مزيج هو من الكوميدي والرومانسي والاجتماعي والنفسي .. يبحر بسلاسة ومرونة وسحر بين كل هذه المناطق ليقدم منتجا راقيا ورقيقا.. إنه فيلم فيلا 69 بطولة خالد أبو النجا ولبلبة وأروي جودة ومجموعة من الوجوه الشابة ومن إخراج أيتن أمين.. يحكي الفيلم عن كهل في الخمسينيات هو خالد أبو النجا المصاب بمرض خطير ويعيش شتاءه الأخير في فيلا ورثها عن والديه على النيل .. لم يتحمل خادمه أن يعيش معه أيامه الأخيرة فيبلغ شقيقته نادرة " لبلبة" بالأمر.. فتأتي لتعيش مع شقيقها في الفيلا وبصحبتها حفيدها سيف " الوجه الجديد عمر الغندور".. وهنا تجد نادرة الفيلا في حالة يرثى لها فالحوائط كالحة والستائر متربة ونباتات الحديقة المطلة على النيل ميتة ومقتنيات الفيلا تنتمي للسبعينيات وتعاني من الإهمال.. وأما عن حسين فهو لا يختلف عن فيلته التي يفرض ليها العزلة والظلام .. علاقته بالعالم الخارجي قاصرة على ممرضته هناء " الوجه الجديد هبة يسري" وسناء حبيبته وابنة صديقه القديم والذي لعبت دورها أروى جودة.. ومهندس شاب يثق في قدراته وهو يمثل الخيط الذي يربطه بشركته.. وهو إلى جانب هذا الواقع الشديد المحدودية يعيش ذكرى السبعينيات في خياله مع ثلاثة من أصدقائه.. شابان وفتاة.. كانوا يشاركونه هوايته وحبه للموسيقى.. وهم يظهرون في خياله في شبابهم بأزياء السبعينيات.. ويبدأ الصراع بين حسين المتمسك بتلابيب الذكريات والعزلة واليأس والظلمة وشقيقته نادرة التي تفتح النوافذ جميعها للضوء وتبدأ حملة نظافة وإصلاح شاملة.. ووسط كل ذلك يظهر الحفيد الشاب الصغير سيف وصديقته آية " الوجه الجديد هند يسري" ليكونا بحيويتهما وشبابهما بمثابة الحجر الذي ألقي في مياه حياة حسين الراكدة والتي توشك على التوقف نهائيا.. ورغم قتامة لحظة الموت التي يركز عليها الفيلم إلا أنه يشيع أجواء الأمل في مشهد النهاية عندما خرج حسين في مشهد النهاية في سيارة والده ومعه سيف وآية .. لتمر السيارة على ميدان التحرير حيث خيام المعتصمين.. وكأننا هنا أمام حالة بلد بأكمله يعاني المرض ويعيش على الذكريات ولكنه في النهاية يخرج إلى النور.. يلعب النيل دورا رئيسيا في الخلفية.. انه دائماً هنا يجري.. فالحياة مستمرة.. وحسين يتراجع تدريجيا عن غلظته وعزلته فيعود إلى الواقع والحياة.. فيتخلى عن نصيبه في الشركة للمهندس الذي يثق فيه .. ويقدم طقم الشاي الخاص بوالدته لممرضته هدية زواجها.. ويندمج مع سيف فيمنحه دواوين الشعر التي يعتز بها .. ويقدم له الحشيش وينصحه بخصوص علاقته بآية.. وجاء الإخراج والتصوير والإضاءة والسيناريو والمكياج " وخاصة مكياج خالد أبو النجا" وآداء الممثلين أكثر من رائع.. رغم أنها التجربة الأولى للكثيرين من الذين شاركوا في صناعة هذا العمل الراقي..