وزير التموين: السيطرة على الفساد سواء في الدعم العيني أو النقدي شغلنا الشاغل    خريف 2024.. تقلبات جوية ودرجات حرارة غير مسبوقة هل تتغير أنماط الطقس في 2024؟    تعرف على شروط مسابقة التأليف بمهرجان الرواد المسرحي    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي ممثلي عدد من الشركات الفرنسية المهتمة بالاستثمار في مصر    غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    إبراهيم عيسى: السودانيين زي ما بيتخانقوا في الخرطوم بيتخانقوا في فيصل    بايدن يواصل تعزيز قيود اللجوء لمواجهة الانتقادات الخاصة بالحدود    طوني خليفة: لبنان مقسم لعدة فرق.. ومن يحميها هو الذي يتفق على رأسها    "أوتشا": العوائق الإسرائيلية تعرقل استعداداتنا لموسم الأمطار بغزة    استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مبنى سكني في غزة    القضية الفلسطينية..حسن نصرالله دفع حياته ثمنًا لها وبن زايد سخر طاقاته لتصفيتها وبن سلمان لا تعنيه    عادل عبد الرحمن: تعيين الأهلي محمد رمضان مديرا رياضيا «ليس قرارا انفعاليا»    نجم الأهلي يتخذ قرارًا مفاجئًا بالرحيل (تفاصيل)    مدرب الزمالك: احتفال ربيعة وعمر كمال حفزنا أكثر للفوز على الأهلى    رونالدو: هدفي في الريان له طعم مختلف..«يوم عيد ميلاد والدي»    توفيق السيد: محمد فاروق هو الأحق برئاسة لجنة الحكام    خالد عبد الفتاح يطلب الرحيل عن الأهلي وكولر يناقش القرار مع لجنة الكرة    160 جنيهًا تراجع مفاجئ.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 1 أكتوبر 2024 في مصر «بيع وشراء»    دخلت بها ولم أرى أثر.. نص تحقيقات النيابة العامة في مقتل عروس أسيوط علي يد عريسها    ما حقيقة إلغاء منهج الفيزياء وتغيير منهج الأحياء لطلاب تانية ثانوية؟.. مصدر بالتعليم يجيب    وكيل تضامن الشيوخ: كفاءة برامج الدعم النقدي المباشر للمواطنين أثبتت كفاءة أعلى    "المهاجر إلى الغد.. السيد حافظ خمسون عامًا من التجريب في المسرح والرواية" كتاب جديد ل أحمد الشريف    مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء القادم    أستاذ دراسات إيرانية: المجتمع الإيراني راض عن اغتيال حسن نصر الله لأن جزءا كبيرا من دخل البلاد كان يوجه لحزب الله    السيطرة علي حريق شب في شقة بالمطرية    أماكن سقوط الأمطار غدا على 14 محافظة.. هل تصل إلى القاهرة؟    محمد الشامي: لم أحصل على مستحقاتي من الإسماعيلي    الموافقة على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني يوم السبت بالإسماعيلية    برج الميزان.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: تواصل مع الزملاء في العمل    برج العقرب.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: احرص على دراسة الأمور جيدا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر: واجه التحديات الجديدة    «وحشتوني».. محمد محسن يشوّق جمهوره لحفله بمهرجان الموسيقى العربية    «هيئة الدواء» تعلن ضخ كميات من أدوية الضغط والسكر والقلب والأورام بالصيدليات    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    كيفية التحقق من صحة القلب    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    مباشر أبطال آسيا - النصر (0)-(0) الريان.. انطلاق المباراة    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل الأقدار‮..‬يستجيب
