أم كلثوم، رتيبة زغلول، وعبد الحميد شومان رئيس البنك العربى في أربعينيات القرن الماضي، ثلاث شخصيات لعبت دورًا مهمًا وتاريخيًا فى مسيرة مؤسسة أخبار اليوم تجاوز بجهودهم صعوبات كادت توقف إصدارها. كان لأم كلثوم دور لا ينسى في استمرار أخبار اليوم ذكر ذلك مصطفى أمين قائلاً: "كانت أم كلثوم أول من شجعنا على إصدار "أخبار اليوم"..وأول من وقفت معنا بعد أن خاضت "أخبار اليوم" معركة طاحنة مع إحدى الحكومات. صحفها تصادر كل يوم..المظاهرات تضربها بالطوب.. مجهولون يلقون عليها القنابل والديناميت..محرروها يزجون في السجون والمعتقلات..وأصدرت الدولة أمرا من الشركات والمحال التجارية بعدم نشر إعلانات في "أخبار اليوم" وضعت بعض الشركات تحت الضغط. وخافت أن تغضب الدولة فامتنعت عن نشر الإعلانات". كما ذكر مصطفة أمين أن "أخبار اليوم" وقعت في ضائقة مالية، قائلاً:" بعنا البيت الذي نملكه في الروضة ولكن لم يكف سداد المطلوب وبعنا أسهم أبى في شركة بيع المصنوعات المصرية ولكن ابتلعتها الجريدة الجائعة..وذهبنا إلى البنوك نقترض منها ولكن صدرت الأوامر للبنوك بالامتناع عن إقراض "أخبار اليوم" وكنا قد استنفدنا كل ما نستطيع أن نقترضه من البنك العربي ونذكر هنا أن صاحبه الفلسطيني عبد الحميد شومان فتح حسابا لأخبار اليوم على بياض بثلاثين ألف جنيه ولكن الثلاثين ألف جنيه انتهت أيضا وامتدت أيد كثيرة لتنقذنا. وكنا نخفى هذه الحقيقة عن كل من يعمل معنا.. كنا نضحك وقلوبنا تبكى.. كنا نكتب ولا نعرف هل سنجد ثمن الورق الذي ستصدر به الجريدة في اليوم التالي". دور لا ينسى وذات يوم دق جرس التليفون في مكتبي وإذا بها أم كلثوم وقالت أنها تريد أن تقابلني أنا وعلى أمين فورا في بيتها فذهبنا إليها فقالت إنها أدركت أننا في أزمة خانقة وأن "أخبار اليوم" مهددة بالإفلاس وأنها على استعداد لان تضع كل مليم تملكه تحت تصرف "أخبار اليوم". وسألناها من أين عرفت هذا السر فقالت أنها ترفض أن تقول من أين علمت بهذا السر وأحضرت لنا مبلغ عشرين ألف جنيه وقالت إنها مستعدة لان تبيع مصاغها وبيتها وتقدم لنا حتى مائة ألف جنيه قلنا لها أنت مجنونة.. إن هذا المبلغ قد يضيع.. قالت أن الذي يهمني هو ألا تموت جريدة مصرية.. فقلنا لها: أننا نشك في أننا نستطيع أن نسدد لك هذا المبلغ قبل سنوات. وجاء رد أم كلثوم قائلة: "لا أريد أن تسددوه إلا بعد أن تسددوا آخر دين عليكم للآخرين واكتفينا بمبلغ 18 ألف جنيه..وأردنا أن نكتب إيصالا باستلامنا المبلغ ورفضت أم كلثوم أن تكتب هذا الإيصال وكتبنا الإيصال فمزقته ورمته في وجوهنا. وعندما سجن مصطفى أمين سنة 1960 في قضيته الشهيرة وتم وضعه تحت الحراسة وصودرت أمواله في البنك وصدر وقتها قرار بالقبض على كل من يمد يده بالمساعدة لمسجون سياسي وقتها فكر مصطفى أمين في اللجوء إلى أم كلثوم وقال لها أنه في حاجة إلى مائة جنيه فورًا ونبهها هذا المبلغ ربما يعرضها لوضع أموالها تحت الحراسة بأنه لن يلوم عليها إذا رفضت إقراضه هذا المبلغ واختتم رسالته ربما لا أستطيع رد هذا المبلغ قبل عشر سنوات ربما لا يستطيع رده أبدا فردت أم كلثوم وأرسلت له مبلغ 500 جنيه، وقالت إنها مستعدة أن ترسل له حتى خمسة آلاف جنيه. وحين سجن مصطفى أمين جلست أم كلثوم مع الرئيس عبد الناصر والمشير عامر والموسيقار محمد عبد الوهاب يتناولون العشاء على مائدة نادى الضباط وعقب القبض عليه بيومين. والتفت عبد الناصر إلى أم كلثوم وقتها وسألها عن رأيها، فكان ردها اعرف مصطفى أمين طوال حياته واعرف وطنيته وأعرف كيف دخل كل مليم أخبار اليوم، ورغم أن عبد الناصر أشاح بوجهه إلا انه استمرت تدافع عنه، ثم سعت لدى عبد الناصر والمشير عامر للإفراج عن مصطفى أمين لكن باءت محاولتها بالفشل. تحويشة العمر من أجل "أخبار اليوم" أما رتيبة زغلول والدة مصطفى أمين وعلى أمين فلها دور مؤثر في بناء مؤسسة "أخبار اليوم" فقد ورثت السيدة رتيبة عن خالها سعد زغلول الذي لم ينجب أبناء كما ورثت شقيقها سعيد زغلول الذي توفى في ريعان شبابه، وكانت رتيبة تلاحظ أن ولديها يعملان في الصحافة ولم تكن مستعدة لأن تنفق مليما واحدا من ثروتها على اشتغال ولديها بهذه المهنة لكن حينما اطلعت على العدد الأول من "أخبار اليوم" الصادر فى 11 نوفمبر 1944 أيقنت أن محاولتها لإبعاد مصطفى وعلى أمين عن الصحافة باءت بالفشل وأدركت أنهما يستحقان التشجيع فقدمت لهما شيكا بمبلغ 18 ألف جنيه وكان كل رصيدها في البنك الأهلي. شومان ينفى الشائعات أما الشخصية الثالثة فهو عبد الحميد شومان رئيس البنك العربي في الأربعينات الذي لعب دورهما في تجاوز أخبار اليوم عثرتها عقب وضع حجر الأساس عام 1945 وعلم أن مصطفى وعلى أمين في ضائقة فأقرضهما 30 ألف جنيه. وأشار على ومصطفى أمين أكثر من مرة إلى الدور الذي لعبه هذا الرجل من اجل "أخبار اليوم"، وعلى الرغم من تعدد الأقاويل بشأن مسألة تمويل "أخبار اليوم" فقد نفى سيد أبو النجا المدير المالي لأخبار اليوم هذه الشائعات التي أثيرت بشأن التمويل..وان التمويل تم بأموالهما الخاصة ومساعدة والدتهما خاصة أن مصاريف إصدار العدد الأول كانت في متناول أيديهما. ومن أرباح "أخبار اليوم" وبمساعدة بعض الأقارب من الدرجة الأولى، فالأرض التي قامت عليها الدار كانت بالتقسيط وبقرض من البنك العقاري وحصلا على قرض آخر بضمان الدار استكملا به البناء ومشروعاتهما الصحفية وتمكنا من سداد قيمة القرض والمشروعات الصحفية من الأرباح التي حققتها دار "أخبار اليوم".