ها أنا ذا أسأل نفسي _ في هذا الوقت بالتحديد من كل عام منذ إدراكي للمعاني _ و أسأل الجميع نفس السؤال ؛ فيما كل هذه الجلبة و الأفراح و هذا الكم من الأغاني الوطنية المُكررة التي أصبحت تصيبنى تلقائياً بالتقرح السمعي. فيما الإحتفال و لقد أضحينا في آخر صفوف الأمم ..عن أي فيروز تتحدثون ، سيناء الخضراء ! تلك التي تتدعون أنها خضراء في أغانيكم و أنا و الله لا أراها خضراء إلا بحقول البانجو و الأفيون - بأي نصر تتغنون ، نصر أكتوبر ! .. و ماذا بعد ؟! ماذا بعد أربعون عام أكتوبر ؟! ، ولا شئ المحصلة صفر . لكي أكون منصفاً ؛ ليس سوى موجة عالية وهجوم عنيف من الأفلام الوطنية - المُعادة للمرة المليون - التي تدور عن الحرب العظيمة و الأغاني سالفة الذكر على مدار الساعة على كل شاشاتنا الحكومية و الخاصة ؛ ليس سوى وطنية "مُصطنعة" تملأ أجواء _ بخلاف هذا العام الذي وضع الوطنية " المصطنعة " في مواجهة الإيمان "الكاذب" _ ليس سوى مدعين و فخر مُبالغ فيه و نفس حواديت السنوات الماضية .. إنما لا أجد أي إنجاز مادي أو معنوي على أرض الواقع . أدعو كل أصحاب العقول الراجحة في هذا المجتمع _ وبالطبع لا أقصد بذلك العلماء و النخبة إنما أوجه كلامي لكل صاحب عقل سليم و حالم مثلى بوطن أفضل، التفكير أبداً لم يكن حكراً على العلماء أدعوهم لبعض الواقعية و المنطق البعيدين تمام البعد عن العواطف الجياشة و المبالغة في النصر، ولن أنكر أبداً أنه نصر مجيد، لكننا حقاً تأخرنا و سبقتنا كل الأمم ، بعضهم يمتلك اقتصادًا قويًا لكن لا يمتلك سلطة دولية و ليس محرك فعلى للأمور أي أن دورة تقدمه منقوصة و مليئة بالعوار مثل أشقائنا العرب .. بعض الدول يمتلك اقتصادًا متوازنًا ولكن لديه تحالفات مع دول أخرى تجعله قوى اقتصادياً و في بعض الأحيان سياسياً ربما قطع نصف شوط النجاح مثل بعض دول أمريكا الجنوبية و بعض دول أوروبا .. و يمتلك البعض اقتصاد قوى بالإضافة إلى ذلك حق الفيتو أي صلاحية لتعطيل كل قرارات السياسة الدولية في المسرح الذين يطلقون عليه "الأممالمتحدة" أي دورة تقدم مكتملة تماماً مثل أمريكا ، روسيا ، الصين و باقي دول الفيتو .. أما إسرائيل _ تلك التي انتصرنا عليها واسترجعنا أرضنا الغالية، تلك التي يجب أن تكون مُحطمة بعد الهزيمة _ تمتلك الآن اقتصاد قوى و متحكمة في سياسة العالم بدون فيتو كما أنها أقامت دولتها في قلب الوطن العربي؛ فلسطين ، جولان سوريا و جنوب لبنان و ليس لها رادع . أما نحن أصحاب النصر لا حول لنا ولا قوة ؛ فلا نمتلك اقتصادًا قويًا ولا فيتو ولا تحالفات و بالطبع لسنا مُستعمرين ، لا يقف الأمر على ذلك بل و يعاني وطني الحبيب "المُنتصر" كل أمراض العالم المزمنة من فقر ، جهل ، جوع ، فساد أخلاقي والقائمة تطول .. فيما الاحتفال إذاً و فيما الأفراح و أين نحن من هذا العالم حتى نحتفل بأعالي الأصوات ؟! .. انظروا حولكم و أخبروني إن كنت أنكرت إنجازاً أو شكوت ما ليس فينا ومتشائم أكثر من اللزوم ، ماذا يدعو للاحتفال في بلادنا .. من نخدع برأيكم ؟! لهذا و أكثر لن أعيش في جلباب أكتوبر ، نعم سأخرج من عباءة هذا التاريخ الذي أخرنا أنفسنا به . من قال أن التاريخ وُجد لهذا السبب الغريب، وُجد التاريخ لنتعلم من الأجداد و الأمم السابقة و تجنب الأخطاء، لكن أن يكون سبباً أساسياً في تخلفنا .. تبًا لكل التواريخ المظلومة بعقولنا المريضة . نعم مظلومة بعقولنا المريضة البالية. لأنني لا أملك إلقاء اللوم لا على التاريخ ولا شهر أكتوبر ولا سيناء فهذه الأشياء جماد لا يمتلكون عقول ولا يملكون ضراً ولا نفعاً، نحن من نمتلكها لكننا ربما نسيناها ! في النهاية ؛ ربما أُهاجم من قِبل مؤيدي الحكم العسكري يمكن أن يحللوا كلامس على أنه إهانة لأشخاص بعينهم و ربما يتفق معي المخدوعين برابعة و يجدوا كلامي منصفا لجهادهم _ كما يُطلقون عليه ! وربما لا يختلف ولا يتفق معي فريق أخر قد رأى من كلامي كُفر بانتصار أكتوبر "المجيد" و أنني خائن وربما أجندة . لكني غير مُهتم و لم أسع لا لعداء الأول ورضا الثاني و ها أنا أُوضح للثالث أنني لا أعلم أصلا ماذا تعنى أجنده .. كما قولت و أسلفت الذكر أنني لا أوجه كلامي سوى لأصحاب العقول و الحالمين مثلى بوطن أفضل لا يمكن خداع ساكنيه بأغاني وطنية ونعرة كاذبة وفخر مُبالغ فيه، كما لا يمكن خداعهم بشعار ديني وجنة ونار العباد ولا كلام تجار الدين وأيضاً لا يكونوا أبدا مُفتتنين بنظرية المؤامرة و الأجندات طوال الوقت. أوجه كلامي لأصحاب العقول المُجتهدين في تكوين رأى وسطي سليم و الساعين لاعتدال التدابير والتفكير في مستقبل أكثر إشراقاً .. حفظ الله مصر والمجد للشهداء ،،