العلاقات المصرية الأمريكية تشهد حاليًا بعض التوترات بسبب الأوضاع السياسية بعد 30 يونيو، فما هي الأسباب وراء ذلك، وما هي التحديات التي تواجه أو تعرقل تلك العلاقات خاصة السياسية، وما هو مصير الاستثمارات الأمريكية في مصر ، وما هو مستقبل تلك العلاقات والاستثمارات بعد نجاح المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المصرية. الحوار التالي مع الخبير المصرفي، جمال محرم، رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق يتناول تفاصيل هذه العلاقات والتحديات والعقبات التي تواجه استمرار تلك العلاقات التي وصفت بالتاريخية خاصة على مستوى الحكومات. أكد جمال محرم، رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق، وعضو المجلس الحالي، أن انتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا لجمهورية مصر العربية هو بداية لعودة الاستقرار وضخ الاستثمارات المصرية والعربية والأمريكية لتنمية الاقتصاد المحلي، خاصة بعد أن شهد العالم وفقًا لقوله الإقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسية، وأن المصريين يكتبون التاريخ بهذه الانتخابات، ونصدرها للغرب ليعرف من جديد الشعب المصري، الذي صنع انقلابًا شعبيًا على نظام الإخوان المسلمين بحسب قوله . ورغم الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية غير المستقرة حاليأ، قال محرم خلال حواره معنا، إنني متفائل، وأن المستثمرين الأجانب سيعودون، شريطة الاستقرار وهو ما بدأ يتحقق بانتخاب السيسي رئيسًا لمصر، وبدليل أن الصين والتي لا يوجد بها ديمقراطية بها واحدة من أكبر الدول الجاذبة للاستثمار، لأن عوامل الاستقرار متحققة فيها وبها عوامل الأمان متوفرة. وقال مصر دولة ناجحة للمستثمر، وبها 90 مليون مستهلك وتمثل قوة شرائية كبيرة، والشعب المصري لا يدخر، وحلم أي مستثمر أن يجد سوق زي ده . وحول بقاء أو استمرا محلب" رئيسا للوزارء خاصة بعد انتخاب السيسي رئيسا لمصر قال جمال محرم، إن اختيار إبراهيم محلب وزير الإسكان رئيسا للوزراء قرار صائب وأنه الرجل المناسب لهذه المرحلة باعتباره من أكثر الوزراء نشاطًا في وزارته السابقة مع حكومة الببلاوي. وأكد محرم، والذي يدير حاليًا الشركة المصرية لخدمات الإدارة في مجال صناديق الاستثمار "سيرفند" ، والقاهرة للتخصيم، على أنه ما زالت هناك 6 عقبات تواجه الاستثمارات الأمريكية في مصر على رأسها عدم الاستقرار الأمني والمطالب الفئوية للعاملين، والإضرابات والمظاهرات التي تعطل الإنتاج، وتثبيت العمالة المؤقتة، والمطالبة بتوريث عمل العاملين لأبنائهم، بجانب عقبة أخري تخيف المستثمر الأمريكي وهي تطبيق القوانين بأثر رجعي. كما أكد محرم على أنه لا يوجد حاليًا استثمارات أمريكية حتى تدخل السوق المصري، في الوقت الحالي بسبب سوء الأوضاع الأمنية في البلاد، نافياً وجود أي موقف عدائي من الأمريكان أو الإدارة الأمريكية لمصر والمصريين. وأضاف محرم أنا طالبت وقت أن كنت رئيسًا لغرفة التجارة المصرية الأمريكية، بضرورة الحفاظ على الموجود الاستثمارات الأمريكية الموجودة والتي بلغت 16 مليار دولار فقط، وطالبت أيضا رجال الأعمال المصريين بضخ كم أكبر من الاستثمارات حتى يطمئن رجال الأعمال العرب أو الأجانب خاصة الأمريكان. ولفت محرم إلى أهمية مساندة الولايات المتحدة لدعم المؤسسات الدولية لمصر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لها صوت قوي في جميع المؤسسات الدولية، مشيرا إلى أن ذلك يمثل أهمية خاصة بالنسبة لقطاع الأعمال أيضا ، لأن دعم صندوق النقد الدولي سيفتح المجال أمام تدفق الاستثمارات الدولية إلى مصر، وأكد أن الهدف الأساسي في المرحلة الحالية هو خلق فرص العمل في مصر لأن ذلك سيحقق العدالة الاجتماعية بشكل تلقائي، مؤكدا أن هذه العدالة الاجتماعية لن تتحقق بالدعم الذي قال إنه لا يصل غالبا إلى مستحقيه. وشدد جمال محرم على أنه حينما كان رئيسا للغرفة سعي بالتركيز على فكرة خلق الوظائف من خلال مشاريع مصرية أمريكية مشتركة، والاستفادة من مصر كشريك للشركات الأمريكية على المستوى الإقليمي. ونوه رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق بأن تحقيق الأمن أمر سهل من خلال الشرطة، ولكن الأهم بالنسبة للمستثمر هو توفير الأمان لرأس المال والشركات والاستثمارات لأن هذا هو ما سيساعد بالدرجة الأولى على خلق الوظائف. وأشار رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية جمال محرم، إلى أن الدعم المعنوي الأمريكي لمصر هو الأهم في هذه المرحلة، لأن الدعم المالي الاقتصادي أصبح لا يتجاوز 250 مليون دولار وهو مبلغ زهيد في حسابات الدول. وأوضح أن إعلان الولايات المتحدة على سبيل المثال عن التفكير في عمل اتفاقية تجارة حرة مع مصر سيكون له مردود كبير جدا، حيث سيبدأ الكثير من المستثمرين الأمريكيين في العمل في مصر. ودعا محرم إلى دعم اتفاقية الكويز "المناطق الصناعية المؤهلة"، مشيرا إلى أن هذه المشاريع توفر 300 ألف فرصة عمل في مصر، كما دعا إلى إدخال صعيد مصر ضمن المناطق الصناعية المؤهلة مع زيادة عدد المنتجات المدرجة على هذه الاتفاقيات. ولفت إلى أن القطاع الخاص يشكل 75 % من الاقتصاد، وإذا أضيف إليه القطاع الموازي الغير رسمي فإنهما يشكلان معا حوالي 95 %، مشيرا إلى أن دور الحكومة هو تهيئة البيئة المناسبة بقوانين تجذب الاستثمارات ولا تعود إلى تطبيق القوانين بأثر رجعي. كما أشار جمال محرم إلى ضرورة تنبيه القطاع الخاص في حال زيادة اسعار الطاقة على سبيل، المثال بوقت كاف حتى تعد الشركات ميزانياتها وفقا للمستجدات دون التعرض لصدمات، مما يدفعها إلى التوقف عن العمل وسحب استثماراتها. وحول أهم المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي في مصر، قال محرم: أهم هذه المشاكل مشكلة عدم الاستقرار الأمني في مصر وهذه المشكلة تواجهنا جميعا مصريين ومستثمرين أمريكان وإن كانت الحالة الأمنية الآن أفضل من الحالة في بداية الثورة أو منذ شهور قليلة، وقد عانت الشركات الأمريكية العاملة في مصر مثل شركة كوكاكولا التي يعمل بها حوالي 15 ألف موظف مصري من الانفلات الأمني من خلال عمليات السرقات المتكررة لسيارات الشركة وحمولتها بجانب سرقة السيارات المحملة بالسجائر المدفوع ضرائبها ورسومها. وأنه من المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي أيضا المطالب الفئوية والمظاهرات والإضرابات، ولذلك أتمني من المجتمع أن يتحدث مع النقابات العمالية ومع العمال وأن يؤكد لهم أن حق الإضراب والتظاهر مكفول ولكن لابد أن نتعلم من الدول الخارجية ماذا يفعلون في الاضطراب وفي المظاهرات، ففي دول العالم لا يقوم جميع العمال بالتظاهر أو الإضراب في شركة ما وإنما نصف عدد العمال يضربون عن العمل أو يتظاهرون والنصف الآخر يعمل ليحافظ علي معدلات الإنتاج، ولذلك فالإنتاج في هذه الدول لا تتأثر معدلاته بسبب الإضراب أو المظاهرات لأن تأثير ذلك يؤثر سلبيا أكثر علي العمال. وعلي الرغم من أن المطالب الفئوية انخفضت جدا الآن فإن هناك بعض الذين يستغلون الظروف وليس لديهم حق في ذلك مثل العمال الذين يعملون لدي المقاولين ويطالبون بالتعيين في الشركات التي يتعامل معها هؤلاء المقاولون وهذا لا يجوز، ومن المشاكل أيضا زيادة عمليات طلبات الموظفين والعمال في تشغيل أبنائهم في الشركات التي يعملون بها، مما يشير إلى أنهم يؤيدون عملية التوريث ولكن لأبنائهم فقط، لذلك لابد من إيجاد حلول لهذه المشاكل وإنهائها. من المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي في مصر أيضا القلق مما سيحدث في المستقبل لأن عدم الاستقرار السياسي سيؤثر علي الاستقرار الاقتصادي وعلي الرغم من انتهاء الانتخابات الرئاسية وأصبح لدينا رئيس منتخب الآن .. وبدأنا العمل ولكن ما زال ينقصنا الانتهاء من إعداد الدستور وانتخابات مجلس الشعب، فالاستقرار السياسي يتوازى مع الاستقرار الاقتصادي خطوة بخطوة، فكما كان لدينا استقرار سياسي كان لدينا استقرار اقتصادي وقد حققت الانتخابات الرئاسية وانتخاب الرئيس 50% من الاستقرار الاقتصادي للمستثمر الأمريكي في مصر، وهي الخطوة الرئيسية الآن لكي ننطلق نحو الاستقرار وبدء المشروعات والاستثمارات. وبالنسبة للبنية التحتية الأساسية للمستثمرين فهي موجودة في مصر ولم تتأثر بعد الثورة، أما المستثمرون الأمريكان الجدد فقد جاءوا لمصر ليشاهدوا على الطبيعة السوق المصري ويتعرفوا على ظروفه باعتباره سوقا كبيرا وجاذبا مما شجعهم علي المجيء لمصر. وحول مجالات عمل هؤلاء المستثمرين قال إنها متعددة وتشمل البنوك والبترول والسياحة والاتصالات والصناعات الغذائية، مع ملاحظة أنه لا يوجد أحد من هؤلاء المستثمرين الأمريكيين من العاملين في مجال صناديق الاستثمار، مما يشير الي أن المستثمرين الأمريكان الجدد يعملون في نفس مجالات المستثمرين الامريكان القدامى العاملين في مصر. وأكد