ورقة وقلم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 01 - 2014

أحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل،‮ ‬وأظنه سيعلن القرار بعد إعادة ترتيب خارطة الطريق
كنا
في لقاء خاص‮. ‬مجموعة محدودة من الكُتاب والقادة العسكريين،‮ ‬نتحاور حول شئون الوطن وشجونه،‮ ‬وعلي رأسها انتخابات رئاسية علي الأبواب‮.‬
نقلت جلستي إلي جوار قائد بعينه‮. ‬أردت أن أسمعه،‮ ‬دون أن يستمع إلينا آخرون‮.‬
سألته‮:‬
‮- ‬كيف تري رئيس مصر المقبل؟
ابتسم،‮ ‬ورفع عينيه عاليا،‮ ‬ينظر إلي حيث لا أري،‮ ‬وهو يقول‮: ‬أراه رجلا،‮ ‬صادقا،‮ ‬أمينا مع شعبه،‮ ‬مخلصا لبلاده‮. ‬يقدر علي جرأة الحلم،‮ ‬ويستطيع الإنجاز‮. ‬أراه قائدا يحمل هموم شعبه،‮ ‬يسعي إلي تحقيق آماله،‮ ‬يعرف من أين يبدأ،‮ ‬وإلي أين يسير‮. ‬يدرك قدر التحديات والعقبات،‮ ‬ويمتلك جسارة المجابهة والتغلب‮.‬
دارت في رأسي أسماء ووجوه الشخصيات المرشحة للرئاسة،‮ ‬وأخذت أطابق ما أعرفه عنها،‮ ‬علي ما سمعته توا من صفات‮ .. ‬وسألته‮ :‬
‮- ‬هل أنت متأكد أن‮ ‬من بين المرشحين الرجل الذي تتحدث عنه؟
‮- ‬ابتسم مجددا‮.. ‬ثم قال باقتضاب‮: ‬
هذا ما أتمناه‮.‬
كان ذلك في أواخر أيام ربيع عام‮ ‬2012،‮ ‬وكان محادثي اللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية‮.. ‬يومها،‮ ‬لم يكن السيسي يدري،‮ ‬أن ما يتمناه في شخص رئيس الجمهورية المقبل،‮ ‬سيصبح بعد أقل من عامين هو نفسه ما تراه الغالبية من جماهير الشعب في شخصه هو‮.‬
بالقطع‮.. ‬لم يكن الجنرال‮ -‬الشاب كما كنت أحب أن أسميه لحيويته البادية وأفكاره‮ ‬غير المقولبة‮- ‬يتحدث عن نفسه،‮ ‬فأسماء المرشحين كانت معلنة،‮ ‬وباب الترشح قد أغلق،‮ ‬والمجلس الأعلي للقوات المسلحة كان قد ألزم أعضاءه بعدم الترشح،‮ ‬وقرر أن ينأي بنفسه عن العملية الانتخابية برمتها‮.‬
ولعلي أذيع سرا،‮ ‬إذا قلت أن اللواء عبدالفتاح السيسي،‮ ‬كان يود كمواطن،‮ ‬لو اجتمعت القوي السياسية حينئذ علي شخصية مدنية شابة لم تبلغ‮ ‬سن الخمسين،‮ ‬تتمتع بالكفاءة والإخلاص،‮ ‬ودفعت بها إلي الترشح‮.
طموح‬
اللواء السيسي كان منعقدا علي مساره العسكري الطبيعي دون سواه،‮ ‬بعد مشوار مشرف دام‮ ‬35‮ ‬عاما ضابطا،‮ ‬وقائدا،‮ ‬ثم مديرا لأكثر أجهزة القوات المسلحة حساسية‮.‬
وكان اعتزازه‮ -‬ولم يزل‮- ‬بالزي العسكري لا يدانيه شيء،‮ ‬منذ ارتداه لأول مرة وهو في الخامسة عشرة من عمره طالبا بالثانوية الجوية‮.‬
وأذكر في لقاء جمعني باللواء السيسي وقيادة عسكرية كبري قبل أسابيع من انتهاء المرحلة الانتقالية الأولي،‮ ‬وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية أن القائد الكبير وهو برتبة الفريق،‮ ‬سألني‮: ‬ماذا تتوقع للقوات المسلحة بعد انتخاب رئيس الجمهورية‮.‬
