقدم بتوصيتنا هذه إلى دول التحالف والمجتمع الدولي في النظر إلى ما تأول إلية هذه الحرب ومعرفه من هي المقاومة ولماذا تحارب ولماذا تحتاج إلى دعمكم وموقفكم الإنساني في وجه الظلم والعدوان؟؟.
وعليه ننبه من استغلال سياسي خاطئ لهذه الحرب واستثمار دماء الشهداء من قبل قوى سياسية تتربص لذلك، ولغير الهدف الذي يضحون من أجله فهناك قوة جنوبية معنية بالتعامل مع الواقع في الميدان ويجب مراعاتها بل والاعتماد عليها في أي معادلة سياسية قادمة، غير ذلك أنكم ستفتحون الأبواب لحروب وكوارث إنسانية لا تنتهي، ستأتي بنتائج سلبية على أمن واستقرار المنطقة.
وتجنبا لتبعات هذه الحروب فأننا نلفت انتباهكم إلى ما ستخلفه هذه الدماء وهدا الحقد الدفين الذي عبروا عنه في ارتكاب أبشع الجرائم وصمت جميع القوى السياسية والاجتماعية في الشمال عن ما يجري في الجنوب، الأمر الذي سيزيد من احتقان الوضع وتفاقم الصراع بين الشمال والجنوب إذا لم تحل قضية الجنوب حلا يرضي أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم كبقية بلدان المعمورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.