محرم على أن المخاوف التي تواجه المستثمرين الأمريكيين العاملين حاليا في مصر، هي عمليات تطبيق القوانين بأثر رجعي بمعنى إصدار قانون جديد وتطبيقه بأثر رجعي علي المستثمرين الحاليين والمستثمر الأمريكي قلق جدا من تطبيق القوانين بأثر رجعي لأنهم واجهوا بالفعل مشاكل بسبب تطبيق القانون بأثر رجعي فمثلا هناك مستثمرون حصلوا علي أراض في الغردقة أو في المدن الجديدة وأقاموا عليها مصانع أو فنادق أو قري سياحية وبعد سنوات يأتي من يقول له لقد حصلت علي هذه الأرض بسعر منخفض، ما هو ذنب هؤلاء المستثمرين إذا كانت الحكومة المصرية في ذلك الوقت هي التي أعطت لهم هذه الأراضي بهذا السعر. من المخاوف أيضا تطبيق القوانين بأثر رجعي علي مشروعات الغاز وإن كان تطبيق القانون بأثر رجعي علي مشروعات الغاز أسهل إلى حد ما من تطبيقها علي المشروعات الأخرى لأن المستثمرين الأجانب معتادون على تغيير أسعار بيع الغاز باستمرار حيث من الطبيعي أن تتحرك أسعار الغاز باستمرار. وخلال رئاستي للغرفة في الفترة السابقة، طرحت مصر علي الولايات المتحدة إقامة منطقة للتجارة الحرة بين البلدين منذ عام 1997 مثلما حدث مع إسرائيل والمغرب والأردنوالبحرين، وغرفة التجارة الأمريكية تحاول منذ سنوات أن تدفع بموضوع اتفاق التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية، وهذا الاتفاق تم بحثه ثم تجميده عدة مرات حتي الآن، علما بأن كوريا الجنوبية استغرقت 8 سنوات حتى توقع اتفاق تجارة حرة مع أمريكا مما يشير إلى أن هذا الاتفاق لا يتم توقيعه بين يوم وليلة بل يستغرق سنوات عديدة. أضاف محرم أن اتفاق التجارة الحرة بين أمريكاوالبحرين استغرق عامين مع ملاحظة عدم جواز المقارنة بين اقتصاد البحرين أو اقتصاد الأردن مع الاقتصاد المصري لأنهما اقتصادان صغيران مقارنة بالاقتصاد المصري كما لا يوجد خوف من الاقتصاد البحريني أو الاقتصاد الأردني على الاقتصاد الأمريكي لأن الولايات المتحدة تنظر أيضا إلى تأثير توقيع أي اتفاق للتجارة الحرة مع أي دولة علي الاقتصاد الأمريكي، وعدم تأثر اقتصادها سلبيا بهذا الاتفاق، ومصر ينبغي أيضا أن تهتم بمصلحة اقتصادها كما من الضروري أن تتقابل مصالح الاقتصاد المصري مع مصالح الاقتصاد الأمريكي في نقطة ما. عندما تبدأ مصر الحديث مع الولايات المتحدة عن إقامة منطقة تجارة حرة بينهما ستتغير أمور عديدة في الاقتصاد المصري حيث سيؤدي هذا إلى زيادة اهتمام الشركات الأمريكية بالسوق المصري وإعداد مشروعات للاستثمار في مصر وهذا يستغرق حوالي أربع سنوات بحيث إنه عند انتهاء هذه الشركات من إعداد مشروعاتها التي ستقيمها في مصر سيكون توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة قد تم. وهذا الاتفاق له مميزات وله عيوب أيضا، والمهم هو الحفاظ علي المصالح المصرية والاستفادة من إقامة منطقة التجارة الحرة لصالح مصر، فإذا كانت هذه المنطقة ستؤدي إلى فتح الأسواق الأمريكية أمام الصادرات المصرية إلا أنها ستفتح أيضا الأسواق المصرية أمام الصادرات الأمريكية مما يتطلب أحداث التوازن بين هذا وذاك. وتوجد عدة اشتراطات إصلاحية أمريكية لإقامة منطقة تجارة حرة مع مصر، يسميها البعض أحيانا طلبات إصلاحية، في حين يسميها اليساريون في مصر شروط أمريكية ولهذا فهذه الطلبات أو الاشتراطات تسمي طبقا لأيدلوجية كل شخص. وتتضمن هذه الاشتراطات الإصلاحية الأمريكية:" عمالة الأطفال وضرورة أن يكون لها قانون محدد وواضح، حقوق الملكية الفكرية، عمالة المرأة وظروف عملها، الضرائب والرسوم ومدي وضوحها، الفساد ودرجته والقوانين التي تحد منه"، أيضا توجد اشتراطات اقتصادية واشتراطات سياسية، وقد حققت مصر كافة الإصلاحات الاقتصادية التي تطلبها أمريكا لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع مصر منذ أيام النظام السابق، أما الإصلاحات السياسية كالحريات وغيرها فلم تحققها مصر في ذلك الوقت، الآن انعكس الوضع حيث حققت مصر بعد الثورة العديد من الإصلاحات السياسية التي يجب عليها أن تحققها، ولذلك فالظروف مهيأة الآن بالنسبة لمصر لتوقيع هذا الاتفاق، ولكن هذا يتوقف أيضا علي الولايات المتحدة ومدي استعدادها خاصة أن الولايات المتحدة الآن علي مشارف الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مع ملاحظة أن الوفد الأمريكي الذي زار مصر مؤخرا هو الذي تحدث عن اتفاق التجارة الحرة مع مصر، كما تحدثت عن هذا الاتفاق ايضا السفيرة الأمريكية بالقاهرة