"فليبقى كل في مكانه.. أيها الرجال دمي.. فداءاً لكم.. حياتي فدائي لكم"، بهذه الكلمات الخالدة في وجدان الشعب المصري رد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على محاولة اغتياله بميدان المنشية في ال26 من أكتوبر عام 1954. ففي ال26 من أكتوبر توجه رئيس الوزراء المصري حينها جمال عبد الناصر إلى مدينة الإسكندرية ليلقي أحد أشهر خطابته، احتفلاً بالتوقيع على اتفاقية الجلاء في ال19 من نفس الشهر. بدأ عبد الناصر خطابه بالإعلان عن توقيع اتفاقية جلاء المستعمر البريطاني عن مصر، محييًا كفاح شعب الإسكندرية، ومطالبا بالعمل لبناء الوطن، مؤكدا على أنه بدأ كفاحه من ميدان الإسكندرية عندما خرج في أول مظاهرة سياسية، ليشتعل حماس الجماهير الذي لم يقطعه سوى صوت 8 طلقات نارية ليسود بعدها الصمت. وبعد مرور ثواني من التعجب والصمت وعدم فهم ما يجري جاء صوت بعد الناصر عبر الميكرفون الذي يتحدث منه ليطالب الجميع بالثبات صارخًا "فليبقى كل في مكانه.. دمي فداء لكم.. روحي فداء لكم.".. وفي الأول من نوفمبر 1954 تم تكوين "محكمة الشعب" برئاسة جمال سالم وعضوية السادات وحسين الشافعي؛ لبحث قضية محاولة اغتيال عبد الناصر والتي كان المتهم الرئيسي فيها الإخواني محمود عبداللطيف، وحكمت بالإعدام في 4 ديسمبر من نفس العام عليه بالإعدام مع 6 آخرون، يوسف طلعت، إبراهيم الطيب، هنداوي دوير، محمد فرغلي، عبد القادر عودة، وعمر التلمساني، إلا أن الأخير تم تخفيف الحكم عليه ليكون السجن 25 عامًا. وتلى حادث المنشية جدلاً شديداً وقتها حول مدى مسؤولية جماعة الإخوان عنه، حتى أن الرئيس الراحل محمد نجيب في مذكراته "كنت رئيسا لمصر"، اتهم عبد الناصر بتدبير الحادث؛ ليتخلص من جماعة الإخوان المسلمين ومن نجيب نفسه قائلاً "الإخوان دفعوا ثمن تأييدهم لعبدالناصر عندما دبر حادث الاعتداء عليه بالمنشية في 26 أكتوبر واتهم فيها محمود عبداللطيف". وتعجب نجيب في مذكراته من عدم قدرة منفذ العملية محمود عبد اللطيف الفدائي السابق من إصابة عبدالناصر على الرغم من وجوده على بعد 15 مترًا منه، إلا أن اعتراف خليفة عطوة بمسؤولية الجماعة عن محاولة اغتيال ناصر أنهى الجدل حول حادث المنشية والذي يمر عليه 60 عاماً شاهدة على فشل الإخوان من إسكات صوت جمال عبدالناصر.