ليس فناناً أو نجماً سينمائياً أو مطرباً شهيراً، وربما يكون شكله مجهولاً للكثيرين، ولكنه بمجرد سماع صوته تعرفه الآذان وينطق اللسان اسمه، يعشقه كل العرب، صاحب مدرسة خاصة فى التعليق الكروى، يقلّده البعض لكنه يبقى الأصل، عصام الشوالى المعلق التونسى الشهير، حاورته «الوطن» ليتحدث عن مصر والأهلى والزمالك والكرة العربية والعالمية وأشياء أخرى كثيرة داخل الحوار الخاص. * ما سر ارتباطك بالمصريين وحصولك على شعبية جارفة داخل البلاد؟ - دعنى أوضح لك أننى عربى، وأعشق كل العرب، ومصر جزء مهم وعزيز على كل العرب، وعلّقت كثيراً على مباريات لمنتخب مصر والأندية المصرية، على رأسها الأهلى، وحملوا العديد من البطولات خلال معاصرتى لهم، وزى ما بتقولوا فى مصر «وشى حلو عليكم». * هل فعلاً تستغل -وكما يردد البعض- الأمثال المصرية خلال تعليقك على المباريات لزيادة أرضيتك الجماهيرية عند المصريين؟ - أنا لا أحسبها حسبة التجار، ولا أعشق مصر لكونها بلد المائة مليون نسمة، على حساب بلد صغير حتى تزداد شعبيتى، لكنى أرتبط بكل ما هو تاريخى فى مصر، فأنت تجد عصام الشوالى فى القرية الفرعونية ومتحف السادات ومتحف جمال عبدالناصر وفى بانوراما السادس من أكتوبر، علاقتى كبيرة بما هو تاريخى وحضارى، كعلاقة كل العرب بالمصريين، البلد المحبّب للجميع، وهى بالطبع علاقة متبادلة بين الشعب المصرى وبقية الشعوب العربية. * أغضبت منك جماهير الزمالك حينما قلت إنك تشجع النادى الأهلى؟ - هناك الكثير من الشخصيات العامة، وأعتبر نفسى منهم بحكم عملى، ينسب إليها تصريحات فى أحيانٍ كثيرة من أجل الشو الإعلامى وخلافه، ومنها الفهم الخاطئ لتصريح ما، ولم أصرح أبداً بأننى أهلاوى، ولم أقل أيضاً إننى أشجع الأهلى. * لكن يبدو عليك خلال تعليقك لمباريات الأهلى التعاطف الشديد والتحيُّز له، كأنك ابن من أبناء النادى؟ - لا أنكر أن للأهلى عشقاً خاصاً، ولكن لا بد أن يعلم الجميع أننى معلق رياضى وحيادى، وإذا تعاطفت مع الأهلى يكون هذا التعاطف مع كل الفرق العرب ضد الفرق الأفريقية والعالمية على مستوى المحكات المختلفة، وأريد أن أقول لك أنا لست مشجعاً للأهلى، فلم تجدنى يوماً أقف فى المدرجات وأمسك بعلم الأهلى أقول «أهلى.. أهلى» أو «التالتة شمال تهد جبال». * إذن بماذا تسمى ارتباطك بالأهلى؟ - احترامى للأهلى يرتبط بشىء تاريخى، ففى عام 1999 كنت معلقاً نكرة وإعلامياً مغموراً، وظهرت آنذاك «موضة» المواقع الإلكترونية، وكان الأهلى المصرى والهلال السعودى من أول الأندية التى أنشأت هذه المواقع، ومع عشقى لجمع المعلومات ومعرفة التاريخ أرسلت عبر البريد الإلكترونى للنادى الأهلى أطلب منهم إحصائيات عن النادى وألعابه المختلفة، ففوجئت بمدير النشاط الرياضى وقتها سمير عبدربه، يبعث إلىّ بثمان ورقات بها إحصائيات عن النادى وتاريخه وكل الألعاب، وللعلم ما زلت أحتفظ بهذه الأوراق، واحترمت النادى كثيراً بعدها. * البعض يردد أن محمد أبوتريكة زاد من تعاطفك مع الأهلى؟ - بالفعل هذا صحيح، عشقى للساحر لا يوصف، ومن منا فى العرب جميعاً لا يعشقه؟ * فى اعتقادك، ما سبب عشق الجمهور لأبوتريكة لهذه الدرجة؟ - لا خلاف على هذا اللاعب، ليس لأنه لاعب موهوب قط، لكنه لاعب يحبه التوفيق، فيُحرز فى المباريات الحساسة والحاسمة، كثيراً ما يفك الشفرات فى أوقات عصيبة، سواء مع ناديه أو مع منتخبه، وهو كما قلت موهوب بلا حدود. * «زيدان» أيضاً موهوب؟ - ابتسم قليلاً وقال.. بالفعل الثنائى موهوب، لكن الفرق شاسع بين السيرة الذاتية ل«أبوتريكة» و«زيدان»، فالأول لاعب خلّد اسمه فى الكرة العربية والأفريقية، وصاحب كاريزما قيادية داخل الملعب وخارجه، بالرغم من أنه ليس قائد الأهلى الأول أو المنتخب، ولكن شخصيته ومواقفه تجبر الجميع على اعتباره القائد، ومن منا ينسى موقفه الشهير خلال مباراة مصر والسودان فى كأس الأمم الأفريقية 2008 حينما أظهر للعالم كله على قميصه «تعاطفاً مع غزة» ليضرب مثلاً رائعاً ويُعطى انطباعاً يدل على أن لاعباً واعياً ولم يفكر أحد فى ذلك. * وبالنسبة ل«زيدان»؟ - قلت لك إنه موهوب، لكنه لم يستطع أن يستغل موهبته لكى يلعب فى إحدى الفرق الكبيرة، خصوصاً أنه خاض العديد من التجارب الاحترافية الناجحة فى الدنمارك وألمانيا، ولكن عادتنا كعرب نشعر بأن الطموح لدينا محدود، فلا تجد سوى لاعب أو اثنين فى أندية فى المستوى العالمى الأول ودائماً ما تكون استمراريتهم مهدّدة بسبب عقليتنا كعرب، وأيضاً «زيدان» قابله سوء حظ كبير. * البعض ينظر إلى «أبوتريكة» على أنه ممثل ومواقفه مصطنعة؟ - «أبوتريكة» ليس ممثلاً، ولكنه «مبروك»، يحبه الله فيحبب فيه خلقه، ونيته الصافية هى التى تدفعه إلى فعل مواقفه الخيرية، وهى أيضاً تحقيق نجاحاته الرياضية التى يشهد بها الجميع. * كيف تنظر إلى لاعب بحجم «شيكابالا»؟ - «شيكابالا» لاعب يمتلك من الموهبة ما لا يملكه غيره، يستطيع بها أن يكون جوهرة سمراء فى أفضل فرق العالم ويحقق قيمة لنفسه وقيمة أكبر للكرة المصرية، ولكن دعنى ألخص لك قراءة «شيكابالا» فى جملة واحدة، وهى «أنه لاعب يمتلك فى ساقيه موهبة».. لكن عقله «مافيش»، فكان لزاماً عليه الربط بين ساقيه اللتين تحملان له الكثير، والعقل الذى غاب عنه استخدامه. * تعلق على مباريات بالدورى الإنجليزى، فما تقييمك لتجربة الثلاثى محمد ناجى جدو وأحمد فتحى وأحمد المحمدى داخل هال سيتى؟ - «جدو وفتحى والمحمدى»، كبار داخل القارة الأفريقية، لكن تجربتهم مع هال سيتى صعب الحكم عليها الآن لعدة أسباب، أولها خاص بالثنائى «فتحى وجدو»، وهو أن انتقالهما إلى هال سيتى على سبيل الإعارة، فمن الممكن أن ينتهى الدورى ويتمسّك بهما الأهلى فى ظل نتائجه المهزوزة فى الدورى المحلى، فينتهى مشوارهما الاحترافى، وفى حالة الإبقاء على الثلاثى أيضاً فإن الاستمرارية على مستواهم صعبة، خصوصاً أنه من السهل أن تصل إلى شىء، ولكن من الصعب الحفاظ عليه، وبدا هذا جلياً مع البلدوزر عمرو زكى. * كيف ترى فرصة المنتخبات العربية فى الصعود إلى كأس العالم فى البرازيل 2014؟ - أنا واثق من تأهل مصر وتونس والجزائر للدور الثانى لتصفيات مونديال 2014، وسيعتلى الثلاثى صدارة مجموعاتهم، وإن كانت فرصهم فى التأهل إلى المونديال ستتحدد بناءً على قرعة الدور الثانى للتصفيات، حيث من الممكن أن يصطدم أى فريق فى الثلاثى بفريق من المستوى الأول، وهو ما قد يتسبب فى تبخّر حلم المونديال، فى حين يبدو موقف المغرب أكثر تعقيداً نظراً لمواجهتها منتخب كوت ديفوار فى مجموعتها، وهو ما قد يبعد الفريق عن التأهل للمرحلة التالية. * أنت تشجع الترجى؟ - بما أننى تونسى، ففريقى الأول فى العالم، تونسى، ستجده الترجى والصفاقسى والأفريقى والنجم.. إلخ. * تميل فى تعليقك إلى برشلونة، إذن أنت من عشاق «البرسا»؟ - إطلاقاً، لست من عشاق «البرسا» ولا أشجع برشلونة، فأنا أحب كريستيانو رونالدو جداً وأهوى ريال مدريد. * ما الفرق بين الكرة الأوروبية والعربية من وجهة نظرك؟ - المقارنة ستكون ظالمة، فالكرة الأوروبية هى كرة محترفة، ولكن الكرة العربية منحرفة ومتخلفة 100 سنة عن الكرة الأوروبية. * ما السبب؟ - السبب فى ذلك يرجع إلى من يديرون الاتحادات ومجالس إداراتها، فكل ما يشغلهم هو المراكز والمناصب والسفريات ودخول الهياكل الدولية للكاف والفيفا واتحاد شمال أفريقيا والاتحاد الآسيوى أو عضوية لجنة تنفيذية هنا أو هناك، فالكرة العربية أصبحت تدار من غير ناس أهل لها، وليس هذا فقط، بل أصبحت «بيزنس»، وتدخل فى مجال حسابات ويأخذونها خطوة لدخول مجالس النواب والمناصب القيادية فى البلاد. * أليست الكرة الأوروبية «بيزنس» أيضاً؟ - أؤيدك تماماً فى أنها بيزنس، ولكن هناك فصلاً بين الرياضة فى الميدان «الملعب»، وخارج النادى بأكمله، فالكرة هناك تدار باحترافية وعقليات تسويقية رهيبة، وحينما تدخل فى السياسة تحقق الربح وصفقات لاعبين بأرقام خيالية، ودعنى أقل لك إن الكرة العربية للهواية والمزاولة فقط. * أخيراً كيف ترى الوضع داخل دول الربيع العربى؟ - كِيف ما بيقول المصريين «الثورات تم سلقها» ونحن كشعوب، وأقصد فى تونس ومصر وليبيا، استعجلنا جنى ثمار الثورة، والقوى السياسية ما بين معارض ومؤيد تنازعت عليها، مما أدى إلى حالة من اللاثبات داخل البلدان الثلاثة، خصوصاً مصر، لأنه كِيف ما بتقولوا أيضاً «العين عليها». * هل تعتقد أن مصر ستستفيق مما هى فيه بسهولة؟ - شعورى الشخصى، أن تونس وليبيا تحتاجان إلى 5 أو 6 أعوام ليتم بناء الدولة من جديد، فى حين أن مصر تحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير، فى ظل التناحر والتنازع الكبيرين بين القوى السياسية داخل البلاد.