منذ قدومها لمصر وكان لها دور كبير في مجيء الوفد الامريكي الذي يضم مائة مستثمر. وبسؤاله حول إمكانية تسريع عملية توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة، قال : "تنفيذ مصر للاشتراطات الأمريكية من خلال إعداد قائمة بهذه الاشتراطات وإصدار القوانين التي تتطلبها هذه الاشتراطات، بجانب شرح الظروف المصرية التي قد تحول دون تنفيذ أحد هذه الاشتراطات"، كما تشترط أمريكا ضرورة القيام بتنفيذ الاشتراطات السياسة والاقتصادية والإصلاحية في أي دولة حتى توقع اتفاقية تجارة حرة معها لأن المجتمع المدني الأمريكي هناك قوي جدا، وإن كان هذا لا يعني أن الأمريكان ملائكة، فالصين مثلا لا تطبق أي اشتراطات إصلاحية ولا تراعي حقوق الإنسان ولكن حجم لتجارة وحجم الاقتصاد الصيني كبير جدا لدرجة أن الأوروبيين والأمريكان ينظرون للصين لتحقيق المصالح الأوروبية والأمريكية. وحول إمكانية تطوير مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والولايات المتحدة أفضل مما هي عليه الآن، قال بالتأكيد يمكن للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر أن يتم تطويرها وزيادتها أكثر من الآن وقد بدأت غرفة التجارة الأمريكية الإعداد لهذا التطوير بدليل وفد المستثمرين الأمريكيين الذين زاروا مصر خلال العام الماضي والبالغ عددهم مائة مستثمر أمريكي يمثلون 45 شركة ويعتبر هذا الوفد اكبر وفد جاء لمصر منذ بداية عضويتي بالغرفة منذ عام 1983، والمطلوب الآن هو احترام التراكم الاقتصادي المصري لأن هذا التراكم عمله الشعب المصري ولا ينبغي لنا لمجرد أن الرئيس السابق هو الذي افتتحه أن نهمله. وبسؤال محرم، حول أهم المعوقات التي تواجه الصادرات المصرية في السوق الأمريكي؟ وما تأثير اتفاقية "الكويز" علي هذه الصادرات، قال إن أهم هذه المعوقات مدي جودة الصادرات المصرية وجودة العبوات والتغليف، وقد ساعدت "الكويز" في زيادة الصادرات المصرية للسوق الأمريكي حيث يبلغ الميزان التجاري بين مصر وأمريكا حاليا نحو 9 مليارات دولار منها 6 مليارات دولار واردات مصرية من أمريكا وحوالي 3.5 مليار دولار صادرات مصرية إلى أمريكا منها نحو 1.5 مليار دولار صادرات مصرية في إطار اتفاقية "الكويز"، أي أن حوالي نصف الصادرات المصرية لأمريكا في إطار هذه الاتفاقية. وأشار محرم ، إلى أن الميزان التجاري يميل لصالح أمريكا حيث يكفي بند واردات مصر من القمح منها، بخلاف وارداتها من الذرة والصويا والمعدات الصناعية وتعتبر مصر ثاني دولة افريقية مستوردة من أمريكا ورابع دولة في منطقة الشرق الاوسط ورقم 24 علي مستوي دول العالم، وقد ارتفعت الصادرات المصرية للسوق الامريكي من 300 مليون دولار إلي حوالي 3.5 مليون دولار في هذا العام. وقد تم تطوير اتفاقية "الكويز" التي تم توقيع بروتوكولها في ديسمبر 2004 وتم العمل بها في فبراير 2008، حيث تم تخفيض نسبة المكون الإسرائيلي في الصادرات المصرية من 11.7 % إلي 10.5% ثم تخفيضه أيضا إلي 8% مقابل 92% مكونات مصرية مما يتطلب ضرورة مراعاة مصالح مصر التجارية في إطار اتفاقية الكويز، التي لم تكن تضم في بداية العمل بها كافة المناطق المصرية المصدرة. وأول منطقة للكويز تم عملها في العالم كانت في فلسطين في الضفة الغربية ثم انتقلت إلي الأردن ثم إلي مصر، والصناع المصريون يعرفون أهمية "الكويز" في الصادرات ولذلك فقد نشرت مناطق صناعية مصرية اعلانات بالصفحات في الجرائد القومية تناشد وتطالب رئيس الوزراء بإدخالها ضمن اتفاقية "الكويز". وتحارب الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة بشكل عام منذ أكثر من عامين لادخال عدة مناطق صناعية في الصعيد ضمن إطار الكويز وسوف تحقق هذا قريبا حيث وافقت أمريكا علي المذكرة المصرية في مارس الماضي، وهذه المناطق الصناعية في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والوادي الجديد، المناطق التي تحتاج بالفعل إلي استثمارات أمريكية لتنميتها وإدخالها ضمن "الكويز" مما سيؤدي أيضا إلي تشجيع وجذب مستثمرين آخرين من تركيا وباكستان علي الاستثمار وإقامة المصانع في مدن الصعيد مما سيؤدي إلي تشغيل الآلاف من العاملين المصريين ويسهم في حل مشكلة البطالة، وجميع الصناعات متاحة أمام المستثمرين في مدن الصعيد، وإذا كانت اتفاقية الكويز قد بدأت بصناعات النسيج والملابس الجاهزة إلا أنها امتدت الآن إلي العديد من الصناعات الأخرى كالصناعات الغذائية والاتصالات