‮- ‬قلت‮: ‬لابد أن يتجدد شباب القيادة العامة ولابد أن يتم التجديد بقرار من المشير طنطاوي والمجلس الأعلي،‮ ‬مع تسليم السلطة للرئيس المنتخب؟
‮- ‬سألني القائد الكبير مجددا‮ :‬
وماذا عن قادة الأفرع الرئيسية؟
قلت‮: ‬ينبغي أن يشملهم التجديد‮.‬
قال القائد‮: ‬وكان واحدا من قادة الأفرع‮:‬
‮ ‬هذا رأيي أيضا،‮ ‬وقد أبلغته للمشير طنطاوي‮.‬
‮- ‬ثم سألني‮: ‬بحكم درايتك بالقوات المسلحة،‮ ‬ومعرفتك بقادتها،‮ ‬من تظن أن الاختيار سيقع عليهما لتولي منصبي القائد العام ورئيس الأركان؟
‮- ‬أشرت إلي اللواء السيسي وقلت‮ : ‬سيادة الجنرال هو القائد العام الجديد،‮ ‬أما رئيس الأركان فإما اللواء فلان أو اللواء فلان‮.‬
‮- ‬ضحك القائد الكبير ونظر إلي اللواء السيسي الذي أطرق مبتسما ولم يعلق‮.‬
‮ ‬
‮.. ‬جاء اللواء السيسي وزيرا للدفاع،‮ ‬وجاء رئيس الأركان من بين الأسمين‮.‬
لم أكن من ضاربي الودع حين أجبت علي أسئلة القائد الكبير،‮ ‬إنما كنت أتحدث عما أعرفه من اتجاهات وتفضيلات داخل القوات المسلحة،‮ ‬وما ألمسه من نبض القيادات في صفوفها‮.‬
وبالفعل،‮ ‬كان قرار تعيين الفريق أول السيسي والفريق صدقي صبحي متخذا سلفا داخل القوات المسلحة‮ ‬،‮ ‬وإن صدر ممهورا بتوقيع الرئيس السابق‮.‬
‮ ‬
أرعدت السماء المصرية،‮ ‬وأضاءتها صواعق الثورة الثانية،‮ ‬واستجاب الفريق أول السيسي لإرادة الجماهير مبكرا قبل النزول الكبير بأسبوع،‮ ‬حينما تحدث يوم‮ ‬23‮ ‬يونيو الماضي وأعطي مهلة الأيام السبعة لنظام مرسي وقال‮: «‬أي مروءة نعيش بها كضباط في الجيش،‮ ‬لما نحس أن الشعب خايف ومروع ونقعد ساكتين‮.. ‬إحنا نروح نموت أحسن‮».‬
مع ذلك ظل السيسي يحاول مع مرسي ويبذل قصاري جهده،‮ ‬حتي بعد خروج الجماهير بعشرات الملايين يوم‮ ‬30‮ ‬يونيو تنادي بسقوط حكم المرشد،‮ ‬بل إنه طرح عليه حتي صباح يوم‮ ‬3‮ ‬يوليو،‮ ‬وقبيل انتهاء مهلة الثماني والأربعين ساعة الثانية أن يقبل بإجراء استفتاء علي رئاسته،‮ ‬رغم أن مطالب الجماهير كانت قد تجاوزت مسألة الاستفتاء‮. ‬لكن مرسي وجماعته تملكهم عمي البصر والبصيرة‮.. ‬وحسنا فعلوا‮!‬
‮ ‬
في أكثر من مناسبة،‮ ‬وبأكثر من أسلوب،‮ ‬عبر السيسي عن عدم رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية‮.
وأذكر‬
إنني التقيت الفريق أول السيسي يوم‮ ‬21‮ ‬يوليو الماضي للمرة الأولي بعد ثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬وتحدثت معه مطولا عن رؤيته لأوضاع البلد،‮ ‬وتصوره للمستقبل،‮ ‬وبالطبع عن تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام الإخوان‮.‬
ثم سألته قبيل انتهاء اللقاء عن موقفه من الترشح لرئاسة الجمهورية،‮ ‬أو بالأحري كنت أدعوه كالملايين‮ ‬غيري إلي الترشح وعددت له أسبابي،‮ ‬وكلها تتعلق بالمصلحة الوطنية‮.‬
وفوجئت‮ ‬به يغادر الصالون الملحق بمكتبه في مقر وزارة الدفاع،‮ ‬إلي داخل المكتب،‮ ‬ويعود حاملا ورقة زرقاء،‮ ‬ثم ناولها لي مبتسما وهو يقول‮: ‬هذا هو موقفي من الترشح،‮ ‬وأفكر في إذاعته بعد ساعتين من الآن‮.
