صباح مشمس في أبو ظبي.. أمامي يوم طويل فمن الأفضل عدم إضاعة الوقت في الإفطار .. ولتكن القهوة المنعشة بدون السكر هدفي.. وبعد قهوة رائعة ضخت النشاط في شراييني.. وحجر نعناع أو بمعني أدق حلة نعناع للإصطباحة صرت مستعدا تماما للجولة.. بدأت اليوم بزيارة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية والذي نظم مؤتمرا صحفيا تحت رعاية الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المركز .. وحضر المؤتمر كوكبة متميزة من الشخصيات الإعلامية من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها وذلك للإعلان عن برنامج احتفالات المركز بالذكرى العشرين لإنشائه والفعاليات المختلفة التي يشملها هذا البرنامج.. وأكدت قيادات المركز أنه حينما يتم الاحتفال بمرور عشرين عاما على إنشائه في 14 مارس 1994 فإنه يحتفل بسجل حافل بالإنجازات النوعية..سواء على مستوى البحوث والدراسات أو المؤتمرات والندوات، أو خدمة المجتمع.. أو التعاون مع المؤسسات المختلفة..سواء الإماراتية أو الأجنبية.. فضلاً عن توفير قاعدة علمية كبيرة ورائدة في منطقة الشرق الأوسط متمثلة في مكتبة اتحاد الإمارات التي تمثل منارة علمية يقصدها الباحثون والمتخصصون وطلاب العلم من كل مكان. وشددت قيادات المركز على أن الهدف في المرحلة المقبلة هو الاستمرار في الحفاظ على التميز والنجاح وتحقيق المزيد من النجاحات .. وانطلقت بعد ذلك في شوارع المدينة التي تتسم بالبساطة والأناقة ولفت نظري فندق حياة كابيتال جيت وهو أكبر برج مائل في العالم حيث يميل 18 درجة وهو الفندق المفضل لرجال الأعمال.. بعد ذلك توجهت لزيارة جامع الشيخ زايد الكبير الذي يعتبر من المعالم الشهيرة في أبوظبي إذ إنه ثالث أكبر مسجد في العالم بعد مسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينةالمنورة في المملكة العربية السعودية. وقد أُطلق على هذا المسجد اسم مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيسها الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله والذي كان قد اختار موقع المسجد، كما كانت له بصماته المميزة على تصميمه وبنائه العمراني، فاستنادا إلى رؤيته الشخصية، تم بناء المسجد في منطقة ترتفع بمقدار 11 متراً عن مستوى سطح البحر، وعلى ارتفاع 9.5متراً عن مستوى الشارع بحيث يمكن مشاهدته بوضوح من جميع الاتجاهات. وقد تم بناؤه كمعلم يحتفي بالحضارة الإسلامية ومركز بارز لعلوم الدين الإسلامي. ويحتضن المسجد قبر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي طلب ذلك قبل أن ينتقل إلى رحمة الله تعالى عام 2004.. وقد تم اختيار موقع المسجد في وسط أبوظبي الجديدة بين جسري المصفح والمقطع، وبدأت أعمال البناء في المشروع في أواخر عام 1996وبلغت تكلفته مليارين و 455 ليون درهماً إماراتياً. ساهمت حوالي 38 شركة مقاولات و3 آلاف عامل في إنجاز هذا المشروع الضخم على مدى 12 عاماً تقريباً. وفي العشرين من ديسمبر 2007جرى الافتتاح الأولي للمسجد أمام الجمهور والمصلّين، وأقيمت الصلاة الأولى بحضور رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وتوجد في المسجد 82 قبة..تعدّ قبة المسجد الرئيسية أكبر قبة مسجد في العالم، ويبلغ ارتفاعها 85 مترا وقطرها 32.8 مترا..ويتسع المسجد لنحو 40000 مصل، وقاعة الصلاة الرئيسة تتسع لنحو 7000مصلٍّ. وبعد المرحلة الأولى التي تتضمن الأساسات والهيكل الإسمنتي، وُضعت اللمسات النهائية على المسجد بزخرفة من الرخام الأبيض اليوناني والإيطالي، والذي يعدّ من أنقى أنواع الرخام في العالم. وبالنسبة للتصميم الداخلي، قام به خطاطون من دولة الإمارات وسوريا والأردن وأشرف على العمل مجموعة من الفنانين من مختلف أنحاء العالم، حيث كُتبت آيات من القرآن الكريم بثلاثة أنواع من الخط العربي. وبالإضافة إلى استخدام نباتات فريدة من نوعها ومصممة خصيصاً للمسجد في ديكوره الداخلي الرائع، وكتابة آيات قرآنية على الجدران الداخلية بخط جميل، استخدم المصممون الفسيفساء لتغطية ساحة المسجد بالكامل وهي تُعدّ من أكبر ساحات المساجد في العالم. وتزين المسجد سبع ثريات كريستال مختلفة الأحجام ومصنوعة من كريستال شواروفسكي ومطلية بالذهب قامت كبرى الشركات العالمية المتخصصة بإنتاجها.. ومن العلامات المميزة والمدهشة الأخرى في المسجد السجادة الضخمة التي تزيد مساحتها عن 5625متر مربع في قاعة الصلاة الرئيسة. وقد قام حوالي 1200عاملة إيرانية بحياكتها يدويا مستخدمات 35طناً من الصوف و 12طنا من القطن. وتعد هذه السجادة أكبر سجادة في العالم ويُقدّر ثمنها بحوالي 30 مليون درهم. تتضمن السجادة 25 لونا طبيعيا يغلب عليها اللون الأخضر الذي كان المفضل عند الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله..وتتميز هذه السجادة بوجود خطوط أفقية ترتفع قليلا عن سطحها الرئيسي، والغرض من هذه الخطوط هو تسوية صفوف المصلين. ونتيجةً لأسلوب الحياكة الخاص، لا يمكن رؤية هذه الخطوط عن بعد، وإنما يراها المصلون فقط. وفي النهاية توجهت لضريح حكيم العرب الشيخ زايد لأقرأ له الفاتحة.. وأمام قبره قال لي صديقي الإماراتي عبد الله " إن هذا الرجل العظيم الذي يعشقه شعبه قالها عدة مرات.. لقد أخرجت ثروة البلاد من تحت الأرض إلى فوقها".. مشيرا إلى مدينة أبو ظبي الرائعة والتي تنتشر فيها الخضرة في كل مكان..