والسجاد. العلاقات المصرية الأمريكية تشهد حاليًا بعض التوترات بسبب الأوضاع السياسية بعد 30 يونيو، فما هي الأسباب وراء ذلك، وما هي التحديات التي تواجه أو تعرقل تلك العلاقات خاصة السياسية، وما هو مصير الاستثمارات الأمريكية في مصر ، وما هو مستقبل تلك العلاقات والاستثمارات بعد نجاح المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المصرية. الحوار التالي مع الخبير المصرفي، جمال محرم، رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق يتناول تفاصيل هذه العلاقات والتحديات والعقبات التي تواجه استمرار تلك العلاقات التي وصفت بالتاريخية خاصة على مستوى الحكومات. أكد جمال محرم، رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق، وعضو المجلس الحالي، أن انتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا لجمهورية مصر العربية هو بداية لعودة الاستقرار وضخ الاستثمارات المصرية والعربية والأمريكية لتنمية الاقتصاد المحلي، خاصة بعد أن شهد العالم وفقًا لقوله الإقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسية، وأن المصريين يكتبون التاريخ بهذه الانتخابات، ونصدرها للغرب ليعرف من جديد الشعب المصري، الذي صنع انقلابًا شعبيًا على نظام الإخوان المسلمين بحسب قوله . ورغم الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية غير المستقرة حاليأ، قال محرم خلال حواره معنا، إنني متفائل، وأن المستثمرين الأجانب سيعودون، شريطة الاستقرار وهو ما بدأ يتحقق بانتخاب السيسي رئيسًا لمصر، وبدليل أن الصين والتي لا يوجد بها ديمقراطية بها واحدة من أكبر الدول الجاذبة للاستثمار، لأن عوامل الاستقرار متحققة فيها وبها عوامل الأمان متوفرة. وقال مصر دولة ناجحة للمستثمر، وبها 90 مليون مستهلك وتمثل قوة شرائية كبيرة، والشعب المصري لا يدخر، وحلم أي مستثمر أن يجد سوق زي ده . وحول بقاء أو استمرا محلب" رئيسا للوزارء خاصة بعد انتخاب السيسي رئيسا لمصر قال جمال محرم، إن اختيار إبراهيم محلب وزير الإسكان رئيسا للوزراء قرار صائب وأنه الرجل المناسب لهذه المرحلة باعتباره من أكثر الوزراء نشاطًا في وزارته السابقة مع حكومة الببلاوي. وأكد محرم، والذي يدير حاليًا الشركة المصرية لخدمات الإدارة في مجال صناديق الاستثمار "سيرفند" ، والقاهرة للتخصيم، على أنه ما زالت هناك 6 عقبات تواجه الاستثمارات الأمريكية في مصر على رأسها عدم الاستقرار الأمني والمطالب الفئوية للعاملين، والإضرابات والمظاهرات التي تعطل الإنتاج، وتثبيت العمالة المؤقتة، والمطالبة بتوريث عمل العاملين لأبنائهم، بجانب عقبة أخري تخيف المستثمر الأمريكي وهي تطبيق القوانين بأثر رجعي. كما أكد محرم على أنه لا يوجد حاليًا استثمارات أمريكية حتى تدخل السوق المصري، في الوقت الحالي بسبب سوء الأوضاع الأمنية في البلاد، نافياً وجود أي موقف عدائي من الأمريكان أو الإدارة الأمريكية لمصر والمصريين. وأضاف محرم أنا طالبت وقت أن كنت رئيسًا لغرفة التجارة المصرية الأمريكية، بضرورة الحفاظ على الموجود الاستثمارات الأمريكية الموجودة والتي بلغت 16 مليار دولار فقط، وطالبت أيضا رجال الأعمال المصريين بضخ كم أكبر من الاستثمارات حتى يطمئن رجال الأعمال العرب أو الأجانب خاصة الأمريكان. ولفت محرم إلى أهمية مساندة الولايات المتحدة لدعم المؤسسات الدولية لمصر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لها صوت قوي في جميع المؤسسات الدولية، مشيرا إلى أن ذلك يمثل أهمية خاصة بالنسبة لقطاع الأعمال أيضا ، لأن دعم صندوق النقد الدولي سيفتح المجال أمام تدفق الاستثمارات الدولية إلى مصر، وأكد أن الهدف الأساسي في المرحلة الحالية هو خلق فرص العمل في مصر لأن ذلك سيحقق العدالة الاجتماعية بشكل تلقائي، مؤكدا أن هذه العدالة الاجتماعية لن تتحقق بالدعم الذي قال إنه لا يصل غالبا إلى مستحقيه. وشدد جمال محرم على أنه حينما كان رئيسا للغرفة سعي بالتركيز على فكرة خلق الوظائف من خلال مشاريع مصرية أمريكية مشتركة، والاستفادة من مصر كشريك للشركات الأمريكية على المستوى الإقليمي. ونوه رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية السابق بأن تحقيق الأمن أمر سهل من خلال الشرطة، ولكن الأهم بالنسبة للمستثمر هو توفير الأمان لرأس المال والشركات والاستثمارات لأن هذا هو ما سيساعد بالدرجة الأولى على خلق الوظائف. وأشار رئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية جمال محرم، إلى أن الدعم المعنوي الأمريكي لمصر هو الأهم في هذه المرحلة، لأن الدعم المالي الاقتصادي أصبح لا يتجاوز 250 مليون دولار وهو مبلغ زهيد في حسابات الدول. وأوضح أن إعلان الولايات المتحدة على سبيل المثال عن التفكير في عمل اتفاقية تجارة حرة مع مصر سيكون له مردود كبير جدا، حيث سيبدأ الكثير من المستثمرين الأمريكيين في العمل في مصر. ودعا محرم إلى دعم اتفاقية الكويز "المناطق الصناعية المؤهلة"، مشيرا إلى أن هذه المشاريع توفر 300 ألف فرصة عمل في مصر، كما دعا إلى إدخال صعيد مصر ضمن المناطق الصناعية المؤهلة مع زيادة عدد المنتجات المدرجة على هذه الاتفاقيات. ولفت إلى أن القطاع الخاص يشكل 75 % من الاقتصاد، وإذا أضيف إليه القطاع الموازي الغير رسمي فإنهما يشكلان معا حوالي 95 %، مشيرا إلى أن دور الحكومة هو تهيئة البيئة المناسبة بقوانين تجذب الاستثمارات ولا تعود إلى تطبيق القوانين بأثر رجعي. كما أشار جمال محرم إلى ضرورة تنبيه القطاع الخاص في حال زيادة اسعار الطاقة على سبيل، المثال بوقت كاف حتى تعد الشركات ميزانياتها وفقا للمستجدات دون التعرض لصدمات، مما يدفعها إلى التوقف عن العمل وسحب استثماراتها. وحول أهم المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي في مصر، قال محرم: أهم هذه المشاكل مشكلة عدم الاستقرار الأمني في مصر وهذه المشكلة تواجهنا جميعا مصريين ومستثمرين أمريكان وإن كانت الحالة الأمنية الآن أفضل من الحالة في بداية الثورة أو منذ شهور قليلة، وقد عانت الشركات الأمريكية العاملة في مصر مثل شركة كوكاكولا التي يعمل بها حوالي 15 ألف موظف مصري من الانفلات الأمني من خلال عمليات السرقات المتكررة لسيارات الشركة وحمولتها بجانب سرقة السيارات المحملة بالسجائر المدفوع ضرائبها ورسومها. وأنه من المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي أيضا المطالب الفئوية والمظاهرات والإضرابات، ولذلك أتمني من المجتمع أن يتحدث مع النقابات العمالية ومع العمال وأن يؤكد لهم أن حق الإضراب والتظاهر مكفول ولكن لابد أن نتعلم من الدول الخارجية ماذا يفعلون في الاضطراب وفي المظاهرات، ففي دول العالم لا يقوم جميع العمال بالتظاهر أو الإضراب في شركة ما وإنما نصف عدد العمال يضربون عن العمل أو يتظاهرون والنصف الآخر يعمل ليحافظ علي معدلات الإنتاج، ولذلك فالإنتاج في هذه الدول لا تتأثر معدلاته بسبب الإضراب أو المظاهرات لأن تأثير ذلك يؤثر سلبيا أكثر علي العمال. وعلي الرغم من أن المطالب الفئوية انخفضت جدا الآن فإن هناك بعض الذين يستغلون الظروف وليس لديهم حق في ذلك مثل العمال الذين يعملون لدي المقاولين ويطالبون بالتعيين في الشركات التي يتعامل معها هؤلاء المقاولون وهذا لا يجوز، ومن المشاكل أيضا زيادة عمليات طلبات الموظفين والعمال في تشغيل أبنائهم في الشركات التي يعملون بها، مما يشير إلى أنهم يؤيدون عملية التوريث ولكن لأبنائهم فقط، لذلك لابد من إيجاد حلول لهذه المشاكل وإنهائها. من المشاكل التي تواجه المستثمر الأمريكي في مصر أيضا القلق مما سيحدث في المستقبل لأن عدم الاستقرار السياسي سيؤثر علي الاستقرار الاقتصادي وعلي الرغم من انتهاء الانتخابات الرئاسية وأصبح لدينا رئيس منتخب الآن .. وبدأنا العمل ولكن ما زال ينقصنا الانتهاء من إعداد الدستور وانتخابات مجلس الشعب، فالاستقرار السياسي يتوازى مع الاستقرار الاقتصادي خطوة بخطوة، فكما كان لدينا استقرار سياسي كان لدينا استقرار اقتصادي وقد حققت الانتخابات الرئاسية وانتخاب الرئيس 50% من الاستقرار الاقتصادي للمستثمر الأمريكي في مصر، وهي الخطوة الرئيسية الآن لكي ننطلق نحو الاستقرار وبدء المشروعات والاستثمارات. وبالنسبة للبنية التحتية الأساسية للمستثمرين فهي موجودة في مصر ولم تتأثر بعد الثورة، أما المستثمرون الأمريكان الجدد فقد جاءوا لمصر ليشاهدوا على الطبيعة السوق المصري ويتعرفوا على ظروفه باعتباره سوقا كبيرا وجاذبا مما شجعهم علي المجيء لمصر. وحول مجالات عمل هؤلاء المستثمرين قال إنها متعددة وتشمل البنوك والبترول والسياحة والاتصالات والصناعات الغذائية، مع ملاحظة أنه لا يوجد أحد من هؤلاء المستثمرين الأمريكيين من العاملين في مجال صناديق الاستثمار، مما يشير الي أن المستثمرين الأمريكان الجدد يعملون في نفس مجالات المستثمرين الامريكان القدامى العاملين في مصر. وأكد محرم