أمسكت‬
بالورقة،‮ ‬وطالعتها مرة واثنتين،‮ ‬وسلمتها له‮. ‬وأنا أقول‮: »‬مع كامل احترامي‮.. ‬اختلف مع سيادتك في هذا الموقف،‮ ‬وأرجوك ألا تعلنه علي الأقل في هذا التوقيت‮«.‬
فحوي الورقة كان بيانا قصيرا بخط يد الفريق أول السيسي،‮ ‬يعلن فيه موقفه بأنه لا يفكر في مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة ويؤكد أن توليه مسئولية قيادة الجيش المصري هو مصدر فخره وقمة أمله وطموحه،‮ ‬ويعبر عن سعادته بخدمة شعب مصر العظيم بكل إخلاص من خلال موقعه كقائد عام للقوات المسلحة،‮ ‬متمنيا أن يقابل الله حاملا كتابه بيمينه‮.‬
ظللت قلقا من صدور بيان يغلق الباب ويجعل من إعادة فتحه عسيرا،‮ ‬أمام رجل يعتبر صدق الكلمة أغلي رصيد في بنكه الشخصي‮. ‬وكنت أري أن المطالبة بترشحه التي تجري باضطراد تحت جسور النيل،‮ ‬سوف تتحول إلي شلال هادر حين نقترب من المصب،‮ ‬وكنت أقدر أن توليه الرئاسة ضرورة لا‮ ‬غني عنها لصون المصلحة العليا للبلاد،‮ ‬وكنت بشكل شخصي،‮ ‬أحسبه رجل الأقدار الذي هيأته لنا ثورتان تضلان الطريق نحو تحقيق أهداف تكاد تضيع وإحياء أحلام توشك أن تخبو وتنطفئ‮.‬
لم يتبدد القلق،‮ ‬إلا بعدما عرفت أن قادة كبار مخلصين،‮ ‬رجوه أن يلغي إذاعة البيان ولو إلي حين‮.‬
‮ ‬
وبرغم الحشود‮ ‬غير المسبوقة التي خرجت بعشرات الملايين يوم‮ ‬26‮ ‬يوليو،‮ ‬تفوضه فيما طلب من جماهير الشعب قبلها بيومين،‮ ‬لم ينظر السيسي الي تلك التلبية الهائلة من جانب جموع خرجت ترفع صوره مع صور الزعيم عبدالناصر،‮ ‬علي أنها تعبير عن رغبة شعبية في خوضه الانتخابات،‮ ‬بقدر ما هي تداع جماهيري من أجل الحفاظ علي الوطن والدولة‮.
لهذا‬
‮.. ‬تحدث السيسي يوم‮ ‬18‮ ‬اغسطس الماضي،‮ ‬مبديا رأيه الخاص،‮ ‬بأن شرف حماية الوطن أغلي عنده من شرف الحكم‮. ‬وكان لتصريحه هذا أثر محبط في نفوس ملايين تتطلع إليه كبطل شعبي،‮ ‬ومنقذ،‮ ‬وزعيم‮.‬
تحت تأثير ضغوط‮ ‬غلابة،‮ ‬مال السيسي إلي عدم إغلاق الباب أمام احتمال ترشحه للرئاسة،‮ ‬وبدا الرجل في‮ ‬غضون الأسابيع الماضية،‮ ‬محاصرا بين نفسه وبين الشعب‮.‬
هو يري أنه لم يقصر في أداء واجبه تجاه وطنه،‮ ‬ولا يريد منصبا قد يقال أنه سعي إليه،‮ ‬ويحسب أنه يستطيع أن يخدم بلاده من موقعه كقائد للجيش‮. ‬هو أيضا يدرك حجم التحديات التي تجابهها البلاد وقدر الآمال التي يعلقها عليه الشعب،‮ ‬ومن حقه أن يحرص علي بقاء صورته ناصعة في أذهان الجماهير،‮ ‬دون أن تخدشها ظنون بوجود عصا سحرية في يده،‮ ‬يزيل بها مشكلات تراكمت عقودا،‮ ‬في اليوم التالي لتوليه السلطة‮.‬
علي الجانب الآخر،‮ ‬هو يلمس رغبة الشعب،‮ ‬ويستشعر نبضه،‮ ‬ويأبي علي نفسه أن يعصي أمرا للجماهير‮.‬
مع مطلع العام الجديد أظن السيسي حسم بينه وبين نفسه قراره‮. ‬وأحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل‮.‬
سوف يعلن السيسي قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة في‮ ‬غضون أيام،‮ ‬من صدور قرار بقانون لرئيس الجمهورية ينص علي إجراء انتخابات الرئاسة قبيل الانتخابات البرلمانية،‮ ‬وربما يسبق الإعلان صدور القرار الجمهوري الخاص بموعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية‮.
