بعد النجاحات التي حققتها على كافة الأصعدة السياسية، واجهت تونس اليوم حادثا إرهابيا استهدف واحدا من أقدم وأكبر الأماكن السياحية والتاريخية في إفريقيا وهو متحف باردو الذي قام الإرهابيون بقتل واحتجاز العديد من الرهائن بداخله. وأدى الهجوم الإرهابي إلى مقتل 19 شخصا، من بينهم 17 سائحا ممن جاءوا خصيصا له لزيارة متحفا من أكثر المتاحف المميزة في العالم. ويقع متحف باردو بجوار مبنى البرلمان التونسي ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1888 أثناء الاحتلال الفرنسي، ويعتبر من أشهر وأكبر المتاحف حول العالم المشهورة بفن الفسيفساء وتشمل أجنحته آلاف اللوحات الفسيفسائية الرومانية التي يعود تاريخها من القرن الثاني قبل الميلاد إلى ما بعد القرن السادس الميلادي، لذا فهو يعد من أبرز المقاصد التي يتجه إليها السياح عند زيارتهم لتونس. ويضم المتحف العديد من اللوحات والقطع الأثرية التي تمثل عصور ما قبل التاريخ والعصر الروماني والفينيقي إضافة إلى الآثار المسيحية والإسلامية والعربية واليهودية، وبعض القطع الفخارية وأعمال الخزف والمجوهرات التي تمثل كلا منها العصور المختلفة، فاستحق المتحف أن يكون واحدا من الأماكن السياحية الجامعة لكافة الحضارات حول العالم. وتم توسيع العمل في المتحف عام 2012، ومضاعفة مساحته وهو ما أتاح له استضافة الآلاف من الزوار كل عام رغم الظروف السياسية الصعبة التي عانت منها تونس في السنوات الأخيرة. وتعتبر قطعة "لو تريومف دو نبتون"، أشهر فسيفساء بالمتحف وهي تعود للعصر الروماني ووضعت بشكل عامودي على طابقين، كما تعتبر مخطوطة "القرآن الأزرق" تحفة نادرة في قسم الفنون الإسلامية والتي كتبت بالخط الكوفي ويعود تاريخها إلى القرن العاشر. ووفقا لصحيفة لوفيجارو الفرنسية، فإن مديرة المتحف السيدة سمية غرس الله كانت قد صرحت في 2012 بأن ما يجعل "باردو" وجهة أساسية للسائحين عند زيارتهم لتونس هو كونه متحف لكافة الحضارات الإنسانية التي مرت على تونس، فعند زيارته يستطيع الفرد التجول في كافة الحقب الزمنية. وجاءت تلك الضربة الإرهابية في وقت صعب، فكما أشارت صحيفة لوموند الفرنسية، فإن السياحة في تونس " مصدر للدخل القومي لا يستهان به ومفتاح أساسي للاقتصاد الوطني"، كانت قد بدأت في التعافي من كبوتها التي ألمت بها منذ 2011 عقب الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ففي 2014 سجلت المؤشرات نموا طفيفا في الإيرادات إلا أنها لا تزال بعيدة عن معدلات ما قبل الثورة، وكانت قد بدأت في الارتفاع تدريجيا عقب استقرار الأوضاع السياسية وانتخاب رئيس للبلاد، لذا فيأمل الكثيرون أن لا تؤدي مثل تلك الهجمات إلى تدهور الوضع.