على أن المخاوف التي تواجه المستثمرين الأمريكيين العاملين حاليا في مصر، هي عمليات تطبيق القوانين بأثر رجعي بمعنى إصدار قانون جديد وتطبيقه بأثر رجعي علي المستثمرين الحاليين والمستثمر الأمريكي قلق جدا من تطبيق القوانين بأثر رجعي لأنهم واجهوا بالفعل مشاكل بسبب تطبيق القانون بأثر رجعي فمثلا هناك مستثمرون حصلوا علي أراض في الغردقة أو في المدن الجديدة وأقاموا عليها مصانع أو فنادق أو قري سياحية وبعد سنوات يأتي من يقول له لقد حصلت علي هذه الأرض بسعر منخفض، ما هو ذنب هؤلاء المستثمرين إذا كانت الحكومة المصرية في ذلك الوقت هي التي أعطت لهم هذه الأراضي بهذا السعر. من المخاوف أيضا تطبيق القوانين بأثر رجعي علي مشروعات الغاز وإن كان تطبيق القانون بأثر رجعي علي مشروعات الغاز أسهل إلى حد ما من تطبيقها علي المشروعات الأخرى لأن المستثمرين الأجانب معتادون على تغيير أسعار بيع الغاز باستمرار حيث من الطبيعي أن تتحرك أسعار الغاز باستمرار. وخلال رئاستي للغرفة في الفترة السابقة، طرحت مصر علي الولايات المتحدة إقامة منطقة للتجارة الحرة بين البلدين منذ عام 1997 مثلما حدث مع إسرائيل والمغرب والأردنوالبحرين، وغرفة التجارة الأمريكية تحاول منذ سنوات أن تدفع بموضوع اتفاق التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية، وهذا الاتفاق تم بحثه ثم تجميده عدة مرات حتي الآن، علما بأن كوريا الجنوبية استغرقت 8 سنوات حتى توقع اتفاق تجارة حرة مع أمريكا مما يشير إلى أن هذا الاتفاق لا يتم توقيعه بين يوم وليلة بل يستغرق سنوات عديدة. أضاف محرم أن اتفاق التجارة الحرة بين أمريكاوالبحرين استغرق عامين مع ملاحظة عدم جواز المقارنة بين اقتصاد البحرين أو اقتصاد الأردن مع الاقتصاد المصري لأنهما اقتصادان صغيران مقارنة بالاقتصاد المصري كما لا يوجد خوف من الاقتصاد البحريني أو الاقتصاد الأردني على الاقتصاد الأمريكي لأن الولايات المتحدة تنظر أيضا إلى تأثير توقيع أي اتفاق للتجارة الحرة مع أي دولة علي الاقتصاد الأمريكي، وعدم تأثر اقتصادها سلبيا بهذا الاتفاق، ومصر ينبغي أيضا أن تهتم بمصلحة اقتصادها كما من الضروري أن تتقابل مصالح الاقتصاد المصري مع مصالح الاقتصاد الأمريكي في نقطة ما. عندما تبدأ مصر الحديث مع الولايات المتحدة عن إقامة منطقة تجارة حرة بينهما ستتغير أمور عديدة في الاقتصاد المصري حيث سيؤدي هذا إلى زيادة اهتمام الشركات الأمريكية بالسوق المصري وإعداد مشروعات للاستثمار في مصر وهذا يستغرق حوالي أربع سنوات بحيث إنه عند انتهاء هذه الشركات من إعداد مشروعاتها التي ستقيمها في مصر سيكون توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة قد تم. وهذا الاتفاق له مميزات وله عيوب أيضا، والمهم هو الحفاظ علي المصالح المصرية والاستفادة من إقامة منطقة التجارة الحرة لصالح مصر، فإذا كانت هذه المنطقة ستؤدي إلى فتح الأسواق الأمريكية أمام الصادرات المصرية إلا أنها ستفتح أيضا الأسواق المصرية أمام الصادرات الأمريكية مما يتطلب أحداث التوازن بين هذا وذاك. وتوجد عدة اشتراطات إصلاحية أمريكية لإقامة منطقة تجارة حرة مع مصر، يسميها البعض أحيانا طلبات إصلاحية، في حين يسميها اليساريون في مصر شروط أمريكية ولهذا فهذه الطلبات أو الاشتراطات تسمي طبقا لأيدلوجية كل شخص. وتتضمن هذه الاشتراطات الإصلاحية الأمريكية:" عمالة الأطفال وضرورة أن يكون لها قانون محدد وواضح، حقوق الملكية الفكرية، عمالة المرأة وظروف عملها، الضرائب والرسوم ومدي وضوحها، الفساد ودرجته والقوانين التي تحد منه"، أيضا توجد اشتراطات اقتصادية واشتراطات سياسية، وقد حققت مصر كافة الإصلاحات الاقتصادية التي تطلبها أمريكا لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع مصر منذ أيام النظام السابق، أما الإصلاحات السياسية كالحريات وغيرها فلم تحققها مصر في ذلك الوقت، الآن انعكس الوضع حيث حققت مصر بعد الثورة العديد من الإصلاحات السياسية التي يجب عليها أن تحققها، ولذلك فالظروف مهيأة الآن بالنسبة لمصر لتوقيع هذا الاتفاق، ولكن هذا يتوقف أيضا علي الولايات المتحدة ومدي استعدادها خاصة أن الولايات المتحدة الآن علي مشارف الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مع ملاحظة أن الوفد الأمريكي الذي زار مصر مؤخرا هو الذي تحدث عن اتفاق التجارة الحرة مع مصر، كما تحدثت عن هذا الاتفاق ايضا السفيرة الأمريكية بالقاهرة منذ قدومها لمصر وكان لها دور كبير في مجيء الوفد الامريكي الذي يضم مائة مستثمر. وبسؤاله حول إمكانية تسريع عملية توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة، قال : "تنفيذ مصر للاشتراطات الأمريكية من خلال إعداد قائمة بهذه الاشتراطات وإصدار القوانين التي تتطلبها هذه الاشتراطات، بجانب شرح الظروف المصرية التي قد تحول دون تنفيذ أحد هذه الاشتراطات"، كما تشترط أمريكا ضرورة القيام بتنفيذ الاشتراطات السياسة والاقتصادية والإصلاحية في أي دولة حتى توقع اتفاقية تجارة حرة معها لأن المجتمع المدني الأمريكي هناك قوي جدا، وإن كان هذا لا يعني أن الأمريكان ملائكة، فالصين مثلا لا تطبق أي اشتراطات إصلاحية ولا تراعي حقوق الإنسان ولكن حجم لتجارة وحجم الاقتصاد الصيني كبير جدا لدرجة أن الأوروبيين والأمريكان ينظرون للصين لتحقيق المصالح الأوروبية والأمريكية. وحول إمكانية تطوير مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والولايات المتحدة أفضل مما هي عليه الآن، قال بالتأكيد يمكن للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر أن يتم تطويرها وزيادتها أكثر من الآن وقد بدأت غرفة التجارة الأمريكية الإعداد لهذا التطوير بدليل وفد المستثمرين الأمريكيين الذين زاروا مصر خلال العام الماضي والبالغ عددهم مائة مستثمر أمريكي يمثلون 45 شركة ويعتبر هذا الوفد اكبر وفد جاء لمصر منذ بداية عضويتي بالغرفة منذ عام 1983، والمطلوب الآن هو احترام التراكم الاقتصادي المصري لأن هذا التراكم عمله الشعب المصري ولا ينبغي لنا لمجرد أن الرئيس السابق هو الذي افتتحه أن نهمله. وبسؤال محرم، حول أهم المعوقات التي تواجه الصادرات المصرية في السوق الأمريكي؟ وما تأثير اتفاقية "الكويز" علي هذه الصادرات، قال إن أهم هذه المعوقات مدي جودة الصادرات المصرية وجودة العبوات والتغليف، وقد ساعدت "الكويز" في زيادة الصادرات المصرية للسوق الأمريكي حيث يبلغ الميزان التجاري بين مصر وأمريكا حاليا نحو 9 مليارات دولار منها 6 مليارات دولار واردات مصرية من أمريكا وحوالي 3.5 مليار دولار صادرات مصرية إلى أمريكا منها نحو 1.5 مليار دولار صادرات مصرية في إطار اتفاقية "الكويز"، أي أن حوالي نصف الصادرات المصرية لأمريكا في إطار هذه الاتفاقية. وأشار محرم ، إلى أن الميزان التجاري يميل لصالح أمريكا حيث يكفي بند واردات مصر من القمح منها، بخلاف وارداتها من الذرة والصويا والمعدات الصناعية وتعتبر مصر ثاني دولة افريقية مستوردة من أمريكا ورابع دولة في منطقة الشرق الاوسط ورقم 24 علي مستوي دول العالم، وقد ارتفعت الصادرات المصرية للسوق الامريكي من 300 مليون دولار إلي حوالي 3.5 مليون دولار في هذا العام. وقد تم تطوير اتفاقية "الكويز" التي تم توقيع بروتوكولها في ديسمبر 2004 وتم العمل بها في فبراير 2008، حيث تم تخفيض نسبة المكون الإسرائيلي في الصادرات المصرية من 11.7 % إلي 10.5% ثم تخفيضه أيضا إلي 8% مقابل 92% مكونات مصرية مما يتطلب ضرورة مراعاة مصالح مصر التجارية في إطار اتفاقية الكويز، التي لم تكن تضم في بداية العمل بها كافة المناطق المصرية المصدرة. وأول منطقة للكويز تم عملها في العالم كانت في فلسطين في الضفة الغربية ثم انتقلت إلي الأردن ثم إلي مصر، والصناع المصريون يعرفون أهمية "الكويز" في الصادرات ولذلك فقد نشرت مناطق صناعية مصرية اعلانات بالصفحات في الجرائد القومية تناشد وتطالب رئيس الوزراء بإدخالها ضمن اتفاقية "الكويز". وتحارب الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة بشكل عام منذ أكثر من عامين لادخال عدة مناطق صناعية في الصعيد ضمن إطار الكويز وسوف تحقق هذا قريبا حيث وافقت أمريكا علي المذكرة المصرية في مارس الماضي، وهذه المناطق الصناعية في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والوادي الجديد، المناطق التي تحتاج بالفعل إلي استثمارات أمريكية لتنميتها وإدخالها ضمن "الكويز" مما سيؤدي أيضا إلي تشجيع وجذب مستثمرين آخرين من تركيا وباكستان علي الاستثمار وإقامة المصانع في مدن الصعيد مما سيؤدي إلي تشغيل الآلاف من العاملين المصريين ويسهم في حل مشكلة البطالة، وجميع الصناعات متاحة أمام المستثمرين في مدن الصعيد، وإذا كانت اتفاقية الكويز قد بدأت بصناعات النسيج والملابس الجاهزة إلا أنها امتدت الآن إلي العديد من الصناعات الأخرى كالصناعات الغذائية والاتصالات والسجاد.