لا يريد‬
السيسي أن يرهق جماهير الشعب بالنزول للإعراب عن رغبتها في خوضه الانتخابات،‮ ‬ولم يكن السيسي ينتظر قبل حسم قراره،‮ ‬ضوءا أخضر أو إعلان عدم ممانعة يأتيه من الخارج‮.. ‬هذه ليست شخصيته،‮ ‬ولا هذا ما تتحدث به مواقفه أو تاريخه‮.‬
فالرجل الذي يأبي أن يستشير‮ ‬غير المصريين في قرار يتعلق بإرادة شعب ومصير أمة‮ ‬،‮ ‬يأبي علي نفسه أن ينتظر إشارة من أجنبي في قرار يتعلق باختياره الشخصي‮.‬
فاستقلال القرار الوطني،‮ ‬أحد أهم أوراق اعتماد عبدالفتاح السيسي في قلوب المصريين
‮ ‬
لا أعرف بم كان يشعر السيسي وهو يشاهد صور عبدالناصر تملأ شاشة مسرح الجلاء يوم الخميس الماضي في احتفال القوات المسلحة بذكري ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬ولا ما الذي دار في ذهنه وهو يستمع إلي كلمات أغنية‮ »‬عاش الجيل الصاعد‮«: »‬حرمونا سنين وسنين،‮ ‬وافتكروا الناس نايمين،‮ ‬وطلعنا عليهم يوم،‮ ‬خلصنا حقوق ملايين‮«‬،‮ ‬التي كتبها حسين السيد قبل ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير بنصف قرن،‮ ‬وكأنه كان يتنبأ بها‮.‬
لكن أحسبني أعرف شعوره،‮ ‬والقاعة تهتف له‮: »‬تكليف‮.. ‬تكليف‮«‬،‮ ‬والحضور يطالبه بالترشح للانتخابات‮. ‬كانت عيناه تقولان‮: ‬يارب أكون علي قدر الثقة‮.‬
لم يكن السيسي‮ ‬يرتدي نظارته السوداء التي لا يريد منها أن تضفي عليه‮ ‬غموضا لا يحبه ولا يعرفه،‮ ‬وإنما يستعين بها ليداري مشاعر تأثر لا يستطيع إخفاءها أو يحجب بها نظرات عزم وتصميم وإصرار يعتمل في صدره‮.‬
مع تباشير الربيع المقبل،‮ ‬سوف يكون لمصر رئيس جديد منتخب بأغلبية كاسحة،‮ ‬هو‮ - ‬بإذن الله‮ - ‬عبدالفتاح السيسي‮. ‬وأتوقع‮- ‬وعندي أسبابي‮- ‬أنه سيكون القائد الذي تمناه السيسي لمصر منذ‮ ‬20‮ ‬شهرا مضت‮.‬
أحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل،‮ ‬وأظنه سيعلن القرار بعد إعادة ترتيب خارطة الطريق
كنا
في لقاء خاص‮. ‬مجموعة محدودة من الكُتاب والقادة العسكريين،‮ ‬نتحاور حول شئون الوطن وشجونه،‮ ‬وعلي رأسها انتخابات رئاسية علي الأبواب‮.‬
نقلت جلستي إلي جوار قائد بعينه‮. ‬أردت أن أسمعه،‮ ‬دون أن يستمع إلينا آخرون‮.‬
سألته‮:‬
‮- ‬كيف تري رئيس مصر المقبل؟
ابتسم،‮ ‬ورفع عينيه عاليا،‮ ‬ينظر إلي حيث لا أري،‮ ‬وهو يقول‮: ‬أراه رجلا،‮ ‬صادقا،‮ ‬أمينا مع شعبه،‮ ‬مخلصا لبلاده‮. ‬يقدر علي جرأة الحلم،‮ ‬ويستطيع الإنجاز‮. ‬أراه قائدا يحمل هموم شعبه،‮ ‬يسعي إلي تحقيق آماله،‮ ‬يعرف من أين يبدأ،‮ ‬وإلي أين يسير‮. ‬يدرك قدر التحديات والعقبات،‮ ‬ويمتلك جسارة المجابهة والتغلب‮.‬
دارت في رأسي أسماء ووجوه الشخصيات المرشحة للرئاسة،‮ ‬وأخذت أطابق ما أعرفه عنها،‮ ‬علي ما سمعته توا من صفات‮ .. ‬وسألته‮ :‬
‮- ‬هل أنت متأكد أن‮ ‬من بين المرشحين الرجل الذي تتحدث عنه؟
‮- ‬ابتسم مجددا‮.. ‬ثم قال باقتضاب‮: ‬
هذا ما أتمناه‮.‬
كان ذلك في أواخر أيام ربيع عام‮ ‬2012،‮ ‬وكان محادثي اللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية‮.. ‬يومها،‮ ‬لم يكن السيسي يدري،‮ ‬أن ما يتمناه في شخص رئيس الجمهورية المقبل،‮ ‬سيصبح بعد أقل من عامين هو نفسه ما تراه الغالبية من جماهير الشعب في شخصه هو‮.‬
بالقطع‮.. ‬لم يكن الجنرال‮ -‬الشاب كما كنت أحب أن أسميه لحيويته البادية وأفكاره‮ ‬غير المقولبة‮- ‬يتحدث عن نفسه،‮ ‬فأسماء المرشحين كانت معلنة،‮ ‬وباب الترشح قد أغلق،‮ ‬والمجلس الأعلي للقوات المسلحة كان قد ألزم أعضاءه بعدم الترشح،‮ ‬وقرر أن ينأي بنفسه عن العملية الانتخابية برمتها‮.‬
ولعلي أذيع سرا،‮ ‬إذا قلت أن اللواء عبدالفتاح السيسي،‮ ‬كان يود كمواطن،‮ ‬لو اجتمعت القوي السياسية حينئذ علي شخصية مدنية شابة لم تبلغ‮ ‬سن الخمسين،‮ ‬تتمتع بالكفاءة والإخلاص،‮ ‬ودفعت بها إلي الترشح‮.
طموح‬
اللواء السيسي كان منعقدا علي مساره العسكري الطبيعي دون سواه،‮ ‬بعد مشوار مشرف دام‮ ‬35‮ ‬عاما ضابطا،‮ ‬وقائدا،‮ ‬ثم مديرا لأكثر أجهزة القوات المسلحة حساسية‮.‬
وكان اعتزازه‮ -‬ولم يزل‮- ‬بالزي العسكري لا يدانيه شيء،‮ ‬منذ ارتداه لأول مرة وهو في الخامسة عشرة من عمره طالبا بالثانوية الجوية‮.‬
وأذكر في لقاء جمعني باللواء السيسي وقيادة عسكرية كبري قبل أسابيع من انتهاء المرحلة الانتقالية الأولي،‮ ‬وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية أن القائد الكبير وهو برتبة الفريق،‮ ‬سألني‮: ‬ماذا تتوقع للقوات المسلحة بعد انتخاب رئيس الجمهورية‮.‬
‮- ‬قلت‮: ‬لابد أن يتجدد شباب القيادة العامة ولابد أن يتم التجديد بقرار من المشير طنطاوي والمجلس الأعلي،‮ ‬مع تسليم السلطة للرئيس المنتخب؟
‮- ‬سألني القائد الكبير مجددا‮ :‬
وماذا عن قادة الأفرع الرئيسية؟
قلت‮: ‬ينبغي أن يشملهم التجديد‮.‬
قال القائد‮: ‬وكان واحدا من قادة الأفرع‮:‬
‮ ‬هذا رأيي أيضا،‮ ‬وقد أبلغته للمشير طنطاوي‮.‬
‮- ‬ثم سألني‮: ‬بحكم درايتك بالقوات المسلحة،‮ ‬ومعرفتك بقادتها،‮ ‬من تظن أن الاختيار سيقع عليهما لتولي منصبي القائد العام ورئيس الأركان؟
‮- ‬أشرت إلي اللواء السيسي وقلت‮ : ‬سيادة الجنرال هو القائد العام الجديد،‮ ‬أما رئيس الأركان فإما اللواء فلان أو اللواء فلان‮.‬
‮- ‬ضحك القائد الكبير ونظر إلي اللواء السيسي الذي أطرق مبتسما ولم يعلق‮.‬
‮ ‬
‮.. ‬جاء اللواء السيسي وزيرا للدفاع،‮ ‬وجاء رئيس الأركان من بين الأسمين‮.‬
لم أكن من ضاربي الودع حين أجبت علي أسئلة القائد الكبير،‮ ‬إنما كنت أتحدث عما أعرفه من اتجاهات وتفضيلات داخل القوات المسلحة،‮ ‬وما ألمسه من نبض القيادات في صفوفها‮.‬
وبالفعل،‮ ‬كان قرار تعيين الفريق أول السيسي والفريق صدقي صبحي متخذا سلفا داخل القوات المسلحة‮ ‬،‮ ‬وإن صدر ممهورا بتوقيع الرئيس السابق‮.‬
‮ ‬
أرعدت السماء المصرية،‮ ‬وأضاءتها صواعق الثورة الثانية،‮ ‬واستجاب الفريق أول السيسي لإرادة الجماهير مبكرا قبل النزول الكبير بأسبوع،‮ ‬حينما تحدث يوم‮ ‬23‮ ‬يونيو الماضي وأعطي مهلة الأيام السبعة لنظام مرسي وقال‮: «‬أي مروءة نعيش بها كضباط في الجيش،‮ ‬لما نحس أن الشعب خايف ومروع ونقعد ساكتين‮.. ‬إحنا نروح نموت أحسن‮».‬
مع ذلك ظل السيسي يحاول مع مرسي ويبذل قصاري جهده،‮ ‬حتي بعد خروج الجماهير بعشرات الملايين يوم‮ ‬30‮ ‬يونيو تنادي بسقوط حكم المرشد،‮ ‬بل إنه طرح عليه حتي صباح يوم‮ ‬3‮ ‬يوليو،‮ ‬وقبيل انتهاء مهلة الثماني والأربعين ساعة الثانية أن يقبل بإجراء استفتاء علي رئاسته،‮ ‬رغم أن مطالب الجماهير كانت قد تجاوزت مسألة الاستفتاء‮. ‬لكن مرسي وجماعته تملكهم عمي البصر والبصيرة‮.. ‬وحسنا فعلوا‮!‬
‮ ‬
في أكثر من مناسبة،‮ ‬وبأكثر من أسلوب،‮ ‬عبر السيسي عن عدم رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية‮.
وأذكر‬
إنني التقيت الفريق أول السيسي يوم‮ ‬21‮ ‬يوليو الماضي للمرة الأولي بعد ثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬وتحدثت معه مطولا عن رؤيته لأوضاع البلد،‮ ‬وتصوره للمستقبل،‮ ‬وبالطبع عن تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام الإخوان‮.‬
ثم سألته قبيل انتهاء اللقاء عن موقفه من الترشح لرئاسة الجمهورية،‮ ‬أو بالأحري كنت أدعوه كالملايين‮ ‬غيري إلي الترشح وعددت له أسبابي،‮ ‬وكلها تتعلق بالمصلحة الوطنية‮.‬
وفوجئت‮ ‬به يغادر الصالون الملحق بمكتبه في مقر وزارة الدفاع،‮ ‬إلي داخل المكتب،‮ ‬ويعود حاملا ورقة زرقاء،‮ ‬ثم ناولها لي مبتسما وهو يقول‮: ‬هذا هو موقفي من الترشح،‮ ‬وأفكر في إذاعته بعد ساعتين من الآن‮.
أمسكت‬
بالورقة،‮ ‬وطالعتها مرة واثنتين،‮ ‬وسلمتها له‮. ‬وأنا أقول‮: »‬مع كامل احترامي‮.. ‬اختلف مع سيادتك في هذا الموقف،‮ ‬وأرجوك ألا تعلنه علي الأقل في هذا التوقيت‮«.‬
فحوي الورقة كان بيانا قصيرا بخط يد الفريق أول السيسي،‮ ‬يعلن فيه موقفه بأنه لا يفكر في مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة ويؤكد أن توليه مسئولية قيادة الجيش المصري هو مصدر فخره وقمة أمله وطموحه،‮ ‬ويعبر عن سعادته بخدمة شعب مصر العظيم بكل إخلاص من خلال موقعه كقائد عام للقوات المسلحة،‮ ‬متمنيا أن يقابل الله حاملا كتابه بيمينه‮.‬
ظللت قلقا من صدور بيان يغلق الباب ويجعل من إعادة فتحه عسيرا،‮ ‬أمام رجل يعتبر صدق الكلمة أغلي رصيد في بنكه الشخصي‮. ‬وكنت أري أن المطالبة بترشحه التي تجري باضطراد تحت جسور النيل،‮ ‬سوف تتحول إلي شلال هادر حين نقترب من المصب،‮ ‬وكنت أقدر أن توليه الرئاسة ضرورة لا‮ ‬غني عنها لصون المصلحة العليا للبلاد،‮ ‬وكنت بشكل شخصي،‮ ‬أحسبه رجل الأقدار الذي هيأته لنا ثورتان تضلان الطريق نحو تحقيق أهداف تكاد تضيع وإحياء أحلام توشك أن تخبو وتنطفئ‮.‬
لم يتبدد القلق،‮ ‬إلا بعدما عرفت أن قادة كبار مخلصين،‮ ‬رجوه أن يلغي إذاعة البيان ولو إلي حين‮.‬
‮ ‬
وبرغم الحشود‮ ‬غير المسبوقة التي خرجت بعشرات الملايين يوم‮ ‬26‮ ‬يوليو،‮ ‬تفوضه فيما طلب من جماهير الشعب قبلها بيومين،‮ ‬لم ينظر السيسي الي تلك التلبية الهائلة من جانب جموع خرجت ترفع صوره مع صور الزعيم عبدالناصر،‮ ‬علي أنها تعبير عن رغبة شعبية في خوضه الانتخابات،‮ ‬بقدر ما هي تداع جماهيري من أجل الحفاظ علي الوطن والدولة‮.
لهذا‬
‮.. ‬تحدث السيسي يوم‮ ‬18‮ ‬اغسطس الماضي،‮ ‬مبديا رأيه الخاص،‮ ‬بأن شرف حماية الوطن أغلي عنده من شرف الحكم‮. ‬وكان لتصريحه هذا أثر محبط في نفوس ملايين تتطلع إليه كبطل شعبي،‮ ‬ومنقذ،‮ ‬وزعيم‮.‬
تحت تأثير ضغوط‮ ‬غلابة،‮ ‬مال السيسي إلي عدم إغلاق الباب أمام احتمال ترشحه للرئاسة،‮ ‬وبدا الرجل في‮ ‬غضون الأسابيع الماضية،‮ ‬محاصرا بين نفسه وبين الشعب‮.‬
هو يري أنه لم يقصر في أداء واجبه تجاه وطنه،‮ ‬ولا يريد منصبا قد يقال أنه سعي إليه،‮ ‬ويحسب أنه يستطيع أن يخدم بلاده من موقعه كقائد للجيش‮. ‬هو أيضا يدرك حجم التحديات التي تجابهها البلاد وقدر الآمال التي يعلقها عليه الشعب،‮ ‬ومن حقه أن يحرص علي بقاء صورته ناصعة في أذهان الجماهير،‮ ‬دون أن تخدشها ظنون بوجود عصا سحرية في يده،‮ ‬يزيل بها مشكلات تراكمت عقودا،‮ ‬في اليوم التالي لتوليه السلطة‮.‬
علي الجانب الآخر،‮ ‬هو يلمس رغبة الشعب،‮ ‬ويستشعر نبضه،‮ ‬ويأبي علي نفسه أن يعصي أمرا للجماهير‮.‬
مع مطلع العام الجديد أظن السيسي حسم بينه وبين نفسه قراره‮. ‬وأحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل‮.‬
سوف يعلن السيسي قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة في‮ ‬غضون أيام،‮ ‬من صدور قرار بقانون لرئيس الجمهورية ينص علي إجراء انتخابات الرئاسة قبيل الانتخابات البرلمانية،‮ ‬وربما يسبق الإعلان صدور القرار الجمهوري الخاص بموعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية‮.
لا يريد‬
السيسي أن يرهق جماهير الشعب بالنزول للإعراب عن رغبتها في خوضه الانتخابات،‮ ‬ولم يكن السيسي ينتظر قبل حسم قراره،‮ ‬ضوءا أخضر أو إعلان عدم ممانعة يأتيه من الخارج‮.. ‬هذه ليست شخصيته،‮ ‬ولا هذا ما تتحدث به مواقفه أو تاريخه‮.‬
فالرجل الذي يأبي أن يستشير‮ ‬غير المصريين في قرار يتعلق بإرادة شعب ومصير أمة‮ ‬،‮ ‬يأبي علي نفسه أن ينتظر إشارة من أجنبي في قرار يتعلق باختياره الشخصي‮.‬
فاستقلال القرار الوطني،‮ ‬أحد أهم أوراق اعتماد عبدالفتاح السيسي في قلوب المصريين
‮ ‬
لا أعرف بم كان يشعر السيسي وهو يشاهد صور عبدالناصر تملأ شاشة مسرح الجلاء يوم الخميس الماضي في احتفال القوات المسلحة بذكري ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬ولا ما الذي دار في ذهنه وهو يستمع إلي كلمات أغنية‮ »‬عاش الجيل الصاعد‮«: »‬حرمونا سنين وسنين،‮ ‬وافتكروا الناس نايمين،‮ ‬وطلعنا عليهم يوم،‮ ‬خلصنا حقوق ملايين‮«‬،‮ ‬التي كتبها حسين السيد قبل ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير بنصف قرن،‮ ‬وكأنه كان يتنبأ بها‮.‬
لكن أحسبني أعرف شعوره،‮ ‬والقاعة تهتف له‮: »‬تكليف‮.. ‬تكليف‮«‬،‮ ‬والحضور يطالبه بالترشح للانتخابات‮. ‬كانت عيناه تقولان‮: ‬يارب أكون علي قدر الثقة‮.‬
لم يكن السيسي‮ ‬يرتدي نظارته السوداء التي لا يريد منها أن تضفي عليه‮ ‬غموضا لا يحبه ولا يعرفه،‮ ‬وإنما يستعين بها ليداري مشاعر تأثر لا يستطيع إخفاءها أو يحجب بها نظرات عزم وتصميم وإصرار يعتمل في صدره‮.‬
مع تباشير الربيع المقبل،‮ ‬سوف يكون لمصر رئيس جديد منتخب بأغلبية كاسحة،‮ ‬هو‮ - ‬بإذن الله‮ - ‬عبدالفتاح السيسي‮. ‬وأتوقع‮- ‬وعندي أسبابي‮- ‬أنه سيكون القائد الذي تمناه السيسي لمصر منذ‮ ‬20‮ ‬شهرا مضت‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.